بسم الله الرحمن الرحيم
العادي وغير العادي
تتشابه المواقف في البيت
الصغير (المنزل) والبيت الكبير (الوطن) والوطن الروحي وهو ( الدين).. وأمانة الزواج كأمانة المواطنة مثل اتخاذ
الدين، مسئولية جسيمة.
عادة يختار الناس العاديون
الزوج حينما يكون بادي الصلاح، ويطلبون الطلاق بشكل عنيف حين يبدو منه العدوان
والسوء والظلم، وأحيانا تصاحب الطلاق تصرفات انتحارية، فيها كراهية للحياة أومبدأ
الزواج أو القدر الرباني.
الطلاق هنا تصحبه تصرفات
فيها معصية، وينصرف الاحتجاج إلى الله والحياة كلها.
وهناك وجه شبه بين اعتناق
الدين والزواج، فيختار الناس العاديون الدين
حين يكون داعيه بادي الصلاح، منطقيا ورحيما، ويفرون منه ملحدين حين يعطي مشايخه
صورة سيئة عن الدين وعن تصوره للوجود والعلاقة مع رب الوجود.
النساء الغير عاديات يُصلِحن
الزوج بعقل راجح وصبر عجيب، أو تهجر بالحسنى وتبحث عن زواج صالح، ولايكفرن بالحياة
ولا بالزواج، ولايكون طلاقهن مأساويا.
والناس الغير عاديين
لايتركون الدين ملحدين مهما أساء مشايخه القدوة والتصور، بل يدركون أن المشايخ بشر
عاجزون، ويلجأ هؤلاء الناس للاجتهاد بأنفسهم والبحث عن الله الحق، بالدراسة
والدعاء والتركيز في الأمر، وهذا التركيز يكون وعاء لتحسين الأخلاق.
لذلك يؤكد المسيح الموعود
أن من يسيء القدوة من المبايعين ويعطي صورة غير مشرفة للإسلام فلا يعتبر من
جماعته، وإن كان يعتبر مسلما له حقوق المواطنة المسلمة.
وكلامنا هو عن الناس العاديين وتحت العاديين قليلا.
ينتشر الإلحاد كانتشار
الطلاق المأساوي، أساسا بسبب احتكار المشايخ لصورة سيئة للدين، وحين يرمون كل صورة غيرها بالكفر، ويرى البعض
الصورة غير مشرفة، ويرون أنهم لو تدخلوا بالإصلاح فلن ينجو من تهمة الكفر، فيفرون
إلى الإلحاد، ويقولون في أنفسهم نحن كافرون على كل حال: كافرون لو حاولنا إصلاحا،
وكافرون لو تركنا لهم الدين كله، ويلجأون للكفر بذات الله تعالى ويعلنونه لو كان
هناك مناخ يضمن الحرية الفكرية.
الإلحاد حالة انتحارية، مثل زوجة تحاول أن تنتحر
احتجاجا على ظروفها الزوجية، لسوء تصرفات زوجها، وقد تبرر انتحارها بكلمات،
وتتفذلك بمجموعة من الجمل على أن لها محلا من الإعراب، وهي لامحل لها من الإعراب،
ولايقبل منها هذا التصرف.
يجب ألا تنتحر. يجب ألا
تنقل احتجاجها على زوجها إلى احتجاج على ربها.
وما لم تكن حالة مرضية
متأصلة فلابد أن نقول للزوج: لم أوصلتها إلى هذه الحالة؟ أو لم لم تبال بها وتتحسس
حالتها وتبدل من تصرفك وتلتمس استقرارها الروحي وتطمئن على رسوخها الزوجي؟ وكذلك نحاسب المشايخ لما فعلوا.
في مجتمع ملحد شاع فيه
التحلل، أتي بالدين الحق وبالإيمان بالله رجل عف محب لعتق العبيد راجح العقل صادق
الحديث، واصل للرحم مقر للضيف معين للمعدم مساند للمنهار، واهب للمسافر المنهك
وسيلة تحمله في سفره. ويضرب مثلا للدعوة الحكيمة، والدعوة للفكر الحر العميق
والتحضر المرهف الراقي، وحب الخير للبشر والقيام برسم صورة رائعة لمراد الله من
الخلق، ومن يوم مجيئه تنقص أطراف أرض الإلحاد وينتشر الإيمان، ويتقوى عود الحكمة
ورفض المتناقضات والتأمل في الكلام والكون، ويزدهر حب الله والاقتناع بما فعل الله
تعالى ويفعل. هنا يقبل المجتمع زواجه الروحي بسبب عظمة الزوج.
وينتشر الإلحاد وطلاق الدين بالعكس عندما
تمتليء الأرض بأدعياء الدين القساة القلب، الذين فيهم طبع الكراهية لغيرهم وحب
استعباد البشر، وجمود الفكر والتعايش مع النقائض، ولعن العقل أو تحقيره، وبذاءة
اللسان واستحلال الحرمات البشرية.
وكما يجيء الرجل المصلح
البشوش بالإيمان يأتي المسيء المتجهم بالتكفير، ويطرد الناس من الدين برميهم
بالكفر، أو جذبهم إلى رفض الدين بسبب مايقول هو عن الدين.
الثوائر النفسية ودورها
في عالم الروح الخفي فالثوائر النفسية تدعو
للتمرد وحل العقد، بل قد تدفع المؤمن لنقض بيعته لله. وقد تتذرع الثوائر النفسية
بفكر وحجج، ولكن الفكر يكون غطاء هشا للعاطفة.
وفي العالم المرئي تدفع الثوائر النفسية شخصا
إلى إعلان تمرده على شيوخ الدين، وقد تدفع
شعبا للتمرد على السلطة، وقد تدفع زوجة
للثورة ضد الزوجية أو ضد الحياة نفسها.
الإلحاد ثورة تحتاج إصلاحا
لاقمعا، والملحد الثائر هو رافض ضد مشايخ المؤسسة الدينية كالشعب الرافض الثائر ضد
المؤسسة السياسية، وكلاهما كالزوجة الثائرة الرافضة لمواقف زوجها.
للرافض مطالب قد يعبر عنها
بالثورة أو باللسان. وقد تكون مطالب تحكمية معبرة عن مزاج رافض ضد مزاج معاكس، وقد
تكون مطالب عادلة وقد تكون ظالمة. وعادة في الثوائر قد تصل الأمور لحد الانتحار أو
الوقوف على شفا الهاوية حيث يهدد كل منهما بهدم المعبد: عليّ وعلى أعدائي. وعلى
المشايخ فهم لغة جرس الإنذار والكف عن تكذيب الصدوق المصلح المتردم.
الحاكم والشعب كزوجين في
وطن هو المسكن، ووضع القوامة هو للزوج الحاكم، ووضع الطاعة للزوج الشعب. وكي يستمر
سير السفينة دون عواصف وثوائر هائجة فعلى الحاكم أن يريح الشعب، بالطبع لايريحه
بمعصية يشرعها لهم، فلاطاعة لمخلوق في معصية الخالق: ولاطاعة لشعب في معصية الله كما
لا طاعة لحاكم في معصية الله كذلك.
وعلى الشعب ألا يثور بشكل
يهدد بهدم السقف على رأس الجميع، وأن يطيع الحاكم ويساعده على تنفيذ خططه، مالم
تكن عدوانا وظلما، وألا يسمح للثوائر النفسية عند شبابه وشيبه أن تغلبه وتدمر
سلامه، وبطاعتهم ورسوخهم فلايكون للحاكم حجة أنكم لم تعطوني الفرصة. وللشعب أن
يتكلم بما في صدره وأن يطلب من الله حقه الذي يتصوره، وسيجيبه الله تعالى أو
يهديهم لما هو حق فعلا.
وعلى الزوج ألا يكون بليدا
تجاه ثوائر زوجه وقنوطها، وأن يحمي بيته من غزو الجنون له، وعلى الزوجين التفاهم
للتعرف على ظروفهما وعلى ما يتطلب صبرا وما يجب فورا، وعلى الزوجة أن تعطي الزوج
حقه وتذكره بحقها بالكلام لابالضغط، وتكبح ثوائرها من أجل الله وتطلب من الله
تعالى حقها هي، أو تطلب صلاح زوجها بخطة حكمة أو بطلب الإصلاح بينهما.
وعلى الزوج أن يتعرف بحاسة
دقيقة على وضع زوجته النفسي، لعلاج القلق قبل التفاقم، كما أن دور المخابرات في
الدولة أن تعمل على معرفة المخاطر على الوطن عامة، ولكن عليها واجب آخر مهمل عادة:
وهو التعرف على الراحة النفسية للناس تجاه الحاكم، وتجاهد المخابرات والمباحث في
تعريف الحاكم بحالة الشعب رضا وراحة، أو ثائرة خفية وسخطا وقلقا، واستشارة وعملا
بكل جهد لتخفيف العبء عن الناس. ليحدث العتاب والتفاهم، ولو كان الظرف صعبا ويتطلب
صبرا فعلى السلطة أن تتفاهم، ليرضى الشعب بالصعوبات وهو فاهم.
خطاب الأخ الملحد
وهنا يأتي الدور لأخاطب
الملحد كي لايحتج ضد الله تعالى نفسِه، وكي لا يتصرف تصرفا انتحاريا يهلك به
نفسَه، وقد قلت لك من قبل أن من حقك أن تلحد بالله، ولكن عليك تحمل مسئولية
التبرير والدفاع عن اختيارك. وتحمل مسئولية العقاب لو ثبت عليك.
لندخل الآن للعمق
إنني قرأت كتاب الله تعالى
باحثا عن خرافة جن وعفاريت تركب الناس فلم أجدها، وبحثت عن جبرية العبث والعشوائية
والتعسف الذي يقوله عن القرآن بعض الملحدين فلم أجد. وقرأت باحثا عن حب البطش
بالإنسان وتسلط الغضب على رحمة الله فلم أجد.
وجدت الله تعالى صانعا
متقنا دقيقا وحكيم التصرف رحيما وودودا، ووجدته قد خلق الإنسان حر الاختيار حقا،
مع عمل كل الاحتياطات المناسبة واحتواء تبعات هذا الأمر بكل رحمة. وجدت رحمته
تعالى تتبع اختيارنا، وتقص آثاره بلا إهمال، وعندما نسيء الاختيار تتقدم الرحمة
بالإصلاح والتأديب والتفهيم وإعادة التأهيل.
ووجدته لن يكلف نفسا فوق طاقتها ولن يحاسب معوقا على مالا يعيه ولن يحاسب
مكرها ولامضطرا مرغما حقا حسابا عسيرا.
ولم أجد صعودا ماديا للرسل
إلى السماء ولم أجد أي صدق لماتقولون عن الله تعالى من تهم. ولو كنت أيها الأخ
الملحد عاقلا فالله تعالى لن يكون الله تعالى إلا وهو رب كل صفة رائعة تنعش الروح
وتسعد القلب. ولن أدعوك للإله الذي يفعل ماتقولون من عشوائية، فالله بريء، والله مثلا
لاذنب له فيما يدعي عليه الناس من الإكراه في الدين وقتل الكافر والمرتد أو أي
حرمان من الحرية الفكرية.
إن جاءكم فاسق فتبينوا في
الظل والماء البارد، ولاتظلموا ربكم وتبحثوا عن أي تهمة وخلاص لتخلعوا. لن تذهبوا
بعيدا بل هي أيام ثم تجدون أنفسكم أمامه، ولن تتمكنوا من تجنب الأسئلة الكبرى بكل
عقل، وستعوضون التعليم وتنالون شهادات فهم وتتخرجون نحو الجنة، ولكن هذا الأدب
سيتم في وهج الحر وشرب الماء الساخن.
كيف يلحد الملحد ويعلن فك
عقده مع الله وهو لم يقم بعملية تبين وارتباط به من قبل؟!
الملحد لم يدخل مع الله
بعقد عبادة وخضوع، بل ولد في بيئة فيها دين أو أديان، وأبلغ والده عن ديانته عند
مولده، وعند بلوغ الرشد والنضج يحدد المرء
موقفه، فالتقى به بعض الملحدين وسكب في أذنيه وعينيه كلاما لايرقى أن يكون بحثا عن
الله ولا عن الحق ولاعن الحياة.
في الحالة السوية فالشعب
الذي يدخل في الخضوع للسلطة اختياريا بموجب عقد يحدد مجرى الأمور. ويترك الشعب
السلطة ويختار غيرها بعد فشل التجربة.. والزوجة تدخل بيت الزوجية بالغة مبلغ الرشد
والوعي مختارة، وبموجب عقد يحدد سيناريو الأحداث، وتترك البيت بعد تجربة. فهل الملحد
الذي يعلن فك العقد مع الله والكفر بوجوده تعالى قد مر بفترة اختيار وتجربة صادقة؟
لماذا تنتحر وتترك الله ؟ إذا
لم تكن معوقا فابحث أدلة الله على وجوده في القرآن بكل أناة ودون أي عجلة أو نفاد
صبر. انظر كيف ظل الله يفرش لك الأرض مدة تقرب من 15 مليار عام حتى جاء الضيف وهو
أنت، ورحبت بك الرحم وبيئة البيت والأرحام، ولو كان والداك قصرا فهناك وسائل علاج
نفسي والله معك حتى تتعافى. ولكن فكر بعمق كامل وقم بتجميع كل معلوماتك العلمية
والتربوية واسأل: ماالذي قصّر الله فيه معك؟
أسهل شيء أن تدرك أن
المشايخ لديهم تخريف، وأن تدرك أن الله يرى ويسمع ولابد، وأن تكتشف أنه لابد وقد رفض
تشويههم للصورة، ولابد لابد وقد تصرف وكشفهم وصحح الوضع، وأن تظن أن ذلك متاح
وميسر لو كان الله هو الله الحق الرحيم الودود، وفعلا فالله عند حسن الظن،
ولايفصلك عن أنواره تعالى سوى الضغط على ريموت التلفاز، وكتابة حروف على محرك
البحث على الحاسب ( نايل سات 11355 vertical ) islamahmadiyya.net..
ويلك آمن، اسمع للمتحدثين
في القناة وتفكر على مهل، واقرأ الكتب والخطب لترى الإسلام الحقيقي في مكتبة
الموقع المذكور، واعرف ربك العظيم الذي يفرح به العقل والقلب، ولاتنتحر وتطلب
الطلاق من دين الله بسبب كلام مشايخ وتكفير مكفراتية. ولكن يجوز الطلاق من مذاهب
المشايخ وهجر زعمهم عن الله ومن عندياتهم، وليس الطلاق من إيمانك بوجود الله
الأكمل الأجمل الأجل الأنبل).
كيف وصل الأمر بالإنسان
لتلك القمة العلمية الحالية بحيث يتبادل الناس أحسن الأفكار بلا حاجز؟ وكيف يمكنك
العثور على أفضل شيء ببحث وتجوال؟ هذه رحمة غامرة متاحة. كيف أمكن وصول مقالي هذا
إليك؟! صحيح أن أسوأ الأفكار أيضا متاحة، ولكنها هي طبيعة خطة الاختيار، ثم هناك
مرحلة التصافي وعلاج كل الآثار.
كونك عاقل تتكلم عن الفكر
والعقل يدل أن خلايا مخك سليمة فلا يكن هذا هو شكرك.
الله لايفرض نفسه عليك ولكن
يعرضها، والمجتمع السيء والمشايخ ليسوا هم الذين يمسكون بزمام دقات قلبك،
ولايفهمون في خلق عضلة نابضة بطبعها مدى الحياة، وما فهم العلماء طبيعة خلية القلب
إلا حديثا، وهو يدق ليلا ونهارا.
في المقال القادم سأكلمك عن
زعم زعيم الملحدين ريتشارد دوكينز حول صانع الساعات الأعمى، ويقصد نظام تطور
الكائنات الحية حتى وصل الأمر لوجود كائنات بهذه الدقة الرائعة التي تتفوق على
الساعات، وأبين لك سقطته التعيسة الكبرى: أن صانع الساعات الأعمى الذي يتناول
بيديه أشياء ويركبها بعشوائية الأعمى، لن يمكنه تركيب ساعة من آلاف الأجزاء مالم
تكن الخامات المكدسة حوله وفي في متناول يديه معروفة مسبقا أنها تصلح لتوليد ساعة.
لن يمكنه العمل المتراكم إلا إذا تم تدبير مسبق عبارة عن أجزاء من
معادن ومواد ذات أوزان ذرية معينة، وتروس ذات أسنان ذات عدد، معمول في حساب بعضها
إمكان توليد ساعة منها، ومسامير محسوبة الحلزون وأعمدة معمول في حسابها التوفيق مع
ثقوب بعض التروس، ونوابض زمبركية ومحركات وبطاريات محكمة الصنع، ومالم يكن
الوقت المتاح مضبوطا لتمام تركيب العالم الرائع المتكامل الذي تشاهده
اليوم.
إن هذا البروفيسور يحلو له الخوض في النشأة الجنينية بتخمينات،
وربمات ويمكنات ومن أدرانات، ولكن النشأة الجنينية تستعمل خامات وتجهيزات، ومركبات
وذرات، ومواد تم طبخها في أفران النجوم من قبل تجهيز الوجبات، فإذا كان الطباخ قد
نجح بعد مليون صدفة في مراكمة شيء جيد يؤكل، فمن الذي جلب له المواد إلى المطبخ؟
من تعهد النبات بالتمثيل الضوئي وصنع اللحوم في الحقول وعلب المعلبات وجاء بالملح
مستخلصا في أكياس وجهز الأواني مقاسات ومعادن، ومد خطوط الغاز ... إلخ الخ الخ؟؟
هنا مقبرة الحجج ولحد
البراهين للبروفيسور ريتشارد دوكينز سنضعه فيها إن شاء الله ثم نردم بإذن الله غير
مأسوف عليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق