الثلاثاء، 17 ديسمبر 2013

مقال خامس للرد على البروفيسور ريتشارد دوكينز. الذي هو ممن يقلد فيسقط ويداهمهم تقدم العلوم بما يفضحهم. وأعمدة عشرة للتفكير السديد.


بسم الله الرحمن الرحيم الأكرم رب الكلام الأقوم.
رب أعطني القوة على كلمات أقولها:
 كلمات في بيان إثباتك لوجودك بكلامك الذي قلته وتقوله.

الأعمدة العشرة للتفكير:

ملاحظة مسبقة: يفضل أن يكون لدى القارئ فكرة بسيطة عن الجدول الدوري للعناصر، وعن التكوين العام لنواة الخلية وفكرة مبسطة عن تاريخ الكون، تيسرا للقراءة، وكله ميسور بكتابة بعض العناوين على جوجل، وسيجد الباحث مواد ذات مستويات شتى، والمقال في متناول كل مستوى..
1.                         
لو كان البحر مدادا لكلمات الله لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات الله. الكون الذي خلقه الله كله كلام، ومعادلاته الرياضية للعمل كلها كلام، إنه الكون  الذي يستخف به دوكينز ويتعامل معه كنوع من اللعب:
·      يتكون جسمنا من أعضاء، وكل الأعضاء تتكون من خلايا ذات أنواع، والخلية البشرية فيها نواة تتحكم فيما يحدث بموجب شرائط فيها، مدون على الشرائط كتاب تعليمات مكون من 3 بلايين حرف كيماوي. والحرف الكيماوي هو مركب عضوي عماده ذرات الكربون والهيدروجين مع ذرات من عناصر مساندة.
·       كل خلية مكونة من مدينة حية مصغرة، فيها مركز الحكم عبارة عن نواة، حوله عمارات وأبنية ومصانع وجدران عائمة في سوائل، (ومنها عمارات كبيرة تحتوي عمارات أصغر، مثل ماكينة الريبوزوم)، وكل بناء وعمارة مكونة من جزيئات، وأهم الجزيئات البروتينات، ويحتوي الجسم البشري على حوالي 100,000 نوع من البروتينات.. وكل جزيء مكون من ذرات أو من جزيئات أصغر، كجزيء البروتين المكون من جزيئات صغيرة هي الأحماض الأمينية. (وهي أحماض تأتي من هضم الغذاء وتعوم في الخلية)، وماكينة الريبوزوم مثلا هي التي تقوم بصنع جزيئات البروتين لبنة لبنة، وفي سبيل ذلك تستقبل الماكينة مرسالا رسولا من النواة، والمرسال معه نسخة تعليمات لبناء نوع من البروتينات، نسخت بواسطة إنزيم منظم، مكتوبة بحروف شفرة مرتبة متوالية يفهمها الريبوزوم كما يفهم لحنا ورنينا، فيتناول الحروف ثلاثا ثلاثا، بادئا من علامة محددة، ولايخطيء حرفا واحدا، وكل ثلاثة أحرف تعني بروتينا معينا يأخذ مكانه فورا في الجزيء البروتيني. وقد يتكون الجزيء البروتيني من 300 جزيء من الأحماض الأمينية. 
·      ولكن الذرات تتركب بدورها من مكونات فرعية، أهمها هي النواة الذرية والإلكترونات، والنواة كذلك تتكون بدورها من بروتونات ونيوترونات، وكل من البروتون والنيوترون مكون من كواركات وعناصر أخرى.
كل تطور وتغير يحدث في كائن حي نبات أو حيوان 
يحدث أولا في جيناته وهو  جنين في بطن أمه أيا كانت، 
ولو كانتزهرة.

يقتضي التغير إضافة لجين أو تعديلا لجين أو أكثر، وهو 
أمر علمي صرف يحتاج هندسة تتعلق بعلوم الفيزياء 
والكيمياء  ووظائف الأعضاء وعلاقات ببقية الأعضاء ، 
وبرامج كمبيوترية للرسم في ثلاثة أبعاد، وبرامج 
تعليمات قراءة الرسم وتنفيذه على شاشة الوجود الفعلي. 
  
·      تطور الكائنات يتبع محركا وخطة ربانية لا تجرب ولاتخطيء، يغير الله البرنامج بكلمة كن، فيولد كائن جديد يختلف عن أمه، وكل شيء في موعده ومكانه وغرضه.  يعلم الله الشكل وأنواع النسيج المطلوب لكائن ومن ثم يتحدد نوع البروتين وهندسته، ومن ثم المرسال المناسب، ومن ثم الجين المكود وهندسته، وكل هذا يرتبط بميكانيكا الكم والكيمياء الفيزيائية، ومن ثم التوقيت المناسب والموضع وعدد الجزيئات المطلوب منه، ويوضع كل هذا بل والعداد في النواة مع الدنا.  
 لو كان محرك التطور كما يقول دوكينز كصانع ساعات أعمى مفترض، كلف بصنع الساعات، أي بتغيير كتابة البرامج الوراثية، وافترضنا أنه قعد وسط أكوام من المفكات والعدة والمسامير أشكالا وألوانا والأعمدة أشكالا والتروس أنواعا وقطع من الألواح المثقبة، وأنواع من الزنبركات،  وتصورنا أنه سيمد يده ويتناول الأجزاء من حوله حيثما اتفق، ويركمها معا، (ويلوّش) بالتراكيب ليتصادف كل مائة مرة أن عمودا منها وافق ثقبا مناسبا، ثم يتفق بعد مليون مرة أن ترسا ما وافق عمودا مناسبا،  ثم يتفق بعد عشرة ملايين خبطة عشواء أن مسمارا ربط جزءا، وبعد ديشيليون حركة عثرنا على ساعة: فإن الخيال سيذهب حتما إلى وجود مدبر دبر الخامات في غرفة في ساحة المصنع.
 في بداية صنع الخلايا والكائنات التي جعلنا الساعات الرائعة مثلا لها، فيجب أن نكدس الخامات الوراثية من الجينات وغيرها من مواد الوراثة، موزونة بعناية تامة بجوار صانع الساعات الأعمى، بحيث تقبل طبيعة الخامات أن يؤخذ منها مايصنع الساعات.
والخامات هنا هي هي حروف كيماوية رقمية من لغات عدة: لغة لقواعد الجينات: (دنا)، ولغة للمراسيل التي تنقل كلام الدنا: (رنا)، ولغة للأحماض الأمينية (عشرون حرفا)، وعلم للترجمة بين لغة المراسيل ولغة البروتينات.(كود الترجمة من أحرف مرسال الجين إلى أحماض أمينية).  
  وفي كتابة خلايا الحياة، يحتاج الأمر لخامات عديدة مكدسة مكونة من عدة لغات ولاتقتصر على لغة واحدة. ناهيك عن نبضة الحياة التي تجعل أجزاء الخامات الميتة تعمل كساعة بدأت تدق.
الخامات هي حروف من لغات أولها لغة الجينات (الدنا) ذات رموز عددها أربعة A,T,C&G. وثانيها حروف لغة المرسال بين الجينات ومصنع البروتينات عددها خمسة، منها ثلاثة أو 4 مشتركة مع الجينات وواحد مستقل بها  U . وثالثها مترجم من لغة المرسال للغة البروتينات، يأخذ كلمات المرسال ثلاثة حروف بعد ثلاثة، وعنده قاموس ترجمة محدد يقول أن الثلاثة الفلانية تعني الحمض الأميني الفلاني.
ورابعها حروف من لغة البروتينات ذات رموز عددها عشرون، وهي الأحماض الأمينية. وخامسها لغة الوظائف البروتينية، فمنها قواعد القيام بوظيفة في المصنع، ومنها قواعد الحراسة والتعرف على العدو والتصرف معه ومنها الاتصال، ومنها مايتعلم لغة الجينات لقصها أو نسخها أو إصلاحها.
ولكن كلمات الكون ليست بسيطة، فالساعة التي يصنعها الصانع مكونة من أجزاء، كل جزء منها مركب من أجزاء فرعية فهو يشبه ساعة بدوره. كل حرف من كل لغة مما ذكرنا يشبه ساعة مستقلة هو الآخر، فهل يحتاج توفير الحروف الوراثية لكل لغة مما سبق إلى صانع أجزاء ساعات أعمى بدوره ليجهزها؟ ما أكثر صناع الساعات العميان الذين سيحتاج إليهم دوكينز! وكيف سينسق الصناع العميان الأمر لتجتمع المواد عند صانع الساعات الأخير، الذي يأخذ هذه التجميعات ليراكمها فوق بعضها ملايين المرات لعل وعسى؟.
الكارثة تقع على رأس ريتشارد دوكينز عندما يتبين لنا أن   الحروف الوراثية هي نفسها في الحقيقة كلمات مركبة من حروف فرعية، بل المفاجأة أن الحروف الفرعية في الحقيقة  هي كلمات تتكون من حروف أساسية بدورها، هي كساعات دقيقة مصغرة.
 الحروف الأساسية هي عناصر من الجدول الدوري للعناصر، وهو أبجدية خاصة بالكون الدنيوي. مثل الهيدروجين والكربون والأكسجين والنيتروجين والحديد وما شابه. وهذه العناصر تم طبخها في باطن النجوم وأجواء انفجارات المستسعرات العظمى، فهل يحتاج تكوينها لصناع ساعات بدورهم؟ وهل هم من العميان؟  
ولكن الكارثة تحل على رأس ريتشارد حين يظهر لنا أن كل عنصر أو حرف يتكون من بنية داخلية مركبة، وهي حروفه الفرعية، من نواة ومدارات وإلكترونات.
والنواة نفسها مكونة من جسيمات وطاقة، وهذه الجسيمات (كالكواركات بأنواعها مثلا) هي حروف فرعية تختلف في النواة تركيبا من عنصر لآخر، والنظام كله يعتمد على عناصر ستة تحدد شكل الكون يوم بدأ تكوينه يوم الانفجار وتمدد سماء الكون العظيم.
لقد اتسع خرق الصانع الأعمى على الراقع، ويلزمنا سلسلة من الصناع العميان لأن كل مانتكلم عنه هو ساعات مكونة من ساعات مكونة من ساعات وهكذا.
نحن في الصناعات نفاجأ (ونحن نصنع البطاريات والعجلات للسيارات أو شفرات الحلاقة أو كابلات الأجهزة مثلا) أننا في حاجة للتنسيق والتوحيد القياسي بين الصناع، كي لايكونوا عميانا في الصناعة، لكي يمكن تركيب أي بطارية في أي ريموت، وأي عجلة على مسامير مقابلة في أي سيارة، وأي كابل لنقل المعلومات لأي جهاز مقابل.
   
إن صناعتنا مرتبطة بصناعة النجوم يوم صنعت، وترجمة الضوء في عيوننا لنفهم الصور كان معمولا حسابه يوم تحددت سرعة الضوء ب300،000 كيلو متر في الثانية، وتفكيري المنظم كان يرتبط بنوع وطريقة انتقال وسفر الضوء الناتج من الاندماج النووي في باطن الشمس.
كلمات الله كما هي كثيرة وعميقة فهي مرتبة ومترابطة ويأخذ بعضها برقاب بعض. لقد تفجر سر الله في الخلق وتبين أن عماد الخلق هو كتب مؤلفة، مبدؤها الحروف التي تكود الكلمات ومن ثم تتكون الفقرات والفصول. ومن ثم فلاحل إلا المؤلف الأحد الذي ينسق مايحدث في الانفجار العظيم مع هدف بعيد بعد 15 مليار عام، يلوح فيه مسافر على سطح سفينة يلتقط صورة لغروب الشمس قرب شواطيء جزيرة يقترب منها ليلقي مراسيه.
لقد تبين أن بناءنا هو مجموعة لبنات ضخمة من المعلومات والتعليمات، واللبنات مبنية من لبنات هي معلومات وتعليمات وهكذا.
في مبدأ تكوين العالم هناك مجموعة من القوانين الدقيقة في ظروف الضغط والحرارة والحركة، تحكم تراكيب الطاقات والجسيمات، تنصبّ القوانين على حوالي ست حروف أولية خلال دخان أغلبه هيدروجين ونظائره وهيليوم، هو الحساء الأولي للخلق، وتنفصل كتل الدخان لتندمج في سدم وسحابات هائلة، في أرحامها تولد مجموعات من المستسعرات ونويات المجرات، وفي كل رحم رهيب تندمج ذرات أخف لتكوين ذرات أثقل، وتتفجر الأرحام ليتناثر في الفضاء الكوني خامات من الغازات والفلزات واللافلزات، وتعاد الكرة وتكوين الأرحام واندماج الذرات وتتفجر بدورها لإغناء الفضاء الكوني بالعناصر، فتحدد جدولا من المواد تتدرج من الهيدروجين الخفيف حتى تبلغ اليورانيوم ثقلا، ومن أهمها الأكسجين، وهي مع الموجات تحسم نوع الكون الذي نسكنه، وفي الجدول يتربع النيتروجين الذي سيكون في جو الأرض مع الأكسجين خليطا محكما للتنفس، وسيتحدد من مركبات الهيدروجين مثلا شكل الماء ونوع الاحتراق، وستنجب قوانين التفاعل النووي بعملها في ظروفها عنصرا هو الكربون، له تعلقات بالهيدروجين والأكسجين والنيتروجين ليكون وعاء لسر الحياة، وجوهرا لأنسجة الأعضاء. وتلك الحروف الستة لو تغيرت لنتج كون جديد له ماء جديد مختلف، واحتراق مختلف وأنسجة الحياة فيه مختلفة تماما.
 إن  تدبير مواد وخامات الحياة بعد تدبير الأرض كوعاء لنمو الحياة هو من المستحيل إلا بافتراض وجود الله الأكمل..  لأن هذا التدبير له حول وقوة تتفوق على كل طاقة عند عمال مصانع الساعات العميان.  فحل وجود الله سهل وكاف وكفء وخير مما يشركون ومن حل دوكينز الإلحادي، ومن ثم وجب اللجوء إليه، شريطة أن يكون هو الله الذي له الأسماء الحسنى بحق.

2.                        لو حصرنا الكلام في لغة الجينوم فإن البحث العلمي توصل ليعرف أن في كتاب الجينوم الإنساني كرموزومات عددها 46، تحتوي على حوالي ثلاثة بلايين حرف وراثي، توجد في كل خلية منا، والحروف تشكل كلمات طويلة تعبر عن أوامر تصنيع وتحدد تضاريس ورسومات وأشكالا لعضو من الأعضاء أوللكائن ككل، في ثلاثة أبعاد. تنقسم إلى جينات تكود للبروتينات، هي الإكسونات، ومعها هستونات وامتدادات طويلة للإدارة الحكيمة. الامتدادات كانت مبهمة منذ التعرف على الجينات، لايدري أحد عملها، فحكم كبار العلماء في عجلة أن المفيد الشغال من الجينوم هو نسبة تقل عن 3%. وسموا الباقي بالسقط :  junk  وينتج عن كونه سقطا أنه لايتم نسخه لمراسيل للعمل به في الخلية.
صحيح أن البحث استمر في بعض بيئات العلم حول (هذا السقط)، ولكن تحت مظلة من سوء الظن المبدئي، وكان السقط الحقيقي هو هذا التفكير. إذ أن أدب العلم يحتم الوقوف احتراما لهذا العالم الجديد علينا، والبدء بحسن الظن به وليس الاستعلاء والغرور والتصدق عليه بالبحث، وعلى العالم ألا يهجم على مايجهل.  كان المفترض في العلماء الأجلاء أن يحترموا الكنز الذي أمامهم ويتقدموا على مهل في البحث دون حكم عاجل.
ومع أنني مهندس لابيولوجي فعندما قرأت عن ذلك في مجلة ساينتيفيك أميريكان عام 1993 قررت في قلبي أن لكل ذرة في الجينوم وظيفة وحكمة عالية، ولو أتيح لي ظرف مختلف لربما عملت أيامها في الهندسة الجينية لأثبت مبكرا صحة نظريتي.
تبين مؤخرا بدءا من عام 2004 ثم تأكد الأمر عام 2007، وتقرر عام  2012 أن الجينوم يتكون من جينات تكويد البروتينات تشكل 1.2 % من الجينوم، وعوامل تنظيم هي البقية، وتوصلوا حاليا لأهمية 9% من هذه العوامل فعلا، وهم بصدد معالجة ماحصلوا عليه من بيانات هائلة قد تكشف لهم أهمية 80% من العوامل..  إذ قد تبين لهم أن 80% من الجينوم يتم نسخه في المراسيل، وسيبحثون ماذا يتم في الخلايا بعد النسخ؟. وعرفوا أن التطور والتغير أكثر وأسرع في عوامل التنظيم، فقد تتشابه جينات بين الفأر والإنسان تعمل على تكويد بروتينات، ولكن الاختلاف تام بين عوامل التنظيم في الكائنين. لقد تبين جهلنا ويتبين يوما بعد يوم، وعلمنا أن كامل الجينوم يعمل وله حكمة ووظائف، وأن هذا العالم أعمق من كل تصور سابق.
ماذا نصنع في الغرور والميل لتجريح الغيب الذي هو سبب عجلة أكثر العلماء، الذين سارعوا وقلدوا فرانسيس كريك في قوله عن حروف المادة الوراثية المبهمة : أن هذا الدنا ليس أفضل إلا قليلا من الخردة.

مثلا قال ريتشارد دوكينز (عما بدا له) مثلهم في كتابه: صانع الساعات الأعمى مكتبة الأسرة 2002، ص165-166 ترجمة د مصطفى إبراهيم فهمي: ومن المدهش أنه يبدو أن 1 في المائة فحسب من المعلومات الوراثية في الخلايا البشرية مثلا هي مايستخدم فعلا: وهو بالتقريب مايساوي جزءا واحدا من "الموسوعة البريطانية" ولاأحد يعرف السبب في وجود الـ 99 في المائة الأخرى هناك. وفي كتاب سابق اقترحت أنها قد تكون كمية طفيلية تلقي عبئها على مجهودات الواحد في المائة، وهي نظرية قد اتخذها مؤخرا علماء بيولوجيا الجزيئات تحت اسم:     " د ن أ الأناني".
كلامه عادة يرتبط بكلمات:( ربما، ويبدو، وقد، ويمكن، واحتمال أن). وقد يضع بعض الكلمات السكرية مثل: ومن المدهش.  
ومن الواضح أنه في هذا القول ذو هوى يريد تأييد فكرة وجود عبث في الكون، فيسارع للنقل من غيره، كأي مجرد مقلد ببغاء. مع أنه يكثر من ادعاء استقلال الفكر والاجتهاد والتفرد، بينما هو ناسخ للأباطيل، وسيء الظن حتى بالكون الذي يبحثه، ويشرح مواطن الجمال فيه أحيانا، لكن الحقيقة أنه يتمتع بصفة الاستهتار والاستهانة بالروائع قبل شروق شمسها، ويهزأ بالمحترمين ويحزنه احترامهم، فكيف نأمنه على ديننا وربنا؟؟    
ويجب على ريتشارد أن يتواضع ويعتذر عن جرأته على الله آخذا العبرة هو وأمثاله.
وفي هذا الصدد لننظر في مقال رائع هو حوار مع العالم البيولوجي :  E  . بيرني  مدير مشروع : ENCODE نشرته مجلة ساينتيفيك أميريكان  Journey to the genetic interior    وترجمته مجلة (العلوم) الصادرة في الكويت عدد مارس/ إبريل 2013: 
في المقدمة شرح لقيام تجمع يضم عدة مختبرات عالمية بإطلاق مشروع موسوعة عناصر الـــــدنا: ENCODE))، وسماه أحد العلماء: أجزاء الجينوم البشري المتواضعة وغير الطموحة واللاجينية. وتعلن المقدمة أنه بحلول عام 2007 فإن باحثي التجمع أعربوا في تقريرهم الأولي عن وجود كنوز وسط الخردة. ولكنهم في سبتمبر 2012 وفي مجلة نيتشر( Nature) وغيرها بينوا وجود مخزون مدهش من من المفاتيح والإشارات والمعالم المطمورة في شريط الدنا البشري.
 ونقرأ الحوار ومنه سؤال موجه للعالم بيرني: هل يتعين علينا الآن أن نعزل جانبا عبارة: دنا خردة؟
فأجاب: نعم، أعتقد أنه بالفعل لابد من شطب هذه العبارة كليا من القاموس، وكانت هذه العبارة أقرب إلى عبارة ملقاة لوصف ظواهر مثيرة جدا تم اكتشافها في السبعينات من القرن الماضي، وأنا مقتنع الآن بأنها طريقة غير مجدية لوصف مايحدث في الجينوم.
وسأله فيما سأل: هذا يمثل غالبا طريقة مختلفة في التفكير حول الجينات والتطور.
فكان مما أجاب: لديّ إحساس قوي بأنني كنت جاهلا بجهلي، والآن أدرك مدى جهلي. إنه لمدعاة للإحباط قليلا أن تصل إلى إدراك مستوى جهلك، إلا أن هذه هي طبيعة التقدم. 

3.                        يتبين من السابق أن ريتشارد دوكينز حين يلج مناطق الخطة الشاملة للخلق، ويتحدث عن المبدأ والمصير، ويخمن ويطلق التخرصات ويقص الاحتمالات عن صانع الساعات الأعمى فهو يتكلم في مالا يعلم، ويتجرأ مقتديا بمن لايتقي، ولايقدر اللغة الكونية، ولاضبطها الرياضي المحكم، ولايسلك مسلكا علميا يضع كل البيانات وهو في علومه المجردة يسجل ويرصد في تخصصه، ولكنه في عالم النفس والعقل والروح جاهل يتخبط فيما لايعلم. والله رزقه بعض العلم البيولجي لأنه جد واجتهد وتخصص فيه لأنه مؤهل، ولكنه تعالى رزق العلم الخاص بالنفس والمبدأ والمصير والمهمة الملقاة علينا لمتخصص فيه، ومؤهل له ومنتقى لحمله بجدارة، وهو المسيح الموعود الذي توجد علومه بالإنجليزية، وهي تتفوق على علوم كل بريطانيا بأسرها.
4.                        ريتشارد دوكينز يسخر في كتبه الأخرى من أدلة وجود الله تعالى، ويستخدم في ذم الإسلام كلام ومناهج القساوسة الذين دمروا المسيحية كما شوهوا الإسلام، بطريقة تجعله مجرد مقلد لامجتهد جاد، وهو يهجم على الاستنتاجات بتخمين وظن لايغني من الحق شيئا.  ومع أن للملحدين الحرية أن يلحدوا، ولهم حق الحياة الكريمة، والله منحنا حق الإيمان به أوالكفر به، وجعل حق الدينونة على هذا له وحده، فليس لهم حق السخرية من قادة الرسالات ولا سب الله ولا سب المقدسين الرسل، وليس لهم حق الاتباع، ففي اتباعهم الهلاك..
وليس للملحدين حق أن نصدقهم في ترك وجود الله، فهم مستعدون للضرب عشواء والتناقض وإنكار الواضحات. ومستعدون للاستهانة بنص بالغ الروعة كالفاتحة،  وعندما تعطي إنسانا نصا بالغ الروعة فيركله بكلامه مظهرا كل الاستهانة، قائلا أنه لايرى فيه أي روعة، فهو يمارس حقه في التعبير، ولكنه يفقد حقه في الاتباع. فلو اتبعنا الملحدين وهم على هذا النهج أضاعونا ثم سخروا منا، كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر، ثم تبرأ منه بكل نذالة.. بدون الرسل لن ندري إلى أين المصير..  والإلحاد لو كثر أهله سيقود إلى مجهول، قد يكون خمودا للروح بسبب دكتاتورية (صدرت من كل الملحدين)، أو لاتباع الهوى والشهوة ومن ثم للانقراض، أو لهلاوس عنصرية مثل هتلر.
  الرسل كانوا نقاط تقدم للبشر، وعصيانهم أو الإلحاد بهم كان سبب كل خراب، الإلحاد يعود بنا إلى نقطة صفر مطلق. وعصور البشرية تترقى من الرسل الخصوصيين للرسول العام العظيم، ثم تترقى الآن من تحريف دين الله وتشويهه بالهوى والبغي، وإهانة رسل الله مثل بوذا وكريشنا إلى تصحيح الدين، تصحيح يعيده كمرآته الأولى كما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم،  و يعمل لإعادة الاعتبار للرسل المنسيين.

5.                        لابد من الاستماع لكلام الله تعالى عن نفسه بكل احترام وأدب وإنصاف. ووضعه عالميا تحت مجهر بحث علمي رصين منصف.
لايصح من عالم يتحدث عن الله والدين والإسلام مثل ريتشارد دوكينز أن يهمل بحثا مركزا متفرغا لكتاب كالقرآن، يعانيه مع فريق عمل متكامل، وكذا ليقبل منه العقل أن يختزل القرآن إلى صورة يروجها بعض المسلمين عن الإسراء والمعراج ويهمل عمدا التصور الذي يقدمه مسلمون آخرون، فهذا نوع من الانتقاء يشف عن الهوى الداخلي.  
مثلا عليه أن يجيب على استفهامه تعالى المطروح في نهايات الآيات من سورة النمل التي تبدأ بقوله سبحانه: قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، آلله خير أم ما يشركون؟!  هل الحل بوجود الله الحميد خير أم الحل الأنثروبي وصانع الساعات الأعمى؟!
وإذا كانت كتب الله تعالى قد أصابها قديما ما أصابها فإن النص القرآني موجود، ينتسب إلى الله ذاته، ويتميز بأنه نص محفوظ بلغته الحية الأصلية. وإذا أخذنا سورة الفاتحة واعتمدناها كبطاقة يقدم الله تعالى بها نفسه، وأعطينا الكلمات التي بها اعتبارا جليلا، وافترضنا أن النص مادام يقول أنه من الله فلابد أن معاني الكلمات لائقة بما يجب صدوره عن الإله،أي مقصودا بها أعمق أعماق المعاني، واحترمنا مثلا أن الحمد يشمل كل محاسن الذات وكل إحساناته، وأن لفظ (ألـــ) من كلمة الحمد تعني كما هو الحال في اللسان العربي: جميع الحمد وكل ماهو جميل وشامل، وتستنفد معاني الكمال المتصورة والمعقولة والمظنونة بالمنطق المستقيم، فإننا سنكون على أعتاب رؤية دلائل وجود الله تعالى. ولو اتبعنا نداءه للدعاء: اهدنا الصراط المستقيم ... فسوف تعمل فينا بذرة الهداية وتنبت براعم الإيمان.
هناك ترجمات للقرآن رائعة منصفة منها ترجمة الإمام: طاهر أحمد، يمكن من خلالها الاطلاع على شعاع صادق من نور القرآن. ومشكلة علماء العالم الآن أن هذا القرآن عندهم مترجم لأكثر اللغات، يتكلم فيه رب العرش الكريم عن نفسه، وهم يتركونه وينظرون لتصرفات وأقوال المسلمين الغير فاهمين، أو أقوال وأفعال المشايخ الحائرين، أو آراء الكهان من كل دين وهم من الموتورين.  
إن كان هناك علماء يلحدون بسبب غرورهم بالعلم وقدرتهم على رص كلمات التشكك والاحتمال، فإن هناك علماء كثيرين يؤمنون بوجود الله، ولهم إثبات عقلي مستقيم على وجود الله تعالى، يرون في العلم كشفا لعظمة وجود الله ويكتبون توكيدا لعظمة الخلاق،  منهم علماء بيولوجيا وفيزياء وفلك وفيزياء فلكية، ورغم ذلك فإن اقتصار الإثبات على العقل وحده خطأ بالنظر إلى حضور ذات الله مهيمنا فوق وجودنا. ولايليق إغفال علمه بنا وسماعه ورؤيته لحواراتنا عنه هو سبحانه. إن علاقتنا بالله يستحيل أن تكون مجرد إقرار بوجود، بل لابد من التفاعل معه تعالى لأننا ضيوفه في الكون، وهنا فلابد من إعادة برهنة وجوده من  خلال علاقتنا معه، من كلامه وتعليمه كيف نفهم كلامه، وزيادة من كلامه الذي سيعمل في حيواتنا الشخصية.  
البروفيسور ريتشارد دوكينز يضلل نفسه حين يعتمد على العقل وحده. والعقل يزيغ أمام الاحتمالات والخداع، وإن اعتماد فلاسفة اليونان على العقل وحده أنتج اعتقادات عقيمة في وجود الله، مثل اعتقاد أرسطو أن الله خلق الكون وتنزه عن الاهتمام بشئونه وكفّ أن يعتني به، وتركه يمضي(على نظام أوتوماتيك)، وهو تصور لايليق بالحميد الأكمل.
 ولكن الله الذي زود الناس بوسيلة المواصلات بينهم وبين غيرهم، وجعل التقدم العلمي كله خادما لمبدأ الاتصال، ويعلم تعالى حدود العقل وماسيؤدي إليه، هو الله ربنا الذي يليق به ويناسبه أن يقوم بالاتصال بالناس، ويكون اتصاله عن طريق أفراد صادقين كل الصدق.
فإذا كان هناك دعوى تتعلق بهذا الأمر، وهي دعوى محمد صلى الله عليه وسلم، فيجب التفرغ الكبير لفحصها، خاصة لو كانت نسخة الكتاب واحدة ولها تفسير معقول، وتفاسير القرآن بالإنجليزية التي كتبها علماء مسلمون أحمديون تملأ الأرفف في العالم. 

6.                         أنا أفكر: إذا أنا موجود، وأنا أتكلم إذا أنا موجود أكثر، والله يتكلم والكون كلامه، ونحن خلق كنهه حروف وكلمات، فنحن خلق ننكتب بيد الله تعالى، فالكلام أو الكتابة دليل وجود الله الأعظم، لأنه دليل القصد والعناية ووجود المعنى الذي يعنيه عان. لقد تبين بالعلم الحديث أننا كلام، ودوكينز غافل عن هذه القفزة العميقة، وجسمنا كلام وخلايانا كلام وحياتنا كلام كثير. كل شيء نأكله فهو كلام، ونظام التمثيل الضوئي يكتب الكلمات في عالم النبات، ومنها الطعام مثلا، والهضم في جسم الإنسان يفككك كلمات الطعام ليتم استعمال حروفها في بناء الجسم حسب قواعد بناء مختلفة، بكتابة كلمات الأنسجة البشرية والأنشطة. فالله يتكلمنا، ووهب لنا العقل لنعي الكلام، وارتبط العقل دائما بالكلام، وارتبط الاختيار بفهم الرموز، والناس كانوا صناعا مهرة بسبب قراءة الحروف وفهم الرموز.
 ومرافق حياتنا تتكون من حروف عملية، كالمقعد والسيارة والجدار والغطاء والسكين والثياب وأدوات المطبخ والحقيبة والوعاء والفراش والنافذة والأجهزة الكهربية، وكل له معنى مقصود.. وتتكون المصنوعات من كلمات وكتب لها مكونات مبدئية هي كالحروف تماما( مثل المصباح والمفتاح والموصلات والعوازل الكهربية والمغانط والماسورة وأشكالها واللحام والقضيب واللوح من المعادن وغير المعادن واللبنة والترس والبكرة والجنزير والمحرك والعجلة والسلك بمعادنه والعازل الحراري والمسمار والوعاء والغطاء وسداد الثقب والذراع والعمود وحامل المحور والنابض والجويط المقلوظ والغير مقلوظ وعمود الكرنك والمكبس والأسطوانة والخرطوم والسخان والمؤقت والصمام والمشعل والمروحة والضاغط وهكذا ).
7.                          ولما عرفنا أنه حيثما وجد الكلام ووجد استخدام الحرف والشفرة والرمز وجد المعنى أو القصد (والمعنى له عان يعنيه، والقصد له قاصد .. والكون كله كلام من حروف، وشفرات لها معنى وتحتاج العناية، ويحتاج المعنى من عناه) فقد حان أن نقدر العظمة الكامنة في بدء الوحي للأمي بأمر القراءة، ليعلم الأمة الجاهلة العلم والوعي، وتلك هي بصمة الله على الوعي، ليأخذها الإلحاد باحثا ويكتشف الله تائبا وليتعلم الإيمان.
بدأ القرآن تغيير عصر والجاهلية والشرك والإلحاد بكلمة : اقرأ، باسم ربك الذي خلق.. وكانت تالية لآية البسملة: بسم الله الرحمن الرحيم، وقصد بالبسملة أن تكون القراءات كلها لكلام الله منحصرة في أطر الرحمانية والرحيمية، أو بين محبة يحبها العبد لله الرحمن ومحبة يحبها الله الرحيم للعبد الحامد، القاريء باسم رب يربي وينمي ويزيد المخلوق كل يوم خيرا، ويستقبل بترحاب روائع تجليات الله.
(اقرأ) تعني: اقرأ كتابةً مقصوداً بها معنىً محدد، وقصد الله بأمره (اقرأ): أن معرفة وجوده والتعرف على صفاته سيكون من كلماته لامن رؤية ذاته. وتعني الكلمة: اقرأ باسم ربك، اقرأ واجعل إحساسك مرهفا بخطة التنمية المستدامة من الله لك، وبالنعم المعطاة، وتجنب البلادة إزاء الجميل المسدى للإنسان. وتعني الكلمة كل أبعاد القراءة وفهم الإشارة والرمز والحروف والعلوم والكلمات والمباني/ وتعني البحث والاستقراء والتوسم وتكوين حاسة الاستدلال، ووصول العبرة من التاريخ والأحداث والتجارب النفسية والعملية، والخطاب الجمالي ووعي المجاز الاستعاري والكنائي.
 دوكينز يعطي اهتماما هائلا لكلمات عالم كبير حائز على نوبل، خاصة لو كان مستواه اللغوي بالغ الرقي والتفوق، وقياسا عليه  فيجب على ريتشارد دوكينز أن يعطي كل الاهتمام بقية حياته لكلام يقدمه من يصف نفسه أنه الله الأكمل، ويقدمه المتكلم لدوكينز على أنه هو خالق ريتشارد من والده دوكينز بيده. لو كان دوكينز ضائعا عن والده عمره كله، وكان ولدا صالحا، ثم فوجيء بمن يتقدم نحوه قائلا أن أبوه، وأنه كان مأسورا طول هذه المدة والآن جاء، فإن دوكينز لاشك سيولي هذا الإنسان كل اهتمامه. 
8.                        تكرر منا البيان مرارا أن الله  الذي ندعو إليه هو الأكمل الذي لايمكن للدكتور ريتشارد دوكينز رفضه، وليس عليه تعالى شائبة نقد. وعيب على البروفيسور الاستهتار به تعالى بعدما أنعم عليه، والدكتور يلحد من كثرة النعم لامن قلة النعم عليه. وتلمح في كلام الدكتور دوكينز عن الكون أنه يعتبره كلعبة لاعب. سواء الصدفة أو الانتخاب وتقلب ظروف البيئة. ولكن الله لا يلعب: إنه هو الله الذي لم يخلق السماوات والأرض والآخرة والبرزخ عبثا ولا لعبا ولا انتقاما.
إن الله الذي نتكلم عنه هو الله الذي لم يفرض على بني آدم التلوث بالخطيئة حتى عام واحد ميلادية، وهو الله الذي لا يحاسب المعوق ولاالمكره ولا المجنون ولاالذي لايملك اختياره، بل يحاسب الإنسان حسب طاقته، وبقدر المسئولية الحقيقية (والقدرة الفعلية على أن يقاوم الشر)، وهو الله الذي منح العقل، وقرر تعليم اللغة لمساعدة بني آدم: بتفريقها بين الكلمات كالجد والهزل والصدق والكذب، والرحمة والقسوة والمنطق والخرافة. وهو الله الذي أرسل وأعذر وخيرهم اختيارا حقيقيا، وليس هو من يجعل الناس مسيرين مجبورين بالقدر على الضلال ثم يعاقبهم عليه،  وهو الله الذي أوجب تفسير كل نص من عنده في إطار مايليق بالخلاق العظيم من صفات النبل والكرم وسبق الرحمة وكمال الحكمة. وهو الله الذي جعل كل مصاعب ومعاناة بمقابل، وجعل رحمة خفية في كل عقاب ينزل على من يسيء المواطنة في هذا العالم، فقد صممه تعالى مقرونا بتعليم وتربية، وجعل جهنمه تطهيرا وتأهيلا لعيش ومواطنة رائعة.

  
9.                         
مقابل كلام الكون الباعث على الاحتمالات فقد ساعد الله العقل كي لايخطيء، فأنزل القرآن وحفظه في النهاية،  وكان ذلك على مشارف عصر الازدحام.  إنه الكتاب الحق الذي يتألق علما ومنطقا، ويخلو من كل خرافة، والرسل والمجددون والمختصون بالحديث  عن الله تعالى، وعيب تجاهلهم أو الاستهتار بهم.
إن الله أنزل كتابه عربيا فصيحا وحفظ اللسان العربي لأجله، أنزله محفوظا كامل الصفات كما خلق الكتاب الجيني أول مرة للإنسان كامل الصفات، حتى أنه لو تأثر كتاب الجينات عند بعض الأفراد بطول الزمن فقد سلم كتابه القرآن من كل تأثير للزمن. فهو يقف شامخا يتكلم بلسان كامل الفصاحة عمن أنزله ويفك كل المعضلات ويجيب كل الأسئلة عن الوجود والمصير والروح وعوالمها بما يجهله علماء الفيزياء وليس في طوق أي عالم بيولوجيا.
 ولايلام الله على ماسوء مايصنع المشايخ والقساوسة والكهان عامة لو أساءوا، فهم مختارون كالناس، ويتلوثون وليسوا حجة على الله، ولكن جعل الله حقائقه عند المختارين المتخصصين من المجددين والرسل، ممن اعتصموا بالله وحفظوا فروجهم الروحية،  وممن جعل معهم برهانا على حبه لهم وتأييده لكلامهم، وصحة التخرج من تحت يديه، وصحة تخصصهم الدقيق في العلوم الشاملة المختصة بالغيب. ومن يشوههم ويكفرهم من الكهان في كل دين فهم في مقت الله وغضبه ويعذبهم ويظهر رفضه لهم بشتى أنواع الخبال الذي يسلكونه، والنكال الذي يذوقونه.
إن علماء شئون الله نالوا العلم والشهادة بالأستاذية من الله لأنهم أطهر أخلاقا من علماء المواد والطب والبيولوجيا، وأصفى عقولا ونيات وعواطف من مشايخ الدين جميعا ومشايخ العلم الحديث، وهم يتكلمون في النفس وأصلها وأنواعها ومعادنها وأمراضها وطبها، وعوالمها حين تنمو وتستوي على سوقها فتنافس الشمس في ضوئها.  

10.                المشايخ والقسس المنفرون مقتحمون لميدان الدين وغير متخصصين، ومحرومون من الرشاد في علم الدين،  لأنهم غير مؤهلين وليس لهم حق الكلام عن الله تعالى.
الله اعرفوه عند أروع مناظر الكون، وعند الارتواء من عطش مميت بكأس مترع بماء بارد صاف، وعند سيرة محمد صلى الله عليه وسلم  كما يرويها تلميذه الحقيقي وهو المسيح الموعود، واعرفوه عند الآيات ومنها موهبة اللغة العربية لهذا المسيح المحمدي عليه السلام.
ولايجوز أخذ الله بأقوال مشايخ الدين المنفرين، لأن الكون وجد قبلهم، حيث مناظر الكون الطبيعية كانت تدل الوعي على الرسام العظيم، من يوم خلق آدم، من غير منازع ولاصانع تشويش ولا نشاز. 






  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق