الاثنين، 23 ديسمبر 2013

المقال 6 في الرد على الملحدين العرب، ونداء خاص لهؤلاء الملحدين العرب: لو كنتم عربا فإن اللسان العربي وحده يدلكم على ربكم: حيث أنه كلام مخصوص من متكلم، وخلق بديع فيه صفات الله تتجلى بروعة.


 
البيان يدل على وجود الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
قراءة آية البيان العربي تدل على وجود رب عظيم يتكلم. وأنا أتكلم إذن أنا موجود.  وصفات الكلام تدل على صفات المتكلم، وروعة الفاتحة تدل على عظمة الله الذي تكلمها. 
 
 
 

أول ما هل وجود الله تعالى على أمي ( هو محمد صلى الله عليه وسلم) في غار على رأس جبل كان هو بنفسه الدليل على وجوده سبحانه: اقرأ، أي أن الكلمات ذات المعنى من الحروف تدلك على اسمي، وأني الرب الذي خلق، وأني الله الأكرم، وستجد الكون كله كلمات ذات معنى مقصود، وستعلم من تعليمي بعض حكمة ما قصدت، وكلما تقدمت نحوي تعلمت. وقال له الله في هذا الصدد: وقل رب زدني علما.   

لغتنا تعبير عن شيء نعنيه. وهي فرصة لتشكيل الشخصية والتعمير، وهي ثروة قد تنفق للتدمير، وهي شفرات تحمل أسرارا، وقد تحمل شرورا، واللعب باللغة يدمر الحضارات وتناول ثروة الكلام بمنحى جدي يبني الحضارة.

ولو كان هناك خالق حكيم كريم اقتضت حكمته وكرمه خلق كائن عاقل فاهم، يعطيه وسيلة تقرب له البعيد من الترقي، فيلزم من ذلك تعليمه اللغة ليستنسخ بها كل شيء على شكل رمز وشفرة، ومن ذلك يكوّن معاني وقرارات ومفاهيم، وهذا يستدعي خلق مخ مجهز بمعالج خاص يعالج الكلمات ويترجم ويجمع ويثير الخيال ويشكل التصورات، ويساعده تشكيل هيئة في منطقة الرأس والعنق مرتبة على نحو يسمح بمخارج حروف فصيحة. وأن يكون لها مسالك صالحة لتخريج حروف محددة، وهي الحروف التي ستتركب منها الكلمات المحددة، منها الفائق التركيب، تماما كما خلق الله العناصر المحددة لتتكون منها المركبات المحددة ومنها فائق التركيب. ومنها كلمات وتراكيب الخليط الفوضوي والعبث العشوائي كما هو الحال في خلط المواد والعناصر والتركيب الفوضوي لها.

لقد فعل الله لازم الحكمة تماما كما ننتظر منه إذا كان موجودا حكيما قديرا رحيما، وبالضبط.

 وتم تطوير هيكل بناء الإنسان المنتصب الذي كان يسكن الأرض منذ مائة ألف عام، الذي يعبر بالرسم ولكنه لايتكلم اللغة، وعثرنا على هيكل عظمي لكائن له تشريح مختلف، هو الإنسان العاقل الناطق، يستطيع أن ينطق بمخارج الحروف الإنسانية، سكن الأرض منذ مايزيد على 10000 سنة، وهو آدم الأول جد آدم الذي نعرفه.

لخلق هذا الكائن تم صنع جينات ونظم تشفير وراثية تكود لنشأة جنينية، يتشكل فيها رأس وعنق وحنجرة ولسان وشفاه وآلية لخروج الحروف المنضبطة. 

لقد كان الله هو الذي يصنع كل شيء، والله هو الذي أوحى الكلام للإنسان، وقال الله للإنسان أنه موجود بدءا من لحظة تعليمه اللسان.

وعبر القرآن عن هذا بجمال: الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان.

واللسان العربية وحدها دليل كامل مستقل على وجود الله، صاحب الصفات المذكورة في سورة الرحمن.

يلزم من اللغة أن تعبر عن حياة الإنسان بكمال تام وعن الإلهيات، وعن سمو الله وتعاليه وعما هو محبوب وراق وماهو مكروه ومنحط، بما يكفي للتعريف به تعالى، وهو ماحدث في اللسان العربي حيث التعبير عن الأمور الإلهية والإنسانية والصلاح والرقي والفساد والانحطاط تعبير كامل مستوف. 

والانتخاب الطبيعي لايعنيه أن يستقصي الفكر والعواطف وأحوال الإنسان ليضع لكل منها كلمة مفردة، والقواعد والبلاغة من أعمال القصد والعقل والوعي. وهي لغة تهتم بجمال التعبير لا مجرد إشارت. 

العربية أعظم اللغات يستحيل على العرب الأميين أن يأتوا بها.

وهي أقدم اللغات وأصلها عند التحقيق العلمي الرصين. ومجامع اللغة العربية بكل عبقريتها تبحث فتجد في لسان العرب بغيتها للتعبير عن دقائق الفكر والعواطف وأحوال الإنسان والاجتماع.

مادة هذه اللغة هي صورة مطابقة للطبيعة والوجود المشهود، سواء المادي منه والمعنوي، وفيها مترجم عن الغيب المحجوب بالتشبيه والمثل، وهي طيعة لصنع الشعر والأدب، وطبيعة المجاز فيها بالغة الثراء وكنز لايفنى، وكلما ترقى الحس وجد في اللغة مايواتي رقيه.

نمت هذه اللغة في بيئة الصحراء العربية واختزنها الله في حصنها، ومحال أن تكون لغة بهذا الرقي تنمو في كهذه البيئة، ومستواها الرائع لايتناسب مع قاطني المنطقة، ولاحل لهذه المعادلة إلا أن تكون العربية من الله لامن صانع الساعات الأعمى.  

من ميزات العربية ماكشفه المسيح الموعود عليه السلام:

ومن أجلى العلامات أن اللسان الذي كان من رب الكائنات، وكان من أحسن اللغات، وأبهى في الصفات، هو اللسان الذي مدحه الله وسمّاه باسمٍ حسن، كما هي سُنّة رب ذي منن. فأنبئوا بذلك اللسان، إن كنتم في شك من هذا البيان، ولن تجدوا كالعربية اسما في الحُسن واللمعان، ففي ذلك آيات للمتوسمين.

 وأمّا العجم فهم عند الله كبكم لا لسان لهم، أو كبهائم لا بيان لهم، فإنّ تَكَلُّمَهُم ما حصل لهم إلاّ بالعربية، وليس لفظ عندهم إلاّ من هذه اللهجة، ولا يقدرون من دون العربية على المكالمات، فيتحقق حينئذ أنهم كالعجماوات، فقابل بوجه طليق أو خاصم بلسان ذليق، إنك من المغلوبين. فأوصيك أن تفكر في هذا الدعوى، وتذكّر قومًا نوكى إن كنتَ من العاقلين، واشكر الله على ما جاءك من البراهين.

ولا تنس أن لفظ العجم قد اشتق من العجماء وهو البهيمة في هذه اللغة الغرّاء، فتدبر وجه التسمية، لينكشف عليك لب الحقيقة، ولتكون من الموقنين. وكم من آية تدل عليها لو كنتم طالبين. ومنها أن الله سمّى الإنسان سميعا في الفرقان، فيُفهم منه أنه أسمعه في أول الزمان، وما تركه كالمخذولين.

ومنها أنه أوضح في البقرة هذا الإيماء، وقال: {عَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ}، فهذا التعليم يدل على أشياء: منها أنه كان معلم الكلمات بتوسط المسمّيات، ونعني بالمسمّيات كل ما يمكن بيانه بالإشارات، فعلاً كان أو من أسماء المخلوقات، ومنها أنه كان مُعلّم حقائق الأشياء، وخواصّها المكتومة المخزونة في حيّز الاختفاء، بلغة عربي مبين. وإن قلتَ أن النحويين خصصوا لفظ الاسم بالأسماء المخصوصة التي لها معان ولا تقترن بأحد من الأزمنة الثلاثة، فجوابه أن ذلك اصطلاح لهذه الفرقة، ولا اعتبار به عند نظر الحقيقة، فانظر كالمبصرين.

وإنْ قيل إن المشهور بين العامّة من أهل الملّة، أن الله علّم آدم جميع اللغات المختلفة، فكان ينطق بكل لغة من العربية والفارسية وغيرها من الألسنة، فجوابه أن هذا خطأ نشأ من الغفلة، لا يلتفت إليه أحد من أهل الخبرة، بما خالف أمرًا ثبت بالبداهة، وما هو إلاّ زعم الغافلين. بل العربية هي اللسان من مستأنف الأيام ومستطرفها، وليس غيرها إلاّ كمرجان من دُرر صَدَفها، وأنت تعلم أن القرآن والتوراة قد أثبتا ما قلنا وأكملا الإثبات، ألا تعلم ما جاء في الإصحاح الحادي والعشرين من "التكوين"؟ فإنه شهد أن اللسان كانت واحدة في الأرضين، ثم اختلفوا ببابل مُعْرِقين. وأمّا القرآن فقد سبق فيه البيان، ففكر كالمحققين.

ثم ههنا طريق آخر لطلاب الحق والمعرفة، وهو أنّا إذا نظرنا في سُنن الله ذي الجلال والحكمة، فوجدنا نظام خلقه على طريق الوحدة، وذلك أمر اختاره الله لهداية البريّة، ليكون على أحدية أحدٍ من الأدلّة، وليدل على أنه الخالق الواحد لا شريك له في السماء والأرضين. فالذي خلق الإنسان من نفس واحدة، كيف تُعزَى إليه كثرة غير مرتبة، ولغات متفرّقة غير منتظمة؟ ألا تعلم أنه راعَى الوحدة في كل كثرة، وأشار إليه في صحف مطهّرة وكتاب إمام العارفين؟ وأبان في صحفه الغرّاء أنه خلق كل شيء من الماء، فانظر إلى سُنّة حضرة الكبرياء، كيف ردّ الكثرة إلى وحدة الأشياء، وجعل الماء أمّ الأرض والسماء، ففكر كالعقلاء، فإنه عنوان الاهتداء، ولا تستعجل كالجاهلين. وإن هذه الآية دليل واضح على سُنّة خالق الرقيع والغبراء، وفيها تبصرة لأهل الأنظار والآراء، والله وترٌ يحب الوتر يا معشر الطلباء، هو الذي نوّر من نورٍ واحدٍ نجوم السماء، وخلق نفوسًا متشابهة على الغبراء، وجعل الإنسان عالَما جامع جميع حقائق الأشياء، فلو لم يكن نظام الخلق مبنيّا على الوحدة لما وَجَدْتَ في خلق الله وجود هذه المشابهة، ولكان خلق الله كالمتفرّقين. بل لو لم يكن النظام الوحداني لبطلت الحكم وضاع السر الروحاني، وسُدّ الصراط الربّاني، وعسر أمر السالكين. فما لك لا تفهم وحدة دالّة على الوحيد؟ وهي في الإسلام مدار التوحيد، وأصل كبير للتعظيم والتمجيد، وسراج منير لمعرفة الوحدانية الإلهية، والأحدية الربّانية، وإنها علوم اختصّت بالمسلمين ... كتاب (منن الرحمن).. انظر الموقع:

Islamahmadiyya.net      

منن الرحمان كتاب جزء منه بالأردية ترجم للعربية، وجزء آخر كتب بالعربية، وكتب بلسان عربي فصيح فذ، وكتب هذا الكتاب والكلام بيد رجل نشأ في الهند لم يتعلم الآداب العربية ولارحل للدول العربية، وما يكتبه هكذا يخرج منه دليلا على وجود الله الذي هو حي قيوم أعلن وجوده بأن وهب عبدا مخلصا علم اللغة العربية الأصلي، بشكل يفوق به كل علماء العصر العرب.

لو كنتم ستحقرون العربية فياشؤم ماجئتم به لقومكم.

ولو كنتم ستنسبون العربية للعبقرية العربية دون الوحي الرباني فستكررون مأساة حزب البعث العربي العقيم الذي لم يأت لقومه بغير العار والمصائب، وعذاب الله له مشهور ومتاح لفرجة الرائح والغادي.

لغتكم لو عظمتم قدرها ونسبتموها لله ساعدكم هذا على رسوخ الاحترام، فجعلتموها (بناء عليه) مفتاحا لترقية الشعور والفكر، وحينئذ يرى الله الحاضر جدكم ورجولة موقفكم فيساعدكم سبحانه تعالى، فيشرح صدوركم لروائع التعبير القرآني وعظمة سورة الفاتحة التي تصلح أن تنبني حضارة على أساس جودة فهمها وجودة تلاوتها وجودة التجاوب معها. 

 

 

 

 

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق