الاثنين، 31 أغسطس 2020

لو انطلقنا من الماضي منذ فتحت القسطنطينية وخروج الدجال فسوف نكتشف بالتسلسل ضرورة مسيح جاء وانتهى الأمر وتمت حجة الله على الناس. ولكن لو انطلقنا من اليوم .. من الحاضر...................... ورأينا العذاب النازل لاستنتجنا أن هناك عقابا يحدث على جرم. ورجوعا إلى الخلف لا بد أن نعترف أن مسيحا جاء وكذبوه إلا قليلا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

لو انطلقنا من الماضي منذ فتحت القسطنطينية وخروج الدجال فسوف نكتشف بالتسلسل ضرورة مسيح جاء وانتهى الأمر وتمت حجة الله على الناس. 

ولكن لو انطلقنا من اليوم .. من الحاضر ورأينا العذاب النازل لاستنتجنا أن هناك عقابا يحدث على جرم. ورجوعا إلى الخلف لا بد أن نعترف أن مسيحا جاء وكذبوه إلا قليلا. 

النبأ العظيم.. تسلسل عكسي.

سنعكس تسلسل الفكر بعد الكلام عن تسلسل الأحداث طرديا منذ فتحت مدينة القسطنطينية عام 1453 ميلادية وترتيب التاريخ والحتميات المؤكدة التي دفعت وفرشت تدريجيا ومهدت لبعث مسيح صادق يدحض كل حجج المسيح الكذاب الدجال،  فلنتكلم الآن في عام 2020 ميلادية عن تسلسل الأحداث عكسيا ولنتأمل العذاب الشديد الذي يغرق فيه العالم في هذه اللحظة، وهو عذاب لا يتناسب مع صفات رحمة الله الواسعة البالغة إلا بشرط واحد هو أن جريمة تم ارتكابها والآن يحدث عقابها. هذا الدمار والخراب والدم وانتهاك الكرامات ومشاهد الرعب لا تصدر في وجود وحضرة وشهود رب سلام مهيمن سبوح وسع كل شيء رحمة إلا في حالة واحدة: أن الله تعالى أرسل الرحمة فكذبناها وشتمناها وكفرناها وهزئنا بها، وأنه سبحانه بعطف وود ولطف قدم لأولادنا قوما هم كنسخة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فآثروا قدوة نسل الدجال وبقاياه.

إن هول ما تعانيه الدول المسماة إسلامية لهو هول شنيع لدرجة القطع أن الرحمن الرحيم لا بد أرسل قافلة الغوث فطردناها وعرض علينا الرحمة فركلناها نحن، ومد لنا مائدة الكرم فنبذناها نحن، ومد لنا يده تعالى فأبينا وتقدم لنا بلباس الستر والعفاف والفضيلة فقذفنا به بعيدا نحن. فلذلك غضب وأنزل العذاب ليوقظنا ولنعتذر.

عكسيا سنصل لنفس النتيجة التي وصلنا إليها طرديا. ولو أنصفنا وصدقنا مع الله تعالى لا كتشفنا ولشهدنا واعترفنا بعضمة لساننا أنه فعلا: هناك مسيح جاء وأسأنا إليه.

خذ بالك أن هذه الإساءة لا تمنع فضل الله عليه، واستمرار تدفق نعمة الله إليه ليعتذر له البشر في النهاية ويشهدوا أن سيده محمدا بريء وأنه نعم الخادم الشجاع الجريء. صلى الله وسلم على محمد وعلى آل محمد.وآله هم كل صالحي أمته المتعطرين بعتر سيرته والمتبعين لخطواته خطوة خطوة.  

تكلمنا عن تسلسل الأحداث من أولها فقادتنا إلى نهاية محتومة وهي أن خروج الدجال حسب الموعد وتطوره وتقدمه يوما بعد يوم وبلوغه أوج الفتنة قد استلزم في نظر الله تعالى نزول النجدة وإحلال راية الحق خفاقة تنتشر أنوارها لتبلغ الأوج يوما بعد يوم.

لقد ظهر أمامنا  ضرورة مجيء الرحمة لما بلغ الكرب مداه الأقصى، وأن ربنا هاجت رحمته وماجت وجاشت وفاضت وتجلت وتألقت وغمرت الناس لما أعاد الله لهم نور محمد صلى الله عليه وسلم رائعا ساطعا يبين لهم حل كل اختلاف وتفسير كل مشتبه حار فيه الأسلاف.  

الهول الذي يحدث والبشاعة التي تنتشر وتنكل بالبشر تتكلم بلسان مبين أننا فعلنا فعلة منكرة، وأغضبنا خلاقنا رزاقنا، وعصيناه وكذبنا نذيرا جاء وحذرنا.

ربنا رحمن وودود فلماذا نحن في كرب رهيب؟ لا بد أننا ارتكبنا جرما.

 ربنا لطيف وغفار وغفور ورحيم ورءوف فلماذا المناظر البالغة الفظاعة في البلاد؟؟ لا بد أننا اعتدينا عدوانا وطغينا طغيانا.

ربنا عطوف ورفيق وشفوق وحميد وجميل ومنعم وسلام ومؤمن

فما يحدث في العالم اليوم يخبر بنبأ عظيم أن الجميل الجليل ينتقم لركل هديته.

يجب على المسلم العاقل الدارس أن يعترف 1 أن القسطنطينية فتحت . فيعترف 2 تبعا بصدق رسوله صلى الله عليه وسلم أن الدجال خرج وعليه العثور على الدجال منذ 1453 م . ........................................................ فإن اعتبر الدجال رجلا أعور ثم لم يجده فليعترف 3 أنه وجد وخرج ولكنه مشتبه عليه الأمر لنبين له ليعترف بالبيان 4 أن الدجال هو أمة خرجت لتنصيرنا واحتلال الأرض. فإذا مرت 400 سنة على فتنة نشطة شغالة حتى وصلت إلى العلم وتقدمه وحقوق الإنسان والطبع والنشر وتعلموا التنصير بالفكر لا بالسيف فليعترف أن 5 محنة الإسلام القرن 19 استدعت تدخل الله تعالى. والتدخل عظيم وموعود به ويعترف به كل مسلم : وهو تنفيذ وعد نزول ابن مريم

 

يجب على المسلم العاقل الدارس أن يعترف 1 أن القسطنطينية فتحت .

فيعترف 2 تبعا بصدق رسوله صلى الله عليه وسلم أن الدجال خرج وعليه العثور على الدجال منذ 1453 م .

 فإن اعتبر الدجال رجلا أعور ثم لم يجده فليعترف 3 أنه وجد وخرج ولكنه مشتبه عليه الأمر لنبين له ليعترف بالبيان 4 أن الدجال هو أمة خرجت لتنصيرنا واحتلال الأرض.

فإذا مرت 400 سنة على فتنة نشطة شغالة حتى وصلت إلى العلم وتقدمه وحقوق الإنسان والطبع والنشر وتعلموا التنصير بالفكر لا بالسيف فليعترف أن 5  محنة الإسلام القرن 19 استدعت تدخل الله تعالى.

والتدخل عظيم وموعود به ويعترف به كل مسلم  : وهو تنفيذ وعد نزول ابن مريم ليكسر صليب المنصرين ويحيي الأخلاق الرفيعة، وتاريخ الإسلام جمع بين الخاتمية ونزول عيسى عليه السلام ولم يجد العلماء تناقضا لأنه لن يكون نزول نبي مشرع بل خادم مجدد مؤيد ناصر..  وعلى العاقل الاعتراف 6 بصدق القرآن أن عيسى الأول عليه السلام مات ومن مات لا يعود للدنيا. فليعترف  7  بوجوب الجمع بين  أن ابن مريم أتى حقا بينما ابن مريم مات حقا ولن يأتي والجمع هو أن الذي سينزل هو منكم وليس منهم. وعندما يعترف بذلك فليبحث في الأرض عمن أعلن الدعوى وتكلم بما يليق بصدقها ويتأمل كتاباته وأعماله وتاريخه:  فلن يجد مناصا من الاعتراف 8 أنه لم يجد جديرا بالصدق غير الموعود المهدي ميرزا غلام أحمد أنه مسيح الله الموعود عليه السلام. وعندها فليقل بنفسه أنه نبي يوحى إليه لكنه نبي خادم لا تشريعي عندما يقرأ آية وعد النور وأن الله سيستخلف فينا منا كما استخلف من قبل، والمماثلة تعني نبوة المبعوث، ويقرأ حديث النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم أنه يوحى إليه فليعترف بنبوته:..." فبينَما هم كذلِكَ، إذ بعثَ اللَّهُ عيسى ابنَ مريمَ، فينزلُ عندَ المَنارةِ البيضاءِ، شَرقيَّ دمشقَ، بينَ مَهْرودتينِ، واضعًا كفَّيهِ على أجنحةِ ملَكَينِ، إذا طأطأَ رأسَهُ قَطرَ، وإذا رفعَهُ ينحدِرُ منهُ جُمانٌ كاللُّؤلؤِ، ولا يحلُّ لِكافرٍ يجدُ ريحَ نَفَسِهِ إلَّا ماتَ، ونفَسُهُ ينتَهي حيثُ ينتَهي طرفُهُ، فينطلقُ حتَّى يُدْرِكَهُ عندَ بابِ لُدٍّ، فيقتلُهُ، ثمَّ يأتي نبيُّ اللَّهِ عيسى، قومًا قد عصمَهُمُ اللَّهُ، فيَمسحُ وجوهَهُم، ويحدِّثُهُم بدرجاتِهِم في الجنَّةِ، فبينَما هم كذلِكَ إذ أوحى اللَّهُ إليهِ: يا عيسى إنِّي قد أخرَجتُ عبادًا لي، لا يَدانِ لأحَدٍ بقتالِهِم، وأحرِزْ عبادي إلى الطُّورِ، ويبعَثُ اللَّهُ يأجوجَ، ومَأجوجَ، وَهُم كما قالَ اللَّهُ: مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، فيمرُّ أوائلُهُم على بُحَيْرةِ الطَّبريَّةِ، فيَشربونَ ما فيها، ثمَّ يمرُّ آخرُهُم فيَقولونَ: لقد كانَ في هذا ماءٌ مرَّةً، ويحضر نبيُّ اللَّهِ وأصحابُهُ حتَّى يَكونَ رأسُ الثَّورِ لأحدِهِم خيرًا مِن مائةِ دينارٍ لأحدِكُمُ اليومَ، فيرغَبُ نبيُّ اللَّهِ عيسى وأصحابُهُ إلى اللَّهِ، فيُرسِلُ اللَّهُ عليهمُ النَّغفَ في رقابِهِم، فيُصبحونَ فَرسَى كمَوتِ نَفسٍ واحِدةٍ، ويَهْبطُ نبيُّ اللَّهِ عيسى وأصحابُهُ فلا يجِدونَ موضعَ شبرٍ إلَّا قد ملأَهُ زَهَمُهُم، ونَتنُهُم، ودماؤُهُم، فيرغَبونَ إلى اللَّهِ، فيرسلُ عليهم طيرًا كأعناقِ البُختِ، فتحمِلُهُم فتطرحُهُم حيثُ شاءَ اللَّهُ، ثمَّ يرسِلُ اللَّهُ علَيهِم مطرًا لا يُكِنُّ منهُ بيتُ مَدَرٍ ولا وبَرٍ، فيغسِلُهُ حتَّى يترُكَهُ كالزَّلقةِ، ثمَّ يقالُ للأرضِ: أنبِتي ثمرتَكِ، وردِّي برَكَتَكِ، فيومئذٍ تأكلُ العصابةُ منَ الرِّمَّانةِ، فتُشبعُهُم، ويستظلُّونَ بقِحفِها، ويبارِكُ اللَّهُ في الرِّسْلِ حتَّى إنَّ اللِّقحةَ منَ الإبلِ تَكْفي الفِئامَ منَ النَّاسِ، واللِّقحةَ منَ البقرِ تَكْفي القبيلةَ، واللِّقحةَ منَ الغنمِ تَكْفي الفخِذَ، فبينما هم كذلِكَ، إذ بعثَ اللَّهُ عليهم ريحًا طيِّبةً، فتأخذُ تَحتَ آباطِهِم، فتقبِضُ روحَ كلَّ مسلمٍ، ويبقى سائرُ النَّاسِ يتَهارجونَ، كما تتَهارجُ الحُمُرُ، فعلَيهِم تقومُ السَّاعةُ.

وليقرأ في القرآن مثلا مضروبا لنا للمؤمن، فحتم تحققه وهو أن فينا مثل مريم، حاله تحصين نفسه من كل شرك،  فينفخ الله تعالى فيه من روحه، فيخرج من حالته إلى حالة عيسوية ويكون منه ابن مريم للمسلمين.

 ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۖ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ    وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ  وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (  

....................................

 

 

البداية:

في عام 2007 طرح سؤال في برنامج الحوار المباشر من أستاذ خالد الحسيني بالأزهر: إذا كان الله قد حقق نبوءة نزول وبعث المسيح الموعود فلا بد أن كل ما قبل ذلك من نبوءات قد تحقق. وإذا فأين تحقق النبوءات التالية؟

1 نبوءة حديث: عُمْرَانُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَرَابُ يَثْرِبَ وَخَرَابُ يَثْرِبَ خُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ وَخُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ فَتْحُ قُسْطَنْطِينِيَّةَ وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ خُرُوجُ الدَّجَّالِ.

2 نبوءة حديث فيه أنه: ستصالحكم الروم صلحا آمنا ثم تغزون أنتم وهم عدوا من ورائكم فتنصرون وتسلمون وتفتحون ثم تمرون بمرج ذي تلول فيرفع لهم رجل من النصرانية الصليب فيغضب رجل من المسلمين فيقوم إليهم فيدق الصليب فعند ذلك تغضب الروم فيجتمعون للملحمة.

3 نبوءة حديث فيه أنه: «لاتقوم الساعة حتى تنزل الروم بالأعماق -أو بدابِقَ-، فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافوا، قالت الروم: خلوا بينا وبين الذين سُبُوا مِنَّا نقاتلْهم، فيقول المسلمون: لا والله، لا نُخَلِّي بينكم وبين إخواننا، فيقاتلونهم؟ فينهزم ثُلُث ولا يتوب الله عليهم أبدا، ويُقتَل ثلثُهم أفضل الشهداء عند الله، ويفتتح الثلث، لا يُفتَنون أبدا، فيفتَتحِون قسطنطينية، فبينما هم يقتسمون الغنائم، قد عَلَّقوا سُيوفَهُم بالزيتون، إذ صاح فيهم الشيطان: إنَّ المسيحَ الدَّجَّالَ فد خَلَفَكم في أهاليكم، فيخرجون، -وذلك باطل- فإذا جاؤوا الشام خرج.

كان السؤال في آخر وقت البرنامج فتأجل الجواب لليوم التالي.

فدعوت الله وبحثت ثم اتصلت بالبرنامج أن الجواب يمكنني بفضله تعالى.

بحثت عن تحقيق النبوءة الأولى وهي ( عمران بيت المقدس...) في الكتب.

كان معلوما عندي أن خراب القدس تم بسبب الحروب الصليبية والمغول، ورجحت أن عمرانها تم في عهد المماليك.. فبحثت عن تاريخ مدينة القدس بعد ذلك في أيام المماليك فإذا المصادر تؤكد هذا.

 مثل كتاب القدس: مدينة واحدة وعقائد ثلاث لكارين أرمسترونج تذكر فعلا عمرانها، ورواج التجارة والحج إليها من الجميع، ثم وجدت أن طريق الحج في نفس الوقت كان خطرا مخيفا وسكان المدينة المنورة كانوا قليلين وهذا سبب ٌلإقفار المدينة أو خرابها،  وهكذا عثرت على تحقق هذه النبوءة..

وعن النبوءة الثانية وهي ( الصلح الآمن مع الروم يعقبه الملحمة...)كان معلوما عندي أن آخر عهد المماليك كان موازيا لعهد نهضة العثمانيين ومتزامنا مع معارك بين العثمانيين والروم، وأن القسطنطينية فتحت على يد العثمانيين فمددت يدي لمجلد من قصة الحضارة للمؤرخ الأمريكي ول ديورانت، وعند الحديث عن العثمانيين وجدت أن أورخان من كبار مؤسسي الدولة العثمانية كان يقاتل قوات القسطنطينية، ولكن أعداء القسطنطينية من دول البلقان كانوا يطمعون في الاستيلاء عليها كذلك، فقرأت أن القسطنطينية كانت تعقد هدنة مع أورخان، واستعانوا به ضد أعدائهم فأعانهم واستأجروا جنوده، ووجدت التاريخ يذكر انتصارات وفتوحات للعثمانيين في بلغاريا واليونان قبل فتح القسطنطينية، وقرأت أن القسطنطينية بعد ذلك حاولت استمالة بعض كبار البيت العثماني الحاكم لعمل انقلاب ضد السلطان وتم الفتح بعد ذلك.. وهكذا عثرت على تحقق هذه النبوءة.

وعن النبوءة الثالثة وهي ( ملحمة الفتح وخروج الدجال...) وجدت في الكتاب أن السلطان محمد الفاتح قام بفتح القسطنطينية في هذه الفترة بعد معارك شديدة، وأما عن نداء الروم: خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم فهو يدل أن الجيش الإسلامي كان يضم روما مسلمين، وفعلا وجدت أن العثمانيين كانوا يعاملون الروم معاملة حسنة، ولا يسمحون بالاضطهاد الديني وأن هذا كان سببا لدخول كثير من الروم في الإسلام، ومعلوم أن جنود الجيش العثماني كان يضم الانكشارية ومنهم كثير من أبناء الروم الذين أسلموا.

وقوله صلى الله عليه وسلم  فيخرج إليهم جيش من المدينة لا يعني المدينة المنورة بل مدينة القوة الإسلامية حينئذ، وهو خيار أهل الأرض يومئذ.  ويكون تأويل الحديث في الواقع:  لا تقوم الساعة حتى تحدث ملحمة بينالروم وبين جيش من المسلمين له عاصمة متاخمة لهم، وهو من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافوا قالت الروم خلوا بيننا وبين الروم المسلمين في الجيش، ممن صاروا جنودا للإسلام، واعتبرهم الروم من السبي، على عادتهم في تصوير المسلمين كمختطفين لهذه البلاد، فيقول المسلمون لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا، فيقاتلونهم. فيفتتحون القسطنطينية ويدخلها المسلمون وقائدهم السلطان محمد الفاتح، وكان ذلك منتصف القرن الخامس عشر الميلادي، 1453م وبعد هذا يخرج الدجال. وكان خروجه هو قيام محاكم التفتيش بإبادة المسلمين في الأندلس وتنصيرهم.

...

تمت الإجابة على السؤال.

 وهكذا تبلورت صورة مبكرة لخروج الدجال، وصار فساده في الأرض يعمل من هذا الوقت، ومن المعقول أن مظاهر هذا الفساد ستكون كبيرة.

ففوجئت بتأكيدات باستمرار القراءة والدراسة أن العالم الإسلامي بلغه خبر فتح القسطنطينية واحتفلوا بهذا الفتح وأرسلوا رسائل التهنئة والجميع ربطوا فرحة الفتح بتحقيق نبوءات الرسول e في هذا الموضوع.

وهي نبوءات تقول أن المسلمين سيفتحون القسطنطينية وأنه نعم الجيش جيشها ونعم الأمير أميرها وأن الدجال سيخرج عقب هذا الفتح.

ومن القراءات وجدت أن الإمبراطورية الإسبانية  منذ هذا الوقت صارت سيدة البحار لمدة 200 سنة، فتأكد أن هذا هو الدجال بلا منازعة. الدجال خرج وقد احتل واستعمر كثيرا من بقاع العالم وأفسد في الأرض وأكثر فيها الفساد، وأن فساده يعم جميع دول العالم دون استثناء. ووجدت أن الأسبان والبرتغال ضعفوا عندما قامت دول أوروبية أكثر تطورا منهم تنافسهم في الاستيلاء على المستعمرات، وشاركوهم في القتل والاستعباد والتنصير، وتطورت عندهم وسائل التنصير، وصارت عملية فنية منظمة مدعمة بمعاهد وجامعات وترسانة من الكتب والمطبوعات.

وجدت أن فتح القسطنطينية كان أيضا في عصر مميز وهو عصر الكشوف الجغرافية، وغزو العالم الجديد ونهب الثروات منه، وخروج الدجال في هذا الحديث نبهني لتتبع التاريخ الذي يلي هذا الفتح، وماذا فعلت محاكم التفتيش في الأندلس؟  وقرأت رواية رهيبة للكاتبة رضوى عاشور اسمها ثلاثية غرناطة، وتقص معاناة المسلمين الذين كانوا يظهرون التنصر ولا زالوا مسلمين في قلوبهم، وهول العذاب الذي يلقونه من محاكم التفتيش عندما يتم اكتشافهم. وفوجئت بكم هائل من المواد التاريخية على الشبكة العنكبوتية وغيرها عن أعمال الإمبراطورية الأسبانية تحت رعاية القساوسة، وهول ما صنعوه في العالم كله من قتل وتنصير ومباركة للاستعباد.

وقرأت عن تطورات أوروبا منذ قيام الثورة البروتسانتية أوائل القرن 16 ومعارضة إذلال البابا ومحاكمه التفتيشية، ثم تقدم العلم ومعاندة الكنيسة له وانتصار العلم على الكنيسة وتقدم التكنولوجيا مما جعل الكنيسة ساقطة القوة والهيبة، وجاء عصر حقوق الإنسان فتغيرت قواعد التنصير من العنف إلى الإقناع.. فرأيت من خلال كل هذا المعنى العميق لوضع الحرب يعني الحرب الدينية، وتحسست تحقق كل تفاصيل نبوءات الرسول e في كتب الحديث. ووجب التطبيق وتصديق تحقيق أحاديث الرسول e عن أن الدجال يعيث في الأرض يمينا وشمالا بمعنى أنه يعيث ويحتل ويسيطر في الكرة الأرضية كلها وليس فقط في القارات القديمة آسيا وإفريقيا وأوروبا، بل في حوض الكاريبي والأمريكتين واستراليا وجرانادا وإندونيسيا ونيوزيلندا. وأنه يستغل عجائب التقدم ووسائل المواصلات البخارية كحمار يدخل به مدن الإسلام كأنه مخلصها يقدم على حمار من تكنولوجيا. 

وتبين لي من قراءة تاريخ الحركات المسيحية في أمريكا وحركة مذهب الألفية (التي تتوقع وتستحث وتستولد نزول المسيح في عودته الثانية ولو بولادة قيصرية صناعية، ومنها تمهيد الأرض له بإيجاد اليهود في فلسطين كي يهيئوا له نفس ظروف رحيله)،والدعوات المشتعلة حماسا في مدارس الأحد والنشاط المحموم لنشر المسيحية في العالم أن تنصير العالم كله عامة والإسلامي خاصة كان خطة مذهلة مرصود لها الرجال والأموال الطائلة والإمكانيات الحديثة المساعدة. وتحققت أمامي صورة الدجال يستدل وتساءلت كيف كان رسول الله e سيحاجه ويكون حجيجه لو جاء.

ووجدت في الخرائط الجغرافية مساعدة تجسم ما كان يحدث في العالم قرنا بعد قرن من الكشوف والاحتلال والاستعباد والتهجير وتوزيع العبيد والتنازع وغلبة دول متقدمة على دول أقل تقدما، حتى وصل الأمر لخرائط سيطرة بريطانيا العظمى على العالم وتفرد الأسطول الإنجليزي بالهيمنة على المحيطات.

وضعت في ذهني أن الله تعالى كان رقيبا على كل ذلك، ومع استعراض صفات الرحمن وروعة بيان المسيح الموعود أن الرحمن لا يؤخر شيئا عن موعده. كان يتأكد لي أن الله تعالى كانلابد وبالضرورة الحتمية أن يتخذ قراره ويبرم حكمه ويفي للإسلام بوعده ويفعل اللائق بعظمته في معاكسة خطة التنصير. وهو نزول المسيح u، وأنه حقا وصدق جاء المسيح.

ومع مرور الوقت صار واضحا أكثر أن من أقوى أدلة صدق المسيح الموعود u هو دليل الضرورة، الضرورة التي تحتم بعثه في الوقت الذي أعلن فيه نزوله وبعثته. هذا الدليل نابع من تأمل واستعراض كل من 1 حالة الإسلام في هذا الوقت، وتأثير القساوسة المنصرين الذين هم الدجال المعهود، 2 واستعراض صفات الله تعالى وكلامه أو وعوده للنبي e بالنصر والظهور والغلبة، فمن استعرض هذا بشعور مخلص ثبتت عنده حتمية قيام الله تعالى بالرد القاطع والنجدة الكاملة ونزول المسيح u.

فمن أقوى الأسئلة التي تمهد عقل المشايخ ليعتدلوا هو: فات وقت المسيح فأين المسيح؟

...

ثم طرأ تطور جديد عجيب، هو أنني كثيرا ما كنت أتعرض لسؤال: أثبت أن ميرزا غلام أحمد نبي. كنت أقول لهم بما فحواه أجيبوا على سؤال فتح القسطنطينية تعرفوا بالتسلسل أن مسيحا جاء ويلزمكم تحديده، ولا تموهوا بالأسئلة لأنه لا نبي بعد محمد. محمد خاتم النبيين e وكتاب الله محفوظ ليوم الدين وكامل في كل شيء فلا حاجة لنبي بعده، ولكن هذا هو المسيح الموعود فلنتكلم عن المسيح الموعود أين هو فقد جاء وقته؟  

ومع الوقت صرت أختصر لهم الطرق لمعرفة الإجابة سؤال: هل ميرزا غلام أحمد نبي؟ أو أثبت أنه نبي. فكنت أسألهم مباشرة: هل فتحت القسطنطينية؟

فوجئت منهم باستغراب هائل ودهشة وحيرة ويقولون: ما علاقة ذلك بموضوعنا؟

فأجيب: لأنه لو فتحت القسطنطينية عام 1453 فقد خرج الدجال منذ 660 سنة. وبناء عليه فالمسيح جاء فأين هو ومن هو؟ بلغ الفساد الطامة فهل الله تعالى رأي فسادا يحدث منذ 660 سنة ولم يرسل مسيحا إلى الآن؟ هذا محال.

فلو سألوا أي دجال؟ أنطلق في وصف أعمال قساوسة المحاكم وتنصير مسلمي غرناطة وقتلهم وتهجيرهم وتاريخ الكشوف والعبودية والتنصير وتكور وسائل تحويل المسلمين عن دينهم من العنف إلى الأساليب الناعمة واستخدام الكتب والشبهات والشهوات.

وكانت المفاجأة هي الفزع من جانبهم والهرب والاختفاء والذوبان.

 وعند معارضتهم أطلب منهم افتراضا علميا بحثيا أن القسطنطينية (ربما) فتحت و(ربما) و(ربما) الدجال خرج. وتتبع هذا الفرض لنرى إلى أين يؤدي بنا. فيرفضون.

وهنا اتضح أنهم خائفون من افتراض يوصل إلى أنه (قد) يكون الدجال بلغ مبلغا من الفساد عظيما (فربما) قد يكون الله بعث المسيح، ومن ثم صار عليهم هم البحث عنه والعثور عليه.

 ثم تطور الأمر للتملص من الاعتراف بالفتح حتى لا يواجهوا توابع الاعتراف وتداعيات الاستماع لهول ما صنع الدجال خلال 450 سنة حتى بعث الله المسيح u ليوقفه عند حده. فراحوا يقولون: لم تفتح القسطنطينية وليس هذا هو الفتح بل هناك فتح لاحق.

ووضعوا في صفحاتهم أبوابا جديدة عن عدم فتح القسطنطينية وكيف ستفتح مرة أخرى. وما أعجب التخبط والاضطراب والحيرة فيما سطروه!!! بشكل يجعلك توقن أن هذا الموضوع صار مشكلة لهم. ولا خلاص منها.

هنا عرفت أننا ضربنا على بطحة هائلة موجعة.

..

ثم حدث تطور آخر عجيب، وهو أن أحد مثيري الشبهات هاني طاهر قبل إعلانه تركنا بعث لي يقول: لقد ملأت الدنيا بالتحدي حول موضوع فتح القسطنطينية مع أن الجماعة لم تتحدث من قبل عن هذا الأمر.

ثم أثار أن المسيح الموعود uتحدث أن الدجال خرج في أيامه هو في القرن 19. وألمح للتعارض بين خروج الدجال بعد فتح القسطنطينية وخروجه في الهند القرن 19.

فبحثت فوجدت أننا في الجماعة نكرر حديث الفتوحات الأربعة للإسلام: الجزيرة وفارس والروم والدجال. وبالتالي فعندنا والحمد لله أن الدجال بعد فتح الروم.

ووجدت والحمد لله بمساعدة أخ كريم أن الخليفة الأول t نور الدين القرشي في تفسير مروي عنه لسورة التكوير، أن قوله تعالى وإذا الوحوش حشرت. يعني أيضا نبوءة عن فتح القسطنطينية على يد محمد الفاتح وخروج الدجال وتعاظم طغيان القوى الأوروبية ضد الإسلام.

ووجدت أن المسيح الموعود u تحدث عن تاريخ سابق لنشأة فتنة الدجال وأن الدجال الذي قام هو لقتله هو الدجال في أوج قوته واكتمال فتنته ونهاية سياحته وجولته. وذلك في كتب: الهدى والتبصرة لمن يرى ص 74 إلى 77. ونور الحق ص 48 والخطبة الإلهامية 116 وهناك إشارات ضمنية كثيرة في كتب كالتحفة الغولروية وغيرها.

....

ثم فوجئت بمثير الشبهات يشكك في عدد المتنصرين المسلمين بالهند في القرن 19، ويطبل ويزمر حول الإحصائيات والمطالبة بالإحصاء، ويستكثر تنصير نصف مليون هندي أيام المسيح الموعود، فعلمت أنه يريد أن يوهن من قوة دليل الضرورة ويقلل من شدة محنة الإسلام في الهند في منتصف القرن 19. ليقللمن حتمية استنزال المحنة لرحمة الله تعالى لبعث الموعودu. وبذلك يريد توصيل القاريء أن المحنة لم تبلغ حدا كبيرا وبالتالي لم يوجد أي داع ولا ضرورة لبعث المسيح المجدد الذي يقتل الدجال.

فتبين لي من بحث تاريخ الدجال أنه قبل وصوله للهند كان قد فعل ما تشيب لهوله الولدان، وبدلا من نصف مليون متنصر فهناك ملايين تنصروا، وأن فظائع عمله في كل العالم وتنصير عشرات الملايين من إفريقيا يجعل رقم النصف مليون من الهند رقما عاديا وردا مفحما قاطعا.   

الانصاف من كل مسلم سيؤدي للاعتراف اليقيني أن الكذاب خرج، وفعل ما يكفي لينزل الصادق ويكسر كذبته.   

العلاقة مع الله تعالى : الفناء والبقاء واللقاء

 

بسم الله الرحمن الرحيم

العلاقة مع الله تعالى

 

احتاج الأمر لمسيح موعود جرب بنفسه السبيل ودلل بنجاحه في سيره أنه ولي الله الصادق فلا يكذب أبدا عليه السلام  

شرح العلاقة ملخصة في تفسير الفاتحة في البراهين الأحمدية ص 370 – 449

 

ولكن لتقريب الصورة ننقل ما جاء في شرح اهدنا الصراط المستقيم

لأن العلاقة مع الله تعالى هي الصراط

 

 في نقاط المعرفة أكمل الحديث عن تفسير الصراط فكتب:

نقطة المعرفة الخامسةُ في سورة الفاتحة

 هي أنها تحتوي على تعليم أتم وأكمل هو ضروري لطالب الحق، وهي دستور العمل الكاملُ للترقي في القرب والمعرفة .

الفناء

لأن الترقي في القرب يبدأ من نقطة انطلاق يقبل فيها السالك موتا ويجيز لنفسه كل مشقة ومجاهدة ويتخلى خالصا لوجه الله عن أهواء النفس كلها التي تُباعد بينه وبين مولاه الكريم، وتصرف وجهه عن الله وتوجهه إلى ملذات النفس وأهوائها وجذباتها وعاداتها وأفكارها وإراداتها وإلى المخلوقات، وتورِّطه في مخاوفها وأطماعها.

 

 

البقاء

والدرجة الوسطى للترقيات هي أن يبدو للسالك ما يتحمله من أصناف المشقة في المرحلة الابتدائية في سبيل قتل النفس الأمارة وما يتجشم من ألوان المعاناة والآلام تاركا الحالة المعتادة بصورة الإنعام. وأن تتحول المشقة إلى المتعة، والحزنُ إلى الراحة، والضيقُ إلى الانشراح والبشاشة.

اللقاء

 

والدرجة العليا من الترقيات هي أن يُنشئ السالك انسجاما وتوافقا وحبا ووحدة بينه وبين مشيئة الله تعالى وإراداته حتى تتلاشى عينُ نفسه وتأثيرها كله، وأن يعكس في وجوده الشبيهِ بالمرآة ذات الله وصفاته دون أدنى شائبة من الظلمة ودون وهْم الحلول، وأن ينعكس بكل جلاء ذاتُ الله وصفاته في مرآة الفناء الأتم الذي باعَد بين السالك وأهوائه النفسانية بُعد المشرقين.

ليست في هذا البيان كلمة تؤيد أفكارا باطلة لأصحاب مذهب وحدة الوجود وأتباع الفيدات لأنهم لم يعرفوا الفرق الأبدي بين الخالق والمخلوق، فوقعوا في مغالطات شديدة -نتيجة مخادعات الكشوف المشكوك فيها التي تطل برأسها في حالة السلوك الناقص أغلب الأحيان، أو تكون نتيجة المجاهدات الباعثة على الجنون- أو أهمل أحدٌ في حالة السكر والنشوة التي هي نوع من الجنون الفرقَ بين روح الله وروح الإنسان من حيث القوى والقدرات والكمالات وأنواع القدسية. وإلا فمن الواضح أن القادر القدير الذي لا يخفى عن علمه الأزلي ذرة ولا يمكن أن يُنسب إليه نقصان أو خسارة، وهو منـزَّه عن الجهل والشوائب والضعف والهمِّ والحزن والألم والمعاناة والاعتقال؛ أنّى له أن يكون عين كيانٍ معرّض لكل هذه الآفات؟ هل للإنسان الذي يتوقع لتقدمه الروحاني ظروفا وحالات لا نهاية لها أن يماثل أو يكون عينَ ذات كامل لا ينتظر أية حالات ولا ظروف؟ أو هل لكيان فانٍ تشمل روحه نقائص صريحة لكونها مخلوقة أن يساوي -مع كافة شوائبه ونقاط ضعفه وعدم طهارته وعيوبه ونقائصه- ذاتًا جليل الصفات الذي هو الأتم والأكمل من الأزل والأبد من حيث ميزاته وصفاته المقدسة؟ سبحانه وتعالى عما يصفون.

 

عن اللقاء

ما أقصده من الترقي من النوع الثالث هو أن السالك يفنى ويهلك نفسه في حب الله تعالى حتى يقترب منه ذلك الذاتُ الذي لا مثيل له ولا نظير بجميع صفاته فتغلب تجليات الألوهية أهواءه النفسانية وتجذبه إلى نفسها حتى تتولد بينه وبين أهوائه النفسانية بل بينه وبين كل من كان تابعا لأهوائه عداوةٌ ومغايرةٌ تامة.

فرق اللقاء قسم ثالث  والبقاء قسم ثان

والفرقُ بين هذا القسم والقسم الثاني للارتقاء هو أنه رغم حصول التوفيق التام في القسم الثاني بين رضا الربّ تعالى ورضا السالك بحيث يبدو له إيلامه كإنعام، إلا أن العلاقة بالله لم تبلغ درجة تؤدي إلى نشوء عداوة ذاتية بينه وبين غير الله، ولا يبقى حب الله مقصد مهجته فقط بل يصبح فطرة القلب أيضا.

فباختصار، في القسم الثاني من الارتقاء يكون هدف السالك هو الموافقة التامة مع الله والعداوةُ مع غيره، ففي نيله هذا الهدف تكمن متعته. أما في القسم الثالث من الارتقاء فتصبح الموافقة التامة مع الله تعالى والعداوة مع غيره فطرة السالك التي لا يمكنه الانفصال عنها بحال من الأحوال، لأن انفكاك الشيء عن نفسه محال، وذلك بخلاف القسم الثاني إذ يمكن فيه هذا الانفكاك. وما لم تبلغ ولاية وليّ إلى القسم الثالث تبقى مؤقتة وليست في مأمن من الأخطار. والسبب في ذلك أنه ما لم يكن حب الله تعالى  وعداوة غيره جزءا من فطرة الإنسان لا يتجزأ يبقى فيه عرق من الظلم لأنه لم يؤد حق الربوبية كما هو واجبٌ عليه وما زال عاجزا عن الوصول إلى مرتبة اللقاء التام. ولكن حين يصبح حب الله تعالى والموافقة معه جزءا من طبيعته لا يتجزأ حتى يصير الله أذنه التي يسمع بها وعينه التي يرى بها ويده التي يبطش بها وقدمه التي يمشي بها لا تبقى فيه شائبة من الظلم ويصبح في مأمن من كل خطر. ولقد أشار الله تعالى إلى هذه الدرجة فقال: ]الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ[(الأَنعام: 83) ..

 

وليكن معلوما أن هذه الترقيات الثلاثة التي هي الأصل لكافة العلوم والمعارف ولبّ الدين ومغزاه قد ذُكرت في سورة الفاتحة بكل دقة وبرعاية الإيجاز وعلى أحسن وجه.

الفناء بتفصيل

 فالقسم الأول من التقدم الذي هو الخطوة الأولى للسير في ميادين القرب قد عُلِّمناه في الآية: ]اهدنا الصراط المستقيم[ لأن الامتناع عن كل نوع من الاعوجاج والغواية، والتوجه إلى الله تعالى بالاستقامة هي العقبة الصعبة التي سُمِّيت بتعبير آخر بالفناء لأن ترك السالك الأمورَ المألوفة والمعتاد عليها، ونبذَ الأهواء النفسانية التي تعوّد عليها طول العمر دفعة واحدة، والتخلي عن كل عزة وشرف وعُجب، والإعراضَ عن الرياء وعدَّ كل شيء سوى الله كالعدم والتوجهَ إلى الله تعالى بالاستقامة أمرٌ يساوي الموت في الحقيقة. وكما أن الحبة ما لم تدخل في التراب وما لم تتخل عن صورتها المألوفة لا يمكن أن تأتي إلى حيز الوجود حبةٌ جديدة، كذلك إن الجسد في الولادة الروحانية يتكوّن من الفناء. كلما تفنى نفس الإنسان ومشيئته وينعدم توجّهه إلى المخلوقات تتكون أعضاء ولادته الروحانية حتى عندما ينال الفناء الأتم يُعطَى خلعة الوجود الثاني ويحين وقت ]ثُمَّ أنْشَأْناه خَلْقًا آخَر[. ولأن هذا الفناء الأتم مستحيل بغير نصرة الله القادر وتوفيقه وعنايته الخاصة لذا علّمنا دعاء: ]اهْدِنا الصِّراطَ المُسْتَقِيم[ أي ثبِّتنا يا ربنا على الصراط المستقيم وأنقذنا من كل اعوجاج وسلوك سيء. وإن نيل الاستقامة الكاملة والسداد الكامل الذي أُمرنا بطلبه لأمرٌ صعب جدا. وإن هجمته في المرحلة الأولى على السالك تكون كهجمة الأسد على فريسته إذ يتراءى الموت ماثلا أمام العينين. ولكن إن صمد السالك وتقبَّل هذا الموت فلا موت له أكثر قسوة منه بعد ذلك. ولكن الله تعالى أرحم من أن يلقيه في جهنم الملتهبة.

فزبدة الكلام أن الاستقامة الكاملة فناء يقضي على وجود العبد قضاء نهائيا إذ يضطر للتخلي عن أهوائه وشهواته ومشيئته وكل أنانيته دفعة واحدة. وفي هذه المرتبة من مراتب السير والسلوك تلعب مساعي الإنسان ومجاهداته دورا كبيرا لبلوغها. وإلى هذا الحد تنتهي مساعي أولياء الله تعالى وجهود السالكين. ثم يأتي دور المواهب السماوية الخاصة التي لا دخل فيها لمساعي البشر بل يُعطى السالك من الله تعالى مطية من الغيب وبراقا سماويا لمشاهدة العجائب السماوية.

 

البقاء بتفصيل

والارتقاء الثاني الذي هو الخطوة الثانية للسلوك في ميادين القرب قد عُلّم في الآية: ]صراط الذين أنعمت عليهم[. فليكن معلوما هنا أن المنعَم عليهم الذين ينالون من الله نِعما ظاهرية وباطنية لا يخلون من مواجهة الشدائد بل يصابون في دار الابتلاء هذه من الصعاب والشدائد ما لو أصاب قوما آخرين لضاع إيمانهم. ولكنهم سُمُّوا المنعَم عليهم لأنهم يرون الإيلام إنعاما بسبب غلبة الحب. ويستمتعون بسبب نشوة العشق بكل ما يصيبهم من حبيبهم الحقيقي سواء أكان ألما أم راحة. فهذا هو النوع الثاني للارتقاء في مراتب القرب الذي يستمتع فيه الإنسان بجميع تصرفات الحبيب، وكل ما يأتي منه يبدو له إنعاما فقط. والسبب الحقيقي وراء هذه الحالة هو الحب الكامل والعلاقة الصادقة مع الحبيب. وهذه موهبة خاصة لا دخل فيها لسعي السالك أو جهده بل هي من الله تعالى فقط. فيتخذ السالك صبغة أخرى بعدها وتزول كل الأعباء من فوق رأسه ويرى كل إيلام إنعاما دون أن يشكو من شيء قط. توحي هذه الحالة وكأن الإنسان أُحيي فيها بعد الموت لأنه يخرج من كل أنواع المرارة التي واجهها في الدرجة الأولى وكانت تنذر بالموت في كل حين وآن. أما في هذه الحالة فينال الإنعامات من كل حدب وصوب. فمن هذا المنطلق كان من الأنسب لهذه الحالة أن يُسمّى السالك منعَما عليه. إن هذه الحالة تُسمى البقاء بتعبير آخر لأن السالك في هذه الحالة يجد نفسه وكأنه كان ميتا من قبل وأُحيي الآن. ويشعر في نفسه البحبوحة وانشراح الصدر إلى حد كبير وتزول عنه كل أنواع الانقباض البشري، وتتراءى أنوار الألوهية -التي تربِّيه- نازلة عليه كنعمة. وفي هذه المرتبة تُفتح على السالك أبواب كل نعمة، وتتوجه إليه أفضال الله تعالى الكاملة. هذه المرتبة تسمَّى السير في الله، لأن باب عجائب الربوبية تُفتح على السالك في هذه المرتبة. ويُعطى فرصة ليرى بأم عينيه نِعما ربانية تكون خافية على الآخرين، ويحظى بالكشوف الصادقة ويُشرَّف بمخاطبات الله تعالى، ويُطلَع على أسرار دقيقة من العالم الثاني، ويُعطى نصيبا وفيرا من العلوم والمعارف. باختصار، يُعطى قدرا كبيرا من النعم الظاهرية والباطنية، حتى يصل إلى درجة اليقين الكامل وكأنه يرى الله تعالى، المدبِّرَ الحقيقيَ، بأم عينه. فهذا النوع من الإطلاع، الذي يُطلَع فيه السالك على الأسرار السماوية، يُسمَّى السير في الله. وهذه مرتبة يوهب فيها الإنسان حبّ الله ولكن لا يُرسَّخ فيه بطريقة طبيعية، بمعنى أنه لا يُجعل جزءا لا يتجزأ من فطرته غير أنه يكون محفوظا فيها.

 

اللقاء بتفصيل

والنوع الثالث للارتقاء الذي يمثل الخطوة الأخيرة للسير في ميادين القرب قد علِّم في الآية: ]غير المغضوب عليهم ولا الضالين[. ففي هذه المرتبة يصبح حب الله تعالى وعداوة غيره جزءا لا يتجزأ من فطرة المرء، وتترسخ فيه كطبيعة. وإن صاحب هذه المرتبة يحب الأخلاق الإلهية بطبيعته كما هي محببَّة عند الله تعالى. ويترسخ حب الله تعالى في قلبه بحيث يستحيل انفكاكه من قبله. ولو ابتُلي واعتُصر قلبه وروحه بصدمات الامتحانات والابتلاءات العظيمة لما خرج منهما شيء إلا حب الله تعالى . فهو في ألمه يتلذذ في سبيله ويعدّه وحده مدعاة لراحته الحقيقية. ففي هذا المقام تنتهي جميع أنواع الترقيات في مجال القرب، ويبلغ الإنسان منتهى كماله المقدر لفطرة البشر.

فهذه هي نقاط المعرفة الخمس التي كتبتُها غيضا من فيض، غير أن في هذه السورة من العجائب المعنوية وغيرها من الحقائق والمعارف ما لو كُتب عشر معشارها لاحتجنا لكتاب ضخم.

 

أما الخواص الروحانية التي توجد في هذه السورة فهي محيرة للعقول حتى يضطر طالب الحق للاعتراف بالنظر إليها أنها كلام الله القادر القدير فعلا.

فمن جملة تلك الخواص السَنيّة خاصةٌ روحانية في سورة الفاتحة؛ وهي أن قراءتها في الصلوات بخشوع القلب وترسيخ تعليمها في القلب إيقانا بصدقها فعلا، له دور كبير في تنوير القلوب.. أي أن ذلك يؤدي إلى انشراح الصدر وإزالة ظلمة النفس ونزول فيوض مبدأ الفيوض على الإنسان، ويؤدي إلى أن تحيط به أنوار القبول في حضرة الله، فيظل يتقدم في هذ المجال حتى يتشرّف بمخاطبات الله تعالى على الوجه التام ويحظى بالكشوف الصادقة والإلهامات الواضحة، ويدخل في المقربين إلى الله تعالى، وتظهر على يده عجائب الإلقاء الغيبي، والكلام الذي لا ريب فيه، وعجائب استجابة الأدعية وكشف الغيوب وتأييد قاضي الحاجات بما لا نظير له في غيره.

وعن المعاندين للصراط

 

في شرحه يقول عليه السلام عنهم:

 

والحقيقة الثامنة والتاسعة والعاشرة المذكورة في سورة الفاتحة هي: ]صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ[ ومعناها أن أرِنا يا ربنا صراط هؤلاء السالكين الذين اختاروا طرقا كانت مدعاة لنزول إنعامك عليهم، وجنّبنا طرق الذين لم يحاولوا السير على الطريق المستقيم غفلة وإهمالا منهم، فحرموا من تأييدك وضلوا الطريق. هذه هي الحقائق الثلاث التي تفصيلها أن بني آدم ثلاثة أقسام من حيث أقوالهم وأفعالهم وأعمالهم ونياتهم. بعضهم يبحثون عن الله بصدق القلب ويرجعون إليه بصدق وتواضع. فالله تعالى أيضا يبحث عنهم ويتوب عليهم برحمة وإنعام. هذه الحالة تسمَّى إنعاما من الله، وقد أشار الله تعالى إليها في الآية المذكورة فقال: ]صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ[ أيْ أنهم يسلكون طريقا سويًّا وسديدا وبالتالي يستحقون فيض رحمة الله. ولأنه لا يبقى بينهم وبين الله حجاب ويكونون بمحاذاة رحمة الله فتنـزل عليهم أنوار فيض الله تعالى .

 

والقسم الثاني منهم أولئك الذين يختارون طريق المعارضة قصدا ويُعرضون عن الله كالأعداء، فيُعرض الله عنهم، ولا يتوب عليهم برحمة. والسبب في ذلك أن العداوة والبراءة والغضب والغيظ وعدم الرضا الكامن في قلوبهم تجاه الله تعالى يصير حجابا بينهم وبين الله سبحانه وتعالى . هذه الحالة تسمَّى غضب الله الذي أشار إليه في: ]غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ[.

 

والقسم الثالث هم أولئك الذين يهملون الله ولا يتحرونه بالسعي والجهد، فيُهملهم الله تعالى  ولا يُريهم طريقه لأنهم يتكاسلون في طلب الصراط ولا يجعلون أنفسهم مستحقين لفيض قُدّر في قانون الله منذ القِدم للساعين والمجتهدين. هذه الحالة تسمَّى إضلال الله بمعنى أنهم ما داموا لم يتحروا طرق نيل الهداية بجهدهم فإن الله تعالى لم يهدهم التزاما بقانونه القديم وحرمهم من تأييده. فيقول تعالى مشيرا إلى هذا الأمر: ]وَلا الضَّالِّينَ[.

 

تتلخص هذه الحقائق الثلاثة أنه كما يعامل الإنسان الله تعالى بثلاثة أساليب مختلفة كذلك يعاملهم تعالى  أيضا معاملة مختلفة كُلّا بحسب حالته

. والذين يرضون به ويطلبونه بالحب وإخلاص القلب يرضى الله بهم، وينـزّل عليهم أنوار رضاه.

 

أما الذين يُعرضون عن الله ويتعمدون المعارضة فيعاملهم الله تعالى كالمعارض.

 

 والذين يتكاسلون ويتهاونون في طلبه سبحانه وتعالى  فإن الله أيضا يهملهم، ويتركهم في ضلالهم يعمهون. فكما أن الإنسان يرى في المرآة صورته الحقيقية تماما كذلك إن الله الذي هو نقيّ من كل تكدُّر وقدوس يحب الذين يحبونه ويغضب على الذين يستحقون الغضب ويهمل المهملين، ويقطع صلته بالذين يتوقفون، ويتوب على الذين يتوبون، ويحب الذين يحبون، وينفر من الذين ينفرون.

 

 فكما أن الهيئة التي تتخذونها أمام المرآة ترونها بالضبط فيها كذلك يلاحظ المرء من قِبل الله تعالى  الأسلوب الذي يختاره للسير تجاهه تعالى . كذلك الذي يختاره العبد لنفسه يحصد بحسبما يزرع.

 

 عندما يخلِّص الإنسان قلبه من كل نوع من الحُجُب والكُدورات والشوائب، ويتطهّر صدرُه من المواد الرديئة كلها ومن كل ما سوى الله تعالى يكون مثَله كمثل الذي يفتح باب بيته أمام الشمس فتدخله أشعتها ولكن كلما اختار لنفسه الكذب والزور وأنواع الشوائب ونبذ الله تعالى مستحقرا إياه كان مثَله كمثل الذي ينفر من الضوء ويغلق جميع أبواب بيته لعدم إعجابه بالضوء لكي لا تدخله أشعة الشمس.

 

وإن لم يسْعَ الإنسان للتخلص من هذه الأخطاء والشوائب المتنوعة نتيجة التهاون والتكاسل وعدم المبالاة بعد تورطه في الأهواء النفسانية بسبب شرفه ومكانته أو نتيجة تقليده قومَه كان مَثله كمثل الذي يجد أبواب بيته مغلقة ويرى البيت كله مظلما ومع ذلك لا يفتح أبوابه ويجلس عاطلا دون أن يحرك ساكنا ويقول في نفسه أنّى لي أن أنهض في هذا الوقت وأتحمل هذا العناء كله.

 

إن هذه الأمثلة الثلاثة تنطبق على الحالات التي تنشأ نتيجة فعل الإنسان أو كسله. والحالة الأولى منها تسمَّى إنعام الله بحسب التصريح السابق، والحالة الثانية تسمَّى غضب الله والحالة الثالثة تسمَّى إضلال الله.

 

ويجهل معارضونا هذه الحقائق الثلاث أيضا لأن أتباع برهمو سماج ليسوا مطلعين قط على الحقيقة التي بسببها يعامل الله المتمردين وأهل الغضب من العباد معاملة الغضب.

 

فقد ألّف أحد من أتباع برهمو سماج مؤخرا كتيِّبا بهذا الموضوع اعترض فيه على كتب الله وقال: كيف نُسبت فيها صفة الغضب إلى الله سبحانه وتعالى ؟ هل يستاء الله تعالى من ضعفنا؟ فالمعلوم أنه لو كان هذا المؤلف ملمًّا بهذه الحقيقة لما هدر وقته في نشر كتيِّب افتضح بسببه جهله على الناس جميعا.

 

 إذ لم يفهم مع ادّعائه العقل أن غضب الله تعالى  يعكس حالة الإنسان.

 فإذا حجب الإنسان نتيجة شرٍّ وعداوة وأعرض عن الله فهل يستحق أن ينـزل عليه فيضُ الرحمة نفسه الذي ينـزل على الصادقين والمحبين المخلصين؟ كلا، بل إن قانون الله القديم الجاري منذ الأزل الذي جرّبه المتقون والصادقون دائما ولا يزالون يجربون حقائقه نفسها بتجارب صحيحة هو:

 

 أن الذي يخرج من حجب مظلمة ويتوجه بروحه إلى الله تعالى ويخرّ على عتباته، ينـزل عليه فيض رحمة الله الخاصة.

 

 أما الذي يختار طريقا مخالفا لهذا الطريق يحل به حتما ما كان ضد رحمة الله أيْ غضب الله تعالى .

 

 وحقيقة الغضب هي أنه كلما ترك أحد الصراط المستقيم الذي هو طريق إفاضة رحمة الله بحسب قانونه سبحانه وتعالى  حُرم من فيض الرحمة. وإن هذا الحرمان يسمَّى غضب الله.

 

 ولأن حياة الإنسان وأمنه وراحته إنما هي نتيجة فيض من الله، لذا فإن الذين يتركون طريق فيض رحمة الله تعالى يواجهون أنواع العذاب، إما في هذا العالم أو العالم الثاني لأن الذي لا تحالفه رحمة الله لا بد أن تتوجه إليه أصناف العذاب الروحي والجسدي.

 

 ولما كان المبدأ المتّبع في قانون الله أن الرحمة الخاصة إنما تحالف الذين يختارون طريق الرحمة أي الدعاءَ والتوحيد؛ فالذين يتركون هذا الطريق يواجهون ألوان الآفات. هذا ما أشار الله إليه في قوله: ]قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ[(الفرقان: 78) وقال أيضا: ]فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ[(آل عمران: 98) أيْ إن لم تدعوا الله تعالى  ولم تطلبوا من الله فيضه فإن الله تعالى ليس بحاجة إلى حياة أحد أو وجوده فإنه غني عن العالمين.