الخميس، 4 سبتمبر 2014

1 الخلافة على نهج النبوة مقال أول: ضرورية من جميع النواحي وهذه هي الأسباب


1

بسم الله الرحمنالرحيم

ضرورة الخلافة

إذا كان وفاء وعد الله سبحانه بظهور دينه على الدين كله ضروريا 

فإن الخلافة على نهج النبوة كانت ضرورية بينما وجه الإسلام 

يلطخه المشركون بالطين والقذارات والافتراءات على عطر 

الوجود محمد صلى الله عليه وسلم.  إذا كان الربيع ضروريا 

لتجنب الموت النهائي فالخلافة على نهج النبوة كانت ضرورة 

لإنقاذ الإسلام من موت محقق. إذا كان الله موجودا وكانت صفاته 

الرحمانية الرحيمية مهيمنة وكان الله هو أحكم الحاكمين فإن حالة 

الإسلام في نهايات القرن التاسع عشر كانت تصرخ لربها أن قد 

حان الوقت المحكم فلينفخ في صور الساعة لينبعث من جمال 

الإسلام ما كان قد أودع القبور. 

الكتب وحدها لاتكفي

بل لابد معها من قدوة وأسوة.

مؤسسة الخلافة ومن يلوذ بها من أولياء الله تعالى هم مرشدون 

روحيون يعلمون الذكر بصورة حية تفسر للمؤمنين كيف تدب 

الحياة في ذكر الله الحي.

الخليفة شخص حي يمشي على قدمين قائم بالتذكير بالله وآياته 

والتزكية ودقائقها وطبها وأسرارها، ورشاد الحكمة ودقة وضع 

التصرف والعاطفة والأوقات والجهود في مواضعها.

مثال هام

كما أن التفوق في علم البيولوجيا والفلك صعب من منازلهم، 

والهواة في العلوم لايبلغون المنى، ولذلك تحتضن مؤسسات العلم 

العلماء الناشئين لتربيهم على أصول راسخة مبرهنة. ولولا 

المؤسسات العلمية والمجامع والجامعات ماتقدم العلم تقدمه المرئي 

والمسموع.

السبب في هذا أن هناك دقائق في ممارسات البحث العلمي الثقيل 

ونكات عميقة تحتاج لصحبة وتربية شخصية منعالم مرب 

أستاذ ولا مناص منه.

فكذلك التفوق في صناعة التقوى صعب من منازلهم، وصحبة 

الصالحين الراسخين في التقوى ضرورية لبلوغ المنى. والعهد 

والميثاق معهم أساسي في الصلاح، وهذا ماجربه السالكون نحو 

ربهم منذ قديم الزمن، والتاريخ شاهد على ذلك في تلمذة رجال الله.

هناك دقائق في التقوى ونقاء التوحيد ونكات عميقة تحتاج لتعليم 

شخصي ومواجهة بالتربية الحية لامناص منها.

البدايات ثم المؤسسات

بعض المؤسسين في عالم العلوم الحديثة كانوا رجالا استثنائيين 

بدأوا الطريق بسبب ملكاتهم الفذة، لكنه ترسخ وجوده بسبب 

مؤسسات تخلفهم وهي تتواصى بالعلم والصبر.

وهناك رجال استثنائيون لجأوا إلى الله تعالى وفنوا في الدعاء 


 بشكل خاص فبدأ الله بهم مؤسسة الصلاح، ثم كان لهم خلفاء

 يتواصون ويتعهدون الناشئة.

حفظ الذكر بكمال وعظمة

الله أنزل الذكر وهو له حافظ.

والله تعالى حين ينشيء مشروعا فهو يؤسس له مؤسسته، والذكر

 الذي نزل في ليلة القدر نزل مع ملائكة وجند ومؤسسة ظلت تنير

 للناس، حتى ولو جاءت عصورأثارالشيطان فيها التراب ليحجب 

الشمس، فالله سبحانه يأذن بريح عاصفة تأتي في موسم وتذهب

 بالغبار وتجلو الحجاب عن وجه الذكر الجميل. 

الذكر إذن مؤسسة قائمة موجودة لمن يريد قصدها، خلافة لها 

عنوان يمكن الوصول إليه، تعطي مادة التذكر كما تعطي مؤسسة

 الماء مادة الماء: ومادة الذكر فحواها أن ربنا هو الله وحده لنعبده

 ونحبه منيبين.

تقوم مؤسسة الخلافة أو جامعة التذكر بنشر منشور التذكير، ونسخ

 صحيح التفسير لمن يحين له حين الندم والتوبة.

إن حفظ الذكر يعني رفع شمسه عالية متاحة لمن يريد أن

 يتذكر، فعندما يريد العبد ويفيق ويثوب لرشده ويتوب لربه يكون

 الله جاهزا بالنور في مؤسسته لمن يريد عودة الذاكرة إليه.

حفظ الذكر لايكون ببقاء رسم المصحف وحروفهفي الورق متاحا 

كاملا فحسب،بل يقتضي كمال الحفظ وجود نور حي متاح من 

الصالحين، فالقرآن جاء ومعه قرآن يمشي على قدمين، وهو 

رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الحفظ هو ضمان وجود لمن يفيق

مثلما تولى الله سيدنا سلمان الفارسي رضي الله عنه وأرضاه 

بالهدايات حتى وصل لمدينة حبيب أحبه قبل رؤيته حتى رآه، 

وصافحت يده يد سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، الذي تنبأ 

بأن رجلا من أمته كسلمان الفارسي ينال الهدى والإيمان الذي 

صار عاليا عند الثريا. فكذلك يتولى الله الصالحين كما جاء في 

محكم التنزيل ( وهو يتولى الصالحين) ( الله ولي الذين آمنوا 

يخرجهم من الظلمات إلى النور).

قد يكون الصالحون قلة والسفر إليهم مشقة ولكن طلاب الحق هم 

في رعاية ربهم الحي الحق، وهو يتولاهم بالهدايات حتى يصلوا 

لولي الله الصالح القدوة أو لمسيح الله الموعود أو لخليفة مسيح الله 

المنصور.

عدد المستفيدين

كما أنه لايغرنك عدد المستفيدين من شبكة الكهرباء، فالمهم أن 

مؤسسة الكهرباء جاهزة لتوصيل النور لمن يقدم الطلب ويدفع 

التكلفة. فكذلك لايغرنك عدد المبايعين الخاضعين لتعليم التربية 

وتزكية الخلافة في عصر أو آخر. الحق أقول لكم أنه لايشترط في 

صحة الخلافة كثرة عدد الذين هم ذاكرون لله بتعليمها مستفيدون 

من مؤسسة الذكر ونقائه ودقة أدائه وحسنه. والحق  أيضا أنه يوجد

 اليوم في هذا الجيل من الصالحين العابدين للواحد الأحد عشرات 

من الملايين لم يوجد عدد مثل ذلك يفوقهم من الصالحين في أي 

عصر.  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق