الخميس، 19 مارس 2015

هل كان على الله أن يرضي قنوات الحقد ونقاد النبي الكريم فيترك العرب مهمشين كما هم، ويترك العالم تمضغه خرافات بيزنطة وأساطير فارس؟ ما كان البديل المقترح؟


 حكاية سيدنا محمد  صلى الله عليه وسلم 

هل كان على الله أن يرضي قنوات الحقد ونقاد النبي الكريم فيترك العرب مهمشين كما هم، ويترك العالم تمضغه خرافات بيزنطة وأساطير فارس؟ ما كان البديل المقترح؟

هل الاقتراح هو نبي من فارس أو من الروم فيسلم منهم من يسلم، ويعلم الله شدة مراس العرب وقساوة صخرهم وعنادهم فالنتيجة فناؤهم تماما ولا جدال. وفي نفس الوقت سيمارس العالم مع الرسالة ما مارسوه فعلا بعد ذلك، ولن يتغير شيء غير أن العرب قد فنوا في مراحل العناد.

وكان الله هو من أمر إبراهيم أن يأتي هنا بولده ويؤسس هذا المكان، ووعده أنه سيجعله آمنا مرزوقا حتى لو كفروا والحساب عند الله. الكفر اختيارك لنفسك فالله هو من يحاسبك عنده، ولكن أكل حقوق العباد وقهر اختياراتهم له معاملة مختلفة، وهي القهر بالمقابل.
الكفر شيء والظلم شيء آخر. 

ألم يكن من الرحمة بهؤلاء المهمشين في التاريخ أن يرسل الله رسولا فيروض العرب وتصل الرسالة للعالم من طريقهم والعالم بعدها يرى طرقه ويتصرف عندها كما يختار؟
 
جاء محمد صلى الله عليه وسلم بكلمة لتحريك الركود، فاختارت الأرض قتله واختار الله حياته، فقامت الأرض بكل محاولات القتل فعلا فقام الله بإحباطها جميعا، وتشكل بذلك وجه التاريخ، وجاء النقاد يلطمون. فأين أخطأ محمد وأين خطأ الله؟ هل كان على الله تعالى ترك الراكد راكدا أو ترك الرجل للموت؟

ببساطة بعثه الله بتوحيد راق نقي صاف فرفضت الأرض، وهذا قرارها الحر وما سمح الله لها ب في الدنيا،  وهو يسألها عنه في الآخرة، ثم زادت وقالت الأرض وقررت: هذا الرجل يموت ولا يشم هواء الدنيا.. وهذا هو اختيارها، وتتحمل مسئوليته أيا كانت، وإزاء قرارها قرر الله العكس وقال الله: يعيش. وهذا اختياره تعالى، فهل أخطأ الله؟
جاء له بملجأ وجعله حرما، وجعله صخرة تتحطم عليها الهجمات.

سياقان

لابد أن نفهم التاريخ البشري في سياقين:
1 - اختيار الإنسان ومسئوليته عما يختار 
 2 - وملاحقة رحمة الله لهذا الاختيار، وضمان وجود صورة مميزة للاختيار الصحيح حية متحركة على الأرض لمن يهمه الأمر فيرتحل إليها. 
ومن الرحمة تحويل أجيال لغرف التأديب عنده تعالى.

وملاحقة الله لاختيارنا كانت بتنبيهنا كل فترة أنه لا إله إلا الله : هو الوحيد القادر على مساعدتنا في مواجهة معضلات الحياة وعقد الوجود ومخاوف العيش وسؤال الموت والجواب على التساؤلات العميقة وهو حاضر وشاهد وعالم وصمد بابه مفتوح لكل من يأله إليه طالبا عونا، جاهز للتعامل والتعليم والأخذ باليد إلى بر الأمان ولحل المشاكل وللإنقاذ والمعونات بكل أشكالها. بشرط الطيبة وكف الأذي بكل شكل من أشكاله.

 والله لم يخطيء حين خلقنا مختارين، ولا حين يلاحقنا بالرحمة رغبا ورهبا سبحانه.
محمد الذي لأجله خلق الله الأفلاك صلى الله عليه وسلم

في عام 571 ميلادية اختار حاكم اليمن الحبشي المسيحي هدم الكعبة فجرد جيشا جرارا.
وهجر أهل مكة البلدة ولجأوا لصياصي الجبال.
وكان هناك إله يرى وقرر وتصرف وأهلك الجيش بمرض تفشى فيه ودمره. وفي هذا العالم ولد محمد صلى الله عليه وسلم. وتربى في بيئة رحبت به، وكان مميزا في استقامته. عطوفا يحب المواساة بكل أشكالها. وكان يحرر الرقيق من عطفه.
ولم يخطيء الله تعالى حتى الآن. متى أخطأ وأين؟ 

وعند الأربعين كان لدينا رجل كان في حاله تماما وكان مشهورا بالصدق ملقبا بالأمين، له بيت وزوج وولد ومرتاح ماديا وكان هذا إنجازا ويكفي. ولم يخطيء في شيء حتى الآن.
وكان هناك شرقا وغربا عالم ضائع لا شك في ضياعه، ولم يكن في بيزنطة مثل واحد يحتذى، وكان هذا هو اختيارها ومسئولة عنه، وكذلك كان حال فارس. وكان الله على كل شيء رقيبا.

وكان الله قد ساعد على وجود أمل للناس، وكان في بعض البلاد والصحراء رجال يحفظون نبوءات عن تدخل رباني مبارك يوشك أن يتم. وكان عند الله رشد يقدمه.  
تلقى هذا الرجل محمد من الله كلمة اقرأ وكلمة لا إله إلا الله .. وأخبره الله بطرقه أنه نبيه ورسوله بالكلمة، وفهمها رسول الله وأعلن للناس أنه لاإله إلا الله وأن كل من ندعو ومن ندعو من غير الله فهو مفلس أو عدم. ولم يكن لديه سوى كلمة. صلى الله عليه وسلم.
الأرض وقراراتها

 وما إن سمعت الأرض بهذا حتى قالت الجمهرة الساحقة لفورها: يموت. وأصرت وغضبت وكذبت وأبت واستعصت وصممت على كلمة واحدة : يموت. وهكذا كان اختيار الأرض.
واستجاب له عدد جد قليل، كانت سوابقهم في النشأة طيبة، وكانوا خلاصة المجتمع وأرقى العناصر المتواجدة في البيئة. ولم يخطئوا في استجابتهم لكلمة بسيطة واضحة وجميلة واعدة وتساعد. وقرأوا : سورة الليل وقرأوا : فلا اقتحم العقبة، وما أدراك ما العقبة؟ فك رقبة .. وارتاحت نفوسهم وأنفق الغني منهم ماله ليحرر رقاب رقيق آمنوا. وبدأ الأذى ينصب عليهم.
 وصبر نبي الله هو وصحبه على الأذى حتى ظهرت العين الحمراء من الناس بقرار موته بجد.
فهاجر بأمر ربه، فلاحقوه وأعادوا الكرة حتى حشدوا له أحزاب الجزيرة.
قرارات الله تعالى

 فماذا يفعل الله؟ قال الله سيعيش، وتولى هو إدارة المعارك، وخلال ذلك كان يعلم ويربي ويزكي ويدرب ويخلق بيئة للتنمية البشرية وأثمرت. فهل أخطأ؟ تعالى الله.
وكانت النتائج باهرة يوم حجة الوداع: فبعد أن تفتحت قلوب المدينة ودانت وأصر الله على حياة محمد ملت قلوب مكة الصراع مع الله، وملت لأن الله لا يمل من النصر، وتفتحت للبيعة على التوحيد والطهارة من السرقة والزنا وقتل المواطنين وقول الزور والكذب، ثم ملت الطائف وثقيف العناد وجاءت وبايعت.

الله وكيل على المصير البشري، وكان عند الله أن الهند والصين والروس وإفريقيا وأوربا وبلاد الله شرقا وغربا سيكونون 7 مليارات تحتاج كلمة هداية سيحملها تلميذ لهذا الرجل ويكلمهم بحقيقة صورته ولب دينه وكنه توحيده.

فلما توفى الله رسوله وتولى خليفته قامت الأرض وقالت كل القبائل يموت .عدا المدن الثلاث. فهل على الله لوم لو قام بتأييده والوقوف ضد العاصفة فأخمدها بطرقه تعالى؟ لا لوم على الله سبحانه وحتما لابد أن نظن بها الخير.
 
  فكروا بالمقابل: هل كان على الله الصمت إزاء وضع دينه وتشويه سمعة رسوله التي بلغت ذروة مأساوية في نظر الله في القرن 19 ؟ أم كان من الضروري أن يتدخل ويرسل مسيحه؟ وهل كان على الله تعالى التراجع أمام تجمع كل من المشايخ وشنهم الحرب على مسيح الله أم كان اللائق بالله شن الحرب عليهم بالمقابل؟

اللهم أنت الحق وفعلت الحق ولم تخطيء سبحانك. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق