الثلاثاء، 11 يونيو 2013

يا أيها المسلمون الأحمديون اتخذوا من سيرة الأبدال قدوة لكم لأنها مرآة لسنة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم


مقال 7 
شرح سيرة الأبدال
بسم الله الرحمن الرحيم  
نحاول شرح سيرة الأبدال، الذي كتبه ابن مريم المحمدي، يشرح فيه صفات النوع البشري الذي ينتمي إليه،  وعلامات جمالهم ونور حسنهم الدال على ربهم، وهو جمال وكمال جاء لا من ذواتهم ولا من عندهم، ونحس أن الكلام المقروء في ذاته دليل على صدق قائله، فهو روح صدق ترتدي جسما صادقا ينبيء عنها ولا يفارقها، ألفاظ صعبة المنال، يستحيل الوصول إليها بهذه الصياغة الرائعة إلا بعون رب الكون ورب الألسنة. سنورد النص الخاص بالمقال مجملا ثم نفصله شرحا:
النص مجملا:
ومن علاماتهم أنّ الله يكشف عنهم رُونة الكروب، ويزحَن الفزعَ عن القلوب، ففي كل آن تتهلّل وجوههم ولا يتخوّفون، ويُعطَون أخلاقًا لا يوجد مثلها في غيرهم،  وعند الْمُسَاحَنَةِ يعرفون.  يتواضعون للزير ولو أحد منهم سادن الديْر أو وحشيّا كالعيْر،  وكذلك يفعلون.

 ومن علاماتهم أنّهم قوم ما لهم عن ربّهم حُنْتَأْلٌ يستأجزون عن الوسادة والآسن عندهم في سُبُلِ الله زُلالٌ. يبغون رضا الله والدنيا في أعينهم دَمَالٌ، وطالبها بطّالٌ، أو كأبي إبراهيم جَيالٌ، ولهم بتركها قطوف دانية وجِزَال، والدنيا لهم جِعَالٌ، يُجعِل الله بها قِدْر معيشتهم فلا يمسُّهم خَبَالٌ، هذا من ربهم، ولهم منها انخزالٌ وإِذهالٌ، وإلى الله إِرْقالٌ، وفي ذكره ارمعلالٌ، هم قوم يحسبون أن الدنيا زِبالٌ، وإزعال النفس به ضلالٌ، وإنها مُدًى يُذبح بها وطالبوها سِخالٌ، وماؤها ضَهْلٌ وطعامها اغتيالٌ، وسيرتها الإعراض كمفسّلةٍ وصورتها كَقَحلٍ ما بقى فيه جمالٌ، وأوّلها أَوْنٌ وآخرها اقْذِعْلالٌ.

 لا تجد كمثلها قُرزُلاً، وإنها زقّومٌ فلا تحسبْها قُعَالاً، ولذلك سَلَّ عليها عباد الرحمن سيفًا قَصَّالاً، وما أخذوها بيديهم وما بغوا إِمْصَالاً، وطلّقوها بثلاثٍ وما شابهوا مُمْغِلاً، وأتمّوا قولاً وحالاً،  وما بالوا طَمْلاً فيما بلغوا إِبْسَالاً.

ومن علاماتهم أنّهم يُنشّأون كصبي عُلْهَد، وفطرتهم في سباحتها تشابه العَنْكَد. ولهم بركات كمطرٍ إذا أَلَثَّ، يظهرون إذا كان الصدق كشجرةٍ اجتُثّ. إذا فقدهم الزمان فكأنه فقد التهتان.
 إذا كثرت الفتن والهنابث،  فهي أرائج ظهورهم وإرهاص نورهم.

يسعون في سبل الله كطِرفٍ يأْزَجُ، ويكشفون سرّ الناس كبطنٍ يُبْعَجُ.

 مجيؤهم بلْجَةٌ وذهابهم ظُلمةٌ.  هم بهجة الملّة والدين، وحُجّة الله على الأرضين. يُشاعُ أمرُهم كالبرق إذا تَبَوَّج، والبحر إذا تمَوّج. تخرج إليهم السُّعداء كظبي إذا خرج من تَوْلَجِها، وتقبلهم خيار الأمّة من غير أعوجها.
والذين ينكرونهم فسيعلمون عند الحشرجة، وإن التهبوا اليوم كالنار الْمُنْحضِجَةِ.  إنّهم يؤثرون الدنيا ويجعلونها لقلوبهم معبدها، ويتمايلون عليها كالديك إذا حَلَجَ ومَشَى إلى أُنْثاه ليَفْسدها.
 قد رَهَّدُوا كالحبل إذا حُمْلِجَ، وليسوا كَغُصْنٍ رَأُودٍ بل كطعامٍ إذا تَكَرَّج. ليس فيهم خيرٌ ويُضاهئون الْحِنْبِجَ.
الشرح  فقرة فقرة:
ومن علاماتهم أنّ الله يكشف عنهم رُونة الكروب، ويزحَن الفزعَ عن القلوب، ففي كل آن تتهلّل وجوههم ولا يتخوّفون، ويُعطَون أخلاقًا لا يوجد مثلها في غيرهم،  وعند الْمُسَاحَنَةِ يعرفون.  يتواضعون للزير ولو أحد منهم سادن الديْر أو وحشيّا كالعيْر،  وكذلك يفعلون.
 يكشف الله عنهم رونة الكروب أي شدة الكروب. فتزول الشدة..  ويتألق جمال الله في رسالة لهم من الله متكررة:  أن الله هو الولي النصير، النصير للجمال،  والعدو للقبح. وهم رابطوا الجأش لا يحسبون كل صيحة عليهم، وفي كل مرة يصيح العدو صيحة  تجدهم يقولون في قلوبهم: الله أكبر. ولا تبالي قلوبهم، ثم يخزي الله الصائح بصيحته سبحانه، وتتهلل وجوه المؤمنين بفضل عظمته.
وزحن شيئا عن المكان أزاله. والمكان هنا روحي وهو القلب.  ويزحن الفزع عن القلوب يزيل الفزع عنهم.
أخلاقهم فريدة في جمالها، وعند المساحنة يعرفون، وتحس بعلاقة اللفظين: المساحنة والمحاسنة..  فهم يعرفون عند المساحنة وهي المحاسنة، أي تعرفهم بحسن الملاقاة وحسن العشرة وحسن المخالطة.
 ويتواضعون للزير ولو كان سادن الدير أو وحشيا كالعير،  أي يتواضعون للزائر مهما كان بصرف النظر عن موطنه من البوادي والحضر، وأيا كان دينه.   
ومن علاماتهم أنّهم قوم ما لهم عن ربّهم حُنْتَأْلٌ يستأجزون عن الوسادة والآسن عندهم في سُبُلِ الله زُلالٌ. يبغون رضا الله والدنيا في أعينهم دَمَالٌ، وطالبها بطّالٌ، أو كأبي إبراهيم جَيالٌ، ولهم بتركها قطوف دانية وجِزَال، والدنيا لهم جِعَالٌ، يُجعِل الله بها قِدْر معيشتهم فلا يمسُّهم خَبَالٌ، هذا من ربهم، ولهم منها انخزالٌ وإِذهالٌ، وإلى الله إِرْقالٌ، وفي ذكره ارمعلالٌ، هم قوم يحسبون أن الدنيا زِبالٌ، وإزعال النفس به ضلالٌ، وإنها مُدًى يُذبح بها وطالبوها سِخالٌ، وماؤها ضَهْلٌ وطعامها اغتيالٌ، وسيرتها الإعراض كمفسّلةٍ وصورتها كَقَحلٍ ما بقى فيه جمالٌ، وأوّلها أَوْنٌ وآخرها اقْذِعْلالٌ.

مالهم عن ربهم حنتأل مالهم عن الله مذهب ومالهم محيص عن لزوم بابه، ولابد لهم من العكوف عند مرضاته، يستأجزون عن الوسادة أي يتنحون عنها ولايتكئون.

والآسن المتعفن،  فالماء الآسن أي المشقة أوالماء الذي يضطرون لشربه في أسفارهم في رحلات دفاعهم عن نبيهم الكريم، هذا الماء يرونه ماء صافيا. ولا يلهيهم الماءالصافي عن إجابة دعوة الدفاع عن الجميل محمد صلى الله عليه وسلم. والدنيا لا تقارن بجمال نبيهم حتى يقعدوا معها عن نصره، بل هي دمال، والدمال التمر العفن الأسود القديم، والدمال مارمي به البحر من خشارة والدمال ماتدوسه الدواب من البعر والتراب..

وعندهم أن وصف البطالة يليق بالمشغول بكل جهوده في دنياه.  وطالب الدنيا في أعينهم كمسخ يترك اللحم الطيب، يرفض تناول طيبات الدنيا باسم الله،  ولا يسخّر الطاقة المستفادة في تمجيد الله تعالى، ويأكل بغير توجيه الله، كمن يأكل كجيفة، ومنهجه هو استفراغ الجهد في حطام حقير. وأبو إبراهيم جيال هو آكل الجيفة.. فهو الممسوخ روحيا في نظرهم، فصارت هيئته النفسية هيئة الضبع، وهو كائن يأكل الجيف، وتشير العبارة إلى مسخ أبي إبراهيم ضبعا في فضاء الآخرة.

وهم يحيون بفكرهم هذا في جنة عاجلة تخالف نار جهنم التي يصلى فيها أهل هموم الجمع الدنيوي. والجزال هو العطاء الخطر الشأن، من أجزلت له العطاء.

والدنيا هي بالنسبة لهم تؤدي دور الجعال، والجعال خرقة يحمل بها القدر الساخن من أذنيه، فبها يمكن التعامل مع القدر. أي يجعلها الإنسان حائلا بين جلد اليد وبين سخونة القدر، لأن السخونة لو مست اليد حدث ذهول فسقط القدر من يد حامله،  فالدنيا كلها خرقة تستعمل لإنزال القدر الساخن عن جانبي الموقد. أي مجرد لباس مؤقت للروح به تلامس أقدار الحياة لترى نظم الله، وتترتب الأمور منطقيا فتتهذب النفس بالوعي. لابد للروح من جسد فلا تعظموا قدر جسد الدنيا فهو وسيلة لاغاية. فالله يجعلها لهم جعالا، أي أن الله جعلها وسيلة بها تتعامل الروح مع البدن مؤقتا في هذا العالم التجريبي التعليمي، وليست محتوياته شيئا ثمينا يستحق التركيز عليه، بل لهم عالم فيه أسماء المفردات المعروفة،  لكنها معجونة بذكر الله لاتنفك عنه ولا تنفصل، ولا تلهي عن عظمة الله كما تفعل أشياءالدنيا.

هذا من ربهم، أي أن هذا الترتيب هو من عجائب فيض الربوبية في هذا العالم، وهو الذي يتبعه فيض ربوبية أخرى ويعطيهم الله جسما آخر للروح فخما مناسبا ولكن لنفس الروح، أو نفس النفس. 

 إذن فسمو النفس المؤمنة تجعل استعمالها للدنيويات قدر الضرورة،  فنصيب الدنيا منهم هو الذهول عنها والانخزال، وهو المشي في تباطؤ.. والإذهال هو الصرف الذهن عن الشيء.

حركتهم الرائعة إلى الله  تتميز بجمال السرعة، ودموعهم في ذكره تتميز بجمال الدوام: دوام رطوبة الجفن بدموع الذكر.. إن وفاءهم أبدي وعدم جفاف دموعهم رمز لعدم جفاف ودهم.

 والارمعلال في النفس سرعة وشهيق وفي الدمع تتابع..

ثم يزيد ابن مريم الدنيا إيضاحا وأمثلة لفهم كنهها، لأنه فعلا هو ابن مريم الموعود.

فهي مثل الزبال ومثل السخال ومثل الماء الضهل ومثل المرأة المفسلة المحبطة ومثل القحل. وهذا تعبير وأدب عال لا يكتبه إلا المسيح الموعود، فلنلق نظرة على تفصيل ما أجمل، لنقول بقلب مطمئن: عليه السلام. 

 الزبال هو القمامة، والإزعال هو الامتعاض والاكتئاب، وهو مالاتستأهله الدنيا.  والسخال ولد الشاة مهما كان، والناقص الذي لم يتمم من كل شيء .. والضهل هو الماء القليل، والمفسلة هي المرأة التي كلما جاءها زوجها نشطا تمنعت وادعت عذرا كالحيض ففتر الرجل وأجهضت رغبته. وصورة الدنيا أيضا كالقَحِل وهي العجوز اليابسة.. وأولها ضحك وغرور وآخرها بكاء وندم. وعبر الكاتب بروعة عن هذا بكلمات بديلة: أولها الأوْن أي الدعة أوالرفاهة وآخرها الاقذعلال أي العسر.   

اجمع ماقال في هذا الكتاب عن الدنيا تعلم أنه ينثر مالا وفيرا من الفهم، وليس من معادن نقود الدنيا، وأنه يحكم في عالم القلوب لتحب الله بذوبان، فهو ملك على مملكة إذابة القوب في حب الله،  ومملكته ليست من هذا العالم الدنيوي، مع أن كلمة العالم عنده كما في إعجاز المسيح تعبر عما يدل على صانعه، لكنه من العالم الدال على صانعه، أي من العالم باعتباره مخلوقا لإعلان كمالات الله.  
لا تجد كمثلها قُرزُلاً، وإنها زقّومٌ فلا تحسبْها قُعَالاً، ولذلك سَلَّ عليها عباد الرحمن سيفًا قَصَّالاً، وما أخذوها بيديهم وما بغوا إِمْصَالاً، وطلّقوها بثلاثٍ وما شابهوا مُمْغِلاً، وأتمّوا قولاً وحالاً،  وما بالوا طَمْلاً فيما بلغوا إِبْسَالاً.
ثم يزيد الدنيا وصفا كأنها لم تشبع بعد أو لم تمت بعد من شدة الضربات.
يقول عنها: فلا تجد كمثلها قرزلا، أي أن الدنيا قيد سجن وغل ذل لا تجد مثلها غلا أو قيدا، ولو كانت الدنيا شخصا فهو قرزل أي شخص لئيم بشكل استثنائي، فالقرزل هو القيد وهو اللئيم. والدنيا لو كانت طعاما فهي الزقوم طعام الأثيم، فلا تحسبها زهرا يتناثر من أكمامه، أو قعالا ( وهو نَوْر العنب) . .  ولقد سل عليها عباد الله سيفا ماضيا في قطعه، وما أخذوا الدنيا بأيديهم  وما ابتغوا إفسادا (إمصالا)  في الأرض. وطلقوا الدنيا بثلاث فلا لقاء بعد، فاحتفظوا بالرشاقة الروحية، وما ترهلت أرواحهم فما شابهوا بذلك امرأة (ممغلا) تلد كل سنة وتحمل قبل فطام الصبي، مما يسبب فساد بدنها وترهل لحمها كما في اللسان. أو ماشابهوا ممغلا أي مصابا بداء البطن من الشره، أو الناقة التي تأكل التراب مع البقل مما يسبب داء في بطونها.      
وأتموا العلم والعمل، والقول والفعل.
وفي سباقهم في تشريف الله تعالى، وفي سعيهم الحثيث أو ( الطمل) لايبالون صراخ العضلات بالألم بعد أن وطنوا النفس للسبق ولو ماتوا.
ومعنى الإبسال هنا من أبسل نفسه للموت وطن نفسه عليه، والطمل هو المشي السريع .. والمعنى في قوله وما بالوا طملا فيما بلغوا إبسالا، أي وإذ باعوا لله النفس وبلغوا مقاما فيه قد وطنوا أنفسهم على الفناء فيه تعالى فهم لايبالون معاناة الطمل، أي معاناة السعي الحثيث، لأن من وطن نفسه في سباق على الفوز أو الموت لايبالي معاناة جهد السرعة.

ومن علاماتهم أنّهم يُنشّأون كصبي عُلْهَد، وفطرتهم في سباحتها تشابه العَنْكَد.

يتعهدهم الله منذ الصغر، عندما يجدهم ينفرون مما يعيب، ويستنكفون مما ليس بنبيل، فيحفظ نضارة فطرتهم من التلوث .. والصبي العلهد هو صبي حسن الغذاء، والعنكد نوع من سمك البحار.

 ولهم بركات كمطرٍ إذا أَلَثَّ، يظهرون إذا كان الصدق كشجرةٍ اجتُثّ.

لوجودهم في الدنيا بركة تصاحب الدنيا من أجلهم، وعندما ينعدم الصدق إلا قليلا يبعثهم الله ليفتحوا مؤسسة الصدق وينشئوا تجارته، فتزدهر بضاعته. ومطر قد ألث = دام

 إذا فقدهم الزمان فكأنه فقد التهتان.
لايشقى جليسهم ويرحم الله القرى بسببهم، وهم سبب إشراق الشمس ولو انعدموا انعدمت فرصة البشر في السعادة. والتهتان انصباب المطر. أو نزوله بين الحين والحين.
 إذا كثرت الفتن والهنابث،  فهي أرائج ظهورهم وإرهاص نورهم.

الفتن التي تترك الحليم حيران هي علامة على أن الله سيرحم الناس ببعثهم، وفي المحن يتبين دورهم ويسطع نور فهمهم، وعند حرب الردة بان قدر أبي بكر رضي الله عنه.. ففي الشدة والفزع تجدهم في العقل والثبات ملاذ الخائف، والهنابث هي الأمور الشدية والأقوال المختلفة المختلطة. ومعنى أرائج ظهورهم وإرهاص نورهم أي روائح ومقدمات هبوب نسيمهم وعلامات اقتراب زمانهم.

 يسعون في سبل الله كطِرْفٍ يأْزِج، ويكشفون سرّ الناس كبطنٍ يُبْعَجُ.
يسعون في سبل الله سراعا إلى الخيرات كطِرْف وهو الكريم العتيق من الخيل، ويأْزِج يسرع بكسر الزاي. ويكشف الله لهم أسرار الساسة وأسرار المتعاملين معهم كأنهم بعجوا بطونهم عن أسرار يخفون أوراقها في بطونهم.
 مجيؤهم بلْجَةٌ وذهابهم ظُلمةٌ.
مجيئهم يماثل طلوع الشمس، وغيابهم مثل حلول الليل.. والبلجة بالفتح والضم آخر الليل عند انصداع الفجر وضوء الصبح وفي اللسان: الحديث : ليلة القدر بَلجة أي مشرقة.
 هم بهجة الملّة والدين، وحُجّة الله على الأرضين.
 يُشاعُ أمرُهم كالبرق إذا تَبَوَّج، والبحر إذا تمَوّج.
هم الذين يشرفون الدين والقدوة بمسالكهم وكلامهم، وهو نعمة الله وبلاغه للناس أنه الحميد الجميل، فلا حجة للناس بعد ذلك إذا أهانوا ربهم.. والله يرسل علومهم مع الموجات ويبلغ ذكرهم في الأقمار الصناعية التي تنشر على الناس بلاغهم. وتبوج البرق إذا برق ولمع وتكشف.
 تخرج إليهم السُّعداء كظبي إذا خرج من تَوْلَجِها، وتقبلهم خيار الأمّة من غير أعوجها. الله ينفخ للسعداء في صور التنبيه ليخرجوا بحثا عنهم ليجدوهم ليبايعوهم، وقد كانوا كامنين في مقام الانتظار والأمل، والرؤيا والرجاء..  والتعساء يقومون بتكفيرهم وذمهم والفتوى ضدهم.. والتولج هو كناس الظبي أو الوحش أي مكمنه الذي يلجأ إليه.
 والذين ينكرونهم فسيعلمون عند الحشرجة، وإن التهبوا اليوم كالنار الْمُنْحضِجَةِ.
من ينكرهم فسيندم يوم تبلغ الروح الحلقوم، وقبل هذا اليوم فهو يحيا في حياة ملعونة جحيمية، يحيا ملتهبا غضبا عليهم، ولكنه لهب غضب الله عليه .. والمنحضجة هي الملتهبة المتقدة المتوقدة.
 إنّهم يؤثرون الدنيا ويجعلونها لقلوبهم معبدها، ويتمايلون عليها كالديك إذا حَلَجَ ومَشَى إلى أُنْثاه ليَفْسدها.
الذين ينكرونهم من طلاب الدنيا لهم منظر مخجل، فلقد جعلوا القلوب الشريفة معابد للجيفة، وهم كديك أبله يقترب فرحا من أنثاه. وحلج الديك أي نشر جناحيه واتسعت خطواته ومشى ليسفد الدجاجة.
 قد رَهَّدُوا كالحبل إذا حُمْلِجَ، وليسوا كَغُصْنٍ رَأُودٍ بل كطعامٍ إذا تَكَرَّج. ليس فيهم خيرٌ ويُضاهئون الْحِنْبِجَ.
منكروا أولياء الله الأبدال هم قوم قد اشتدت حماقتهم.
قوله قد رهّدوا : رهّد بالشدة المفتوحة إذا كانت حماقته محكمة الخناق. ثم جاء بصفة الإحكام وحدها مفصولة فقال:  كالحبل إذا حُملج، أي حبل تم إشباعه إمرارا، أي تم فتله فتلا شديدا محكما.. أي التفّت حبال حماقتهم على نفسها بقوة. وفطرتهم ليست غضة طرية بكرا،  فهم ليسوا كالغصن الرأود وهو أرطب مايكون الغصن وألينه ، بل كطعام تكرج: وتكرج الطعام فسد وعلته خضرة العفن. وهم يضاهئون الحنبج أي يشبهون القمل الضخم.   
تبارك الله الملك الحق لاإله إلا هو رب العرش الكريم الذي جعل وجود هؤلاء ممكنا، وأتم بفضله وعونه جهود تطهرهم فأثمرت طهرا تاما،  ورعى دوام وجودهم،  فأحيانا يقل عددهم وحينا يكثر.  

                    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق