تسبيحة
سبحان الله الملك الغنى القوى الرحمن الرحيم .
سبحان الله الظافر بعدوه الرحيم بعبده .
البعيد غور الحكمة العلى رايات العزة .
إذا هدّني الجري خلف السراب دعوته فرحمني وهداني.
وإذا جئته متعبا حزينا عطشا خائفا جاءني بالراحة
والبشرى والريّ والأمان وأمد جيوشي الكسيرة بالعزم.
هو الذي أطل على كل ما حدث، وهو الشاهد الآن على كل ما يحدث وهو المحيط
علما بكل ما سيكون وسوف يحدث .
أيتها الناقة الكسول . أيها العزم الكليل . أفيقوا
يا جنودي من النوم وأسرعوا الخطا إلى ديار السيد المعظم، وجوار الكريم المنعم .. إلى هدى ليس بظنون ..
وماء ليس بسراب.. وعطايا بلا حساب..
لبيه
لبيه وسعديه، والخير كله بيديه.
هو الله سبحانه .. الكثير الهدايا .. الكثير الآيات
وهي العلامات عليه . الحسن الطيب . الذي
لا يعرفه إلا القليل من عبيد إحسانه .
سبحانك رب . جميل أنت وأسماؤك جميلة.
أيها الملك الصانع الخطير الشأن
..العالم الخبير إلى الغاية.
الطيب الكبير اللطيف طبه وعلاجه . الحنون إلى
الغاية، حتى أن كل حنان آخر في هذا
العالم فهو شعاع واحد من أنوار حنانك ..
إن مجموع كل حنان تبكى العين لقصته ،
وتهز القلب حكايته، وتعجب العين
أناقته، وتشبع الوجدان رقته ، ويلمس وتر
الروح صوته وصورته . فهو واحد بالمائة من رحمتك المكنونة وحنانك المستور.
أيها الملك النبيل الأخلاق:
الذي لم يفرض على رعيته إلا حضور
المأدبة الفاخرة..
ولم يلزمهم إلا اغتراف ما
يستطيعون من كنوزه العامرة .
الذي لم يحرم إلا التلوث بالقذر .. ولم يحظر إلا
ترك الهدايا الفاخرة والتغيب عن مجالس توزيعها ..
الذي له الحمد،
حمدا يليق بجلال وجهه، وعظيم
سلطانه، وكريم أخلاقه، واتساع رحمته،
وعلو حكمته..
رب الممالك العظمى .. والرعية
المتكاثرة .. التي لا تعد أنواعها .
تزدحم السماوات بحمدك . وتمتلئ البحار بتسبيحك، ويعج الفضاء بتكبيرك .. أنزل علينا برد الرضا
عنك.
جبار أنت لكسر الكسير .
يا منقذا سريع النجدة .. وقويا سريع
الحساب ، نعوذ برضاك ورحمتك وعفوك من سخطك وعقابك .
أنت الله..
ألا تعرفونه؟؟؟ !!! أليس صاحب أروع الكتب ؟.. ومصور أروع لوحات
الإعجاز؟
ألست رب كرسي العلوم الواسع ؟؟ ألست العليم الحكيم
رب العرش العظيم؟؟ ؟ في معرض روائعك تجولت
عيني وروحي، وما أجمل تصويرك وما أبدع
وأحكم وأدق ما سويت وقدرت وأحكمت .
فسبحانك اللهم وحمدا.
فأنت رب الآيات العظمى
ولك الصفات المثلى والأسماء الحسنى ..
وأنت رافع السماوات العلى
وماهد التخوم السفلى .. صاحب الأيادي العليا على
عارفيك ومنكريك .. فحقت لك المحامد الكبرى،
والأمجاد كلها خالصة لك..
لا شريك لك في المجد .
أو في النعمة ولا في الملك ولا في ولاء العبد.
قد علمت أنك لا تحب إفساد الصغار وضد إيذاء الجار.
وتحب إكرام اليتيم والغريب وابن السبيل.
وتبغض ممارسات الشرطة وقطع الطرق وضرب المكوس.
قف بين جهل البشر وبيني، لا تدع عواصف بغيهم تطغى عليّ .
الحمد لك عند اليقظة والمنام، والقعود والقيام، وعند الطعام
وعند الشراب، وعند الذهاب لقبض
الرزق وعند المآب
.
الحمد لك عندما أدعوك لطفلي فأجده قد شفى، وعندما أناديك لآلام ضرسي فأجدها قد سكنت.
والحمد لله الذي يلطف ويداوي،
ويستمر ويدارى.
ويخفي عنا ويوارى ما يضرنا علمه
وهمه وفهمه.
وحمد ا لك كلما سكن إلى زوج
زوجها، أو استقر في رحم حملها . أو خرج
من الرحم طفلها.
وسبحان الله كلما بكى طفل
وهدأ، وكلما ضحك ولعب، وإذا عرف أو فهم، أو مشى وتقدم،
وإذا سقط وتعثر.
الحمد
لله الذي رد عنا كيد العدو دائما.
والذي حرس معسكرنا في أعماق الغابة في
بلاد الوحوش.
الله اكبر كلما جاء العزم مددا إلى
العزائم، وكلما انبعث في القلوب رسول
الثبات فسكن تقلبها.
ألم أعرفك بعد .؟ ألم أعرف الذي يرى ويستر، ويغفر،
ويعفو وهو يقدر؟
ألست أنت الله ؟ الذي استجاب كلما ناديت في غمة، وأجاب عندما دعوت في كل أزمة ؟ وأنقذ عندما
استنجدت به في الملمة بعد الملمة ؟ ولم يسلمني يوما لطالبيّ ، ولقد أعلنت لي بأنك تنجـّي ولو اجتمعت على
خلاف ذلك الأمة، كل الأمة .
ألم يعرفك قلبي بعد ؟
ألست الجدير بالحمد عند الفجر والسهر، وفى الإشراق وعند الضحى ؟
بك أحمدك.. وباسمك أدعوك . وإليك ينسب الفضل كله.
فليس هنالك من رعد مسبح، ولا عبد مكبر لك، إلا وأنت ملهم كل منهما صلاته وتسبيحه.
لا فضل لأحد في شيء، بل الفضل في كل شيء للوهاب الأحد، وهو أنت وحدك،
لأنه لا إله إلا أنت.
الحمد لله عند الإصباح والشروق، وعند الأصيل والمغيب، وعند الظهيرة والهجير، وعند حلكة الليل وموكب النجوم.
الحمد له كلما طار طير وغرد، وكلما حط طائر أو أوى، أو راح أو غدا
على ربه متوكلا .
ألم أعرف الذي يسبح له كل شيء (وله كل
شي وهو رب كل شيء ) بعد؟. الطير تحمد ه في
قفزاتها ونقرتها ولفتاتها، وتغرد بحمده
على اختلاف عباراتها وتعدد لغاتها .. في أسفارها وأوكارها وأفراد ها
وأسرابها، ولا شك أن الطير على يقين مما
تفعل .. ولا تبالي من لا يحمد الله بالة ..ولا عليها من كل من يرى غير رأيها، لأنها لقنت أن من رأى غير الحق شرب نار رأيه ..
ولا ريب أن أعشاش الطير هي أعشاش لحمد الله رب
العالمين..
تسبح بحمد أرحم الراحمين وهى تتناوب الرقود على بيضها .. ثم تعود لتسبح
بحمدك وهى تتناوب البحث عن أرزاقها،
فيصدقها الوكيل في رواحها أو ترضى بقضائه في وزن بيئته .
وجنين الطير ينمو في بيضه وهو يحمدك ..
ويخرج فرخ الطائر من قشرته وهو يتصايح بذكرك وشكرك، وبسبحانك
وحمدك..
ولا ريب أن كل فراشة بديعة جميلة أنيقة
لطيفة، تذكر اسمك وهى تهبط على
الوردة، وأن الوردة كذلك تسبح مع الفراشة
، عندما تتعانقان وتتمايلان، مع
أنغام تسبيحة شجية تعزفها أمواج الريح، تغمرها أشعة الشمس المشرقة، يبللها الندى وتفوح حولها روائح الربيع، مذكرة بحمدك
كل ذي قلب أو ألقى الشم وهو شهيد.
والوردة ورحيقها والنحل معا
يشتركون في تسبيحة رائعة ونشيد مشترك، كل
كلماته حمد لك يا ذا الجلال والإكرام
فتبارك اسمك ذو الجلال والإكرام....
وسرب النحل الذي أوحيت إليه كيف
يسكن ويأكل ويسلك ويتكاثر، يفعل ما أمرت
وهو يكبرك، وينشد تهليله باسمك وهو يقوم بعمله الرتيب المتماثل الصارم، والذي لا يكل ؛ في الجبل والحقل وفى متاهات الرزق وأشتات
الحدائق
..
يسبح باسمك الرعد في سمائه .. والسحاب يحمدك في
خفته وإثقاله، وتساميه وهبوطه ؟؟ وجريان
مائه في الصخر والنهر، وفى المسارب
والجداول والجعافر، والحفر والعيون
والآبار.
تحمدك الحبة في ظلماتها، ويسبح لك الجذر حين يشق طريقه في الأرض،
ويكبرك الساق حين يطل برأسه ثاقبا حجاب التربة للأعلى .. وما أروع النشيد
الجماعي بحمدك ، حين تهتز الأرض السوداء فتنشق عن جنة خضراء، ملتفة الأغصان متدلية الأثمار ..
والسمك في خلجانه يسبح وهو يسبح بحمدك، ويذكر اسمك في كهوفه وشعابه، أو أوكاره وأكنانه..
ويمخر الحوت عباب الماء مسبحا بحمد ربه.
لا ريب في ضآلة عدد منكريك إذا نسبوا
إلى عدد حامديك
.
وأنا أمام سطوع الحق لمرغم أن أعترف به .. وهو
أنك حميد وإن لم يحمدك أحد .. جميل وإن لم
يعترف بك من البشر أحد ، يا من لا يحمده
إلا طيب المعدن محمود السيرة شكور الفطرة،
يا من لا ينكره إلا كل رذيل عتلّ .. لا عقل فيه ولا طهر، ولا في معدنه عنصر خير..
لا خلاف بين شاكرين اثنين أنك
حميد، ولازلت تفعل المحامد وتقول ما تحمد
عليه.. وتعد وتخبئ ما تستحق عليه الحمد ..
غير مبال بمن لا يحمد وأنت واثق من حقك .. مؤمن
بذاتك ماض فيما أنت له أهل .. وما يليق بك من عظمة وفضل.
يا من ينصر عبده بجحافل جنده الجرار .. إذا التفت حولي أفاعي
الحقد وغل الشماتة وحبائل العدو، في تحدى
الفناء، وعبدك يهتف باسمك .. ناديت باسمك
فانصرني.. وقفزت قفزتي متوكلا عليك فسلـّمني.. وتعرضت لعدوك ومعاذك أن
يدوسني
..
أعنـّي على ارتياد أرض جديدة
لحياتي وحياة من أحب ..أرض بكر من الحق
والفكر، أرض مباركة الثمرات والزرع .
هل نحن إلا كالأسماك في بحر من نعمتك ؟؟ لا غنى
عنك، وأنت الغني .. فلا تنفذ خزائنك، الحميد
فلا يعجل علينا بالحرمان من رفده إذا ما غفلنا يوما عن غناه وفضله ..
غفرانك لما أسلفت.
كل خلية في جسدي تذكرني بك .. تحت كل شعرة منى دليل عليك.
يا من ازدحمت علينا دلائل فضله .. من أول دقات القلب ورجوع الأنفاس إلى
دوران الدم وتردد إشارات الوعي في عقولنا .. ازدحمت علي ّ عوامل الفناء وصيحات
الهدم وأخطار الإبادة .. ولقد هربت إلى بابك .. باب الكرم والنجاة والجلال
والغنيمة .. فكن لي من كل أخطار العالم
كهفا حاميا ودرعا واقيا .. وكن لي ضد كل
تهديد لأمني سلاحا قاطعا .. ورمية صائبة وضربة سديدة .
أعوذ بك أن أكون ممن يعزمون ثم ينقضون ، ويبرمون ثم
يدبرون ..أو يغزلون ثم ينكثون .. ويشتعلون ثم ينطفئون، ويتحمسون ثم يموتون همة
وحماسة، أو يحبون ثم يخمدون عزيمة وإقداما ..
اجمع شملي،
وليكن سمعي وبصري بفضلك بخير .. ومتعني بهما، وليكن (بفضل منك ورحمة من لدنك) صلاتي وقراءتي
وولدي وزوجي .. وأخي وديني .. وعملي ووقتي وعزمي وحزمي واستمراري ودوامي وتركيزي
وتكبيري وحكمتي وصبري وصدقي ورفقي ورعايتي
وحفاظي ويميني وتسميتي باسمك واستغفاري بالسحر وحفظي لفمي وفرجي
وخاطري وسري : (بخير وصحة ) وعافية وسلام ..
فأفرغ على
من روح الحكمة والإيمان .. وحلاوة اليقين وقوة العزم وأناة الروح .. ما أكون به
صحيح الصفات السالفة .. حتى أنال رضاك وأكون أهلا لجوارك الحلو الكريم .. الطيب الجميل .
وأما حسن الظن بك .. أو تصور الكمال
اللائق بك، ف بفضل منك فليعمر قلبي به
وليجر دمي به.