السبت، 23 نوفمبر 2013

مقال 3 في الرد على الإلحاد: تاهت ولقيناها.. وجدناها وجدناها (تجربة نداء الله تعالى واحترام للوجود المقدس المحتمل وإخلاص)


3  الطريق المختصر السريع المستقيم نحو العثور على الله تعالى. 
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة هامة كل الأهمية
أخي الملحد: من حقك أن تلحد بالله، وأن تقول لم يتوفر لي دليل وجوده، ولكن من واجبك أن تحترم احتمال وجوده.
والله خلق الناس ليعيشوا مكرمين، وسمح لهم بالاختيار فلهم حقوق التكريم ولو كانوا ملحدين، وليس من حق مواطن أن يهزأ بهم، وعلى كل من استهزأ بإنسان أن يعتذر له، ولسنا كبارا على الاعتذار. 

وسيرة رسل الله تعالى مثل يوسف عليه السلام في القرآن تبين ذلك بوضوح.
ومعاهدة المدينة المنورة (يوم الهجرة) لتعاون المسلمين والمشركين واليهود على صيانة المدينة واحترام مواطنيها الثلاثة دليل على نوايا الله تجاه الإنسان، وعلى الاتجاه الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم لتطوير الحياة نحو رقي وصيانة وعمران، وكون الإنسان بغبائه يكره حسن المواطنة موضوع آخر.

والدفاع الشرعي عن النفس لصيانة حق الحياة والكرامة والحرية هو من الفطرة والدين، وخلال الدفاع يجب احترام إنسانية الإنسان.

ورب الناس واحد، ودين الله الواحد واحد، وكل فتاوى قتل المرتد والملحد فهي من عنديات كهنة الأديان، وليست من عند رب الناس. فلاإكراه في الدين كما قال الله مباشرة، ومهما قال الناس عنعنة عن الله مكابرة.

وعلى من يعرف الله أن يحرس قيم الحرية والتكريم، وأن يحمي اللاجئين من الاضطهاد كله: عقديا واجتماعيا، ولو كانوا مشركين جدا أو ملحدين مائة مرة.

فلنطمئن أو فلنحسن الظن، أو فلنعلن افتراض أن الدين الحق بريء من توجيه أهل الدين إلى هضم حقوق المواطن المرتد عن دينهم، بل الله جعل الكعبة رمزا للتعايش السلمي.

ولنفترض صحة الحقيقة أن الله خلقنا مختارين فعلا، وأنه خلقنا للرحمة ويفعل معنا ماهو لائق وحكمة، وليس في قرارات العذاب والإنعام عشوائية،  كما ذكرنا في مقال سابق،  ولننح جانبا النقاش حول حجة الملحد المتعلقة بسلوك الكهنة ممن يقتل الناس على أفكارهم ويحرمهم الكرامة بسبب عقائدهم. ولنتكلم عن الله الأكمل كما ينبغي للأكمل أن يكون، حائزا لكل صفات الرحمة والحكمة والجمال والود والرأفة والعلم المحيط والخبرة والدقة الكاملة والإتقان المطلق.

لندخل الآن لعمق المطلوب بحثه
ولنركز العقل والقلب والفهم والوعي والبحث على قضية وجود الله فقط الآن. الله بكل كمال وجمال وجلال ورحمة وحكمة وحنان وكرم وعظمة وحضور وسمع وجواب وتجاوب.

هناك بحمد الله تجربة دالة وطريق عملي مباشر، وسهل بسيط قاطع الدلالة على وجود الله تعالى، والله تعالى سيكون معنا في التجربة.

في هذا السبيل سنخوض تجربة علمية عملية بكل شروطها الضامنة للنجاح، والمطمئنة الباعثة على الثقة.
لحسن حظنا فالله الذي يجادل فيه المجادلون موجود ساعة الجدال، وحاضر شاهد لم يفته كلمة ولامعنى ولاخاطر ولا قفزة فوتون في مساره في مخ متكلم وهو يتكلم.

ومن العجب أنه سميع سبحانه، ويسره من الإنسان الاهتمام به والبحث عنه، لحبه لترقية الكيان والفهم والوعي، ولفائدة المرء لالفائدة الرب سبحانه.

لذلك أبلغكم عن الله أنه يسأل دائما كلما تباحث الناس وجادل بعضهم بعضا حوله: أنا موجود معهم وقريب منهم فلماذا لايتجهون لموضوع البحث مباشرة وهو قريب، والعجيب أنه سميع مجيب، ويفهم كل لسان بل والسر العميق والظن المستريب؟! 

عندما يلقن معلم للطب تلاميذه في اليونان عدد أسنان الحصان، كما قالها جالينوس، فيصيح تلميذ له متشككا: عندنا حصان في الخارج يا أستاذ فهلا اعتبرنا المعاينة ضمن الدروس، ولمسنا عددنا أسنانه وعرفنا القواطع والضروس؟ فذلك هو الطالب الباحث العلمي حقا.

 حدد نقطة بحث، ثم عاين بنفسك ولاحظ جيدا، ثم اجمع البيانات وقم بمعالجتها بأمانة، واجعل الله معك في البحث هاديا، وسوف تنجح. وهذا هو العلم الحق.

أول ملامح البحث العلمي هو المعاينة لو كان الشيء موجودا، وبدلا من التخمين النظري والتفلسف عن الخلايا الحية، فإن الميكروسكوب قد غير النظم إلى المعاينة بعدسة شيئية وأخرى عينية.    

يؤثر دوكينز إضاعة الوقت في سرحان وتخمينات على مواجهة التجربة العلمية الشجاعة. وسيكون لنا شأن لاحقا مع تهويماته وتخميناته، وما يزعمه من العلم وماهو إلا من خزعبلاته.

لقد حضر الله تعالى كل محاضرات دعاة الإلحاد في قاعات المحاضرات، وسألهم لو كانوا يعقلون لماذا لم يتوجهوا للموضوع مباشرة وهو الله: يتضرعون إليه تعالى أن يفصح ويظهر لهم فائضا من دلائل وجوده وآياته؟ ولماذا يتوه بهم دوكينز مثلا ويسرح بهم ليلهيهم عن وجود رب العرش المجيد، ورب العرش معهم سميع في نفس قاعة المحاضرة،  في أي بلد وكل قطر وكل قارة؟ ويمكن الصراخ إليه بالرجاء.

لو كان لدينا غرفة مغلقة في بيت اشتريناه لاندري مافيها، فكيف نضيع دهرا في تخمين مايوجد في الغرفة ونحن معها في ذات المنزل وعندنا تجربة نعاين بها مافي الغرفة ؟ لنفتح الغرفة إذ أن لها مفتاحا.

التجربة هي مخاطبة الله الذي يرانا ولانراه، نطلب منه حسم الخلاف والإفصاح عن نور وجوده بشكل زائد يعالج الشك الذي نعانيه، والريب الذي يعلم تعالى سره وفحواه، فالمفتاح هو الدعاء، وبأي لغة تشاء وتحدد، والله سوف يجيب المخلصين ويريهم آيات وجوده دون شك ولاتردد.

سيرينا الله من نور وجوده شعاعا، وسيتجلى بدليل عليه كلما صحبناه تباعا، وليس المتوقع بعد التجربة رؤية الله جهرة، فالله لايرى جهرة، ولو لم نقنع إلا برؤية الله جهرة لتساوينا مع من نشكو منهم من كهنة الدين، من المحرفين والمخرفين، ممن قالوا أو سيقولون لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة.

شرط هام هو مناخ الاحترام
بعد تجنبنا الإصرار أن نرى الله جهرة، أو أن نحسه بمقاييس الفيزياء المادي والموجي، يأتي دور الاحترام ومناخ الإجلال كشرط ضامن لنجاح تجربة الدعاء، والتعرف على الله تعالى بدليل يفتح البصيرة.

سنقف أمام الله بأدب جم واحترام كامل وإجلال لائق ونتضرع بتواضع، ونسأل ونحن مخلصون كل الإخلاص، وسنلح ونكرر ونظل فترة ندعو.

في هذه التجربة شرط فيصلي: لنحترم الله المحتمل الوجود كما احترمنا الله وفرض احترامنا وغرس الترحاب بنا في قلوب آبائنا وأمهاتنا. لنحترم الله الذي أعطانا الاختيار عطاء محترما، اختيار منحه الله ليحترمه الناس ويتركوا نتائجه لله، فالحساب على الاختيار عند الله، والمجتمع فقط يحاسب على الغش والاعتداءات والسرقة والقتل والكذب العلني والاحتيال وتحقير الآخرين. 

وليكن التوجه للدعاء في مناخ احترام مطلق. وسوف يرى دوكينز من الله مايسره.

لن يستجيب الله لكثير ممن أشاهدهم هذه الأيام، من الذين يستفزون دليل التأديب من الله لادليل التحبيب. ممن يقول لك مثلا: (لو كنت تريد هدايتي فاخفض رأسك في الأرض وارفع مؤخرتك للسماء واطلب ممن جعلني مجبرا مسيرا في الضلال أن يهديني فأقول بعدها قد اهتديت وصرت مسيرا في الهداية). ولكن لو تواضعوا وتابوا قبلوا.

لن يستجيب الله لشتام ولا لوقح ولا لمستهزيء ولا لساخر ولا لمستكبر يدعو الله بغطرسة أن يكشف له طريقا ليطمئن عقله لوجوده تعالى، حتى يستبدل الوقاحة بالأدب والهزل بالجد والسباب بالاعتذار.

تاريخيا: يتوجه الملحد إلى الله تعالى طوعا للدعاء وباحترام، حين يحيط به الموج والهلاك في لجج البحر والعاصفة. وكم مر عليّ من قصص واقعية لأناس بعيدين عن الله وقعوا في محن مهلكة، وأرى دائما أن مسار الأحداث تغير بعد لجوئهم إلى الدعاء، وجاءهم الفرج توكيدا من الله لصحة فعلهم عندما دعوه، وتشجيعا لهم على استمرار صحبته وصداقته.     
لكن ماذا نصنع لملحدي اليوم وقليل منهم يدخرون احتراما؟

الحق أقول لكم أن كثيرا من الإلحاد في الغرب كان مقدمة لترك الخرافات الكنسية، ومن بعد إلحادهم بحثوا عن الله فوجدوه وأسلموا لله، لكنهم كانوا من النوع المحترم الذي يحترم. ولما بحثوا عن الله المحتمل كانوا مؤدبين ولهم صفة النبل والكرم.

قلة لجأوا للإلحاد لأسباب تعذرهم، ولكن العذر معهم إلى حين يلجأون إلى الله الذي كذب عليه كهنتهم، وجعلهم يبتعدون عن الدين إن كان لامناص للدين عند الكهنة إلا أن يكون تشريعا للظلم والمهانة والخرافة.

تجربة عملية كبرى وجماعية
ومن التجارب العملية التاريخية عند البعثة المحمدية: أن جمهور مجتمع مكة في حقيقته كان ملحدا، وأراد الله تعالى في الحقيقة أن يقدم نفسه ويثبت وجوده، وكانت حياة محمد صلى الله عليه وسلم في لبها وحقيقتها إثباتا لوجود الله : الله الذي يجعل الأمي صاحب مدرسة تخريج صارت حديث العالم. الله الذي يتعمد خروج رسوله ضعيف العدد والعدة حين يأتي الملحد محاربا لرسوله، ويرى العالم الملحد مسلحا معه العدد والعدة والحسابات المادية كاملة وافرة، فيخرج الرسول منتصرا مؤزرا.

 لابد للدارس المتعمق أن يعلم أن جمع النبي كان في حكم الميت يوم بدر ويوم الخندق، وأن خروجه ناجيا وافرا هو هو إخراج الحي من الميت بشكل مذهل، فهو الله الذي يخرج الحي من الميت، يخرج مثلا من الشعب الميت الأمي شعبا قارئا كاتبا، مع كل فرد مصحف، منهم مثلا سبعون ذهبوا يوما لتحفيظ القرآن لقبيلة فذبحوا في الطريق غدرا وجهلا وغباء.
المسيح الموعود المحمدي تكررت معه القصة، وجاء مع إثباتات وجود الله، دلائل يعطيها الله مباشرة للبسطاء والعلماء على حد السواء، واتصال مباشر يوفر الوقت والجهد، بنهج يمر بالتطمين على  عظمة وكمال الله وتنزهه عن ممارسة الألعاب، وعن التصرف العشوائي، وتعاليه عن جبرية على الضلال يعقبها عذاب، وعظمة دين الله وخلوه من شوائب الكراهية والإكراه، وينتهي بالتوكيد على فوائد الدعاء وجدوى فاتحة الكتاب.



   







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق