الاثنين، 22 يونيو 2015

رمضان .. قرآن .. حب الله.. توبة .. تعامل فيه حنان.. غفران.. مريم رمز الإنسان.. حضور أمام رحمن

شهر رمضان شهر القرآن
بسم الله الرحمن الرحيم

الاستعداد النفسي الحازم

هاهو رمضان يبحث عن رجال يقتدون بمثال مريم التي أدارت خواطرها بقوة وأحصنت فروجها، ويركزون بكل العقل واللب والكيان في قراءة الكلمات القرآنية وتسلق أعالي بروجها. لتتنزل عليهم أنوار الله الرحيم وتفتح لهم أبواب ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.
ها هو رمضان الندم ورمضان الاعتذار ورمضان المراجعة ورمضان الاحتراق والتجدد..
رمضان لطلاق الدنيا والصعود الروحي إلى حراء وفتح كتاب الآخرة وتذكر النشأة الأولى والموت وتصور اللقاء مع الله .. اللقاء الذي لا خلاص منه ولا مناص.
..
الحضور أم ذات الله
ها هو رمضان مخصص لننصت لله،  شهر للاستماع إلى محاضرة الله الأرحم الحاضر دوما، يذكرنا  الله الأكرم بحضوره الدائم، ويوقظ من يتذكر. ها هو الله في رمضان وهو يخطب ودنا بكتاب، ويخطب فينا ببلاغة ليفقه خطبته أولوا الألباب. ويقول ادعوني أستجب لكم فأنا المجيب بخير جواب.
افتحوا القرآن وفيه يعلن الله عن نفسه وأسمائه وبراهينها أروع إعلان.
وأنصح الجميع بقراءة كتابين لمسيح الله الموعود هما :كرامات الصادقين وإعجاز المسيح.
وإضافة الصفحات من 370 إلى 449 من البراهين الأحمدية له عليه السلام. 

...
اقرأوا في القرآن وشاهدوا كيف تختال كمالات الله الرحمن الرحيم ومحامده وهو يدير مشروعه الإنساني من أوله وخلال أطواره ،حتى ينضج المشروع ويجتاز نوع الإنسان شتى أفران التسوية والإنضاج ويبلغ الآدمي محله وتذهب كل روح لمستقرها من رحمة الله. الله الذي جعل كل السور وكل التواريخ وكل الأقدار محصورة بين قوسين هما قوس الرحمن وقوس الرحيم. وسعا كل حي دون استثناء.


الله باني العمارة البشرية ورحمان الأمم ورب التسوية
اقرأوا كيف يعاملكم الله تعالى كأمم لها وحدة بيت ورابطة، ومع ذلك فالله يرعى الفرد المؤمن به والرافض لظلم أمته والمنكر لتمزيق لحمة البيت ويشمله بالعناية، وفي القرآن يريكم الله أنفسكم وأممكم في مرآة الصدق بلا بهتان.
انظروا في طول القرآن وعرضه كيف يعبر الله فيه عن روعة صفاته التي تتبدى في بنائه الغالي عليه وهو الإنسان.. وتعمقوا كيف حرم عليه كل نجس وخبيث وقذر، وكل سلوك همجي وكل ما يحط ويخجل، وكيف سن له الله كل ما يليق بالنبلاء وكل ما هو طيب وطاهر ومترفع ومؤدب، ومتحضر أنيس يأمن إليه من يساكنه ويجاوره ويعاهده، ويأمن إليه من يحدثه ويتلقى منه الخبر بصدق.
....
انظروا كيف يحرص الله على هذا البناء ويحرم هدمه وجرحه وسوء معاملته. ويحض على إكرامه والتصدق عليه بالخير وإطعامه وتحرير رقبته والرفق به ومعاونته بالمعروف والعطاء الكافي
انظروا  في القرآن آية البيت الرائعة، وهي علامة على كنز عظمته المكنون سبحانه، تلك الآية المشروحة في أن الله بنى للناس بيتا وهم ضيوفه، وملأه بأنواع الزاد واللوازم، وجعل السماء له سقفا وفرش الأرض أحسن فرش بكل وسيلة عيش، وجعل عيشة الناس بيوتا تحوي أزواجا، وجعل شريعة البيوت هي الرحمة الطبيعية والرحمة المثقفة، وجعل البيت مدرسة المواطنة والإيثار والبر، وجعل بناء الكعبة وحرمتها وما حولها والضيافة والكرم عندها رمزا لله ورحمته وضيافته وقدر الإنسان عنده. وجعل لبنات هذه الكعبة من قيم التوحيد لله الرحمن ووحدة تراحم نوع الإنسان.

...
موالاة الله للبيت الإنساني بالصيانة والإصلاحات ولا يهمله أبدا

انظروا بعمق في طابور الأمم في عديد من السور: كيف يرسل الله الرسل بالإنسانية حين تسود السبعية، ويقيم الرسول دعائم قيم البيت والبر حين تسود الأنانية.. ويرسل الله رسولا بالعقل حين يسود التخريف والخبل، وبالعدل حين يسود الظلم، وبالعلم حين يسود الجهل والظلام، فيتبعه قليل ويلقون من الأغلبية ورؤسائها صنوف العداء، ويخرجون لهم من جعبة الغرائز ثعابين السخرية والهزء والتكبر والتكفير وإخفاء الحقائق والعنصرية والظلم والتمييز والتحامل وسوء الظن ونشر إشاعة الكذب واستحلال الحرمات وخطط الإبادة والتهميش وسوء المعاملة والحط من كرامة المواطنة؟!! كأنهم غزلان مؤمنة في غابة فيها وحوش كاسرة.
...
ويأله المؤمنون إلى الله وحده، ويتوجهون إليه ويدعون الله رب الناس، وينجيهم الله وينصرهم على الظالمين، ويظهر من صفات النصر والعزة والعظمة آيات عجيبة، ويهدم الله قرى الوحوش البشرية، ويحبط آلة التكفير الجهنمية، والمؤمنون يأمنون ( مؤمنون أي محل الثقة وناشروا الأمن ومحسنوا الظن)  وينعم الله عليهم ويتخلصون من الممارسات الوحشية، ليعودوا لبناء بلد الإنسان على قيم البيت والعدل والإحسان.
..
انقلاب الأمم ولعب المظلوم دور الظالم بعد فترة
ثم انظروا ما يحدث كيف يتغير حال الذين كانوا مؤمنين مظلومين إلى ظالمين مفترسين يمارسون مع الآخرين نفس ما كان يمارس ضدهم؟!. ونفس الممارسات صارت تتبع منهم ضد الأقليات شبرا بشبر وذراعا بذراعا حذو النعل بالنعل، لا يتركون مستنقعا دخله من كان يضطهدهم ولا جحرا ولا شقا إلا دخلوه مضطهدين هم لغيرهم.
 عجبا كيف يتحول المظلوم إلى ظالم كاسر باغ سيء الظن تابع لكل ناعق مكفر للناس مصدق لكل تخريف؟ كيف صار لا فكر عنده ولا عقل؟
...
عجبا من انقلاب الإنسان على نفسه وربه.. الله بريء الساحة والناس هم الظالمون. وما يحدث من العذاب والمآسي فهو من الناس وذنبهم،  وتأملوا صوركم في المرآة كيف يبغي الشعب الذي كان يعاني البغي، وعاد مسخا يستحل الحرمات ويكذب ويقتل ويقوم بالتكفير وينهب.. وتحسروا على ذلك الذي كان ضعيفا إنسانا مؤمنا ينشد الأمن وقيم البيت وحسن المواطنة، ثم أنعم الله عليه فلم يترك الشعب الناكر للجميل موردا لغضب الله إلا شرب منه ولا معصية إلا فعلها.     
اقرأوا وتأكدوا بأنفسكم من أن ربكم هو أجمل رحمان. وغني لكنه كريم ويكرم مختصا بني الإنسان.الإنسان الذي عليه أن يتحلى بصفة الحياء بين الأحياء
...

 وعد الفاتحة الخطير ووعد النور العظيم وهما مرتبطان.

واقرأوا في تفسير الفاتحة روائع الحسن الإلهي وروائع الإحسانات من الله، ومفهوم العرش ونظام التنزيل والتجلي، وانظروا في الفاتحة كيف وعد الله فيها بجواب الدعاء، وجعل فيها أملا راسخا لوجود الذين أنعم الله عليهم، وأن عونه حق لمن أخلص الدعاء، مهما كان عدد المغضوب عليهم وعدد الضالين عن الهدى والدعاء.
وتعمقوا وعد الله في سورة النور كيف وعد المؤمنين منا نحن بالاستخلاف والهداية لمواضع الخلاف طبقا لما تم من قبل مع أمم سبقت/ لتعلموا أنكم على موعد مع ابن مريم منكم  ليفصل بين المتنازعين حكما عدلا، كما كان من قبلكم على موعد مع ابن مريم منهم فأحيا دين موسى بالحق وكان حكما عدلا.  
وتأملوا ما تقول به جماعة الله الإسلامية الأحمدية وما تقدمه من كتب مسيح الله عليه السلام بعد المحافظة عليها ونشرها في العالمين
....
وإذا سألك عبادي عني فإني قريب.
صنع الله علامة فارقة للتعرف إليه تعالى وتوكيد الاتصال به وهي الدعاء.. ومن العجب أنه يؤدي إلى رفع بلاء مشروط إلغاؤه بالدعاء. وهو البلاء الذي كان نازلا بموجب سريان الأمور في المسار الطبيعي.. حيث يترك الله الإنسان للقوانين وفعلها الآلي.  فتجنب هذا البلاء بالدعاء يعني تحسنا في الحياة مجانا. وبفضله يهبنا الله تجنيبا لكثير من المؤامرات التي قد يحيكها أعداء الصالح له .......
كثير من الناس يعتدون في الدعاء .. والدعاء له شروطه وله ظروفه وتطبيقها يؤدي إلى إيجابية في الشخصية:  حيث يضطر الأشخاص للحصول على جواب دعائهم إلى الخضوع لشروط الله في عمل السلوكيات الحسنة في مجتعاتهم، لعلمهم أن المعتدين لا يستجاب لهم الدعاء حيث لا يحبهم الله، وبالتالي رهن الله الهدايا ورفع البلايابدعاء المحسنين الخيرين،  حتى تتحسن مواطنة الإنسان ويتعامل مع إخوانه بشكل راق ليستطيع نوال الفائدة البنكية للدعاء..
 وهكذا يساعد الله المجتمع بهذا الارتهان ويعطي حافزا للتقوى ودافعا للتعامل الجيد ويجعل الانسان يفتش أحواله قبل الذهاب الباب العالي الإلهي لتقديم طلبات لنيل هدايا ثمينة..

..
القرآن كتاب حب: الجانب الاجتماعي في القرآن
 إن نظرة  عميقة إلى القرآن تبين أن دين حب ذائب لله ليس له تعالى في قلب المؤمن به ند .. ونظرة عميقة في سور القرآن مثل البقرة والماعون أو الليل أو الفجر أو الضحى أو الهمزة أو قريش أو المطففين أو الإنسان تبين أن حب الناس والعطف عليهم ومواساتهم هو ناتج التوحيد وثمرته..
السور تجعل العطف مدار التوحيد والإنسانية مدار التدين.. ففي سورة الإنسان نرى إطعام المسكين واليتيم والأسير رغم الاحتياج وحب هذا المال.. ويجعل الله السجود والصلاة بالليل سمة لهؤلاء المحسنين .. وفي البلد يجعل الله تعالى فك الرقاب هو عقبة الإنسانية هو والرحمة، ويجعل الله في سورة الليل العطاء وتقوى الله في هذا الإنسان هو عنوان الخيرات جميعا وعلامة الصلاح وغرض الرسالة وهو الذي به تنال الجائزة الإلهية والتيسير لليسرى ورفع الدرجة .. وفي الضحى يبدو ها الأمر أظهر من الشمس فالله رب إحسان ومن يتربى على إحسانه يوصيه الله أن ينتهج منهج الإحسان. وفي الماعون يجعل الله الدين هو العطف والرقة ورقي التعامل وحث المحيطين لإطعام المسكين،  وتشجيع الإمداد بالماعون الشامل، وهو كل معونة علمية وتنموية وإدارية وصحية..
 وكل هذه السور التي قلناها ما هي إلا مادة تحرير يستطيع بعدها الإنسان أن يحكم على الأشياء وهو حر من الضرب والبهدلة والأذى،  ويحيا وعنده وقت للفكر المرتاح الهادئ، وعنده طاقة وفرصة ليستنتج ويستنبط ويفهم ويتعلم .
وكل هذه السور وغيرها مثل البقرة التي هي سورة إحسان الله لليهود وإساءة اليهود الى أنفسهم بأنفسهم وبعث الله لرسوله ليحيي شريعة البر.. البر المذكور في البقرة والذي هو صبغة إنسانية تماما ، صبغة كلها العطاء والعفو والشجاعة والبذل والمواساة.

 وتندرج كل الفرائض في هذا  السلك وعلى رأسها فرائض حسن المعاملة في البقرة للزوجات والضعفاء، حيث يندمج لحنان موسيقيان جماليان يتعلقان بالرقي في معاملة النساء وبذل الرقة لهن وبالرقي في معالمة الفقراء والتصدق بالخفي بالطيب والمخلص عليهم، ومنع الربا عن المحتاجين المضطرين.

 وتختلط هذه المعزوفة مع معزوفة آية عظمى عن التوحيد بعد آية (وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم). .. ليقول الله أن البيت البشري الذي بنيته هو رمز الكون الفلكي الشامخ الذي بنيته (إن في خلق السماوات..الآية) وهذا البيت للضيافة والكرم، وللحب والاحترام، وهو البيت الذي يجب أن يعلم الجالسون على المائدة فيه أنه لم يصنع أحد غيره تعالى هذا الطعام وأن يده هي التي طهت كل الطهي: لذلك له الحق أن يجني كل الحب وأن يحصد كل المحبة بلا شريك، ثم هو يوزع منها برضاه على الآخرين..

 ولأنه هو المضيف البار فلذا شرع البر..لذلك يأمر في البقرة والنساء بإكرام المرأة النزيلة في البيت لأنها في بيته تعالى وضيفة عليه أيضا. وإكرام الفقير والمسكين في بيت المجتمع الذي هو بيت الله الذي بناه أيضا هو ترجمة لطاعته التامة أي توحيده ومعرفته.
 وفي آية الكرسي تعداد لجوانب جلاله وقدراته وجدارته باللجوء المحب الواله إليه، وهذا هو جماله يتجلى، وهذه هي كمالاته ومؤهلاته ليكون هو ملاذنا وحضن الحنان القدير على حمايتنا. وليحبه الجميع..

 ولذلك لا مكان للإكراه في هذه المنظومة .. ولا إكراه في الحب ولا إكراه على الدخول في دين الحب ولا إكراه على البقاء فيه لمن لا يعقل جماله ويريد الردة.. والإكراه فيه نشاز يرفضه الله، وهو إهانة لله كأنه لا يملك جمالا يكفي للجذب والحب.
 والإكراه تراه طبيعة الأمم والجماعات التي تفلس في معرفة الحق أو تبيانه. وتموت هذه الأمم والجماعات بتبني سياسات الإكراه.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق