السبت، 13 يوليو 2013

خريطة ذهنية لتأملات رمضانية في سورة البقرة لنفهم أهداف رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم



تأملات في سورة البقرة
          {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)
بسم الله الذي غمرت أفضال رحمانيته الأحياء بلا سؤال، وكان بالرحمانية محبوبا، وغمرت أفضال مكافآته من يحبهم من النبلاء. وكان بالمكافآت رحيما.
أو بسم المحبوب المحب. بسم الله المحمود المحمد والحامد الأحمد.
 أو بسم الله رب الجمال الذي تبحث عنه الفطرة ليكون محبوبها فهو الرحمان، وتبحث عنه ليقدر جمالها ويحبها فهو الرحيم..
 بسم الله الرحمن الذي يغمر مجانا بجمال إحساناته والذي يكافيء المحسنين مكافأة جميلة.
 بسم الله الجميل إحسانه، والعظيم تقديره للشخص النبيل سلوكه ورد فعله.
بسم الله الرحمن الذي أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم مرآة لرحمانيته، يفيض قلبه رحمة رحمانية، وجمالا إنسانيا عطوفا، وجعله رحيما أحمد، يحترم النبلاء الأصفياء ممن تبعه ويحس نحوهم بذوبان الرحمة.
 يقرأ القرآن على مكث، والمكث هو القراءة المتأنية والمتكررة مع تصورالحضور أمام الله تعالى، (مقارنة بالحضور أمام شخصية جليلة غاية الجلال في هذا العالم) 
الم (2)
أنا الله أعلم كيف تبنى البيوت الإنسانية، فأنا من بنيت الكون والآدمي بنياني.
إن فهم )الم( على أنها: )أنا الله أعلم( هو تفسير معقول مقبول. لأن كاتب الكتب العظمى لابد له من أول مؤهل ليكتب وهو العلم.
أنا مقابل ألف، معقول مقبول، والله هو الأول وهو ألف الوجود، واللام تناسب لفظ الجلالة، لأن الله هو الذي ( لـ)ـه  كل الملك وكل الحمد وكل النعم وله كل شيء.  وحرف الميم يناسب صفة العلم. ومعناه: أعلم. لماذا كلمة أعلم؟ إن مابعد الميم يتكلم عن كتاب، ولاريب فيه، وهو هدى، والكتاب يحتاج لعلم، واليقين الذي لاريب فيه يحتاج لعلم، والهدى يحتاج لعلم. ولانقبل الهداية والإرشاد ممن لايعلم.
ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (3)
هذا كتاب البناء، فالهدم لايحتاج كتبا ولا علما، كتاب يجمع صفات الكتب لطلاب العلم. القرآن هدى لصنف معين راق من البشر، اسمه المتقون، الذين فيهم خاصية الارتجاف عند سماع النذير، وهم نوع حساس زوائد حساساته تنذره فيتراجع. أو يسمع الرسول المنذر فيعطيه كامل كامل حقه في الاستماع إليه،  ليس بليدا، ويشم الرائحة النتنة فيفر بعيدا ولايقتحم. عمى على الوقحين الذين لايبالون تحذيرا، ولايستحون من عيب.
ما أسعد البشر لو فهموا ووعوا قراءة القرآن على أنه هدى للمتقين، المتقين هدم مابذل فيه الكثير ليـبنى، الذين يتقون سبل المغضوب عليهم وسبل الضالين. الذين في الفاتحة يدعون الله بكل حرقة قلب وعمق جرح أن يهديهم سككا غير سكك الزحمة البشرية حولهم، ممن لاشك في سلوكياتهم أنهم هم المغضوب عليهم وهم الضالون.
لو تم قراءة القرآن في حالة امتداد لحالة دعاء اهدنا الصراط المستقيم، فسوف تتحول الكلمات والجمل إلى هدى للمتقين. وترى الآيات قد صار لها قوة دليل يعرف الطرق، وبوصلة القلب تعتدل وتتخذ مسارها نحو قطب السماء المغناطيسي، نحو الله ورحمته والرغبة في السكنى على باب طاعته. 
لابد من فهم (أل) في قوله تعالى: الكتاب، بمعنى الكتاب الكامل الصفات والمؤهلات. ولا بد إذن من فهم القرآن على أرقى مدلول ممكن، فلا يوجد معنى راق تتحمله اللغة والفطرة أويصل له البشر بالمعانة ولم يتضمنه كلام الله. ومادام لفظ أل يتحمل معنى الكمال الشامل فلابد من صرف الفهم إليه. ومن هنا فإن مفهوم الكرامة الإنسانية في القرآن لابد أن يكون أرقى من كل ماقررته المواثيق الدولية ووجب الصيرورة إليه.
وعلينا فهم كلمة هدى على أنها مثل مضروب للقرآن. فالقرآن كنجم هاد في الظلام، وقد ضرب الله للقرآن أمثالا عدة، مثل كلمة النور، وكمثل لفظ الفرقان الفاصل بين الحق والباطل.
ولفظ التقوى مثل مضروب، والتقي يتحصن بالدرع ويتحصن بالسلاح والحديد، ويتحصن في القلعة الحصينة التي لايصلها العدو، ولابد أن نلاحظ الاتفاق بين الاتقاء والإحصان، وبالتالي يكون المعنى: هدى لمن يريد التحصن والحصانة، وذلك يحمل معنى التوحيد وطهارة الروح منه، ويحمل معنى المريمية التي تتقي كل مايلوث منافذ الروح. ويعني مراحل النفس اللوامة، ثم نجاحها وكمال حصانتها واتقاؤها، وهي المطمئنة. فاللفظ يحمل معنى اللوامة والمطمئنة معا.   
 الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (4)
 وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخرة هُمْ يُوقِنُونَ (5) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (6)
الشخص الذي يؤمن بما يرى فقط لا إيمان له. العوالم التي لانراها أضعاف أضعاف مانرى، والقدر والمستقبل غيب ووعود الله ونبوءاته غيب، وعالم الملائكة كله غيب، وهم أنصارنا في هذا الوجود ولاعمل لهم سوى نفعنا، وعالم الطهر النفسي والنجاسة النفسية وعالم حساب السيئات وتأثيراتها العميقة، والوضوء الروحي وتراكم الرين أوجلاء الرين عن القلب كل ذلك غيب، وقبول التوبة وأنوارها وعمق التصديق، وقيمة الإنسان ولي الله كله من عالم الغيب ولايرى. والذين يعملون حساب الغيب هم الذين يتقون أخطار الغيب.
والذي يؤمن بالغيب يقف أمام الله يصلي مؤمنا بكل أسمائه وأفعاله، ويتبع كلام الله: أن يكون معرضا عن لغو العالم منفقا وباذلا كل الخير للعالمين حوله، متحليا بصفات حميدة مقتديا بصفات الفاتحة، كما ضرب الله له فيها مثلا للكمال من صفاته سبحانه:( رب ينمي، رحمن يهب دون مقابل، رحيم يعطف على من بذل جهدا فيجازيه حسنا، فلاجزاء للإحسان إلا الإحسان، ويعدل ويقضي بأحسن الأحكام فيما ملك).
المصلي يعلم مايقول مطمئنا لكل مانزل من الله أنه كمال ورحمة، موقنا أن الله تعالى ما أنزل من قبل سوى الرحمة، وبالتالي فكل ماهو قسوة ووحشية فهو ليس من الله ولانؤمن به.
المتقون لهم مثل في التوراة ومثل في الإنجيل، ولكن لقد ضرب الله لهم مثلا في القرآن هو مريم ابنة عمران، فهو مثلهم في القرآن، وهو تقوى كتقوى التي أحصنت فرجها، ولابد أن يكون في أمة الإسلام من هو مثيل لمريم القانتة. ومثيل مريم لابد أن يكون من القانتين نفسا. وهم درجات في قنوتهم، فمنهم من بلغ قمة المريمة التي لايوجد بعدها قمة، وهو محمد صلى الله عليه وسلم ، سيد المتقين وإمام المهتدين بكتاب الله تعالى. ومنهم رجال على قمم أدنى منه، لكنها تحقق درجة المريمية، ولابد أن يتحقق وعد الله تعالى في سورة النور بواحد خلقه خلق التقوى، مثيل لمريم، يختاره الله تعالى ويحدث في حالته أطوارا، كما خلقنا تعالى أطوارا، فينفخ الله فيه من روحه، كما هو الوعد في التحريم، أن من كان كذلك وحقق صفة مريم، فله تكريم النفخ فيه، والنفخ هو كلمات.. ويتحول تكوينه إلى تكوين عيسوي.
أولئك هم بناة بيت آدم، وهم حفاظ بنيان الرب، الذي يلعن دائما كل ( من يهدم بنيانه، من القتلة الظلمة، والمفتين بالقتل الظالم، يتجرأون على الفتيا بلا توق وعن ربهم مبعدون).
لابد لأمة الإسلام من مفلح حقا، تقي اهتدى بالكتاب العظيم وأثمر فيه القرآن ثمرته.
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (7) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (8)
الله لايظلم الناس ويختم عليهم بالعمى والصمم خبط عشواء، بل الناس يكونون قد قضوا على كل عصب حساس في جهاز الحياء، وتمكن منهم الكبر، واعتبروا مزاج الدنيا شيئا مسلما لانقاش فيه ولارجعة عنه.
الكافر هو مرتكب جريمة الخيانة العظمى مع التوحيد، والختم مثل ومجاز يضربه الله هنا للكافرين، ومثلهم في سورة التحريم كمثل امرأة نوح وامرأة لوط.
هذا الكافر رجل قد أفسد أجهزته النفسية قبل أن يقابل نبي الله، أيا كان نبي الله. وهو من يخشى مجيء عيسى ابن مريم ويفزع لو سمع خبر المجيء، فخلال النشأة تراكمت اختياراته السيئة، وكل اختيار سيء يختاره كان يدمر جزءا من بنيته النفسية، حتى امتلأ خلقه بطبع الكذب والقساوة، وصار مملوءا بالطمع فيما ليس له، مصبوغا بصبغة الكبر والغطرسة، وشحنه رؤساؤه بها فلم يعد يعقل.
 يسيء المواطنة وهو مصدر خطر على من حوله، قد لوث عينيه بالقاذورات، وملأ أذنيه بكل ماهو فاسد، حتى غدا لايتلاءم ولاينسجم مع صوت الله حين يناديه، بكل مافي صوت الله من صفاء ونقاء ورقي ونبل وسمو.
والآيات ترفع من قيمة نعم الله علينا فينا وحولنا، وتعني أن النعم في ذاتها تقتضي الصدق والتواضع، وشريعة البيت الذي نتربى فيه يؤكد كل يوم على التفاهم والرحمة، حتى قبل مجيء النبي، وبالتالي فالإنسان عندما يظلم ويقسو يكون في أعماقه على علم بأنه يدمر نسيج الفطرة، ويهتك حرمة البيت ويقتلع جدران العبرة التي هي غرض الله من خلقنا أو الوجهة أو الكعبة.     
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخر  وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (9) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (10) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (11)
والمرض هنا مثل يضربه الله لكل من يسيء المواطنة ويستعمل الكذب والحيلة والمكر، من المنافقين والضعفاء، ليعلموا حقيقة وضعيتهم لو كانوا يسمعون.
 وليفكروا في سبب رفضهم للرجوع إلى كلام الله الأصلي، أو رفضهم للتفرغ لبحث صدق النبي، وليبحثوا تكوينهم العصبي، وسر مللهم من البحث والتقصي، ويسألوا النفس عن تفضيلها اتباع الإشاعة، واتباع الكبراء دون يقين كامل من ربهم الحي.  
 وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأرض قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (12) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ (13) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ (14)
وهذه بالضبط هي حالة العلماء بعد أن يمضي على الأمة أمد، والذين هم ملح البلد إذا فسد، فيصير الملح سما ويظن نفسه لازال ملحا. ويعمى عن القباحة ويختال بها يظنها ملاحة.
 وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (15) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (16)
إذا رأوا الحق قد بدأ ينتشر ويغلب لجأوا للحسد والحقد والغل وللتآمر، ويتناجون بالتمرد، ويشكلون جمعيات سرية للقضاء على الحق، تصورا منهم أن صاحب الحق محتل دخيل، كأنه صاحب بابل، وأنهم يعملون للخلاص من الاحتلال الذميم، ويبحثون عن حليف حميم، لينالوا الاستقلال الحميد .. هكذا يفهم بعضهم بعضا قضية رسول الله صلى الله عليه وسلم في مدينته المنورة.  
 أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (17) مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ (18) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (19)
لازال الله يتكلم بأمثال، وهذا مثل آخر للمتمردين على الأنبياء، ولمن قضوا دهورا في جاهلية الفوضى، ثم تمردوا لما جاءتهم خلافة الله،  وهم قتلة عثمان، وقتلة علي، رضوان الله عليهم.
كانوا يطلبون الخلافة والعدل على نهج الرسل، فلما جاءت الخلافة قتلوها. كانوا يطلبون نور الهداية، فلما صار كل الناس يشهدون الشهادتين بالإسلام ضاقت قلوبهم بتسليم نفسها لله، كما هو حق معنى الإسلام، وكما هو حقيقة النار التي طلبوها، وهو النور الذي يملأ غرفات القلب وهو أهم من أصوات ضجيج الشهادتين.   
ومثلهم مثل من صفق كل التصفيق لما كتب المسيح الموعود كتاب: البراهين الأحمدية، ثم نكسوا على رؤوسهم لما أعلن أنه مسيح الملة المحمدية.
أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (20) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (21)
كل مجدد لدين الله تثور حوله العواصف، لكن العاصفة تنجلي عن كل خير.. الصبر والثبات يحتاج لروح مثقفة من الداخل، وأفق نظر واسع في القلب، فمن لم يعمل لاكتساب هذا صارت كلمات الله له ابتلاء لايطاق، لأن الابتلاء حتم، والصبر الحقيقي تجربة عميقة.
الإسلام الحقيقي يجلب تهديد البعض، وتهديد الناس يكشف تردد المترددين. ومهما كان تهديد الناس فالله ضامن للنجاح والفلاح، ومن أيقن بوعد الله عاش محصنا مستقرا في تحصنه. والآيات هي مثل ثالث للمضطربين في شكوكهم وفي الريب الذي اختاروه، وهو الريب الذي نفاه الله عن القرآن، فاليقين هو أخ التقوى والإحصان، وهو والد الاطمئنان، ومن أيقن أن المعصية سم ولم يرتب في هذا استطاع السيطرة على نفسه ومنعها من المعصية، وقتل نوازعه لو أرادت التمرد. إن الريب هو بريد المعاصي والشقاء.
 يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (22) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرض فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (23)
الناس بيوت وأسر، والبيوت مثابة للناس ومأوى آمن، والآيات دعوة لنا أن نحب الله الذي بنى الأرض لنا بيتا كبيرا، وفرشه بكل أنواع الفرش الفخم. الله الذي هو المكافيء الوحيد لجوع الحب في فطرتنا، وهو القادر بذاته العليا أن يروي الظمأ القاتل فينا إلى التحام عميق بنبل فائق، وهو الجواب الوحيد لسؤال العشق في نسيج روحنا، وهو ضالتنا التي تبحث عنها روحنا وكانت قد تاهت منا يوما. والله يقدم الكون كله حولنا كعلبة هدية ومجرد علامة حب، وعربونا على حسن النوايا وفائض الرحمة، كي نقتنع أن رب الصفات الأجمل، ولا نجعل له في الحب ندا منافسا.
لنتل كلمة: أندادا على مكث ولانستعجل.
لابد أن نفهم الند على أنه المنافس، لنفهم النص.
الند يثبت ذاته المستقلة أمام نده ولايخضع له ولايرضخ لإرادته.
أي يكون كل مانحبه خاضعا لحبه تعالى وتحت سماحه ومن بعد رضاه وإذنه.
والنص يتكلم عن أن الله سبحانه وتعالى خلق الوجود كله لنا، فلابد من فهم هذا النص في ضوء كل ما وصلت إليه العلوم الحديثة، وعلى أن السماء لنا والأرض لنا.
وكلما ازدادت قراءات العلوم ومشاهداتها تعمقت معاني دعوة الحب في هذه الآيات.
حقا حقا إن من العار أن تجعل ندا لله وهو خلقك.
وفي طوايا كلمة: خلقك، توجد كل علوم التركيب الإنساني والأجهزة المساعدة له في الكون كله.
في خلقنا تكمن علوم الطب وعلوم الرسم، وعلوم الكيمياء والفيزياء والميكروبات والحياة والفلك والجيولوجيا، وعلوم النفس واللغة وعلوم الأدب والبيان، وعلوم السعادة واللذات. 
أحبوا الذي رسم صوركم الجميلة بيده. أحبوا الذي وضع فيكم أحاسيس اللذة والسعادة وجهزكم بجهاز الشعور بأرقى لحظات الغبطة والسرور.
 أحبوا الذي فرش من أجلكم الأرض ومد لكم فيها البساط، وصنع لكم النور في بطون الشموس ووصله لكم بسرعة الضوء، وصفى لكم النور في طبقات جو السماء، وصنع منه اللون الأزرق الفسيح.  وبهذا النور ترون الوجود حولكم بألوانه وفنونه.
 أحبوا الذي نشر أوراق النبات لتستقبل النور المصفى، ومن النور والورق صنع الله لكم اللون الأخضر المريح، وألوان الورد والزهر، واشتغلت جنود الله في مصانع الثمار، وهيأ لكم الطاقة وطيب المذاق، وأرزاق التجار، ومددا للصناعة والطبخ، وطعاما للأنعام وأنواع الإكرام.   
وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (24) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (25)
ما أروع شرح ابن مريم المحمدي عليه السلام للفاتحة في كتبه. لقد نسخ الله له نسخة مما كان للفاتحة من معان في قلوب رجال الله الأولين، محمد وصحبه صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم. بعد أن نقرأ تفسير الفاتحة في كتاب كرامات الصادقين وكتاب إعجاز المسيح نفهم بعمق عميق أنه حقا لايمكن لمخلوق أن يأتي بمثل سورة من القرآن ، وعلى رأس ذلك الفاتحة، وكيف وكل كلمة منها شملت كل المعاني فلم تترك منها شيئا؟ فالحمد قد أخذ كل المحامد لله فلم تدع كلمة (أل) من الحمد شيئا لغير الله، ثم الله يهب منه مايشاء لمن يشاء على قدره ومستواه.
وصفات الله  الأربع بعد الحمد الجامع الأجمع، لايستطيع أن يقولها إلا الله عن نفسه لأنه يعرف نفسه، ويعرف أمهات صفاته، ومحاور جماله وجلاله وكماله، فيستحيل أن يوجد نص يفسر كلمة الحمد أعظم من هذه الكلمات ولا أتم: رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين.
وعبارة :الرحمن الرحيم، عبارة قد استغرقت كل معاني الحب والود والرحمة وأزاحتها بلانهاية لأعماقها وأبعادها إلى الله تعالى، فلم تترك من الرحمة شيئا لغيره، فهو يوزعها على الخلق، ويغرسها في الفطر، ويزرع أشواق الحب في القلوب، حتى ترفع الدابة ظلفها حذر أن تدوس ولدها. فمن أين لمخترع أن يخترع كلاما مثله وقد أخذ الله كل المعاني السامية، فلم يدع للبشر بعدها إلا مايسمح به من خزانته سبحانه؟
ومالك يوم الدين لم تدع للدين معنى إلا اشتملت عليه، ولاللملك بعدا إلا واحتجزته لله، فلم يعد من الملك ذرة لغير الله. والله هو الذي يهب منه مايشاء: لامانع لما أعطى، ولامعطي لما منع.
لقد استغرقت كلمات الفاتحة عن المحامد بيان فيوض الرحمة التي يحملها الملائكة للخلق، وهم بها رسل الله للوجود، وصدق التفسير العيسوي أنها بمثابة قوائم العرش الذي يحمله الملائكة، وهو المثل البالغ الروعة المضروب لرؤوساء الملائكة وهم ينقلون من الله رسائل رحمته مترجمة بلغة الفلك والفيزياء والكيمياء، وأسرار تكوين النفس وآيات الله في الأحياء.  
وآية: إياك نعبد وإياك نستعين، لم تدع من هيام الحب الإنساني الممكن شيئا إلا وجعلته حقا لله حصرا، وقصرته عليه، ويتم صرف الحب لغير الله من خزانة حب الله وبإذنها.
 دعاء بكلمة نعبد: نهتف به لله ويجب ألا نكون سكارى ونحن نهتف به.  وهذا المعنى من العبادة يضفي على الاستعانة نفس الحصر والاقتصار، ويجعل اللجوء إلى الله وحده لاإله إلا هو، ويظهر معنى غاية التذلل وغاية الاستعداد للعمل وغاية الاشتهاء للعلم والهداية.
أما دعاء اهدنا الصراط المستقيم فلايصدر إلا من إله ملك عليم مقتدر، قادر على تكاليف الإجابة وثمنها، وهو سميع مجيب قريـب.
 إن من يوحي لخلقه بدعاء كهذا فهو ضامن للجواب، وجواب دعاء كهذا يقتضي تجهيز الأسباب، وتسخير كل الكون وقواه بشكل كامل الانضباط، للوفاء بالطلب على الوجه الأكمل، فهو ملتزم لجميع المتضرعين، وهذا لايتم إلا بيد من يملك كل قوانين الكون المعروفة، بل ويقدر على تجاوزها جميعا إلى قوانين سرية غير معروفة، مخصصة لجواب الداعين إذا لم تسعف الأسباب العادية الجواب.
لذلك يعجز كل البشر عن اختراع سورة كالفاتحة، فيها وعود خطيرة، ومعها عدة كاملة لتلبية الوعود مهما كانت تكاليفها كبيرة.
 وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26)
يبشر الله بمساكن في ظله، رائحتها ونسيمها وأمنها وسلامها وهناؤها بالغ، وبيوتها مسرورة مبهورة. تلك بشرى الله تعالى وهي تشمل الدنيا والآخرة، والمؤمنون حقا من عمال الصالحات إذا نضجت أيام استقامتهم يحيون فورا في جنة معية الله، وهي جنة تجري من تحتها الأنهار، لكن نعيم ذكر الله وحبه مشوب بثقل المادة الجسمية الدنيوية، وفي جنة الآخرة يجدون نعيم الذكر وروعة المعية ومسكها بشكل متألق خالص، فيقولون: لقد شممنا هذه الرائحة من قبل.
هذا مثل على نعيم الجنة، وبجمع هذا النص مع نص وصف الجنة في سورة محمد فيمكن أن تفهم هكذا: مثل الجنة التي وعد المتقون فيها حدائق وأنهار وثمار وزوجات طاهرة، ونعيم مأنوس يشبه مانحس به من أروع أحاسيس الدنيا.
لو قرأنا الآية على مكث فسنفهم من كلمة: متشابها، أن في الجنة مايشبه الفرح واستلاء مشاعر الحب والهناء، وتألق الغبطة والسرور الذي نحسه في هذا العالم.  فالقاموس اللغوي يظل باقيا، ويكون في الجنة مايسمى الزوج، ويبقى مايسمى الطهر، ويوجد مايسمى النهر، وما يطلق عليه الثمر. ويوجد اسم العنب والرمان والنخل. اللغة تبقى كما هي.
  كيف نفهم آيات تعبر عن سعادة الجنة؟ إنها تفوق الفهم، ولكن الله يعبر عنها بما هو مفهوم، والسعادة المفهومة لنا لها صور، ومنها: زوجان في قصر بحديقة مع ثمار كثيرة مضمونة، مع ضمان بعدم الخروج.
 ولو عملنا مقارنة بين هذه الآيات وبين قوله تعالى: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين، لانفتح لنا باب للخيال ليذهب العقل في تصور الجنة كل مذهب. 
 إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِينَ (27) الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأرض أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (28)
إن الكعبة والحرم والبيت والقبلة والذبيحة كلها مجازات عظمى ترمز لمعاني الرعاية والرحمة والتحرير والتسامح والسلام والإسلام والأمن والإيمان والطعام والإطعام والسعادة والإسعاد.
والمجاز أيها العقلاء الفضلاء من حيث المبدأ هو كنز المعاني في كل اللغات، والبيان يكون فقيرا بلامجاز. وهناك تيار من المشابخ يذهب بالأمة إلى أن القرآن ليس فيه مجاز، فبذلك يسلب الأمة كنز الجمال البياني، فلو ادعى أنه سيعلم أبناءنا العربية فهو سيعلمها العمى والفقر الروحي. اللهم احفظنا. من هو مهموم بالله يهتم بكلامه، والله يعلن متحديا أن سيتكلم بأمثال، فمن هو صديق لله فهو صديق لأمثاله ويدعو الله فهم مقاصده. واحترام الله ينسحب بأثره على احترام المثل.
كي نفهم كلام الله فلا بد من الإقرار أن الله يستخدم المجاز، ولابد من الاستعداد للتفقه في الأمثال المطروحة أمامنا. فالله في القرآن يتكلم بالكلام المباشر ويتكلم أيضا بالأمثال، ويعلم أن الأمثال سوف تثير بعض النفوس التي تحب الكسل، أو تريد فرصة لتفلت من القيود.
لابد من أخذ كلام الله بقوة وجدية مطلقة، والله من أولها يقول أنه سيضرب الأمثال من كل نوع، مَثَلاََ مَا. وضرب الأمثال هو طرحها أمام العلن، والأمثال في اللغة تعني علوم البيان العالي: التشبيهات والتمثيلات، والاستعارات والمجازات، والكنايات، والتي تلفت نظر العقل إلى عمق مافي الكون من معان، حتى في بعوضة وذرة وحبة دقيقة: مَثَلا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا كي يغرس جذور الفكرة: فَيَعْلَمُونَ الحقائق اليقينية، فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ، ويريد بالأمثال ترقية الخامات الطيبة من الناس لتعلو مداركهم نحو الملأ الأعلى، ويقودهم لنعيم القرب من أبوابه، وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا، ولكنه يقصد بها أيضا أن يطرد عن بابه المتعجرفين المستكبرين، الذين خانوا ميثاقهم مع الله يوم قالوا لله سمعنا وأطعنا.
إن كلمة: سمعنا، أي نفذ إلى داخلنا وأعماقنا قصدك يارب.
ومعرفة القصد تحتاج تواضعا مطلقا وحسن نية، ونفاذ القصد يعني أننا استنفدنا طاقة التفهم، والتلاوة على مكث، وأخذ الكتاب بقوة، حتى نفهم أمثالك يارب.
لكنهم فسقوا بعد الكتاب. والفاسقون هم الزائغون بعد هدى، والمنحرفون بعد استقامة، وهو حال كل من ترك ماكان عليه محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه، ثم راحوا يكفرون المسلمين، وبالتكفير يستحلون المحرمات من الدم والمال والعرض، ويصنعون للتكفير ضوابط كأن التكفير صنعة ميكانيكي أو حرفة فني. وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِينَ (27) الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ ويفسدون في الأرض.
كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (29) هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأرض جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (30)
قد تكون للآية معان عدة، والله يهدي من يشاء، والقرآن بحر مواج، والمعاني اللائقة بالقرآن والمتوافقة مع روحه صحيحة، مادامت الكلمات تمت للمعاني بصلة.
كيف نفهم الآيتين؟؟ نتصور أنها آيات محكمة وعميقة وصادقة، فيكشف الله لنا وجها من المعنى نذكره هنا على بصيرة لو أطلنا الإمعان فيهما وتفرغنا لهما.
الآية الأولى تتحدث عن مرحلتين للأمة، كل منهما تتكون من موت ثم حياة. أو ذلة ثم بدر، أو فساد ثم صلاح.
تقول الآية مامعناه:  كيف بعد أن أقمنا خلافة العدل والحق تخفون الحقيقة الواضحة، أنكم كنتم أمة مقبورة خارج التاريخ مهملة مرذولة، فأحياكم بمحمد والقرآن وصرتم أمة ذات اسم وشأن وقيمة، وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ، ولكم نجوم تلمع وتهدي، وبالقرآن أدخلكم لعالم الورق والقلم الذي هو عالم الأحياء.
 وفي قوله تعالى وتقدس: ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ، نتحسس نبوءة خطيرة عن عودة الأمة لهجر كلام الله تعالى ثُمَّ يُمِيتُكُمْ..  ثم يعطي سبحانه فرصة للعودة إليه على نفس النهج الأول: ثُمَّ يُحْيِيكُمْ.
  وتفسير: ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ: نبوءة عن أنكم تعودون إلى الموت عندما عدتم للطبيعة القبلية الجاهلية؟؟ وصارت أنشطتكم أنشطة تكفير وقساوة، وحرفية مميتة ميتة فمتم؟ لكن الله سيرسل طبيبا سليما من الأمراض ليعالجكم، ويعلمكم التأويل فتحيون بدعوته.
سيرسل الله تعالى من يناديكم لما يحييكم، ويخرج منكم أمة رحيمة، ويعلمكم أن التكفير كفر؟ وكيف لكم شق الصدور لتبحثوا عن الكفر؟؟ إن لم تجد كلمة التكفير كفرا في قلب المشتوم بها رجعت لمن قالها فمزقت هويته السماوية وغدا في نظر الملائكة قاتلا ومستريبا في الله. 
  الآية الثانية هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأرض جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ تبين أن كلمة (ثم) لاتدل على الترتيب دائما، بل تدل على تجميع المعلومات.
وكلمة لكم تبين أن كل الأراضي والسماوات فهي للناس، ومن أجلهم خلق الله الأفلاك، وبديهي أن ذلك ينطبق انطباقا كاملا على خير الخلق، وبقية الخلق مخلوقون تبعا لخلقه، فما لايتم الواجب إلا به فهو واجب.
وكلمة : مافي الأرض  شاملة لتفاصيل مافيها، ولما كان في الأرض وحوش وحشرات وأسماك كثيرة، فإن في خلقها للإنسان فائدة من يوم قدومه، وإضافة لتوازن النظام الحيوي فقد استعملت أسماء الحيوان المعروف كنماذج للأخلاق، وتعبيرا عن طبائع النفوس، تسهيلا من الله لأصعب العلوم وهو علم النفس العميق، وما من لغة إنسانية إلا واعتبرت الاستعارة في لسانها عنوانا على جمال التعبير والتصوير.
وعلينا ملاحظة مافي اللسان العربي من المقارنة البلاغية بين طبائع الحيوانات بأنواعها وطبائع الناس، ما بين أسد وذئب وثعلب وهر، وكلب وحمار وثعبان وخنزير، وقرد ودجاج وحوت وضفدع، ونمر وفيل وثور ضبع. وصقر ونسر وغراب وبومة، وبلبل وكروان وحمامة. وفأر وأرنب وحرباء، وغزال وبقر وحيات رقطاء.
وفي القرآن تعبيرات شتى للحيوان يضربه الله مثلا للإنسان. وعلى رأسها الإنسان الذي يشبه النحلة التي تجمع الخير وتسلك سبل الله، المنزلة الميسرة المسهلة (سبل ربك ذللا)  وتتمثلها، ويخرج منها للناس الخير، دون أن تقتضيهم ثمنا.
وفي القرآن نقرأ أمثلة القردة والخنازير، والكلب والحمار،  والحمر المستنفرة والقسورة، والغراب والأنعام، والنحل والنمال. 
ومن زاوية بلاغية فكل الطبائع المنحرفة تعتبر أرضا بالنسبة لأخلاق سامية تعتبر بالنسبة لها سماء. والله يخلق عونا من أناس فيهم صلاح وسخاء، فيوفق من به خير منهم ويبارك فكرته قبل بعث الأنبياء، ومن هنا خلق الله آدم من بعد تجهيز عدة الحفل واكتمال الحضور من السعداء والأشقياء.  وهو معنى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأرض جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (30)
إن آدم الحق وأول آدم في تصميم الوجود هو محمد صلى الله عليه وسلم. فهيا بنا لنرى كيف تدخل الآيات إلى قصة أول قلب بناه الله لحبه وذكره وعبادته، وهو قلب آدم، وقصة أول بيت أسسه الله وبناه، وهو بيت آدم. ومنه تتفرع البيوت والقلوب.
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرض خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ (31) وَعَلَّمَ آَدَمَ الاسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (32) قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (33) قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأرض وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (34)
هذه آيات لكي نفهمها فلا بد من أن نعطي اهتماما لمعنى وجودنا ولكل جنسنا كآدميين.
هذا مثل عظيم مضروب في القرآن، وكيفية الفهم الصحيح للآيات ألا نقصرها على آدم واحد، هو أول الرسل من البشر، بل آدم هنا مثل مضروب للمبعوث الذي يبدأ الله به عصرا للخلافة الراشدة، فيختاره الله تعالى من أفضل خامة موجودة، ثم يعلمه الله تعالى ويفهمه، ثم يدخله في فرن ابتلاء فيصفو ويرق ويرقى ويقترب. ويكسى حلل المقربين، ويوهب أوسمة النبلاء المميزين في عالم السماوات. ويعطيه آيات اختياره وأدلة صدقه وصحة إرساله. ثم يجهز بأسلحة النجاح الحاسمة، وبكتائب النصر اللازمة، ويوحي الله لجند الكون لإجابة دعواته، والانجذاب لنجاح خطته، حتى يبلغ رسالته ويغلب الله أعداءه، سواء في حياته أو بعد مماته.
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرض خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ (31)
لاشك أن الله تعالى خلق أوادم عدة، وخلف آدم الآدم السابق مع تطور معين لانعلم تفاصيله،  والعلم الحديث والحفريات تشير لوجود بشر قبلنا لايستقيم مع وجودهم وحي أوحي إليهم، يتفاهمون بالإشارة وربما بالرسم، ولايتكلمون بكلمات القاموس، وتدل بالقطع على وجود البشر المتكلمين باللغة بعدهم. والبحث الدال على تطور الخلق الآدمي بحث معقول لايتعارض مع القرآن.
وعندما يقول الله تعالى أن مثل عيسى عند الله كمثل آدم، فليس من الباطل استنتاج أن آدم مولود من رحم امرأة، وبالتالي فعندما يلهم الله عبدا صالحا أن آدم ولد من رحم، وأنه ولد توأما وأن حواء هي توأمه، وأنها عاشت وكانت هي زوجه، فإن ذلك معقول. فإذا استنتجنا أن أمه كانت من نسل أحد الأوادم فهو فهم معقول، وإذا قلنا أن آدم التوأم هذا علمه الله تعالى واختاره الله نبيا، وصار مذكورا القرآن،  وتمرد إبليس على قيادته واصطفائه فهو قول معقول، ولو قلنا أنه أنجب أولادا وصاروا شعبا ذا خصائص مميزة، تؤهلهم لتلقي الوحي، وسكنوا مناطق معينة، لاتتعارض مع سكنى أبناء آدم الذي قبله لمناطق مختلفة من الأرض فهو كذلك معقول.
 وَعَلَّمَ آَدَمَ الاسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (32)
 قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (33) قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأرض وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (34)
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (35) وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (36)
علم الله آدم لسان البيت، وبناء البيت وشريعته، كبيت مميز بني لذكر الله وإقامة حدوده، يختار الله ولو على حساب راحته وتركه الطعام والديار، يبني البيوت للصلاة ولذكر الله ويسميها بيوت الله. يتلى فيها ذكر رحمة الله وحمده، والتواصي بتراحم البيوت الإنسية. بيت يتعدد بناؤه على شكل القرية، لكن المبدأ في القرية هو نفسه المبدأ في البيت: حسن المواطنة وتبادل التعاون والمرحمة، وحفظ الحدود والحقوق.
بيوت أو دور هي جنات الله المؤقتة، مقدمة لسكنى البيوت الحقيقية والديار المثالية ( إنا أخلصناهم بخالصة: ذكرى الدار) لاكبيوت الحيوان المبرمجة على الطعام والنوم والتكاثر.
هناك أكثر من نبي آدم مرسل،  قد تكرر معه هذا المثل، والملائكة هنا هم المرشحون لاتباعه أولا، مثل أمة آدم الأولى، وأمرهم الله تعالى بسكنى البيت أو القرية أو بناء البيت من جديد أو القرية، وجعل الله لهم جنة من الرغد والحماية والهداية لو أطاع القوم النبي. وتكرر نفس المثل في بني إسرائيل حين أرسل موسى، وحين أرسل عيسى عليهم السلام.
وهو ماحدث حين أرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم.
والزوج هنا لايلزم أن يفهم على معنى المرأة المتزوجة فقط، بل الله يبين أن اتفاق النفوس في فكرها يعتبر تزويجا ( وإذا النفوس زوجت) وبالتالي تعتبر نفوس أتباع النبي (الممثل لآدم) بمثابة زوج  لنفسه. 
لما خلق الله الإنسان بدأ بتعليمه وتدريبه. علمه أسماءه الحسنى وآثار حسنها في العالمين.
 بدأ فنظم له مخه وقلبه، لأنه الذي سيدير به المملكة. وعرفه قدرا من الفيزياء وأن هناك مقابلا لها في عالم النفس البشرية. وأوحى إليه أنا الله ربك، وملائكتي والكون في معونتك، وأنت الخليفة.
 حاشا لله أن يكون قال لآدم أنه يسكن الفضاء، الله لم يقل لآدم أنه يسكن فراغ السماوات. أو يتحيز في الأمكنة، بل علمه مامعناه: أنا واحد ليس لي شريك، وأنا القادر على فعل كل شيء، وأنا صانع كل جمال الكون حولك واعلم أنني جميل. لاأحد في جند الكون يستمع لأمر غير أمري فلا تلتفت لغيري، لأن السلطان  لي  كله، وأنا الوحيد الذي يلتفت له كل شيء.
 علمه سمة الأشياء ووسمها وكيف ترتبط التسمية بالصفات، وعلمه أسماء الأشياء في عالم اليقظة، ورموزها في رؤى النوم، وعلمه كيف يكون الكلام مباشرا، وكيف يكون الكلام مجازيا واستعارة. وعرفه أن كل هذا العالم فهو استعارة عن عالم آخر، هو العالم الحقيقي، عالم اسمه الآخرة.. وأراه أن المعصية سم، وأن الكذب نتن، وأن الكاذبين يحيون في هذا العالم لايحسون أن كذبهم عندما يفوح حولهم  تفوح  رائحة نتنة حولهم، نتن من نوع  معين لانفهمه،ولكن يشمه الملائكة.
لم يقل الله له أن له تعالى ساقا ولا أن له قدمين ولا أن له عينين يرى بهما، ولا أن هناك في هذا الكون عفاريت تركب البشر، ولاأن هناك سلالم ولا كراسي في الفضاء تتم منها سرقة أسرار السماوات. 
علمه الله الصلاة والزكاة وقال له مامعناه : أنا أعفو وأصفح طالما المخلوق متواضع نادم. ولا أدع متكبرا ليفسد العالم. وإنني لا أسمح بشركاء لي في الوجود، وأكره الشركة.
لي مشروع جديد: هو أن أفيض فيضا خاصا من النعم على كائن حي خلقته، يقتضي الحق أن يكون هذا الكائن قد أعطي له اختيار الطاعة رغم المشقة، والمعصية مع الراحة، فاختار الطاعة مع المشقة، وأن يعفو رغم المهانة. 
أعطيك الحرية أن تسلك وتختار. 
لك قلب، ولهذا القلب عينان وأذنان، هذا القلب أو النفس هو أبدع شيء فيك، وأثمن ماتملك. فضعني في قلبك. وانظر: هذه هي أسمائي وهذه هي علاماتي، وهذا هو نبي بني فلان من بنيك، وهذا هو نبي بني فلان، وهذه تسمى رحمة وهذا يسمى عفوا، وهذه اسمها قسوة، هذا طيب جميل، لك فيه حياة، وهذا أطيب، .. وهذا قبيح وهذا سم مميت.. أنا طيب، أنا أطيب شيء، أنا قادر، أقدر أن أعطي طيبات جمة،  لك عندي خطة سعادة لاحدود لها. ثق بي، أنا غني عنك، لاأنهاك عن خير أبدا، لاأنهاك إلا عن سم.. هذا ظلم، هذا عدل، والمعصية سم، اعتقد ذلك تماما، اجعل هذه الفكرة هي قائدك.. أنا قريب منك، أنا لاتدركني الأبصار لكنني موجود، ليس كمثلي شيء، أنا أعلم كل شيء وأرقب وأحفظ.
نادني بأدب وأنت طاهر واطلب مني طلبات طيبة تجدني معك مجيبا.
أنا معك قريب بالاستجابات عندما تحتاجني وتتأزم معك قوانين الكون، وطالما تحافظ علي أحافظ عليك.
من ذكرني كثيرا رفعت الحجب بيني وبينه فكنت أنيسه، وهو العاقل المستنير، ومن تجافى عني وبهرته أشياء العالم ووضع ترسا بيني وبينه فقد أصابه غرور، وحجبه عني الرين ووسخ العالم وتراب الوجود، لقد أخفى الظلام عقله. إنه جن.. ما أحوجه إلى جهاد نفسه والتواضع لي لأنقذه من محنته ولأطهر قلبه مما يُجـنـّـه.
وهكذا  وهكذا علم الله الإنسان التفكير الصحيح، الذي تتبعه بركات ربانية غامرة.
كان آدم يحيا ليس له إله إلا الله.
لم تشتك زوجه يوما فيوحي الله إليه أن هناك عفريتا قد لبسها.
هذا لم يحدث، لأن الجن بهذه الصورة سيكون شريكا، مطلق السراح في الكون، نرجوه ونخافه، وبهذه الطريقة يدمر حياة آدم ولايستطيع أن يكون خليفة. فالخليفة الذي أعطي الأرض والحرية يجد أنه قد تم الغدر به وأطلق الخالق في الكون كائنات معادية  وحرة الحركة لها قدرات خارقة.  هؤلاء شركاء إذن. 
هذا تفكير يحطم الروح والهمة والعزيمة، ويورث الشلل والحيرة والتخلف. 
لنتأمل معا في الفكرة وإصلاح الفكرة. الفكرة عن الحياة والإنسان والله والوجود والقرآن والنبي والصلاة ومؤهلات ركوب سفينة النجاة.
صلاحنا وفسادنا تبع لأفكارنا.
الإنسان الآدمي جهاز يحركه القلب، فالقلب الفاسد ينتج حركة فاسدة، ومن فساده أنه قد يزين الحركة والعمل خارجي، ولكنها عند الله عندئذ تكون فاسدة،  مهما كان شكلها الخارجي، والقلب الصالح ينتج حركة صالحة.
ترى ابن آدم إنسانا خائرا ينهار كل يوم درجة، وما ذاك إلا من فكرة سكنته فسكنته تسكينا،  كدواء مسكن.. ثم إذا به تسكنه فكرة فإذا به ينتفض ناهضا، وتتملكه حمى العمل كمن شرب دواء منشطا.
كذلك الفكرة النشطة قد تكون عشوائية وقد تكون منظمة، وقد تكون خرافية وقد تكون حقيقية.   
القلوب محل نظر الله منا، ونحن فقراء إلى المزيد من الفضل  والنعم الربانية لننجو من محنة الوجود، وقد يتخلى الله عنا عندما لايرى اسمه الصحيح في قلوبنا، ويرانا نكبره والسلام ، ولانكبره تكبيرا، كما قال لنا، ولايرى اسمه الأعلى على كل مافي القلب، ويتوجه الدعاء منا لصاحب هذا الإسم كما نتصوره والله لايجد نفسه فيه فلايعتبره دعاء له، فنشقى..
 نظن بالله ظنا سيئا أو نعتقد له شبها أو يكون في عقلنا شيئا عظيما ولكن عيبه أن كمثله شيء، والله ليس كمثله شيء، فلا يكون الدعاء مستويا إليه تعالى. 
عندما يصح التوجه ويستوي وجه الإنسان على السوية، يجد الله هناك توابا رحيما.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق