الأحد، 29 ديسمبر 2013

دار الإفتاء المصرية تراجع فتاوى التكفير .. حسنا تفعل، لو تم هذا الأمر بتقوى رب العرش الكريم وخوف منه تعالى وبحث علمي تقي قويم فالبركات ستنهمر من الله تعالى للدار وأهلها.


 

مبادرة دار الإفتاء بالتوبة عن التكفير

بسم الله الرحمن الرحيم

سن المفتي في مصرنا المحبوبة سنة سيئة هي تكفير المسلمين الأحمدية، الذين كل جريمتهم هي الإيمان بنزول عيسى ابن مريم عليه السلام ولكن من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

1.                        يقوم حضرة الدكتور فضيلة المفتي الحالي بإرضاء رب العرش لو راجع فتاوى دار الإفتاء المصرية التي تخص تكفير المسلمين الأحمدية، ومراجعة مانصت في الفتاوى أحيانا على هدر دمهم، لأن هذا الأمر ترتج منه جنبات ملأ السماوات الأعلى.  

2.                        حتى تاريخه فليعلم الناس أنه: تستحل دار الإفتاء الكذب على هؤلاء المسلمين (بادعاء منقول من قوم كاذبين) أنهم ضد ختم النبوة أو أنهم ينقلون الحج من مكة إلى قاديان، أو أنهم يتلون كتابا غير القرآن أو يشطبون الجهاد من شريعة القرآن.

3.                        كل المكفراتية يصنعون نفس صنيع دار الإفتاء: وهو اكذب عليه، ثم كفره، ثم أفت بحل دمه.  

4.                        مهما حاول حضرة المفتي أن يعالج التكفير من شواشيه فلن يفلح هذا العلاج، لأن جذر التكفير يقبع عنده في الدار، وهو كامن في تقاليد تكفير مسلمين موحدين من أهل السنة والجماعة ومذهبهم الفقهي حنفي، وتجرمهم الدار بتهم يشهد رب العرش من فوق سبع سماوات أنها كذب وبهتان كامل الأركان.

5.                        في هذه المدونة توجد رسالة إلى حضرة المفتي، بخصوص هذه الفتوى التي تصدرها الدار دوما، تستحث في ضميره خوف الله، وتبين حقيقة الإسلام (النقي) الذي تؤمن به الجماعة الإسلامية الأحمدية.

6.                        طالما ظلت هذه الفتوى تصدر من الدار وقابعة في أوراقها دون أن تتطهر منها الدار فهناك أساس لغضب الله تعالى ينبع من دار الإفتاء.

7.                        سواء يدري القصة أو لايدريها حضرة المفتي فهناك قوى عالمية منظمة تنتظر المسيح، وتمهد لمجيئه بعمل بشري، كأنها تستحث مجيئه قسرا.

8.                         فزعت تلك القوى لأن المسيح جاء ولكن من المسلمين، وأحبط مخططا لتنصير الهند وأقام جماعة تنشر الصورة المشرقة الأصيلة للدفاع عن شرف الإسلام ورقيه كما هو الحق في دين الله العظيم.

9.                        ساهمت هذه الجماعة كل المساهمة في نشأة دولة باكستان والدفاع عن حدودها، متعاونة مع القائد محمد علي جناح بطل إنشاء الدولة، فكافأهم الرئيس بتعيين محمد ظفر الله خان المسلم الأحمدي المجاهد وزيرا للخارجية.

10.                وجدت تلك القوى التنصيرية أن هذه الجماعة ستجد قبولا في الأرض، خاصة أن مجرى التاريخ يتجه نحو مناصرة التوحيد الخالص، والتحرير التام للاختيار الإنساني، واحترام المنطق، وترسيخ عصمة الرسل خاصة خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، وهي أسس فهم الجماعة للدين.

11.                 القوى التنصيرية التي تمهد لمجيء مسيحها كانت قد عملت على مساندة الوهابية، ومساندة وجود جماعات إسلامية وهابية الطابع، تعتنق تصورا عن الإسلام يبقيه رهن التعرض للنقد والسخرية والصدود.

12.                اتحدت قوى التنصير والهندوسية مع أبي الأعلى المودودي في باكستان لمقاومة قدر الله تعالى/ بتهييج العامة على قتل المسلمين الأحمدية باستخدام سلاح التكفير. ومنهجه هو نفسه صورة طبق الأصل من الوهابية.

13.                 وساعدهم حضرة المفتي المصري، خاصة الإخواني الهوى الشيخ حسنين محمد حسنين مخلوف. وتم ترجمة الفتوى في باكستان وساهمت مصر في مذابح المسلمين الأحمدية منذ 1953 وهي لاتدري.    

14.                كانت هذه الفتاوى إذن تشجع سفك الدماء في الدول التي بها مواطنون مسلمون أحمديون، ويسفك دمهم خدمة لجهات تكره تقديم الإسلام بصورة راقية مقبولة من كل فطرة سليمة، وهي جهات تنصيرية الطابع.

15.                وهكذا استخدمت فتاوى دار إفتاء مصر ومكانة مصر في تبرير قتل المسلمين الأحمدية في باكستان منذ الخمسينيات. ولم تبال الدار بغضب الله تعالى على هذا التكفير.

16.                لم يتم القيام بتحقيق يخاف الله حول هذه الجماعة في الأزهر، وكان كل عالم من العلماء يكتب في تكفيرهم كأنه امر مفروغ منه، ويسرد عن الجماعة ومؤسسها خرافات بكل معاني الكلمة، وكان كمثل رجل منقاد قيل له: اكتب بحثا في إدانة هؤلاء الناس.

17.                وكان هذا التكفير وسيلة سياسية أيضا لإفساح الطريق أمام جماعات إسلامية تقدم صورة للإسلام كلها تنضح بالإكراه في الدين، لتتمدد في مصر والعالم العربي والإسلامي، بدلا من الإسلام في أرقى صوره كما تقدمه الجماعة الإسلامية الأحمدية.

18.                لم نر من هذه الجماعات جميعا خيرا ولم تزرع سوى الكراهية والقسوة والخراب والحقد والجمود والشر والخرافة والتقليد الأعمى. وصار يتضح شيئا فشيئا من هو العميل لمن لايحبنا.

19.                رغم غضب الله على من يساهم في هذه الفتاوى إلا أنه تم تفسير الغضب والعقاب بأنه ابتلاء لرفع الدرجة.

20.                أصر حضرة المفتي على اتباع سنة التكفير بمعاونة الوهابية في إنشاء رابطة العالم الإسلامي التي أول هدف لها تكفير وتعويق طرق الجماعة الإسلامية الأحمدية.

21.                اتبع الشيخ الكاتب الأستاذ سيد قطب النهج الوهابي لمولانا أبي الأعلى المودودي وصاغه في شكل أدبي فاتن للشباب، فتفرعت منه جماعات عدة منهجها التكفير، وهو باب طبيعي للقتل يوما ما.

22.                كانت الفتاوى تصدر من دار الإفتاء مع ذكر هدر الدم من وقت لآخر.

23.                تم اختراق الأزهر ليمشي بعض مشايخه في زفة تكفير الأحمدية والمفتي معهم، وتم تلويث مجمع البحوث بهذا الإثم.

24.                يوجد في الأزهر مشايخ قليلون لايكفرون هذا التكفير الظالم ويخافون الله. ومجمع البحوث الإسلامية هو من ضمن جوقة التكفير ومشجعيه، وطالما هناك أساس ثقافي لتكفير مسلمين يشهدون الشهادتين ويؤمنون بكل حرف في القرآن وليس لهم سواه كتاب فإن كل كوارث التكفير ونيرانه ستظل تحت الرماد لتنشب قريبا في جسم الأمة.

25.                مجرى التاريخ وقطار القدر يتحرك نحو تقرير بغض التكفير، وأن الإسلام لايمت بصلة لمفاهيم الإكراه، وأنه دين الإحسان والعطف والعفو والميزان، وأن الإسلام لم يروج لخرافات العفاريت الشبحية، وأنه دين منطقي لايبشر بنار تبقى كبقاء الله تعالى كما يروج الحاقدون، وليقر العالم كله بصحة وجهات الفهم التي نشرها مؤسس الجماعة الإسلامية الحمدية.

دار الإفتاء تفعل خيرا لو تبرأت وتابت إلى الله من فتواها بتكفير عيسى ابن مريم المحمدي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الخميس، 26 ديسمبر 2013

المقال 7 وهي مقالة للتفهيم بالرحمة الربانية، تدرك الجماعات الإسلامية بالنذير والبشير، قبل يوم الاشتعال الأكبر لغضب الله القدير، وتدرك الملحدين بالتفهيم لرحمة الله الموجود والذي يدلل كل يوم على وجوده.


الله يثبت وجوده برحمة مالكيته، إذ لم يعبأوا برحمتيه: رحمانيته ورحيميته.

بسم الله الرحمن الرحيم

الأصل:

الذي أعرفه عن الإسلام والتوحيد والدعوة أن الله يدعو إلى نفسه ليأتي الناس بحب واقتناع ورضا واتضاع وانجذاب وإقبال وراحة وسعادة، ليتملك الله على قلوبهم بترحاب وهم مستسلمون.

وفعل (عبد) هو: (أحب) ثم أي معنى آخر مضاف. وبالتالي فلاإكراه في العبادة لأنه لاإكراه في الحب. وكما يقول العراقيون (الحب مو بالجُوّة).

ولكن:
ولكن الوهابية التي اخترقت كل جماعات الإسلام تقول وتعمل بأن من لم يعبده تعالى سلب حياته وماله وعرضه، ويجوز لمن يعبد الله أن يذبح من لايعبده ويغنم ماله وعرضه.

النتائج:
ودعاة التنصير سعداء كل السعادة بهذا القول، والآن صار دعاة الإلحاد مكان دعاة التنصير، ويقولون بنفس قولهم، ولايركزون في إلحادهم إلا على نقد الإسلام، وأهم نقد هو اتهام الإسلام أنه دين إكراه وعنف، ويجبر الناس على العيش معه وهم يريدون الطلاق منه، وأهم جوهرة في تاج إلحادهم هو ذلك الصياح بالقتل من أجل الردة أو الخلع التي حدثت منهم.

(ملاحظة هامة:  ومن أجل دحر قولهم هذا بعث الله ابن مريم ونزل شارحا أن الله وقرآنه ورسوله أبرياء من مجمع التهم في هذا الصدد، وجماعته تملأ البلاد نصحا للناس وشرحا لحقيقة الحال).
وانتشر الإلحاد في بلاد العرب التي صدّرت التوحيد قديما، وصارت تستورد الإلحاد حديثا، حتى في أرض الحجاز.. فهناك ينتشر نوع عجيب من الإلحاد، والبلد الذي قام بتصدير العقل والنور والإيمان والبحث العلمي للعالم كله، وبلسان عربي مبين، يقوم شبيبته الآن بترجمة إلحاد ريتشارد دوكينز بلسان متكسر، مزينة بصور متحركة، وهذا هو مايقدم للجزيرة العربية ليحل محل القرآن. فاضحكوا معنا على هذه المهزلة في آخر الزمان.

إذن مما يشجع الملحدين أن يصرخ القاصي والداني من المشايخ: مرتدون يجب قتلهم. هذا شيء يسعد الملحدين ويجعلهم يتمادون ويسخرون. ويصبّ المشايخ ماء الحياة على الإلحاد حين يكتبون عن معنى التوحيد على أنه الإكراه في الدين، وإقامة الشريعة على المحبين والكارهين، ولايهمهم شرح: كيف لصلاة لامعنى لها بغير الحب أن تقدم إلى الله في غلاف  الإكراه؟؟!!. إن خلافة ستقوم على أعمدة الإكراه سيلعنها الله تعالى والملائكة والمؤمنون.

 والجماعات القاسية القلوب مطبوعة في نشأتها على الإكراه، ولذلك تطمس حقيقة معنى الحب الجارف في العبادة، وتكذب على الله، والملحدون سعداء بهذا ويتزايدون عددا، وفي سرهم يدعون الله تعالى أن يستمر المكرهون في نهج إكراههم، فنهج الإكراه هو قبلة الحياة للإلحاد.

التطورات:

يقوم الملحدون حاليا بالافتخار بالإلحاد،  ويقوم مشايخ الإكراه بتعذيب الناس والتنكيد عليهم، ويفجرون العالم ليقر الناس لهم أنهم رجال الله وخلفاؤه، والله يعلن براءته منهم بعذاب شديد ونكد مقيم، ليدلل أنهم ليسوا بأوليائه ولالهم عزة الأولياء، ويدلل أن طرقهم ليست الطرق الربانية للوقوف ضد الإلحاد. فيستمرون في العناد كأنهم يقولون لله: نكرهك إن لم تذعن لمزاعمنا وتذاكر خطتنا وتقف بجانبنا. أهذا جزاؤنا أننا نرفع راية عليها اسمك؟ وكأنهم يقولون سرا لله: قف معنا وقل مثلنا وإلا سنلحد بك، وابحث بعدها عمن يؤمن بك.

شروة الهوى والرغبات والمخالفة لله كلها شروة إلحاد لو يعلمون.
 
الملحدون أيضا ينسون أنهم لو تمكنوا لأكرهوا الناس على الإلحاد، وصاروا مشايخ إلحاد، وقد فعلوها مرارا من قبل. أولا يرون أن الله يهدم صروح الملحدين كلما قامت أيضا ويوطد بناء الحرية جيلا بعد جيل؟  أولا يرون أن الله كان يحارب عصاة المسلمين بالتتار؟ ومن العجيب أن التتار صاروا مسلمين وقاموا بحماية بلاد الإسلام من العدوان مئات السنين.

تموج الأرض بالجهل بالله تعالى وشريعته، سواء من طرف جماعات الملحدين الذين تنم كلماتهم عن جهل مطبق بمن هو الله، أو من طرف جماعات الذين يكرهون الناس في الدين، ويفجرون الدنيا حتى يرغموا الناس على حب الله وشريعته، وهذا دليل دامغ أنهم بدورهم لايعرفون من هو الله.

وكل منهما يدعو للبعد عن الله وعن حبه، ويتبرأ من الله تعالى، الأول يفعلها بصراحة ووقاحة، والثاني يقترفها ضمنا وخفية ويدفع نحوها بسوء القدوة.

يقول الملحدون: أين الحب في دين الله وأين العطف وأنتم تقتلوننا من أجل فكرنا وتكرهوننا على حب لانريده؟

والمعنى الباطن في كلامهم أنهم سيكونون أقرب للإيمان لو أغلق باب الاضطهاد ورفع سيف القتل والإكراه من فوق رءوسهم، وفتح باب النقاش والتفاهم وشريعة الرحمة في التعامل معهم.    

ويرفض الأفندية الذين يريدون فرض الخلافة  مفهوم الحب الكامن في ديننا، ويلهثون لفرض الشريعة بفهمهم وبكل معناها، ويتجاهلون أن الشريعة تحتوي في 95%  منها معنى الحب والعبادة والإقبال على الله.
 بل عندهم حساسية من كلمة الحب، ونهاره أسوه من يقول كلمة عن (عشق الإسلام أو الوقوع في عشق صفات الله تعالى) فلا عشق عندهم إلا عشق المرأة الخائنة لذكر فاجر.  واحسرتاه وامصيبتاه.  

ويتجاهلون تماما أن الله سيلف كل خلافة تقوم على الإكراه كخرقة ويلقيها في وجوه من يقيمها بهذا الشكل، وسيعلن لهم أنها الخرافة لاالخلافة. فالجمع بين صحة الدين مع قوة الإكراه خرافة.  

ورغم التناقض الفاضح بين الحب وبين الخضوع للإكراه إلا أن جماعات الإكراه في الدين لاتبالي وتتعامى عن التناقض. ولايريدون أن يفهموا أن الله لن يقبل عبادة ولاشريعة بنفاق، ولن يقبل عبادة دون حب شديد صادق.

فيقوم الله تعالى بدوره بالبطش بجماعات الإكراه وهو نوع من إعلان البراءة منهم، وكأنه يقول تعالى للملحدين: أنا رب حب لارب إكراه، وتأملوا في خلقي بحرية، وفي كتابي بحيدة، ولاتحتجوا بفعل هؤلاء فلو كانوا تبعي لما سلطت عليهم تيطس ولانبوخذ نصر ولاجنكيز خان.

أصل الحكاية:

مالم نفهم أن الحب أساس الدين، وأن العبادة هي تعلق قلب حنون، ودعاية لصفات المحبوب بتقليدها: فسوف نرى أياما شدادا.  

لقد خلق الله الناس ليعبدوه أي يقدرونه حامدين متعلقين به بحب بل وبحب جارف حنون. ومن في قلبه رحمة ورقّة يدرك هذا. ومن أجل ضمان وجود الحب فقد أعطى الله الاختيار.

ولقد فعل الله مامن أجله يستحق الحب، ولم يقصر في شيء حاشاه، ومهما قل أدب الناس عليه ومهما كثر الشتم والسب. فمن ناحية: أتقن الصناعة وأحسن تصويرنا وتصميم نظمنا، ومن ناحية أخرى: علم وفهم وعرفنا باسمه الرحمن من قديم، ووعد بهدايا وجوائز عالية  لمن يحسن المعيشة ويعطي صورة جميلة عن جمال ربه.

 وللناس الحرية في الكفر أو الإيمان، والله وحده هو حلال معضلة الكافر، وهو وحده رب الدينونة، والدينونة تساوي معنى الدين في قوله سبحانه: ويكون الدين كله لله، فهو سبحانه العليم بعلاج مرض الكفر، وهو الذي يحسن العلاج، ونهى عن شرك الدينونة ضمن نهيه عن كل شرك. وعلى الكافر فقط ألا يظلم أو يستغفل بنات الناس في الويك إند، وألا يسرقهم ولايقتلهم  وألا يحرمهم من حرية الإيمان.  

وقد نص القرآن على أن صفات الرحمة هي جامع صفات الله تعالى، وكل دارس مستقل يمكنه الملاحظة والإقرار الراضي، فلايجوز تجاهل البسملة المتكررة أن الله هو الرحمن الرحيم، هذا هو اسمه وسمة قوله وفعله، وسمة خططه ونيات منهج مشروعه.

يدعي علماء الإلحاد أن الله لايثبت وجوده، والله يدعوهم مرارا للنظر للمعلومات المتوفرة بكل شمولها، والبحث العلمي يجب أن يشمل الآثار المادية وأقوال الشهود وتحاليل المعامل، وتحريات عن تاريخ المسائل. ويتجاهل علماء الإلحاد ماهو كالشمس وضوحا: أن الكون تدرج من مراحل تكوين المجرات إلى مرحلة حراسة مجرة الحياة، إلى حياطة مدينة الحياة، حيث تم تهيئة الأرض وفرش المسكن، ثم تدرجت الحياة من الخلية إلى المملكة النباتية، ثم جاءت الحيوانية متضافرة كلها لهدف واضح هو تمكيننا من العيش وصنع التاريخ. ويتجاهلون الرحمة الواضحة في موهبة المخ العاقل والبيان والقاموس المحفوظ، وكيف تكلم الرسل عن أسس العمران الراقي ومبناه على التوحيد والفضيلة والإيمان باليوم الآخر. وكيف قصّر الله من عمر الناس كي لايطول العمر بالطغاة وتتجدد الحياة، وكيف يقوم الله تعالى بإزاحة الطغاة عن طريق الإنسانية ليجدد لها سبل الاختيار.  

البحث العلمي الكامل النزتهة يحكم منصفا تم فرش الأرض لقدوم الوافد الجديد، الذي سيكلف بحب الله تعالى برضا واقتناع شديد.

 لقد حدث تعديل جيني وولد آدم وحواء بتركيب مختلف عن أمهما، وتركيب رحم حواء غير رحم المرأة التي ولدتها. وهذا ماسيصل إليه البشر علما بعد صرف مليارات.

وجاء الوافد ضيفا على الوجود، واستقبله الله بترحاب، وأسكنه وألبسه وعلمه الكلام والسؤال والجواب، وعلمه الأسماء، وسمى نفسه وصفاته من بين ماعلمه، وأنه رب الرحمة التي سبقت الغضب. وأمره ببناء البيت وتأسيسه على العطف والحب والرعاية والتعاون ضد الكرب، ومهما تكاثرت البيوت فلتكن على نفس النحو، وقبلتها نفس النهج،  وأنذره : لو انحرف عن هذا النهج فإنه سيرده ويهذبه ولو بعذاب، ومصيره هو بلاد الحب، حتى ولو اقتضى الأمر الضرب.   

كل قصة الله معنا قصة رحمة، وكل مكونات الكلام الكوني كلام رحمن، وسواء رضينا أو لم نرض فالله لن يتركنا حتى نرضى عنه ونقبل رحمته متفهمين. كيف ؟؟ بطريقته، ولكن الذكي يقلل من العناء على نفسه، ويرضى بعناء البحث عن الله مخففا في الدنيا، ولايدفع الأمور في طريق خوضع لمزيد من المعاناة في الآخرة. أيها الملحد: ستفهم ستفهم فخذها من قصيرها، وربنا ورحمته وراك ولن تتركك ولو في قاع الجحيم حتى تفهم، فمن لايفهم مع الرسل اللطاف سيفهم مع الزبانية في الأيام العجاف.   

الملحدون لايعرفون    

تنتشر كالنار في الهشيم عند العلماء أفكار عن الله تعالى جاهلة منها ماينسب صفات الألوهية للانتخاب الطبيعي وتراكم التطورات، ولكنها نوعية من ألوهية خاصيتها أنها تقبل الانتقاد، ويقال عن فعلها أنه خطأ هنا أو هناك.  

ويسرفون في ترديد خرافة: أن الجينات تطفر عشوائيا، وطفرها يعتبر تجارب تخلق فاشلة، والبيئة تتغير فيحدث تغير جيني طافر مناسب صدفة وذات مرة، فذاك الطفر التجريبي سعيد الحظ هو الذي يبقى. ويتجاهلون أننا حاليا في أحد عصور التطور الحياتي، ولم نجد حاليا ولافي الحفريات كائنا واحدا يعتبر تجربة وشيئا ليس له لازمة. ويتكلم دوكينز في كتبه عن جين باحث لنفسه عن تكرارا أناني، ويتجاهل المعلومات المتوفرة عن الخلق أنه متوقف على شفرات حساسة وكلام مرتب مطلق الترتيب، وهندسة تتعلق بمجموع علوم الفيزياء والكيمياء وعلوم الرياضيات وسر الحياة المستغلق، فكيف يعلم الجين مالم يعلمه البشر حتى الآن وهم محتاسون في بحر الجينات والدنا؟ هل يتحدث عن جين أم عن إله أشركه مع الله ويعبده يوما ثم يأكله في اليوم التلي؟  

يتكلم ريتشارد دوكينز عن الخلق محصورا في سجن ضيق، لايحب ذكر الآخرة وما بعد الموت ولااعتبار خطة الخلق كاملة، وهو نفسه السجان لنفسه. وكتبه كلها زوبعة في فنجان، ويتجاهل دراسة أعماق معنى وجود اللغات، وأن الكون كلمات، ولايدرس التاريخ وكيف تدخل الله لإنقاذ الحق والخير.

وإذا أمسك بالقرآن فلايرى إلا المعراج، ولايراه إلا بخلفية من مشايخ الإكراه والحرفية، عن البراق المربوط بحبل في الصخرة التي كان يربط بها الأنبياء، ولايرى فيه أن الله خلق الإنسان وعلمه البيان، وحرم الإلحاد وأمر بالإيمان وقدم البرهان، وجعل الرضا سر علو قيمة هذا الإيمان. وحرم الإكراه وشرع الحرية ليقبل عليه الناس بمحبة، وقام حارسا لهذه الحرية وكره النفاق ورفضه ومقته وغضب عليه وعلى كل من يفرش له ويعمل على وجوده.

ويكره الملحدون من أتباع دوكينز سيرة الله تعالى، ويكيلون له المذمة، ويكذبون عليه ويسيئون الظن، ويصنعون معه مايصنع الناس مع بعضهم من رذائل التكبر والعجرفة والافتراء والتعجل وعدم التبين واستساغة القذف والبهتان، ويكرهون تسبيحه وأنه حرم الخمر والزنا وأكل المحرمات.

 والله يقوم بعلاجهم بأسلوبه ولايجوز الاقتراب من منطقة المعالجة.

لماذا؟ لأن المعالجة هدفها إقناع المتكبر الكاره بالحب. مثلا تثور الطبيعة حوله ويهدده الموت، أو تحاصره فضيحة مدمرة، أو يأتيه الموت من جهاته، فلو دعا الله متضرعا أنقذه الله تعالى ورأى عند الله ماهو رحمة فيحبه.

ومن لم يدع الله تعالى وقسا قلبه أو دعا الله وبعد النجاة عاد إلى كفره فإن الله تعالى يدخله لمصحة خاصة، يمكن فيها أن تثور الطبيعة حوله ويأتيه الموت من كل مكان، ثم يحدث نوع من التواضع والتفهم، ويحدث تدرج من الإنقاذ والتخفيف، ويظل هذا حتى يتعرف الكافر على الله، ويفهم من أسرار الرحمة مالم يكن يفهم، ويتواضع لربه ويندم.

ويتسرب الحب الإلهي لقلب الكافر في بلاد العذاب في جهنم، ويندم أنه لم يحب هذا الرب في بلاد الأرض حيث كان الوضع أرحم.

لاحظ ثم لاحظ أن الله يفعل من التربية مالا نقدر نحن عليه، إذ أن جلب الحب لقلب كافر كاره ليس من الأمور السهلة ولاهو لعبة مشايخ.     

يقوم تعالى بنفسه بعقاب الملحد بطريقته، وهي طريقة تربوية، حتى ولو اقتضت تفكيك جسد الملحد وإلباسه جسدا آخر حيث يسكن دارا لتأديب شديد النجاعة، شديد الجدوى، أدب يغير الفكر بشكل مذهل، ويخرج منه الملحد شديد الإيمان إلى دار الرحمة. كيف؟ هذا هو سر الله وتلك طرقه العجيبة.

أيها الجماعات الإكراهية في الدين:

إن لم تعطوا للخلق صورة محببة تجعل الناس يغرمون بالله حبا فالله سيقوم بعذابكم كما كان الأمر مع سكان القدس أيام تيطس الروماني. والله سيفعل ذلك ليقول للناس: هؤلاء ليسوا تبعي وأنا بريء مما يقولون وكل واحد مسئول عن نفسه.

من يحب حبا جارفا لأن صفات محبوبه فاخرة، فهو يهتف صارخا ويعلن اسم محبوبه عاليا، ويذكر صفات جماله الباهرة، وينشر الدعاية ويقوم بتسويق حبه بين الخلق.

ومن علم الدعاية أن يرى فيك الناس عاملا بصفات من تحبه، وتجعل من جسدك وعملك وكلامك نموذجا دعائيا لمن تحب. لتجذب الناس لمحبته، وليكونوا معك قريبا منه.

ومن يحب بلدا متطورا، بالغ التمدن راقيا متحضرا، ويريد لقومه أن يبلغوا شأوه ويقتدوا به فإن المحب ينشر ذكر رقي البلد المحبوب بأسلوب جذاب، ويجعل من سلوكه نموذجا يقرب فهم لب هذا التحضر وييسر الاستيعاب.

 ومن يدعي أنه يحب حبا جارفا ويقول أن صفات محبوبه فاخرة، ويهتف صارخا في الناس: ياكفرة تعالوا للحب، ويكفّر ويقتل ويدمر، فهو يدعو الناس للبعد عن ربه وعن اسم سيده ويوطد رفعة جبل الإلحاد.

وإذا كان من علم الدعاية أن تجعل من جسدك وعملك وكلامك نموذجا دعائيا لمن تحب، فإن ماتقول الوهابية عن الله وشرعه وسيرة نبيه هو مايعطي الملحدين الفرصة لنشر الكراهية لله ورسله.

ومن يقدم أسوأ السلوكيات وينسبها للمحبوب الجميل تبرأ منه الجميل ورفضه وقدم البراهين على رفضه، ونشر إعلانات البراءة من هذا المدعي الكذاب.

خلق الله الناس ليعبدوه، ولكن بحرية وحب وإقبال. ومن العبادة عشق لصفات الله تعالى وحب جارف لإعلانها بين جنبات الوجود.ومن عبادة الله تعالى أن يعكس حفظ حقوق الناس وحسن المواطنة معهم أوالتمدن

وأرسل الرسل  ورغم ذلك منحهم حرية أن يكفروا به.

كان الاتحاد السوفيتي يرغم على تدريس منهج الإلحاد، وكان أشطر الملحدين لادعائه بالعلمية، وكان يعطي الحرية فقط لمن أراد أن يكفر، وأما من أراد أن يؤمن فلا. وهدم الله الاتحاد السوفيتي المبني على الإلحاد فأثبت وجوده تعالى بهذا الهدم، ورحم الله الناس بهذا التفكيك. وتستمر تعطي الحرية لمن شاء أن يؤمن ومن شاء أن يكفر.  

ومن لم يقرأ باسم ربه الرحمن الأكرم الذي أقرأ بلغةِ ما خلق وأحيا وأنعم وحرر وجذب وتألف وحبّب وجذب قرأ باسم ربه الرحمن الذي أقرأ بلغة ما أمات وأدب وعذب.

الاثنين، 23 ديسمبر 2013

المقال 6 في الرد على الملحدين العرب، ونداء خاص لهؤلاء الملحدين العرب: لو كنتم عربا فإن اللسان العربي وحده يدلكم على ربكم: حيث أنه كلام مخصوص من متكلم، وخلق بديع فيه صفات الله تتجلى بروعة.


 
البيان يدل على وجود الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
قراءة آية البيان العربي تدل على وجود رب عظيم يتكلم. وأنا أتكلم إذن أنا موجود.  وصفات الكلام تدل على صفات المتكلم، وروعة الفاتحة تدل على عظمة الله الذي تكلمها. 
 
 
 

أول ما هل وجود الله تعالى على أمي ( هو محمد صلى الله عليه وسلم) في غار على رأس جبل كان هو بنفسه الدليل على وجوده سبحانه: اقرأ، أي أن الكلمات ذات المعنى من الحروف تدلك على اسمي، وأني الرب الذي خلق، وأني الله الأكرم، وستجد الكون كله كلمات ذات معنى مقصود، وستعلم من تعليمي بعض حكمة ما قصدت، وكلما تقدمت نحوي تعلمت. وقال له الله في هذا الصدد: وقل رب زدني علما.   

لغتنا تعبير عن شيء نعنيه. وهي فرصة لتشكيل الشخصية والتعمير، وهي ثروة قد تنفق للتدمير، وهي شفرات تحمل أسرارا، وقد تحمل شرورا، واللعب باللغة يدمر الحضارات وتناول ثروة الكلام بمنحى جدي يبني الحضارة.

ولو كان هناك خالق حكيم كريم اقتضت حكمته وكرمه خلق كائن عاقل فاهم، يعطيه وسيلة تقرب له البعيد من الترقي، فيلزم من ذلك تعليمه اللغة ليستنسخ بها كل شيء على شكل رمز وشفرة، ومن ذلك يكوّن معاني وقرارات ومفاهيم، وهذا يستدعي خلق مخ مجهز بمعالج خاص يعالج الكلمات ويترجم ويجمع ويثير الخيال ويشكل التصورات، ويساعده تشكيل هيئة في منطقة الرأس والعنق مرتبة على نحو يسمح بمخارج حروف فصيحة. وأن يكون لها مسالك صالحة لتخريج حروف محددة، وهي الحروف التي ستتركب منها الكلمات المحددة، منها الفائق التركيب، تماما كما خلق الله العناصر المحددة لتتكون منها المركبات المحددة ومنها فائق التركيب. ومنها كلمات وتراكيب الخليط الفوضوي والعبث العشوائي كما هو الحال في خلط المواد والعناصر والتركيب الفوضوي لها.

لقد فعل الله لازم الحكمة تماما كما ننتظر منه إذا كان موجودا حكيما قديرا رحيما، وبالضبط.

 وتم تطوير هيكل بناء الإنسان المنتصب الذي كان يسكن الأرض منذ مائة ألف عام، الذي يعبر بالرسم ولكنه لايتكلم اللغة، وعثرنا على هيكل عظمي لكائن له تشريح مختلف، هو الإنسان العاقل الناطق، يستطيع أن ينطق بمخارج الحروف الإنسانية، سكن الأرض منذ مايزيد على 10000 سنة، وهو آدم الأول جد آدم الذي نعرفه.

لخلق هذا الكائن تم صنع جينات ونظم تشفير وراثية تكود لنشأة جنينية، يتشكل فيها رأس وعنق وحنجرة ولسان وشفاه وآلية لخروج الحروف المنضبطة. 

لقد كان الله هو الذي يصنع كل شيء، والله هو الذي أوحى الكلام للإنسان، وقال الله للإنسان أنه موجود بدءا من لحظة تعليمه اللسان.

وعبر القرآن عن هذا بجمال: الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان.

واللسان العربية وحدها دليل كامل مستقل على وجود الله، صاحب الصفات المذكورة في سورة الرحمن.

يلزم من اللغة أن تعبر عن حياة الإنسان بكمال تام وعن الإلهيات، وعن سمو الله وتعاليه وعما هو محبوب وراق وماهو مكروه ومنحط، بما يكفي للتعريف به تعالى، وهو ماحدث في اللسان العربي حيث التعبير عن الأمور الإلهية والإنسانية والصلاح والرقي والفساد والانحطاط تعبير كامل مستوف. 

والانتخاب الطبيعي لايعنيه أن يستقصي الفكر والعواطف وأحوال الإنسان ليضع لكل منها كلمة مفردة، والقواعد والبلاغة من أعمال القصد والعقل والوعي. وهي لغة تهتم بجمال التعبير لا مجرد إشارت. 

العربية أعظم اللغات يستحيل على العرب الأميين أن يأتوا بها.

وهي أقدم اللغات وأصلها عند التحقيق العلمي الرصين. ومجامع اللغة العربية بكل عبقريتها تبحث فتجد في لسان العرب بغيتها للتعبير عن دقائق الفكر والعواطف وأحوال الإنسان والاجتماع.

مادة هذه اللغة هي صورة مطابقة للطبيعة والوجود المشهود، سواء المادي منه والمعنوي، وفيها مترجم عن الغيب المحجوب بالتشبيه والمثل، وهي طيعة لصنع الشعر والأدب، وطبيعة المجاز فيها بالغة الثراء وكنز لايفنى، وكلما ترقى الحس وجد في اللغة مايواتي رقيه.

نمت هذه اللغة في بيئة الصحراء العربية واختزنها الله في حصنها، ومحال أن تكون لغة بهذا الرقي تنمو في كهذه البيئة، ومستواها الرائع لايتناسب مع قاطني المنطقة، ولاحل لهذه المعادلة إلا أن تكون العربية من الله لامن صانع الساعات الأعمى.  

من ميزات العربية ماكشفه المسيح الموعود عليه السلام:

ومن أجلى العلامات أن اللسان الذي كان من رب الكائنات، وكان من أحسن اللغات، وأبهى في الصفات، هو اللسان الذي مدحه الله وسمّاه باسمٍ حسن، كما هي سُنّة رب ذي منن. فأنبئوا بذلك اللسان، إن كنتم في شك من هذا البيان، ولن تجدوا كالعربية اسما في الحُسن واللمعان، ففي ذلك آيات للمتوسمين.

 وأمّا العجم فهم عند الله كبكم لا لسان لهم، أو كبهائم لا بيان لهم، فإنّ تَكَلُّمَهُم ما حصل لهم إلاّ بالعربية، وليس لفظ عندهم إلاّ من هذه اللهجة، ولا يقدرون من دون العربية على المكالمات، فيتحقق حينئذ أنهم كالعجماوات، فقابل بوجه طليق أو خاصم بلسان ذليق، إنك من المغلوبين. فأوصيك أن تفكر في هذا الدعوى، وتذكّر قومًا نوكى إن كنتَ من العاقلين، واشكر الله على ما جاءك من البراهين.

ولا تنس أن لفظ العجم قد اشتق من العجماء وهو البهيمة في هذه اللغة الغرّاء، فتدبر وجه التسمية، لينكشف عليك لب الحقيقة، ولتكون من الموقنين. وكم من آية تدل عليها لو كنتم طالبين. ومنها أن الله سمّى الإنسان سميعا في الفرقان، فيُفهم منه أنه أسمعه في أول الزمان، وما تركه كالمخذولين.

ومنها أنه أوضح في البقرة هذا الإيماء، وقال: {عَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ}، فهذا التعليم يدل على أشياء: منها أنه كان معلم الكلمات بتوسط المسمّيات، ونعني بالمسمّيات كل ما يمكن بيانه بالإشارات، فعلاً كان أو من أسماء المخلوقات، ومنها أنه كان مُعلّم حقائق الأشياء، وخواصّها المكتومة المخزونة في حيّز الاختفاء، بلغة عربي مبين. وإن قلتَ أن النحويين خصصوا لفظ الاسم بالأسماء المخصوصة التي لها معان ولا تقترن بأحد من الأزمنة الثلاثة، فجوابه أن ذلك اصطلاح لهذه الفرقة، ولا اعتبار به عند نظر الحقيقة، فانظر كالمبصرين.

وإنْ قيل إن المشهور بين العامّة من أهل الملّة، أن الله علّم آدم جميع اللغات المختلفة، فكان ينطق بكل لغة من العربية والفارسية وغيرها من الألسنة، فجوابه أن هذا خطأ نشأ من الغفلة، لا يلتفت إليه أحد من أهل الخبرة، بما خالف أمرًا ثبت بالبداهة، وما هو إلاّ زعم الغافلين. بل العربية هي اللسان من مستأنف الأيام ومستطرفها، وليس غيرها إلاّ كمرجان من دُرر صَدَفها، وأنت تعلم أن القرآن والتوراة قد أثبتا ما قلنا وأكملا الإثبات، ألا تعلم ما جاء في الإصحاح الحادي والعشرين من "التكوين"؟ فإنه شهد أن اللسان كانت واحدة في الأرضين، ثم اختلفوا ببابل مُعْرِقين. وأمّا القرآن فقد سبق فيه البيان، ففكر كالمحققين.

ثم ههنا طريق آخر لطلاب الحق والمعرفة، وهو أنّا إذا نظرنا في سُنن الله ذي الجلال والحكمة، فوجدنا نظام خلقه على طريق الوحدة، وذلك أمر اختاره الله لهداية البريّة، ليكون على أحدية أحدٍ من الأدلّة، وليدل على أنه الخالق الواحد لا شريك له في السماء والأرضين. فالذي خلق الإنسان من نفس واحدة، كيف تُعزَى إليه كثرة غير مرتبة، ولغات متفرّقة غير منتظمة؟ ألا تعلم أنه راعَى الوحدة في كل كثرة، وأشار إليه في صحف مطهّرة وكتاب إمام العارفين؟ وأبان في صحفه الغرّاء أنه خلق كل شيء من الماء، فانظر إلى سُنّة حضرة الكبرياء، كيف ردّ الكثرة إلى وحدة الأشياء، وجعل الماء أمّ الأرض والسماء، ففكر كالعقلاء، فإنه عنوان الاهتداء، ولا تستعجل كالجاهلين. وإن هذه الآية دليل واضح على سُنّة خالق الرقيع والغبراء، وفيها تبصرة لأهل الأنظار والآراء، والله وترٌ يحب الوتر يا معشر الطلباء، هو الذي نوّر من نورٍ واحدٍ نجوم السماء، وخلق نفوسًا متشابهة على الغبراء، وجعل الإنسان عالَما جامع جميع حقائق الأشياء، فلو لم يكن نظام الخلق مبنيّا على الوحدة لما وَجَدْتَ في خلق الله وجود هذه المشابهة، ولكان خلق الله كالمتفرّقين. بل لو لم يكن النظام الوحداني لبطلت الحكم وضاع السر الروحاني، وسُدّ الصراط الربّاني، وعسر أمر السالكين. فما لك لا تفهم وحدة دالّة على الوحيد؟ وهي في الإسلام مدار التوحيد، وأصل كبير للتعظيم والتمجيد، وسراج منير لمعرفة الوحدانية الإلهية، والأحدية الربّانية، وإنها علوم اختصّت بالمسلمين ... كتاب (منن الرحمن).. انظر الموقع:

Islamahmadiyya.net      

منن الرحمان كتاب جزء منه بالأردية ترجم للعربية، وجزء آخر كتب بالعربية، وكتب بلسان عربي فصيح فذ، وكتب هذا الكتاب والكلام بيد رجل نشأ في الهند لم يتعلم الآداب العربية ولارحل للدول العربية، وما يكتبه هكذا يخرج منه دليلا على وجود الله الذي هو حي قيوم أعلن وجوده بأن وهب عبدا مخلصا علم اللغة العربية الأصلي، بشكل يفوق به كل علماء العصر العرب.

لو كنتم ستحقرون العربية فياشؤم ماجئتم به لقومكم.

ولو كنتم ستنسبون العربية للعبقرية العربية دون الوحي الرباني فستكررون مأساة حزب البعث العربي العقيم الذي لم يأت لقومه بغير العار والمصائب، وعذاب الله له مشهور ومتاح لفرجة الرائح والغادي.

لغتكم لو عظمتم قدرها ونسبتموها لله ساعدكم هذا على رسوخ الاحترام، فجعلتموها (بناء عليه) مفتاحا لترقية الشعور والفكر، وحينئذ يرى الله الحاضر جدكم ورجولة موقفكم فيساعدكم سبحانه تعالى، فيشرح صدوركم لروائع التعبير القرآني وعظمة سورة الفاتحة التي تصلح أن تنبني حضارة على أساس جودة فهمها وجودة تلاوتها وجودة التجاوب معها. 

 

 

 

 

 

 

 

الثلاثاء، 17 ديسمبر 2013

مقال خامس للرد على البروفيسور ريتشارد دوكينز. الذي هو ممن يقلد فيسقط ويداهمهم تقدم العلوم بما يفضحهم. وأعمدة عشرة للتفكير السديد.


بسم الله الرحمن الرحيم الأكرم رب الكلام الأقوم.
رب أعطني القوة على كلمات أقولها:
 كلمات في بيان إثباتك لوجودك بكلامك الذي قلته وتقوله.

الأعمدة العشرة للتفكير:

ملاحظة مسبقة: يفضل أن يكون لدى القارئ فكرة بسيطة عن الجدول الدوري للعناصر، وعن التكوين العام لنواة الخلية وفكرة مبسطة عن تاريخ الكون، تيسرا للقراءة، وكله ميسور بكتابة بعض العناوين على جوجل، وسيجد الباحث مواد ذات مستويات شتى، والمقال في متناول كل مستوى..
1.                         
لو كان البحر مدادا لكلمات الله لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات الله. الكون الذي خلقه الله كله كلام، ومعادلاته الرياضية للعمل كلها كلام، إنه الكون  الذي يستخف به دوكينز ويتعامل معه كنوع من اللعب:
·      يتكون جسمنا من أعضاء، وكل الأعضاء تتكون من خلايا ذات أنواع، والخلية البشرية فيها نواة تتحكم فيما يحدث بموجب شرائط فيها، مدون على الشرائط كتاب تعليمات مكون من 3 بلايين حرف كيماوي. والحرف الكيماوي هو مركب عضوي عماده ذرات الكربون والهيدروجين مع ذرات من عناصر مساندة.
·       كل خلية مكونة من مدينة حية مصغرة، فيها مركز الحكم عبارة عن نواة، حوله عمارات وأبنية ومصانع وجدران عائمة في سوائل، (ومنها عمارات كبيرة تحتوي عمارات أصغر، مثل ماكينة الريبوزوم)، وكل بناء وعمارة مكونة من جزيئات، وأهم الجزيئات البروتينات، ويحتوي الجسم البشري على حوالي 100,000 نوع من البروتينات.. وكل جزيء مكون من ذرات أو من جزيئات أصغر، كجزيء البروتين المكون من جزيئات صغيرة هي الأحماض الأمينية. (وهي أحماض تأتي من هضم الغذاء وتعوم في الخلية)، وماكينة الريبوزوم مثلا هي التي تقوم بصنع جزيئات البروتين لبنة لبنة، وفي سبيل ذلك تستقبل الماكينة مرسالا رسولا من النواة، والمرسال معه نسخة تعليمات لبناء نوع من البروتينات، نسخت بواسطة إنزيم منظم، مكتوبة بحروف شفرة مرتبة متوالية يفهمها الريبوزوم كما يفهم لحنا ورنينا، فيتناول الحروف ثلاثا ثلاثا، بادئا من علامة محددة، ولايخطيء حرفا واحدا، وكل ثلاثة أحرف تعني بروتينا معينا يأخذ مكانه فورا في الجزيء البروتيني. وقد يتكون الجزيء البروتيني من 300 جزيء من الأحماض الأمينية. 
·      ولكن الذرات تتركب بدورها من مكونات فرعية، أهمها هي النواة الذرية والإلكترونات، والنواة كذلك تتكون بدورها من بروتونات ونيوترونات، وكل من البروتون والنيوترون مكون من كواركات وعناصر أخرى.
كل تطور وتغير يحدث في كائن حي نبات أو حيوان 
يحدث أولا في جيناته وهو  جنين في بطن أمه أيا كانت، 
ولو كانتزهرة.

يقتضي التغير إضافة لجين أو تعديلا لجين أو أكثر، وهو 
أمر علمي صرف يحتاج هندسة تتعلق بعلوم الفيزياء 
والكيمياء  ووظائف الأعضاء وعلاقات ببقية الأعضاء ، 
وبرامج كمبيوترية للرسم في ثلاثة أبعاد، وبرامج 
تعليمات قراءة الرسم وتنفيذه على شاشة الوجود الفعلي. 
  
·      تطور الكائنات يتبع محركا وخطة ربانية لا تجرب ولاتخطيء، يغير الله البرنامج بكلمة كن، فيولد كائن جديد يختلف عن أمه، وكل شيء في موعده ومكانه وغرضه.  يعلم الله الشكل وأنواع النسيج المطلوب لكائن ومن ثم يتحدد نوع البروتين وهندسته، ومن ثم المرسال المناسب، ومن ثم الجين المكود وهندسته، وكل هذا يرتبط بميكانيكا الكم والكيمياء الفيزيائية، ومن ثم التوقيت المناسب والموضع وعدد الجزيئات المطلوب منه، ويوضع كل هذا بل والعداد في النواة مع الدنا.  
 لو كان محرك التطور كما يقول دوكينز كصانع ساعات أعمى مفترض، كلف بصنع الساعات، أي بتغيير كتابة البرامج الوراثية، وافترضنا أنه قعد وسط أكوام من المفكات والعدة والمسامير أشكالا وألوانا والأعمدة أشكالا والتروس أنواعا وقطع من الألواح المثقبة، وأنواع من الزنبركات،  وتصورنا أنه سيمد يده ويتناول الأجزاء من حوله حيثما اتفق، ويركمها معا، (ويلوّش) بالتراكيب ليتصادف كل مائة مرة أن عمودا منها وافق ثقبا مناسبا، ثم يتفق بعد مليون مرة أن ترسا ما وافق عمودا مناسبا،  ثم يتفق بعد عشرة ملايين خبطة عشواء أن مسمارا ربط جزءا، وبعد ديشيليون حركة عثرنا على ساعة: فإن الخيال سيذهب حتما إلى وجود مدبر دبر الخامات في غرفة في ساحة المصنع.
 في بداية صنع الخلايا والكائنات التي جعلنا الساعات الرائعة مثلا لها، فيجب أن نكدس الخامات الوراثية من الجينات وغيرها من مواد الوراثة، موزونة بعناية تامة بجوار صانع الساعات الأعمى، بحيث تقبل طبيعة الخامات أن يؤخذ منها مايصنع الساعات.
والخامات هنا هي هي حروف كيماوية رقمية من لغات عدة: لغة لقواعد الجينات: (دنا)، ولغة للمراسيل التي تنقل كلام الدنا: (رنا)، ولغة للأحماض الأمينية (عشرون حرفا)، وعلم للترجمة بين لغة المراسيل ولغة البروتينات.(كود الترجمة من أحرف مرسال الجين إلى أحماض أمينية).  
  وفي كتابة خلايا الحياة، يحتاج الأمر لخامات عديدة مكدسة مكونة من عدة لغات ولاتقتصر على لغة واحدة. ناهيك عن نبضة الحياة التي تجعل أجزاء الخامات الميتة تعمل كساعة بدأت تدق.
الخامات هي حروف من لغات أولها لغة الجينات (الدنا) ذات رموز عددها أربعة A,T,C&G. وثانيها حروف لغة المرسال بين الجينات ومصنع البروتينات عددها خمسة، منها ثلاثة أو 4 مشتركة مع الجينات وواحد مستقل بها  U . وثالثها مترجم من لغة المرسال للغة البروتينات، يأخذ كلمات المرسال ثلاثة حروف بعد ثلاثة، وعنده قاموس ترجمة محدد يقول أن الثلاثة الفلانية تعني الحمض الأميني الفلاني.
ورابعها حروف من لغة البروتينات ذات رموز عددها عشرون، وهي الأحماض الأمينية. وخامسها لغة الوظائف البروتينية، فمنها قواعد القيام بوظيفة في المصنع، ومنها قواعد الحراسة والتعرف على العدو والتصرف معه ومنها الاتصال، ومنها مايتعلم لغة الجينات لقصها أو نسخها أو إصلاحها.
ولكن كلمات الكون ليست بسيطة، فالساعة التي يصنعها الصانع مكونة من أجزاء، كل جزء منها مركب من أجزاء فرعية فهو يشبه ساعة بدوره. كل حرف من كل لغة مما ذكرنا يشبه ساعة مستقلة هو الآخر، فهل يحتاج توفير الحروف الوراثية لكل لغة مما سبق إلى صانع أجزاء ساعات أعمى بدوره ليجهزها؟ ما أكثر صناع الساعات العميان الذين سيحتاج إليهم دوكينز! وكيف سينسق الصناع العميان الأمر لتجتمع المواد عند صانع الساعات الأخير، الذي يأخذ هذه التجميعات ليراكمها فوق بعضها ملايين المرات لعل وعسى؟.
الكارثة تقع على رأس ريتشارد دوكينز عندما يتبين لنا أن   الحروف الوراثية هي نفسها في الحقيقة كلمات مركبة من حروف فرعية، بل المفاجأة أن الحروف الفرعية في الحقيقة  هي كلمات تتكون من حروف أساسية بدورها، هي كساعات دقيقة مصغرة.
 الحروف الأساسية هي عناصر من الجدول الدوري للعناصر، وهو أبجدية خاصة بالكون الدنيوي. مثل الهيدروجين والكربون والأكسجين والنيتروجين والحديد وما شابه. وهذه العناصر تم طبخها في باطن النجوم وأجواء انفجارات المستسعرات العظمى، فهل يحتاج تكوينها لصناع ساعات بدورهم؟ وهل هم من العميان؟  
ولكن الكارثة تحل على رأس ريتشارد حين يظهر لنا أن كل عنصر أو حرف يتكون من بنية داخلية مركبة، وهي حروفه الفرعية، من نواة ومدارات وإلكترونات.
والنواة نفسها مكونة من جسيمات وطاقة، وهذه الجسيمات (كالكواركات بأنواعها مثلا) هي حروف فرعية تختلف في النواة تركيبا من عنصر لآخر، والنظام كله يعتمد على عناصر ستة تحدد شكل الكون يوم بدأ تكوينه يوم الانفجار وتمدد سماء الكون العظيم.
لقد اتسع خرق الصانع الأعمى على الراقع، ويلزمنا سلسلة من الصناع العميان لأن كل مانتكلم عنه هو ساعات مكونة من ساعات مكونة من ساعات وهكذا.
نحن في الصناعات نفاجأ (ونحن نصنع البطاريات والعجلات للسيارات أو شفرات الحلاقة أو كابلات الأجهزة مثلا) أننا في حاجة للتنسيق والتوحيد القياسي بين الصناع، كي لايكونوا عميانا في الصناعة، لكي يمكن تركيب أي بطارية في أي ريموت، وأي عجلة على مسامير مقابلة في أي سيارة، وأي كابل لنقل المعلومات لأي جهاز مقابل.
   
إن صناعتنا مرتبطة بصناعة النجوم يوم صنعت، وترجمة الضوء في عيوننا لنفهم الصور كان معمولا حسابه يوم تحددت سرعة الضوء ب300،000 كيلو متر في الثانية، وتفكيري المنظم كان يرتبط بنوع وطريقة انتقال وسفر الضوء الناتج من الاندماج النووي في باطن الشمس.
كلمات الله كما هي كثيرة وعميقة فهي مرتبة ومترابطة ويأخذ بعضها برقاب بعض. لقد تفجر سر الله في الخلق وتبين أن عماد الخلق هو كتب مؤلفة، مبدؤها الحروف التي تكود الكلمات ومن ثم تتكون الفقرات والفصول. ومن ثم فلاحل إلا المؤلف الأحد الذي ينسق مايحدث في الانفجار العظيم مع هدف بعيد بعد 15 مليار عام، يلوح فيه مسافر على سطح سفينة يلتقط صورة لغروب الشمس قرب شواطيء جزيرة يقترب منها ليلقي مراسيه.
لقد تبين أن بناءنا هو مجموعة لبنات ضخمة من المعلومات والتعليمات، واللبنات مبنية من لبنات هي معلومات وتعليمات وهكذا.
في مبدأ تكوين العالم هناك مجموعة من القوانين الدقيقة في ظروف الضغط والحرارة والحركة، تحكم تراكيب الطاقات والجسيمات، تنصبّ القوانين على حوالي ست حروف أولية خلال دخان أغلبه هيدروجين ونظائره وهيليوم، هو الحساء الأولي للخلق، وتنفصل كتل الدخان لتندمج في سدم وسحابات هائلة، في أرحامها تولد مجموعات من المستسعرات ونويات المجرات، وفي كل رحم رهيب تندمج ذرات أخف لتكوين ذرات أثقل، وتتفجر الأرحام ليتناثر في الفضاء الكوني خامات من الغازات والفلزات واللافلزات، وتعاد الكرة وتكوين الأرحام واندماج الذرات وتتفجر بدورها لإغناء الفضاء الكوني بالعناصر، فتحدد جدولا من المواد تتدرج من الهيدروجين الخفيف حتى تبلغ اليورانيوم ثقلا، ومن أهمها الأكسجين، وهي مع الموجات تحسم نوع الكون الذي نسكنه، وفي الجدول يتربع النيتروجين الذي سيكون في جو الأرض مع الأكسجين خليطا محكما للتنفس، وسيتحدد من مركبات الهيدروجين مثلا شكل الماء ونوع الاحتراق، وستنجب قوانين التفاعل النووي بعملها في ظروفها عنصرا هو الكربون، له تعلقات بالهيدروجين والأكسجين والنيتروجين ليكون وعاء لسر الحياة، وجوهرا لأنسجة الأعضاء. وتلك الحروف الستة لو تغيرت لنتج كون جديد له ماء جديد مختلف، واحتراق مختلف وأنسجة الحياة فيه مختلفة تماما.
 إن  تدبير مواد وخامات الحياة بعد تدبير الأرض كوعاء لنمو الحياة هو من المستحيل إلا بافتراض وجود الله الأكمل..  لأن هذا التدبير له حول وقوة تتفوق على كل طاقة عند عمال مصانع الساعات العميان.  فحل وجود الله سهل وكاف وكفء وخير مما يشركون ومن حل دوكينز الإلحادي، ومن ثم وجب اللجوء إليه، شريطة أن يكون هو الله الذي له الأسماء الحسنى بحق.

2.                        لو حصرنا الكلام في لغة الجينوم فإن البحث العلمي توصل ليعرف أن في كتاب الجينوم الإنساني كرموزومات عددها 46، تحتوي على حوالي ثلاثة بلايين حرف وراثي، توجد في كل خلية منا، والحروف تشكل كلمات طويلة تعبر عن أوامر تصنيع وتحدد تضاريس ورسومات وأشكالا لعضو من الأعضاء أوللكائن ككل، في ثلاثة أبعاد. تنقسم إلى جينات تكود للبروتينات، هي الإكسونات، ومعها هستونات وامتدادات طويلة للإدارة الحكيمة. الامتدادات كانت مبهمة منذ التعرف على الجينات، لايدري أحد عملها، فحكم كبار العلماء في عجلة أن المفيد الشغال من الجينوم هو نسبة تقل عن 3%. وسموا الباقي بالسقط :  junk  وينتج عن كونه سقطا أنه لايتم نسخه لمراسيل للعمل به في الخلية.
صحيح أن البحث استمر في بعض بيئات العلم حول (هذا السقط)، ولكن تحت مظلة من سوء الظن المبدئي، وكان السقط الحقيقي هو هذا التفكير. إذ أن أدب العلم يحتم الوقوف احتراما لهذا العالم الجديد علينا، والبدء بحسن الظن به وليس الاستعلاء والغرور والتصدق عليه بالبحث، وعلى العالم ألا يهجم على مايجهل.  كان المفترض في العلماء الأجلاء أن يحترموا الكنز الذي أمامهم ويتقدموا على مهل في البحث دون حكم عاجل.
ومع أنني مهندس لابيولوجي فعندما قرأت عن ذلك في مجلة ساينتيفيك أميريكان عام 1993 قررت في قلبي أن لكل ذرة في الجينوم وظيفة وحكمة عالية، ولو أتيح لي ظرف مختلف لربما عملت أيامها في الهندسة الجينية لأثبت مبكرا صحة نظريتي.
تبين مؤخرا بدءا من عام 2004 ثم تأكد الأمر عام 2007، وتقرر عام  2012 أن الجينوم يتكون من جينات تكويد البروتينات تشكل 1.2 % من الجينوم، وعوامل تنظيم هي البقية، وتوصلوا حاليا لأهمية 9% من هذه العوامل فعلا، وهم بصدد معالجة ماحصلوا عليه من بيانات هائلة قد تكشف لهم أهمية 80% من العوامل..  إذ قد تبين لهم أن 80% من الجينوم يتم نسخه في المراسيل، وسيبحثون ماذا يتم في الخلايا بعد النسخ؟. وعرفوا أن التطور والتغير أكثر وأسرع في عوامل التنظيم، فقد تتشابه جينات بين الفأر والإنسان تعمل على تكويد بروتينات، ولكن الاختلاف تام بين عوامل التنظيم في الكائنين. لقد تبين جهلنا ويتبين يوما بعد يوم، وعلمنا أن كامل الجينوم يعمل وله حكمة ووظائف، وأن هذا العالم أعمق من كل تصور سابق.
ماذا نصنع في الغرور والميل لتجريح الغيب الذي هو سبب عجلة أكثر العلماء، الذين سارعوا وقلدوا فرانسيس كريك في قوله عن حروف المادة الوراثية المبهمة : أن هذا الدنا ليس أفضل إلا قليلا من الخردة.

مثلا قال ريتشارد دوكينز (عما بدا له) مثلهم في كتابه: صانع الساعات الأعمى مكتبة الأسرة 2002، ص165-166 ترجمة د مصطفى إبراهيم فهمي: ومن المدهش أنه يبدو أن 1 في المائة فحسب من المعلومات الوراثية في الخلايا البشرية مثلا هي مايستخدم فعلا: وهو بالتقريب مايساوي جزءا واحدا من "الموسوعة البريطانية" ولاأحد يعرف السبب في وجود الـ 99 في المائة الأخرى هناك. وفي كتاب سابق اقترحت أنها قد تكون كمية طفيلية تلقي عبئها على مجهودات الواحد في المائة، وهي نظرية قد اتخذها مؤخرا علماء بيولوجيا الجزيئات تحت اسم:     " د ن أ الأناني".
كلامه عادة يرتبط بكلمات:( ربما، ويبدو، وقد، ويمكن، واحتمال أن). وقد يضع بعض الكلمات السكرية مثل: ومن المدهش.  
ومن الواضح أنه في هذا القول ذو هوى يريد تأييد فكرة وجود عبث في الكون، فيسارع للنقل من غيره، كأي مجرد مقلد ببغاء. مع أنه يكثر من ادعاء استقلال الفكر والاجتهاد والتفرد، بينما هو ناسخ للأباطيل، وسيء الظن حتى بالكون الذي يبحثه، ويشرح مواطن الجمال فيه أحيانا، لكن الحقيقة أنه يتمتع بصفة الاستهتار والاستهانة بالروائع قبل شروق شمسها، ويهزأ بالمحترمين ويحزنه احترامهم، فكيف نأمنه على ديننا وربنا؟؟    
ويجب على ريتشارد أن يتواضع ويعتذر عن جرأته على الله آخذا العبرة هو وأمثاله.
وفي هذا الصدد لننظر في مقال رائع هو حوار مع العالم البيولوجي :  E  . بيرني  مدير مشروع : ENCODE نشرته مجلة ساينتيفيك أميريكان  Journey to the genetic interior    وترجمته مجلة (العلوم) الصادرة في الكويت عدد مارس/ إبريل 2013: 
في المقدمة شرح لقيام تجمع يضم عدة مختبرات عالمية بإطلاق مشروع موسوعة عناصر الـــــدنا: ENCODE))، وسماه أحد العلماء: أجزاء الجينوم البشري المتواضعة وغير الطموحة واللاجينية. وتعلن المقدمة أنه بحلول عام 2007 فإن باحثي التجمع أعربوا في تقريرهم الأولي عن وجود كنوز وسط الخردة. ولكنهم في سبتمبر 2012 وفي مجلة نيتشر( Nature) وغيرها بينوا وجود مخزون مدهش من من المفاتيح والإشارات والمعالم المطمورة في شريط الدنا البشري.
 ونقرأ الحوار ومنه سؤال موجه للعالم بيرني: هل يتعين علينا الآن أن نعزل جانبا عبارة: دنا خردة؟
فأجاب: نعم، أعتقد أنه بالفعل لابد من شطب هذه العبارة كليا من القاموس، وكانت هذه العبارة أقرب إلى عبارة ملقاة لوصف ظواهر مثيرة جدا تم اكتشافها في السبعينات من القرن الماضي، وأنا مقتنع الآن بأنها طريقة غير مجدية لوصف مايحدث في الجينوم.
وسأله فيما سأل: هذا يمثل غالبا طريقة مختلفة في التفكير حول الجينات والتطور.
فكان مما أجاب: لديّ إحساس قوي بأنني كنت جاهلا بجهلي، والآن أدرك مدى جهلي. إنه لمدعاة للإحباط قليلا أن تصل إلى إدراك مستوى جهلك، إلا أن هذه هي طبيعة التقدم. 

3.                        يتبين من السابق أن ريتشارد دوكينز حين يلج مناطق الخطة الشاملة للخلق، ويتحدث عن المبدأ والمصير، ويخمن ويطلق التخرصات ويقص الاحتمالات عن صانع الساعات الأعمى فهو يتكلم في مالا يعلم، ويتجرأ مقتديا بمن لايتقي، ولايقدر اللغة الكونية، ولاضبطها الرياضي المحكم، ولايسلك مسلكا علميا يضع كل البيانات وهو في علومه المجردة يسجل ويرصد في تخصصه، ولكنه في عالم النفس والعقل والروح جاهل يتخبط فيما لايعلم. والله رزقه بعض العلم البيولجي لأنه جد واجتهد وتخصص فيه لأنه مؤهل، ولكنه تعالى رزق العلم الخاص بالنفس والمبدأ والمصير والمهمة الملقاة علينا لمتخصص فيه، ومؤهل له ومنتقى لحمله بجدارة، وهو المسيح الموعود الذي توجد علومه بالإنجليزية، وهي تتفوق على علوم كل بريطانيا بأسرها.
4.                        ريتشارد دوكينز يسخر في كتبه الأخرى من أدلة وجود الله تعالى، ويستخدم في ذم الإسلام كلام ومناهج القساوسة الذين دمروا المسيحية كما شوهوا الإسلام، بطريقة تجعله مجرد مقلد لامجتهد جاد، وهو يهجم على الاستنتاجات بتخمين وظن لايغني من الحق شيئا.  ومع أن للملحدين الحرية أن يلحدوا، ولهم حق الحياة الكريمة، والله منحنا حق الإيمان به أوالكفر به، وجعل حق الدينونة على هذا له وحده، فليس لهم حق السخرية من قادة الرسالات ولا سب الله ولا سب المقدسين الرسل، وليس لهم حق الاتباع، ففي اتباعهم الهلاك..
وليس للملحدين حق أن نصدقهم في ترك وجود الله، فهم مستعدون للضرب عشواء والتناقض وإنكار الواضحات. ومستعدون للاستهانة بنص بالغ الروعة كالفاتحة،  وعندما تعطي إنسانا نصا بالغ الروعة فيركله بكلامه مظهرا كل الاستهانة، قائلا أنه لايرى فيه أي روعة، فهو يمارس حقه في التعبير، ولكنه يفقد حقه في الاتباع. فلو اتبعنا الملحدين وهم على هذا النهج أضاعونا ثم سخروا منا، كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر، ثم تبرأ منه بكل نذالة.. بدون الرسل لن ندري إلى أين المصير..  والإلحاد لو كثر أهله سيقود إلى مجهول، قد يكون خمودا للروح بسبب دكتاتورية (صدرت من كل الملحدين)، أو لاتباع الهوى والشهوة ومن ثم للانقراض، أو لهلاوس عنصرية مثل هتلر.
  الرسل كانوا نقاط تقدم للبشر، وعصيانهم أو الإلحاد بهم كان سبب كل خراب، الإلحاد يعود بنا إلى نقطة صفر مطلق. وعصور البشرية تترقى من الرسل الخصوصيين للرسول العام العظيم، ثم تترقى الآن من تحريف دين الله وتشويهه بالهوى والبغي، وإهانة رسل الله مثل بوذا وكريشنا إلى تصحيح الدين، تصحيح يعيده كمرآته الأولى كما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم،  و يعمل لإعادة الاعتبار للرسل المنسيين.

5.                        لابد من الاستماع لكلام الله تعالى عن نفسه بكل احترام وأدب وإنصاف. ووضعه عالميا تحت مجهر بحث علمي رصين منصف.
لايصح من عالم يتحدث عن الله والدين والإسلام مثل ريتشارد دوكينز أن يهمل بحثا مركزا متفرغا لكتاب كالقرآن، يعانيه مع فريق عمل متكامل، وكذا ليقبل منه العقل أن يختزل القرآن إلى صورة يروجها بعض المسلمين عن الإسراء والمعراج ويهمل عمدا التصور الذي يقدمه مسلمون آخرون، فهذا نوع من الانتقاء يشف عن الهوى الداخلي.  
مثلا عليه أن يجيب على استفهامه تعالى المطروح في نهايات الآيات من سورة النمل التي تبدأ بقوله سبحانه: قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، آلله خير أم ما يشركون؟!  هل الحل بوجود الله الحميد خير أم الحل الأنثروبي وصانع الساعات الأعمى؟!
وإذا كانت كتب الله تعالى قد أصابها قديما ما أصابها فإن النص القرآني موجود، ينتسب إلى الله ذاته، ويتميز بأنه نص محفوظ بلغته الحية الأصلية. وإذا أخذنا سورة الفاتحة واعتمدناها كبطاقة يقدم الله تعالى بها نفسه، وأعطينا الكلمات التي بها اعتبارا جليلا، وافترضنا أن النص مادام يقول أنه من الله فلابد أن معاني الكلمات لائقة بما يجب صدوره عن الإله،أي مقصودا بها أعمق أعماق المعاني، واحترمنا مثلا أن الحمد يشمل كل محاسن الذات وكل إحساناته، وأن لفظ (ألـــ) من كلمة الحمد تعني كما هو الحال في اللسان العربي: جميع الحمد وكل ماهو جميل وشامل، وتستنفد معاني الكمال المتصورة والمعقولة والمظنونة بالمنطق المستقيم، فإننا سنكون على أعتاب رؤية دلائل وجود الله تعالى. ولو اتبعنا نداءه للدعاء: اهدنا الصراط المستقيم ... فسوف تعمل فينا بذرة الهداية وتنبت براعم الإيمان.
هناك ترجمات للقرآن رائعة منصفة منها ترجمة الإمام: طاهر أحمد، يمكن من خلالها الاطلاع على شعاع صادق من نور القرآن. ومشكلة علماء العالم الآن أن هذا القرآن عندهم مترجم لأكثر اللغات، يتكلم فيه رب العرش الكريم عن نفسه، وهم يتركونه وينظرون لتصرفات وأقوال المسلمين الغير فاهمين، أو أقوال وأفعال المشايخ الحائرين، أو آراء الكهان من كل دين وهم من الموتورين.  
إن كان هناك علماء يلحدون بسبب غرورهم بالعلم وقدرتهم على رص كلمات التشكك والاحتمال، فإن هناك علماء كثيرين يؤمنون بوجود الله، ولهم إثبات عقلي مستقيم على وجود الله تعالى، يرون في العلم كشفا لعظمة وجود الله ويكتبون توكيدا لعظمة الخلاق،  منهم علماء بيولوجيا وفيزياء وفلك وفيزياء فلكية، ورغم ذلك فإن اقتصار الإثبات على العقل وحده خطأ بالنظر إلى حضور ذات الله مهيمنا فوق وجودنا. ولايليق إغفال علمه بنا وسماعه ورؤيته لحواراتنا عنه هو سبحانه. إن علاقتنا بالله يستحيل أن تكون مجرد إقرار بوجود، بل لابد من التفاعل معه تعالى لأننا ضيوفه في الكون، وهنا فلابد من إعادة برهنة وجوده من  خلال علاقتنا معه، من كلامه وتعليمه كيف نفهم كلامه، وزيادة من كلامه الذي سيعمل في حيواتنا الشخصية.  
البروفيسور ريتشارد دوكينز يضلل نفسه حين يعتمد على العقل وحده. والعقل يزيغ أمام الاحتمالات والخداع، وإن اعتماد فلاسفة اليونان على العقل وحده أنتج اعتقادات عقيمة في وجود الله، مثل اعتقاد أرسطو أن الله خلق الكون وتنزه عن الاهتمام بشئونه وكفّ أن يعتني به، وتركه يمضي(على نظام أوتوماتيك)، وهو تصور لايليق بالحميد الأكمل.
 ولكن الله الذي زود الناس بوسيلة المواصلات بينهم وبين غيرهم، وجعل التقدم العلمي كله خادما لمبدأ الاتصال، ويعلم تعالى حدود العقل وماسيؤدي إليه، هو الله ربنا الذي يليق به ويناسبه أن يقوم بالاتصال بالناس، ويكون اتصاله عن طريق أفراد صادقين كل الصدق.
فإذا كان هناك دعوى تتعلق بهذا الأمر، وهي دعوى محمد صلى الله عليه وسلم، فيجب التفرغ الكبير لفحصها، خاصة لو كانت نسخة الكتاب واحدة ولها تفسير معقول، وتفاسير القرآن بالإنجليزية التي كتبها علماء مسلمون أحمديون تملأ الأرفف في العالم. 

6.                         أنا أفكر: إذا أنا موجود، وأنا أتكلم إذا أنا موجود أكثر، والله يتكلم والكون كلامه، ونحن خلق كنهه حروف وكلمات، فنحن خلق ننكتب بيد الله تعالى، فالكلام أو الكتابة دليل وجود الله الأعظم، لأنه دليل القصد والعناية ووجود المعنى الذي يعنيه عان. لقد تبين بالعلم الحديث أننا كلام، ودوكينز غافل عن هذه القفزة العميقة، وجسمنا كلام وخلايانا كلام وحياتنا كلام كثير. كل شيء نأكله فهو كلام، ونظام التمثيل الضوئي يكتب الكلمات في عالم النبات، ومنها الطعام مثلا، والهضم في جسم الإنسان يفككك كلمات الطعام ليتم استعمال حروفها في بناء الجسم حسب قواعد بناء مختلفة، بكتابة كلمات الأنسجة البشرية والأنشطة. فالله يتكلمنا، ووهب لنا العقل لنعي الكلام، وارتبط العقل دائما بالكلام، وارتبط الاختيار بفهم الرموز، والناس كانوا صناعا مهرة بسبب قراءة الحروف وفهم الرموز.
 ومرافق حياتنا تتكون من حروف عملية، كالمقعد والسيارة والجدار والغطاء والسكين والثياب وأدوات المطبخ والحقيبة والوعاء والفراش والنافذة والأجهزة الكهربية، وكل له معنى مقصود.. وتتكون المصنوعات من كلمات وكتب لها مكونات مبدئية هي كالحروف تماما( مثل المصباح والمفتاح والموصلات والعوازل الكهربية والمغانط والماسورة وأشكالها واللحام والقضيب واللوح من المعادن وغير المعادن واللبنة والترس والبكرة والجنزير والمحرك والعجلة والسلك بمعادنه والعازل الحراري والمسمار والوعاء والغطاء وسداد الثقب والذراع والعمود وحامل المحور والنابض والجويط المقلوظ والغير مقلوظ وعمود الكرنك والمكبس والأسطوانة والخرطوم والسخان والمؤقت والصمام والمشعل والمروحة والضاغط وهكذا ).
7.                          ولما عرفنا أنه حيثما وجد الكلام ووجد استخدام الحرف والشفرة والرمز وجد المعنى أو القصد (والمعنى له عان يعنيه، والقصد له قاصد .. والكون كله كلام من حروف، وشفرات لها معنى وتحتاج العناية، ويحتاج المعنى من عناه) فقد حان أن نقدر العظمة الكامنة في بدء الوحي للأمي بأمر القراءة، ليعلم الأمة الجاهلة العلم والوعي، وتلك هي بصمة الله على الوعي، ليأخذها الإلحاد باحثا ويكتشف الله تائبا وليتعلم الإيمان.
بدأ القرآن تغيير عصر والجاهلية والشرك والإلحاد بكلمة : اقرأ، باسم ربك الذي خلق.. وكانت تالية لآية البسملة: بسم الله الرحمن الرحيم، وقصد بالبسملة أن تكون القراءات كلها لكلام الله منحصرة في أطر الرحمانية والرحيمية، أو بين محبة يحبها العبد لله الرحمن ومحبة يحبها الله الرحيم للعبد الحامد، القاريء باسم رب يربي وينمي ويزيد المخلوق كل يوم خيرا، ويستقبل بترحاب روائع تجليات الله.
(اقرأ) تعني: اقرأ كتابةً مقصوداً بها معنىً محدد، وقصد الله بأمره (اقرأ): أن معرفة وجوده والتعرف على صفاته سيكون من كلماته لامن رؤية ذاته. وتعني الكلمة: اقرأ باسم ربك، اقرأ واجعل إحساسك مرهفا بخطة التنمية المستدامة من الله لك، وبالنعم المعطاة، وتجنب البلادة إزاء الجميل المسدى للإنسان. وتعني الكلمة كل أبعاد القراءة وفهم الإشارة والرمز والحروف والعلوم والكلمات والمباني/ وتعني البحث والاستقراء والتوسم وتكوين حاسة الاستدلال، ووصول العبرة من التاريخ والأحداث والتجارب النفسية والعملية، والخطاب الجمالي ووعي المجاز الاستعاري والكنائي.
 دوكينز يعطي اهتماما هائلا لكلمات عالم كبير حائز على نوبل، خاصة لو كان مستواه اللغوي بالغ الرقي والتفوق، وقياسا عليه  فيجب على ريتشارد دوكينز أن يعطي كل الاهتمام بقية حياته لكلام يقدمه من يصف نفسه أنه الله الأكمل، ويقدمه المتكلم لدوكينز على أنه هو خالق ريتشارد من والده دوكينز بيده. لو كان دوكينز ضائعا عن والده عمره كله، وكان ولدا صالحا، ثم فوجيء بمن يتقدم نحوه قائلا أن أبوه، وأنه كان مأسورا طول هذه المدة والآن جاء، فإن دوكينز لاشك سيولي هذا الإنسان كل اهتمامه. 
8.                        تكرر منا البيان مرارا أن الله  الذي ندعو إليه هو الأكمل الذي لايمكن للدكتور ريتشارد دوكينز رفضه، وليس عليه تعالى شائبة نقد. وعيب على البروفيسور الاستهتار به تعالى بعدما أنعم عليه، والدكتور يلحد من كثرة النعم لامن قلة النعم عليه. وتلمح في كلام الدكتور دوكينز عن الكون أنه يعتبره كلعبة لاعب. سواء الصدفة أو الانتخاب وتقلب ظروف البيئة. ولكن الله لا يلعب: إنه هو الله الذي لم يخلق السماوات والأرض والآخرة والبرزخ عبثا ولا لعبا ولا انتقاما.
إن الله الذي نتكلم عنه هو الله الذي لم يفرض على بني آدم التلوث بالخطيئة حتى عام واحد ميلادية، وهو الله الذي لا يحاسب المعوق ولاالمكره ولا المجنون ولاالذي لايملك اختياره، بل يحاسب الإنسان حسب طاقته، وبقدر المسئولية الحقيقية (والقدرة الفعلية على أن يقاوم الشر)، وهو الله الذي منح العقل، وقرر تعليم اللغة لمساعدة بني آدم: بتفريقها بين الكلمات كالجد والهزل والصدق والكذب، والرحمة والقسوة والمنطق والخرافة. وهو الله الذي أرسل وأعذر وخيرهم اختيارا حقيقيا، وليس هو من يجعل الناس مسيرين مجبورين بالقدر على الضلال ثم يعاقبهم عليه،  وهو الله الذي أوجب تفسير كل نص من عنده في إطار مايليق بالخلاق العظيم من صفات النبل والكرم وسبق الرحمة وكمال الحكمة. وهو الله الذي جعل كل مصاعب ومعاناة بمقابل، وجعل رحمة خفية في كل عقاب ينزل على من يسيء المواطنة في هذا العالم، فقد صممه تعالى مقرونا بتعليم وتربية، وجعل جهنمه تطهيرا وتأهيلا لعيش ومواطنة رائعة.

  
9.                         
مقابل كلام الكون الباعث على الاحتمالات فقد ساعد الله العقل كي لايخطيء، فأنزل القرآن وحفظه في النهاية،  وكان ذلك على مشارف عصر الازدحام.  إنه الكتاب الحق الذي يتألق علما ومنطقا، ويخلو من كل خرافة، والرسل والمجددون والمختصون بالحديث  عن الله تعالى، وعيب تجاهلهم أو الاستهتار بهم.
إن الله أنزل كتابه عربيا فصيحا وحفظ اللسان العربي لأجله، أنزله محفوظا كامل الصفات كما خلق الكتاب الجيني أول مرة للإنسان كامل الصفات، حتى أنه لو تأثر كتاب الجينات عند بعض الأفراد بطول الزمن فقد سلم كتابه القرآن من كل تأثير للزمن. فهو يقف شامخا يتكلم بلسان كامل الفصاحة عمن أنزله ويفك كل المعضلات ويجيب كل الأسئلة عن الوجود والمصير والروح وعوالمها بما يجهله علماء الفيزياء وليس في طوق أي عالم بيولوجيا.
 ولايلام الله على ماسوء مايصنع المشايخ والقساوسة والكهان عامة لو أساءوا، فهم مختارون كالناس، ويتلوثون وليسوا حجة على الله، ولكن جعل الله حقائقه عند المختارين المتخصصين من المجددين والرسل، ممن اعتصموا بالله وحفظوا فروجهم الروحية،  وممن جعل معهم برهانا على حبه لهم وتأييده لكلامهم، وصحة التخرج من تحت يديه، وصحة تخصصهم الدقيق في العلوم الشاملة المختصة بالغيب. ومن يشوههم ويكفرهم من الكهان في كل دين فهم في مقت الله وغضبه ويعذبهم ويظهر رفضه لهم بشتى أنواع الخبال الذي يسلكونه، والنكال الذي يذوقونه.
إن علماء شئون الله نالوا العلم والشهادة بالأستاذية من الله لأنهم أطهر أخلاقا من علماء المواد والطب والبيولوجيا، وأصفى عقولا ونيات وعواطف من مشايخ الدين جميعا ومشايخ العلم الحديث، وهم يتكلمون في النفس وأصلها وأنواعها ومعادنها وأمراضها وطبها، وعوالمها حين تنمو وتستوي على سوقها فتنافس الشمس في ضوئها.  

10.                المشايخ والقسس المنفرون مقتحمون لميدان الدين وغير متخصصين، ومحرومون من الرشاد في علم الدين،  لأنهم غير مؤهلين وليس لهم حق الكلام عن الله تعالى.
الله اعرفوه عند أروع مناظر الكون، وعند الارتواء من عطش مميت بكأس مترع بماء بارد صاف، وعند سيرة محمد صلى الله عليه وسلم  كما يرويها تلميذه الحقيقي وهو المسيح الموعود، واعرفوه عند الآيات ومنها موهبة اللغة العربية لهذا المسيح المحمدي عليه السلام.
ولايجوز أخذ الله بأقوال مشايخ الدين المنفرين، لأن الكون وجد قبلهم، حيث مناظر الكون الطبيعية كانت تدل الوعي على الرسام العظيم، من يوم خلق آدم، من غير منازع ولاصانع تشويش ولا نشاز.