الثلاثاء، 11 يونيو 2013

دليل كامل على صدق المهدي والمسيح ابن مريم في كتابه (سيرة الأبدال) .. المقال الأول في شرح الكتاب



بسم الله الرحمن الرحيم
نحمده ونصلي على رسوله الكريم

شرح سيرة الأبدال
مقال 1
 نقرأ معا كتاب سيرة الأبدال للرجل الذي اتهم يوما أنه جاهل لايعرف العربية، فتضرع لله الوحيد، وفي قلبه لايسكن سوى التوحيد، فأعطاه الله من علوم العربية مايعجز عنه جهابذة العرب. وهاهو يتحدى العلماء في هذا الكتاب ليعرفهم مقامهم إزاء مقامه. ولعلهم يتواضعون.
كتاب فيه كفاية ليبايعه مجمع اللغة العربية، مؤمنا أنه رسول الله ابن مريم الموعود، عليه السلام.
جاءت كلمات الكتاب تتسم بالصعوبة، كي يعجز من كان يخاطبهم عن فهمها، بل حتى صحة قراءتها، ولو كانوا جهابذة العربية، وتم هذا حين بعث الله خادم محمد صلى الله عليه وسلم وكذبه علماء قومه.    
ما الأبدال؟؟ هم القوم المطهرون الذين لاتخلو الأرض ولو من واحد منهم، ومن أجل تكوينهم كان وجود هذا العالم، والفرد منهم وحده عالم، والعالم مايدل على عظمة صفات الله تعالى ويقوم بالإعلام عنها، وهم الذين تذكر سيرهم وصورهم بفضل الله ونعمه.   
أيها الناس.. إني أُذكَركم ما أُوحي إليّ من رب العالمين. إنّي أُمّرتُ من الرحمان فأتوني بأهلكم أجمعين.
 يقول مامعناه : صرت أميرا لكم وأتقبل البيعة بأمر ووحي من الله تعالى، فتعالوا جميعا وقوا أنفسكم وأهليكم نارا.. إني جئتكم أذكركم في كتبي الأخرى بالتوحيد الحق، وحكما في كل التنازعات، ونعلم أن منها مايتعلق بنشر الإسلام بالسيف،  فجئت لأبريء الإسلام من التهمة، ولأنعى إليكم عيسى عليه السلام، فقد أكد الله لي أنه مات والله شهد لي بذلك، ومن بشر به النبي فهو منكم لامن بني إسرائيل، وأرسلني الله باسمه وخلقه، وعلمني مهمته، فتعالوا مع من تعولون، وأنذروا عشائركم الأقربين.. وهنا ترن في الذاكرة كلمة يوسف عليه السلام، بعد أن صار في منصب العزيز وأعطي تأويل الرؤيا، وحان وقت اعتذار إخوته ودخول مصر عنده آمنين.
 وأُعطيتُ الحِكم من السماء ولا دجّال ولا رقين. الرقين: الدرهم، ورمز به إلى معدن الفضة، والدجال: الذهب أو ماء الذهب، الذي يموه به المعدن فكأنه ذهب، والمعنى: أعطيت علما من ميراث النبوة، وهذا هو مال المسيح الذي وعدتم به، أنثره فهما لاذهبا ولافضة كما تتوهمون وهما. واختار لفظ الدجال الذي يدل على التمويه بالذهب، ليشير إلى أن العلماء الذين يفسرون مال المهدي والمسيح بالذهب إنما يموهون ويقولون غير الحق.
 انحطّت الملائكة من الخضراء إلى الغبراء وجُعلت قاديان كالقادسية وبلدها الأمين. في اللسان: القادسية من بلاد العرب، أو هي صارت كالقدس، فقد أسرى الله بالإسلام  زمنيا من مرحلة دفاع يطلب مجرد البقاء، إلى مرحلة هجوم بالقلم ليبلغ في عصر القلم أقصى مداه المقدور. وقضى الله أن يكون هذا المسجد المرفوع في أقصى الأرض،  هو الأقصى أيضا شركة مع الأقصى، حيث يصلي فيه نائب محمد صلى الله عليه وسلم بمن هم بمثابة أنبياء الأمم، والخضراء هي السماء والغبراء هي الأرض، وقد نزلت الملائكة ببركات الله تعالى من كل نوع عليّ. لقد جاء نبي الله عيسى وبارك الله على بلدته.
 وعصمني ربي من شرّ الرُّضّعِ وجعلني من العالين. ولقد كتب الله لي أن أتم ماجئت من أجله، فالضرورة التي اقتضت رسالتي هي التي اقتضت إنقاذي من المؤامرات، عصمني الله من شر الرضع= السفهاء،  ونجاني من انحطاطهم، وأعلى شأني في العالمين.
 وشَنَصْتُ به كل الشُّنوص وحُلَّ لحمي عن أوصاله للحِبِّ القرين. شنصت به كل الشنوص تعلقت بالله كل التعلق، وحل لحمي عن أوصاله أي أذابنى حب الله تعالى الذي هو معي قرين أي حاضر وأنا في حضرته، وكأن للنفس لحما يذوب من الحب، ولكنه يقصد أن لم يسمح لنفسه بالتسمين، بل أخضعها لكل عمل يحبه رب العالمين، فهو من حرارة العاطفة ذاب وتفكك، ومن السعي في حبه نحل جسمي، فكان لحمي قد ذاب من خشية الله تعالى،  وفي اللسان: كل جامد أذيب فقد حُلّ،  وهنا الله تعالى صاحبه وقرينه لاشياطين النفس. تعلقت بكلام الله وعطشت لفهم معانيه ففهمني، وأمرني بالتفهيم فلا أخاف فيه لومة لائم .
 فلا أخاف مُمَشِّنًا بعده ولا أرعَنَ العدا بما قام لي ربي كالمداكئين. لم يترك الحب مكانا لخوف من عدو الله. المَشْنُ السحجات في الجلد وخدوش ورمي بما يشين، وامرأة مِشَان أي سليطة مشاتمة، أو نوع من الضرب.. أي بعد أن تولاني الله وقام ربي للدفاع عني فلم يعد لي خوف من ممشن= جلاد ولا رام بالبهتان بل إن أشد أعدائي حمقا لم يعد يخيفني .
لقد قام ربي مداكئا = يدلل على عظمته بتعظيم حرمتي، وعلى قدرته بحمايتي رغم وحشية الخطط ضدي.
 لما قام الله مدافعا عنه لم يكن قيامه عكس قعود، بل قيام القيوم، ولقد فعل الله ذلك دفاعا عن جماله تعالى، لأن جمال صورة الإسلام التي صورها لهذا المسيح ، قد نقلت صورتها للناس، فوصفها كما يصف رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت المقدس وهو مرفوع له غداة الإسراء.
  وإني أتّبع وحيه على البصيرة، وما ارْتَثَأَ عليَّ أَمري وما كنتُ من المفترين. إني أتبع القرآن وأتبع شرح القرآن الرباني الذي أنزله الله علي، على بينة من أمري لاظلام عندي، ولقد تبينت بما يكفي وجاءتني البينات، وما ارتثأ= ما اختلط علي الأمر بين الوحي والأوهام، وما كنت يوما من زمرة الكاذبين في سابق حياتي، وما طبعي كذلك.
 ولا أُرغِن إلى من خالف الحق وأرى الوجه كالضنين. أرغن ورغن أصغى إليه قابلا راضيا وأخلد إليه وسكن إليه ومال إليه وركن وأطاع. فأنا لاأفعل ذلك مع من خالف الحق، وأبدى صفحة البخل وضن بالاعتراف بشهادة الحق. بل أقوم شاهدا لله.
 ولا أُبالي أحدًا من العِدَا ولو خوّفني بخوفٍ أَدْفَى ولا أحضُرُهُ كالمتزأزئين.
مهما بلغ تخويف العدو فثقتي بربي لاتتزعزع. ولا أتزأزأ عند حضوري أمام الأعداء.
وبكلمة: خوّفني بخوف أدفى، أي خوف له من التيوس قرون طوال معقوفة، ومن الطير منقار قوي معقوف وأجنحة انقضاض طويلة. فقد رسم صورة فنية للعدو الذي يخيف رجلا واثقا. مستعيرا للإخافة طول القرون للوعول والتيوس، وطول الأجنحة للطيور، وانحناء المنقارالمعقوف بمنظره المتوعد.  والأدفى من المعز والوعول الذي طال قرناه حتى انصبا على أذنيه من خلفه، أو بلغ المؤخرة، وطائر أدفى طويل الجناحين، ويقال للعقاب الدفواء لعوج منقارها.
تزأزأ هاب وفرق وتصاغر، المتزأزئين الهيابين المتصاغرين.
هذه هي صورة الشجاع بالله ولاحول ولاقوة إلا بالله.
 وليست الدنيا عندي إلاّ كَجَهْبَلَةٍ إذا جَرْشَبَتْ ثم ما تَبَعَّلَت فَبَذَأها بعلُها وبَذَأ رَوْسَها وَدقشها ونزَّرَ أمرَها وحسِبها بئس القرين.
  الدنيا عندي لاتتعدى صورتها صورة امرأة جهبلة أي دميمة الخلقة، إذا جرشبت أي بلغت الكهولة، ورغم ذلك ما تبعلت أي لم تستعمل مكياجا وتركت نفسها هكذا ولم تدرك نفسها بالزينة، فبذأها بعلها أي فذمها زوجها وذم روسها أي عيوبها ودقشها أي نقشها ونزر أمرها أي وقلل من قيمتها. وحسبها بئس القرين: ووقر في صدره أنها بئس الزوج في رحلة الحياة.
ومن افتتح سورة النور والفاتحة والمائدة فسجّلها وتدبّرها كالطالبين، وانتقل من غَلَلٍ إلى غَمْرٍ هو تحته، وأذاب فهمه ورَعْبل وجوده، وتجنَّبَ الصِّلاَلَ وما قنع على مِمكل وما هاب شَزَنًا، وما لغب في ابتغاء ماءٍ معين، فيُشاهد صدق ما ادّعيتُ، ويرى ما رأيتُ، ويكون من المستيقنين.
شروط التصديق
ومن افتتح سورة النور والفاتحة والمائدة.
افتتح1 : من افتتح من بلاد الله الواسعة تلك السور الثلاث، وساح في دروب مدينة النور ومدينة الفاتحة ومدينة المائدة،  وافتتح أي طلب وجاهد لفك مغاليق السور وكشف أسرارها.
 فسجّلها وتدبرها كالطالبين.
سجل وتدبر2 : عندما نسمع شيئا مهما من غيرنا نقول لمن معنا: سجلوا .. ونقصد أبقوا هذا النص معنا وانقلوه لملكيتنا محفوظا عندنا. وهنا: القرآن في يدك والسور مكتوبة أمامك فكيف تسجلها؟؟ تسجلها بتوكيد التصديق عليها وبها، وبنقلها إلى عالم ذاكرتك كقضية مفتوحة الصفحات أمامك، تتأملها حتى تؤمن بها. عندما تتقدم للقاضي بورقة ملكية الدار فهي دعوى، لكن عندما يسجلها لك القاضي في صك فهو يجعل القضية مؤكدة فالتسجيل سبب للتصديق كاف ويؤدي إليه. ولو تأملنا كلمة : سجل من ماء دلو مملوء من ماء، لايسمى الدلو سجلا إلا مملوءا. ففي التسجيل ملمح امتلاك الصك الروحي بحيازة السورة ومعنى الامتلاء بالري، وتوتر الامتلاء. فالتسجيل هو توكيد الكلام وتوثيقه في عالم النفس أوالثقة به والامتلاء ثقة به وارتواء منه.
وقوله: وتدبرها كالطالبين يعني تدبر النور وتدبر الفاتحة وتدبر المائدة بشكل يدل على صحة طلبه للحق وبحيث يرى الله منه شروط السلوك نحو العلم الوثيق.
3 وانتقل من غَلَلٍ إلى غَمْرٍ هو تحته.
شروط التدبر التعمق، وهنا يعبر بالاستعارات البليغة عن شكل من أشكال العمل الفكري السليم، وكلمة: غلل = ماء سطحي ضحل، ويظهر مرة ويختفي مرة، والغلل هو أيضا العطش الشديد، والغمر هو الماء الكثير، ومعظم الماء وكثرته، وهو أيضا الإرواء . فعلى المتدبر الانتقال من الفهم السطحي إلى العميق، وفهم ماتحت الاستعارات، ولايكتفي إلا بالارتواء من الماء الغمر أوفهم أبعاد كلام الله. 
4 وأذاب فهمه.
لابد للمتفهم أن يتفانى في رغبة الفهم، وألا يكون جامد الفهم متصلبا، بل يكون سلسا مع كلام الله تعالى لايلوي أعناق الآيات ليوجهها للعوج، ولما يقول الجو المحيط، بل يحسن الاستماع ليتبع الأحسن مستهديا برب كريم يهدي اللين الطيع الذائب الفهم، ومن كان فهمه طيعا للقرآن.
5  ورَعْبل وجوده.
رعبل أخلق وأفنى وأبلى ومزق، فهو التركيز المطلق وطلب الهداية الصادقة من الحي القيوم والذي هو نور السماوات والأرض، وهو إفناء الطاقة والهمة والخيال والفكر في البحث عن لب كلام الله. 
6  وتجنَّبَ الصِّلاَلَ.
والصّلّة بالتشديد المطْرة المتفرقة القليلة وجمعها صلال، فهي مطر ضعيف يقع منه الشيء بعد الشيء، والصلال هنا استعارة للعلم المشوش والمعلومات المبتسرة. فالمتدبر عليه ألا يقنع إلا باليقين التام والنور الساطع والري التام للعطش.   
7  وما قنع على مِمكل.
الممكل : صورة أخرى للباحث العطشان عن مجرى ماء يقيم على شاطئه ليروي عالمه بمائه، والممكل الغدير القليل ماؤه، وكلمة الممكل هنا مستعارة للتعبير عن نوع العلم الضعيف، الذي لايقنع طالب الحق الذي يرسم الكاتب صورته.. فالواصل للحق هو من لم يقنع من التدفق النوراني إلا بنهر غزير الماء فياض، أي باليقين الفوار.
8 وما هاب شَزَنًا.
ونعلم أن كل ماسبق يحتاج نشاطا هائلا، وتكتنفه الصعوبات والعراقيل من جهات عدة، وبعدها عراقيل المعارضة ممن حوله ممن لم يعمل عمله ولم يبذل من الجهد بذله. لذلك على الطالب ألا يهاب تلك الصعوبات التي استعار الكاتب لها كلمة الشزن .. والشزن هو النشاط وهو أيضا الأرض الغليظة، وأخلاق الناس العسرة، والصعوبات وشدة البأس من المعارضين، ومن معني الشزن الانزلاق نحو الموت، فطالب الحق لايهاب الموت لو وهبه الله الحق فهدده الجهلة بالموت.
9 وما لغب في ابتغاء ماءٍ معين.
لغب أعياه الشغل، والماء المعين هو ماء دائم التدفق من عين غنية، فطالب الحق لايعيا، بل يواصل الأيام في الطلب، ويستقبل كل يوم مهمة جديدة في الحفر العميق حتى يصل للماء المعين، فتنفجر له ذات العين وينكشف ماؤها الفوار، وليس مجرد نشع ماء قليل في بئر ضعيف.
 فيُشاهد صدق ما ادّعيتُ، ويرى ما رأيتُ، ويكون من المستيقنين.
بهذه الشروط التسعة علينا أن نمتحن المعارضين، إن قالوا إنهم طلاب حق لنسألهم هل سجلوا وتدبروا وهل انتقلوا إلى الغمر وهل أذابوا الفهم ورعبلوا الوجود وتجنبوا الصلال وهل أبوا القناعة بالممكل وهل رفضوا اللغوب في الابتغاء؟ فمن قال لم أفعل قلنا له: ومالك أنت ومالمعارضة الأولياء فاقعد في بيتك واكف الناس شرك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق