الثلاثاء، 23 يونيو 2015

القرآنيون .. العقل ودوره .. التباسات صنعت دخانا رهيبا حجب الحق .. علم الحديث.. دور النبي والصالحين .. الذكر ومعناه وحفظه..

القرآنيون السنة
بسم الله الرحمن الرحيم

يلتبس لفظ الذكر بقصره على ورق وحبر، ويلتبس لفظ الذكر مع كلمة السنة، وتلتبس كلمة السنة بين التواتر العملي أو تواتر التقوى العملية، وتلتبس كلمة السنة مع كلمة الأحاديث. ويتكلم الناس عن رفض نص لتعارضه مع كامل القرآن قبل أن يفهموا كل القرآن ودون أن يقدروا على استعراض معاني كامل القرآن.
ونبدأ باسم الله الهادي الرحمن وبحمد الله سعينا لفك تلك الخيوط المتشابكة. 

1
السنة من الذكر وهي قدوة حية

لما تعهد الله بحفظ الذكر كان تعهده بحفظ شيء عظيم.
تعهد الله بحفظ الذكر يعني حفظ القرآن العظيم والسنة العظيمة. والسنة هي حمل الكتاب بقوة وطريقة حياة تهتدي بالقرآن. ولا يعني العهد الإلهي حفظ القرآن والأحاديث، بل يقصد حفظ القرآن وطريقة تحمل أمانته وتقوى الله به. وتلك الطريقة هي واقع عملي عظيم. وهي وجود الربانيين الصالحين. وبركة الكتاب تتنزل في بيئتهم.

2
السنة تتعلق بأحياء متقين وهي غير التواتر العملي لهيئة العبادات الشكلية

وقد ضيق البعض هذا الواقع العملي وقزموه فظنوه فقط أنه تواتر هيئة العبادات العملية الذي حفظها الناس في أجيالهم باقتداء الولد بالوالد، ولكن هذه المحفوظات المتواترة لا تعدو قشرة خارجية لا تغني من التقوى والبركة شيئا. وليست هي بالأمر العظيم.
السنة العملية في حالتها العظيمة هي وجود حي للفناء في الله وتقوى منيرة مباركة مقبولة تهتدي بهدي الكتاب، وليست المحافظة على مجرد هيئات.
ومن يريد العثور عليها فهي في صحبة الصالحين التاريخيين. حملة الكتاب الربانيين بجد.

3
من كانوا تاريخيا؟

كتب الله ضرورة وجود هذا النوع الحي من الناس، وهو سر أن بني إسرائيل كان فيهم دائما نبي، كلما هلك نبي خلفه نبي. وهو سر تسليم السلطة السياسية من الحسن لمعاوية (رضي الله عن كل الصحابة) حين مال الناس للدنيا، ليتفرغ الحسن مع الصالحين مثله لتعليم جوهر التقوى بشموله، ولينجو الحسن رضي الله عنه والصلحاء بمعنى السنة سليما، ولا تكون وظيفة تعليم التقوى العظيمة محل تنازع.
 وقد استخلفنا الله تعالى كاستخلاف الأمة السابقة تاريخيا مع فرق عموم رسالتنا وخصوص رسالتهم. فظل القادة الروحيون يخلفون بعضهم.  
ومن يوم تنازل الحسن رضي الله عنهم ظل الحكم السياسي قابلا للتلوث والشبهة وظلت الريادة الروحية محتفظة ببريقها المتألق. ربانيون فوق الشبهات يعلمون الكتاب ويدرسون. وكان الله معهم مؤيدا ونصيرا وهاديا ويعزهم ويمدهم بالبركات.
تلك هي السنة الحقة وهي تختلف وترقى عن مجرد تواتر قشرة وهيئة العبادات العملية.

4
والسنة يا جماعة غير الأحاديث ولا بد من تمييز الصحيح من غيره.

.. السنة غير غير الروايات.
الروايات مادة متاحة للفائدة كالطعام والعشب.  
يجب معاملة الروايات كالطعام والعمل والعشب والناس.
لا بد لنا من التمييز للتعامل. 
تختلط الروايات الصالحة بالباطلة كما يختلط فيه الطعام الرديء بالصالح، والعمل المشروع بالمشبوه، والعشب السام بالشافي والنساء الصالحات والمنحرفات ولا بد لنا من الطعام والعمل والتداوي والزواج، وإذن لا بد من التنقية والتمييز. 

   
لا يمكن اتخاذ ضعف عالم من الروايات حجة لاتهام كل رواية لنبذ كل عوالم الروايات جميعا من ساحة العلم والاستفادة. كما لا يمكن اتخاذ سوء الخلق الشائع حجة لاتهام النساء جميعا بالانحراف، أو اتخاذ أخبار الخيانات حجة للتشكك في نسب أبنائنا نحن.
لا مناص من تمييز الحديث الصحيح من الضعيف واحترام الصحيح ليتبوأ مكانه.
تصح الروايات وتضعف. والله لم يتعهد بحفظ كل رواية. بل زودنا الله تعالى بموازين تعامل وتمييز لا يصح أن نطغى فيها. ولا مناص من استخدمها، وإلا تقزمت تصوراتنا.

..
وقد أعطانا الله للتمييز آلية صادقة، هي وجود الصالحين في كل عصر يميزون بنور الله الخبيث من الطيب من النص والمعنى. والذين نعلم وجودهم في كل عصر من وعد الله بحفظ القرآن. إنهم الممثلون لكلمة السنة، أي الشق الإنساني من الذكر.
وأصحابها يفهمون القرآن كما يليق بالله، ويميزون الروايات حسب اتساقها مع مفهوم متكامل للدين الحق يحيون به، ويتلقون أخبار نبيهم وقصص السيرة فيقبلون ما يتوافق مع فهم صحيح لمقاصد الله ولب سيرة النبي وروح القرآن العامة وإطار الدين القويم.

..
بالطبع فإن عصر الرسول وصحبه هو قمة الذكر في تألقه، ثم اختلفت طاقة الناس فكان مستوى الخلفاء ومطيعيهم حسب الطاقة. وكان الله يتجلى معهم بصفات جماله وجلاله تعالى.
كان يوجد في القرون أئمة يختلف مستواهم وطاقتهم ولكنهم كانوا موجودين.   
ومن مضى منهم فهم أمم خلت لهم ما كسبوا ..
ولما حدث تحد للإسلام عظيم كتب الله إماما عظيما في الاقتداء هو ابن مريم الموعود. الذي جاءنا منا منذ عام 1889 ميلادية في بنجاب الهند وهو حامل لواء السنة اليوم أعاد تعليم منهاج النبوة.. وله خلفاء يحافظون على تعليمه، فيعنينا اليوم من حملة السنة وجود أئمة الجماعة الإسلامية الأحمدية الذين تربوا من تعليم ابن مريم، الموعود مجيئه في القرآن وروايات حديث صحيحة، فانظر فهمهم للقرآن وقل هل هناك أجمل وأليق بكمال الحق وإطاره الرحماني من ذلك؟ هذا هو الإمام الذي عليه السلام، والمنوط به تعليم تمييز الصحيح من الضعيف حقا. وفي بيئة جماعته تتنزل بركات الله مع القرآن. 
..

 إذن الروايات ليست السنة.
والله حفظ السنة يعني حفظ نسخة إنسانية حية  لشخص يشهد بالكتاب المنزل ويعمل به. والسنة لا تقتصر على تواتر شكل العبادات، وليست هي كتب روايات الحديث، بل هي حقا طريقة حياة الأتقياء، أو هي قدوة الصالحين الذين لا تخلو الأرض ولو من واحد منهم.


5
لنتعمق معنى كلمة الذكر:

القرآن كتاب للوعي والعمل. والله تعالى يقول:
إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون. الحجر.
أي نحن أنزلنا  العلم في كتابنا على إنسان ذاكر معلم له هو محمد وسنحفظ نسخة الكتاب وسنحفظ محمدا ثم من بعده نحفظ نسخة أو نسخا تقتدي به: ذاكرة للقرآن وتعلمه. إنا نضمن هذا الدوام للكلام ولمن يعيه ويعمل به.    
كلمة الذكر لها بنية معنوية عميقة تستلزم وجود عقل إنساني في علاقة.
لا معنى للذكر هنا بلا علاقة الوعي والعمل.
 الكلمة هي كشجرة تذكر في تربة ذاكر.
الكتاب والإنسان كقطبي كهرباء اتصلا فسرى التيار.

 وقوله تعالى وهذا ذكر مبارك، لا يعني كلاما على الورق فقط بل على كتاب متوحد مع إنسان، تتنزل البركات عليه بسبب كهرباء اتصاله بالكتاب.
الذكر مكون من كتاب تنقدح بينه وبين قاريء شرارة صلة. ويحدث من القاريء تذكر.
ليس الذكر كتابا في الهواء الطلق، ولا يسمى مجرد الورق والحبر ذكرا. لأن العملية  
الذكر صيغة مصدر، وهو مكون عمليا من مذكور وذاكر إنسان، فحفظ الذكر يعني حفظ المذكور والذاكر. ولكن الذاكر يموت، فحفظه هو وجود من يخلفه في الحفظ. 
سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم هي نصف الذكر الموعود بحفظه ، وهي محفوظة في وجود حملة صادقين لكلام الله كما حفظ الله القرآن.
  وا أسفاه على أن يخطيء الناس في فهم السنة ثم يقومون بإلغائها. ويقللون من شأن الصالحين وتدبر حياة نبيهم فيخسرونها، وهم على ذلك سوف يلقون الله ويحاسبون.

 6
الخاتم له علاقة 
خاتم النبيين هو محمد وهو من جاء بكتاب كامل كله الرحمة لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم،  ومعناه أن نبوته ستظل قَيّمة موجودة فاعلة ذات قِيمة واقعية حتى يوم القيامة. وحتى يكون هذا واقعا فلا بد من حفظ كتابه وإلا احتاج الأمر لنبي بعده يأتي بالكتاب.

 ولكن حفظ الرسم وحده لا يؤدي لوجود فاعل قيم، فيظل وجود الكتاب كعدمه إلا إذا وجد من يحمله ويمشي به على قدمين في الناس.
 وهذا هو الصالح والمجدد والرباني وابن مريم.
 فبعثة ابن مريم من لوازم الخاتمية وهو خادم لها ومجدد رونقها بما علمه الله علم الكتاب فصار يميز الصحيح والضعيف ويتبين له الحق ويتميز من عرض النص الحديثي والتفسير المروي على فهمه الشمولي للقرآن. عليه السلام.    


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق