السبت، 23 نوفمبر 2013

مقال 3 في الرد على الإلحاد: تاهت ولقيناها.. وجدناها وجدناها (تجربة نداء الله تعالى واحترام للوجود المقدس المحتمل وإخلاص)


3  الطريق المختصر السريع المستقيم نحو العثور على الله تعالى. 
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة هامة كل الأهمية
أخي الملحد: من حقك أن تلحد بالله، وأن تقول لم يتوفر لي دليل وجوده، ولكن من واجبك أن تحترم احتمال وجوده.
والله خلق الناس ليعيشوا مكرمين، وسمح لهم بالاختيار فلهم حقوق التكريم ولو كانوا ملحدين، وليس من حق مواطن أن يهزأ بهم، وعلى كل من استهزأ بإنسان أن يعتذر له، ولسنا كبارا على الاعتذار. 

وسيرة رسل الله تعالى مثل يوسف عليه السلام في القرآن تبين ذلك بوضوح.
ومعاهدة المدينة المنورة (يوم الهجرة) لتعاون المسلمين والمشركين واليهود على صيانة المدينة واحترام مواطنيها الثلاثة دليل على نوايا الله تجاه الإنسان، وعلى الاتجاه الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم لتطوير الحياة نحو رقي وصيانة وعمران، وكون الإنسان بغبائه يكره حسن المواطنة موضوع آخر.

والدفاع الشرعي عن النفس لصيانة حق الحياة والكرامة والحرية هو من الفطرة والدين، وخلال الدفاع يجب احترام إنسانية الإنسان.

ورب الناس واحد، ودين الله الواحد واحد، وكل فتاوى قتل المرتد والملحد فهي من عنديات كهنة الأديان، وليست من عند رب الناس. فلاإكراه في الدين كما قال الله مباشرة، ومهما قال الناس عنعنة عن الله مكابرة.

وعلى من يعرف الله أن يحرس قيم الحرية والتكريم، وأن يحمي اللاجئين من الاضطهاد كله: عقديا واجتماعيا، ولو كانوا مشركين جدا أو ملحدين مائة مرة.

فلنطمئن أو فلنحسن الظن، أو فلنعلن افتراض أن الدين الحق بريء من توجيه أهل الدين إلى هضم حقوق المواطن المرتد عن دينهم، بل الله جعل الكعبة رمزا للتعايش السلمي.

ولنفترض صحة الحقيقة أن الله خلقنا مختارين فعلا، وأنه خلقنا للرحمة ويفعل معنا ماهو لائق وحكمة، وليس في قرارات العذاب والإنعام عشوائية،  كما ذكرنا في مقال سابق،  ولننح جانبا النقاش حول حجة الملحد المتعلقة بسلوك الكهنة ممن يقتل الناس على أفكارهم ويحرمهم الكرامة بسبب عقائدهم. ولنتكلم عن الله الأكمل كما ينبغي للأكمل أن يكون، حائزا لكل صفات الرحمة والحكمة والجمال والود والرأفة والعلم المحيط والخبرة والدقة الكاملة والإتقان المطلق.

لندخل الآن لعمق المطلوب بحثه
ولنركز العقل والقلب والفهم والوعي والبحث على قضية وجود الله فقط الآن. الله بكل كمال وجمال وجلال ورحمة وحكمة وحنان وكرم وعظمة وحضور وسمع وجواب وتجاوب.

هناك بحمد الله تجربة دالة وطريق عملي مباشر، وسهل بسيط قاطع الدلالة على وجود الله تعالى، والله تعالى سيكون معنا في التجربة.

في هذا السبيل سنخوض تجربة علمية عملية بكل شروطها الضامنة للنجاح، والمطمئنة الباعثة على الثقة.
لحسن حظنا فالله الذي يجادل فيه المجادلون موجود ساعة الجدال، وحاضر شاهد لم يفته كلمة ولامعنى ولاخاطر ولا قفزة فوتون في مساره في مخ متكلم وهو يتكلم.

ومن العجب أنه سميع سبحانه، ويسره من الإنسان الاهتمام به والبحث عنه، لحبه لترقية الكيان والفهم والوعي، ولفائدة المرء لالفائدة الرب سبحانه.

لذلك أبلغكم عن الله أنه يسأل دائما كلما تباحث الناس وجادل بعضهم بعضا حوله: أنا موجود معهم وقريب منهم فلماذا لايتجهون لموضوع البحث مباشرة وهو قريب، والعجيب أنه سميع مجيب، ويفهم كل لسان بل والسر العميق والظن المستريب؟! 

عندما يلقن معلم للطب تلاميذه في اليونان عدد أسنان الحصان، كما قالها جالينوس، فيصيح تلميذ له متشككا: عندنا حصان في الخارج يا أستاذ فهلا اعتبرنا المعاينة ضمن الدروس، ولمسنا عددنا أسنانه وعرفنا القواطع والضروس؟ فذلك هو الطالب الباحث العلمي حقا.

 حدد نقطة بحث، ثم عاين بنفسك ولاحظ جيدا، ثم اجمع البيانات وقم بمعالجتها بأمانة، واجعل الله معك في البحث هاديا، وسوف تنجح. وهذا هو العلم الحق.

أول ملامح البحث العلمي هو المعاينة لو كان الشيء موجودا، وبدلا من التخمين النظري والتفلسف عن الخلايا الحية، فإن الميكروسكوب قد غير النظم إلى المعاينة بعدسة شيئية وأخرى عينية.    

يؤثر دوكينز إضاعة الوقت في سرحان وتخمينات على مواجهة التجربة العلمية الشجاعة. وسيكون لنا شأن لاحقا مع تهويماته وتخميناته، وما يزعمه من العلم وماهو إلا من خزعبلاته.

لقد حضر الله تعالى كل محاضرات دعاة الإلحاد في قاعات المحاضرات، وسألهم لو كانوا يعقلون لماذا لم يتوجهوا للموضوع مباشرة وهو الله: يتضرعون إليه تعالى أن يفصح ويظهر لهم فائضا من دلائل وجوده وآياته؟ ولماذا يتوه بهم دوكينز مثلا ويسرح بهم ليلهيهم عن وجود رب العرش المجيد، ورب العرش معهم سميع في نفس قاعة المحاضرة،  في أي بلد وكل قطر وكل قارة؟ ويمكن الصراخ إليه بالرجاء.

لو كان لدينا غرفة مغلقة في بيت اشتريناه لاندري مافيها، فكيف نضيع دهرا في تخمين مايوجد في الغرفة ونحن معها في ذات المنزل وعندنا تجربة نعاين بها مافي الغرفة ؟ لنفتح الغرفة إذ أن لها مفتاحا.

التجربة هي مخاطبة الله الذي يرانا ولانراه، نطلب منه حسم الخلاف والإفصاح عن نور وجوده بشكل زائد يعالج الشك الذي نعانيه، والريب الذي يعلم تعالى سره وفحواه، فالمفتاح هو الدعاء، وبأي لغة تشاء وتحدد، والله سوف يجيب المخلصين ويريهم آيات وجوده دون شك ولاتردد.

سيرينا الله من نور وجوده شعاعا، وسيتجلى بدليل عليه كلما صحبناه تباعا، وليس المتوقع بعد التجربة رؤية الله جهرة، فالله لايرى جهرة، ولو لم نقنع إلا برؤية الله جهرة لتساوينا مع من نشكو منهم من كهنة الدين، من المحرفين والمخرفين، ممن قالوا أو سيقولون لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة.

شرط هام هو مناخ الاحترام
بعد تجنبنا الإصرار أن نرى الله جهرة، أو أن نحسه بمقاييس الفيزياء المادي والموجي، يأتي دور الاحترام ومناخ الإجلال كشرط ضامن لنجاح تجربة الدعاء، والتعرف على الله تعالى بدليل يفتح البصيرة.

سنقف أمام الله بأدب جم واحترام كامل وإجلال لائق ونتضرع بتواضع، ونسأل ونحن مخلصون كل الإخلاص، وسنلح ونكرر ونظل فترة ندعو.

في هذه التجربة شرط فيصلي: لنحترم الله المحتمل الوجود كما احترمنا الله وفرض احترامنا وغرس الترحاب بنا في قلوب آبائنا وأمهاتنا. لنحترم الله الذي أعطانا الاختيار عطاء محترما، اختيار منحه الله ليحترمه الناس ويتركوا نتائجه لله، فالحساب على الاختيار عند الله، والمجتمع فقط يحاسب على الغش والاعتداءات والسرقة والقتل والكذب العلني والاحتيال وتحقير الآخرين. 

وليكن التوجه للدعاء في مناخ احترام مطلق. وسوف يرى دوكينز من الله مايسره.

لن يستجيب الله لكثير ممن أشاهدهم هذه الأيام، من الذين يستفزون دليل التأديب من الله لادليل التحبيب. ممن يقول لك مثلا: (لو كنت تريد هدايتي فاخفض رأسك في الأرض وارفع مؤخرتك للسماء واطلب ممن جعلني مجبرا مسيرا في الضلال أن يهديني فأقول بعدها قد اهتديت وصرت مسيرا في الهداية). ولكن لو تواضعوا وتابوا قبلوا.

لن يستجيب الله لشتام ولا لوقح ولا لمستهزيء ولا لساخر ولا لمستكبر يدعو الله بغطرسة أن يكشف له طريقا ليطمئن عقله لوجوده تعالى، حتى يستبدل الوقاحة بالأدب والهزل بالجد والسباب بالاعتذار.

تاريخيا: يتوجه الملحد إلى الله تعالى طوعا للدعاء وباحترام، حين يحيط به الموج والهلاك في لجج البحر والعاصفة. وكم مر عليّ من قصص واقعية لأناس بعيدين عن الله وقعوا في محن مهلكة، وأرى دائما أن مسار الأحداث تغير بعد لجوئهم إلى الدعاء، وجاءهم الفرج توكيدا من الله لصحة فعلهم عندما دعوه، وتشجيعا لهم على استمرار صحبته وصداقته.     
لكن ماذا نصنع لملحدي اليوم وقليل منهم يدخرون احتراما؟

الحق أقول لكم أن كثيرا من الإلحاد في الغرب كان مقدمة لترك الخرافات الكنسية، ومن بعد إلحادهم بحثوا عن الله فوجدوه وأسلموا لله، لكنهم كانوا من النوع المحترم الذي يحترم. ولما بحثوا عن الله المحتمل كانوا مؤدبين ولهم صفة النبل والكرم.

قلة لجأوا للإلحاد لأسباب تعذرهم، ولكن العذر معهم إلى حين يلجأون إلى الله الذي كذب عليه كهنتهم، وجعلهم يبتعدون عن الدين إن كان لامناص للدين عند الكهنة إلا أن يكون تشريعا للظلم والمهانة والخرافة.

تجربة عملية كبرى وجماعية
ومن التجارب العملية التاريخية عند البعثة المحمدية: أن جمهور مجتمع مكة في حقيقته كان ملحدا، وأراد الله تعالى في الحقيقة أن يقدم نفسه ويثبت وجوده، وكانت حياة محمد صلى الله عليه وسلم في لبها وحقيقتها إثباتا لوجود الله : الله الذي يجعل الأمي صاحب مدرسة تخريج صارت حديث العالم. الله الذي يتعمد خروج رسوله ضعيف العدد والعدة حين يأتي الملحد محاربا لرسوله، ويرى العالم الملحد مسلحا معه العدد والعدة والحسابات المادية كاملة وافرة، فيخرج الرسول منتصرا مؤزرا.

 لابد للدارس المتعمق أن يعلم أن جمع النبي كان في حكم الميت يوم بدر ويوم الخندق، وأن خروجه ناجيا وافرا هو هو إخراج الحي من الميت بشكل مذهل، فهو الله الذي يخرج الحي من الميت، يخرج مثلا من الشعب الميت الأمي شعبا قارئا كاتبا، مع كل فرد مصحف، منهم مثلا سبعون ذهبوا يوما لتحفيظ القرآن لقبيلة فذبحوا في الطريق غدرا وجهلا وغباء.
المسيح الموعود المحمدي تكررت معه القصة، وجاء مع إثباتات وجود الله، دلائل يعطيها الله مباشرة للبسطاء والعلماء على حد السواء، واتصال مباشر يوفر الوقت والجهد، بنهج يمر بالتطمين على  عظمة وكمال الله وتنزهه عن ممارسة الألعاب، وعن التصرف العشوائي، وتعاليه عن جبرية على الضلال يعقبها عذاب، وعظمة دين الله وخلوه من شوائب الكراهية والإكراه، وينتهي بالتوكيد على فوائد الدعاء وجدوى فاتحة الكتاب.



   







الخميس، 21 نوفمبر 2013

مقال ثان في الرد على زعيم الملحدين في العالم : ياعم ريتشارد دوكينز: إن تجاهل الحقائق والغرور والخداع حرام علميا.



 
مقال عما تم إغفاله من طرف دوكينز وماهو من الغرور وما هو خداع
بسم الله الرحمن الرحيم

ملاحظات عن الغرور مفجعة


في البداية فلننظر في فصول ثلاثة كتبها الدكتور ريتشارد دوكينز في كتابه: صانع الساعات الأعمى، والمترجم عربيا تحت عنوان: الجديد في الانتحاب الطبيعي، للدكتور مصطفى إبراهيم فهمي.

في الفصلين الأول والثاني يشرح الدكتور تعقيد تركيب الكائنات الحية خاصة، ويشرح في الفصل الثاني طرفا من روائعها ودقتها وعظمة آياتها.

وقبل أن نزداد إيمانا بالله ينادينا دوكينز: أن الأمر عجيب ومدهش ويدعو من لايعلم إلى الإيمان بالله الخلاق، ولكن من يعلم يكتشف السر الذي ينزع الدهشة، ويجعل النفس تنصرف عن فكرة الخلاق، وهو أن تحولات طافرة تدريجية تتراكم خطوة فخطوة من بدايات بسيطة من كائنات أولية بالغة البساطة، وكل تغير متتال في التطور هو من البساطة بالنسبة لسابقه بما يكفي لإمكان أن ينشأ صدفة، ولكن التسلسل الكلي للخطوات التراكمية هو أبعد من أن يسمى صدفة، عندما ننظر لتركيب المنتج النهائي بالنسبة لنقطة البدء.

ويعطي دوكينز لحاسبه شكلا مرسوما بسيطا، مع برنامج يقوم بتكرار البناء منه، ليجد بعد مدة وقد صنع الحاسب له أشكالا عجيبة من التراكيب.
  
طبعا هذا خداع، لأن الحاسب فعل مافعل بتوجيه خلاق من دوكينز، فكيف يصلح ليقنعنا أن الإنسان قد جاء للوجود من تلقاء الصدف المتراكمة؟ 

يقول دوكينز أنه لم يعط مهمة الحصول على نص شعري رائع لقرد يدق على لوحة الحاسب، لأن القرد يدق على 28 حرفا دقا تطوله احتمالات تصل بلايين البلايين عددا، فيطول عليه الزمن حتى ينتج نصا رائعا..

 ويعترف أن جزيء الهيوجلوبين مثلا لو ترك تركيبه للصدفة وحدها لاحتاج لعدد من المحاولات يصل إلى واحد وأمامه 190 صفرا، بالطبع تستغرق وقتا مهولا أسطوريا، مع أن الهيموجلوبين جزء صغير من كائن حي. يعني يعترف أن عمر عدة أكوان لايكفي لتنفيذ صدف يحدث فيها توفيق تجميع لبنات جزيء الهيموجلوبين، فلابد من شيء مع الصدفة يساعدها، وهو التراكم. 

حدث التراكم وجاء الإنسان. جئنا الآن ونحن سبعة مليارات، فهل نحن الهدف؟ هل بلغ التطور غايته؟

يقول دوكينز: التطور ليس له هدف على المدى الطويل. وليس من هدف بعيد المسافة، ولا كمال نهائي يعمل كمعيار للانتخاب، وإن كان الغرور الإنساني يتعلق بالفكرة السخيفة التي تقول أن نوعنا هو الهدف النهائي للتطور، ومعيار الانتخاب في الحياة الواقعية هو دائما قصير المدى: إما مجرد البقاء، أو بصورة أعم النجاح في التكاثر. وإذا حدث بعد دهور من الزمن أن حدث إنجاز يشبه أن يكون تقدما نحو هدف بعيد فإن هذا يكون ناتجا عرضيا لأجيال كثيرة من تراكم الانتخاب على المدى القصير.
فصانع الساعة وهو الانتخاب الطبيعي التراكمي هو أعمى بالنسبة للمستقبل.
طيب ياعم دوكينز نحن الآن في صفحة 82 من الكتاب، وأنت تقول أن التطور لاهدف له ولسنا غاية.

فلنقف هنا ساعة أو ساعتين.
 
أنت تكتب كأنك كشفت سر نظام الكون.
لكن معلوماتك العلمية نفسها قاصرة، لأن العلم يكتشف كل يوم جديدا، ألا ترى نفسك تظن في كتابك أن من الطفرات (هراء) كما ظن علماء الجينات بعد كتابة كتابك أن في الجينوم 90% أو أكثر( سقطا ) هو خردة التطور أوقمامته، وتبين لهم أن هذا باطل، وأن كل الجينوم له وظيفة، خاصة في برنامج التنامي الجنيني، الذي لازال سرا مستغلقا.
يراجع في هذا آخر مقالات ساينتيفيك أميريكان.

ماللطفرة ومشاكل البيئة ووجود كائن يتكلم ثم يحس بالجمال؟ ماللطفرة ووجود خاصية دوخت الفلاسفة وهي خاصية الاختيار، وماذا في الطفرات يوفق بين تشريحنا وبين تناسبنا مع الكلام؟ وماذا في الطفرات يؤلف بين مفردات الكون كلها ويبنيه على قاعدة الحروف وتراكيب الكلمات؟
الكيمياء حروف وكلمات،  والبروتينات مكونة من حروف وكلمات، وكذلك الجينات. كيف يكون تكوين الوجود كله من الحرف والكلمة ويكون التطور هو الوحيد الأعمى الذي بيده تتركب أروع الكلمات وبلا هدف ولا غاية؟!!
 
 المناظر الطبيعية الرائعة تناسبنا بشكل تام لإشباع حاسة الجمال لا للطعام. ولا يوجد مخلوق واحد حاليا يعتبر تجربة أو محاولة أو ينقصه إبداع فيعتبر تابعا للطفرة الهراء.. كل مخلوق حي نعرفه فهو تحفة في الإبداع في سياقه، وفي دوره في السلسلة المتوازنة، ونحن حاليا لاشك في أحد مراحل التطور، ومرحلتنا عينة صادقة من تسلسل التطور، ولا يوجد مخلوق واحد يمثل وجوده قمامة جانبية خاضعة للإقصاء، والله كان يغير البيئة لتلفظ أنواعا وتسمح بأنواع تمهيدا لمجيء الإنسان، وكل الطبيعة كما استلمناها قبل التلويث البيئي تشكل توازنا رائعا محكما، والتلويث الذي صنعناه وسبب انقراض الأنواع هو انتخاب لا طبيعي.
   
 إلى أين نذهب لو سرنا خلف دوكينز في أنه لاهدف؟؟؟

أنت تزعم انعدام الهدف الكامل لتشكك في الله وفي قيمتنا في 

سلسلة التطور:
ولكنني لو سرت بخيالي معك وسلمت لك بقولك، وتقول أن التطور لاهدف له ولسنا هدفه. ومعنى هذا انتظار كائن يخلفنا في الأرض وكأننا لم نكن. 
فربما إذن أن التطور لازال مستمرا متجها لوجود كائن له مخ غير مخك، ونظام إفرازات مخية مختلف، وكيمياء فكر وعواطف مختلفة، وقد يكون وزنه أضعاف وزن مخك. إنسان أو معراف له منطق يخصه، له رؤية غير رؤيتك، وسيكتب ويرى في تطور الوجود غير ماكتبت، وسيفسر العلم غير تفسيرك.؟؟ 

لماذا لاننتظر رأي المخ القادم بعدنا في الخالق؟
فلنسم المخ التالي لنا بالمعراف.
لماذا دوكينز الذي هو منا وله مخنا هو الذي فهم سر الكون بينما هناك ماسيقوله مخ أكبر معرفة وأثقل من مخه؟

الحق أن المخ الأثقل والأقوى سيجعل كتابات دوكينز هباء منثورا. 

ويزيد الشك في فكرك عندما نتذكر أن هناك علاقة يقينية مثلا بين الإلحاد والانطلاق في علاقات جنسية حرة، وهناك علاقة بين تلك العلاقات والإفرازات المخية، فما المانع أن كيمياء مخك وإفرزات غددك جعلتك تقول ماتقول؟؟، وما يدرينا ماذا تقول الكيمياء الجديدة للإنسان أو المعراف القادم في مستقبل التطورات؟ ولماذا تكون أنت الفاهم وهو لا؟ لماذا تكون رؤيتك للتطور هي الحق؟

حسب مذهبك:  فما أنت إلا خلطة كيماوية من تراكم الانتخابات، وكتاباتك ماهي إلا إفراز حالتك المخية الهرمونية، ولاعلاقة لما تقول بالحق ولابأصل الكون والمعرفة، و الإنسان القادم يعتبر مشابها لك، ولافضل لرأيك على أي رأي آخر، فلم تتغطرس مستكبرا؟
 كلامك هنا ينزع عنك الموثوقية ويضفي عليك صفة النسبية، ويجعلك تقول ماتقول لأنك أنت ما أنت عليه.  
وربما يقول هذا الإنسان الجديد مالا نتوقعه، ومالايمكن التنبؤ به، ويكون له في كل ماكتبت آراء تختلف كل الاختلاف.
 وربما ربما كان أرجح عقلا وأثقل مخا وأكثر أحاسيس واكتشف هذا الإنسان أخطاء كل المشايخ، وكل القسس وكل الحاخامات والبانديتات، والرهبان والكهان، وتبين له أوهام علماء الإنسان، أوربما سيكون في أكسفورد قسم متخصص من أقسام العلوم المجمعة، يدمج علم الفلك والبيولوجيا مع علوم اللسان والطب والتطور، في بيان عظمة محمد صلى الله عليه وسلم، يتتلمذ على يد الأساتذة فيه نوابغ العلم في أوربا؟  
حسب كلامك فمن يدري؟! إذن اهبط ولاتتعال بعلمك ولا تتطاول بما تعلمت. 

 بإذن الله هناك مقالات لاحقة لفحص مقولات كتابك عن صانع الساعات، ولكن لنا وقفة للتذكرة قبل الاستمرار:
  
تذكرة 

نحن جماعة مسلمة واعية تعلم أن الله خلق الكون أطوارا منذ خلق الدخان، وخلق الحياة أطوارا منذ خلق الماء، فالتطور في هيئة وخصائص الكون والإنسان حق، بدءا من مرحلة خلق الدخان السماوي حتى استواء الكون في الصورة الحالية، ومن تكوين أول كائن حي على الأرض حتى الوضع الحالي للأحياء. وهو تطور صنعه الله ورعاه، وخلق له من السنن مايكفل تقدمه. ومما قدر وقضى سبحانه أنْ سوّى واختار انتخابا طبيعيا معينا يعمل بأمر الله، ومن الاختيار الطبيعي إهلاك الأمم الملحدة، والسماح مرات باستئناف الحاة ووراثة الأرض للذرية المؤمنة،  ليوصل هذا الوجود الدنيوي لهدفه ولمنتهاه، وهو الوجود الإنساني المختار، والابتلاء المنظم والمعاناة المحسوبة، وتحديد كل إنسان لهويته: هل يكون مواطنا صالحا أم سيئا؟ تمهيدا لمرحلة تالية جديدة من التطور الإنساني، تأتي بعد الموت وإلباس الروح ثوبا جديدا، يبلغ فيها الوجود البشري غايته القصوى، فيعوض الإنسان القاصر وتعطى له فرصة، والمقصر هناك وفي الفرصة يمر بمرحلة تطورية مؤلمة، اسمها جهنم، يخرج منها خلقا جديدا صالحا للمواطنة السماوية الراقية.

لقد وهبنا الله العلم الحديث حتى ينصر دينه، أقصد دينه الحق، ووجود من يلحد بالاستعانة بالعلم كمن يستعمل السكين خطأ بلا فرق..

 كان الله هو صانع الإنسان مختارا، ومن الاختيار أن يؤمن أو يكون ملحدا جبارا.

 ولكن كان في علم الله أن النفاق هو من الإلحاد، وأن الملحد الحق هو من يدّعي إيمانا ويلطخ وجه الدين بالطين، وأن مانسميه بالملحد اليوم قد يكون أفضل إنسانية من هذا الذي يدّعي الإيمان. وكانت محاكم التفتيش مثلا صورة من صور الإلحاد المقيت، وكثير من الملحدين خير من قساوستها ألف مرة، وكم من ملحدين لهم حق الحرية والحياة أكثر من قساوسة الوحشية هؤلاء.

إن تقدم العلوم في القرون الحديثة جاء بعد أن أنجزت أمة الإسلام مهمة عظمى لم يقم بها أحد من قبل. كان العلم ممزق الأوصال بين الأمم، محروما من ميزة التراكم، وكان لابد من مهمة جمع الأشلاء لينفخ فيها روح جديد، وقامت معاهد في حضن أمة الإسلام بجمع كل ماتفرق، واكتشاف علاقات ووحدة، وتوصيل الأعضاء ببعضها.

هذا التجميع التراكمي لم يحدث صدفة، بل دبر الله له أمة تقوم به، لها كتاب له بصمة عقلية محددة تبعث من تمسه إلى البحث العلمي، وفي وهج حرارة هذا الكائن يوجد مناخ حار علمي.
 كان الله يعلم ماسينتج عن تقدم العلم الحديث من إيمان وإلحاد معا، ومع ذلك قرر الله تعالى بعث النبي الذي يوقظ البحث العلمي من سباته، ولم يكن بهذا مغامرا، بل قرر مساندة الإيمان، وهو يفعل ذلك الآن، والإيمان اليوم يجد من يحبه بالتفسير الصحيح الذي بعث الله له ابن مريم المحمدي ليشرحه، ويبين تنزه الإسلام عن الإكراه. وقد هدم الله عمارة السوفييت الذين قرروا الإلحاد مناهج دراسية تُعطى بالإكراه، وعاد من يريد الإيمان ليؤمن، ولو أن الإلحاد غدا في عصر دوكينز مناهج دراسية تؤخذ بالمودة والمحبة ووعود الدنيا بالمتع والانطلاق.

  
ملاحظات عن الإغفال موجعة
1
يقوم البروفيسور بإغفال وجود فكر إسلامي راق مستنير، يوجد ممثلون له في بلده بريطانيا، وهو فكر الجماعة الإسلامية الأحمدية، والمكتوب بلغات من أهمها الإنجليزية، فكر يلتقي مع العلم والمنطق، فلا يفسر نصوص الإسراء والمعراج مثلا بشكل حرفي سطحي، ويرى التطور الكوني والحيوي حقا، وإن أخضعه لرقابة ربانية.  يغفل هذا لأنه لايريد أن يراه، ويريد أن يظل كما هو في حالة السخرية بالإسلام.

إن أهم مايأخذه البروفيسور على المسيحية فمصدره تفاسير القساوسة المخطئة، ويعشق في الإسلام تفاسير المشايخ المستنكرة، ويفعل البروفيسور الدكتور ريتشارد دوكينز مع الإسلام مافعله قساوسة القرون الوسطى من التحامل والبحث المتحامل المتحيز سلفا.

وهو يعلم أن المسيحية الكنسية في أفكارها غير المسيح عليه السلام، ولايخفى عليه أن التطور الفكري ينحو نحو التأثر بعوامل التعرية الفكرية، وبالتالي يعلم أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم غير المشايخ المحرفين، فهو ملزم بصفته كعالم باحث أن يميز بسيف مرهف قاطع بين الطرفين. لكنه يتجاهل هذا عمدا.

هو يغرم بتفاسير المشايخ عن الإسراء والمعراج، ولا يرى في النص غير الحرفية السطحية، وهو يحزن لو كان للنص معنى آخر، ويسره أن يسقط على مدرّسة مسكينة في مدرسة عنده، (وهي من ضحايا المشايخ المكذبين لابن مريم المحمدي)، ويسأل البنات أمامهاعن التطور، ويكشف أنها تعلم البنات بشكل دوجمائي تلقيني جامد أن القول بالتطور ضلال، ويستمتع بإحراجها وتصويرها والتشهير بها، وإفهام العالم: (أنها هي ممثلة الإسلام، وبالتالي فالإسلام يعلّم التقليد الأعمى واللاعلم).
وكذلك يسخر في محاضرة عامة من فهم شاب مسلم مخدوع بالمشايخ، شأنه شأن المدرّسة المسكينة، ويستمتع ريتشارد بإحراجه علنا متحدثا عن البراق والمعراج، مع علمه أن هناك فهما غير هذا لاغبار عليه. 
 
الحق أن أغلب انتقادات دوكينز على مقولات الدين هي حجة على تخريف المتدينين وليس حجة على الدين. 
ويتجاهل الإعلام الإنجليزي والغربي عامة وعمدا تقديم الإسلام بالفهم الابن مريمي (الأحمدي) ويصر على أنه لاإسلام سوى مايقول المشايخ المحرفون لعظمة الدين، وبهذا فهم يكفروننا ضمنا وينضمون لحزب المكفراتية سرا، لأنه يطلب من المسلم الأحمدي اعترافا بإسلامه يقر به المشايخ ليعتبره مسلما وبذلك فهو من المكفرين.

  2
ويغفل دوكينز ويتجاهل تماما (انظر التذكرة أعلاه) أن تقدم العلم الحديث ونشأته الناهضة جاءت من أثر بعثة نبي من رسل السماء، هو محمد صلى الله عليه وسلم. ومن قبله كانت بلاد البريطان تعج بالهمج والهمجية، بينما كان القرآن يشق طريقه، قائلا في شتى سوره أن حسن عشرة الآباء غير الاندماج في أخطائهم الفكرية، وأن لتقليد الآباء شرطا هو اليقين بصحة البرهان الذي بني عليه فكرهم، وأن النظر العميق في الكون والتركيب الإنساني والألسنة يكشف أننا خلقنا للتكريم،  وأن في الطبيعة سننا للفهم، وأن في خلق الكون كنوزا للفكر توصل المفكر أن الخلق ليس بعشوائي باطل بل له أسس وهدف.

 ومن الصعب تصور أن دوكينز يجهل تاريخ العلوم الذي استفاضت فيه المؤلفات، وشهد من قومه كل منصف بفضل حضارة القرآن على تقدم العلوم، وأثر دولته في تحقيق قفزة العلم من حفرة كان فيها، قفزة حاسمة جمعت ماتفرق وبصورة ماكان لها أن تحدث لولا هذه الأمة، والتي هي بنت هذا الكتاب.

القرآن يمكن النظر إليه على أنه نص في الحثّ على التعلم والبحث العلمي والصدق والنزاهة المطلقة في الدراسة. وهو مترجم بالإنجليزية ترجمات رائعة منها ترجمة الخليفة الرابع: طاهر أحمد رحمه الله. ومحمد المؤمن بالله الواحد هو فاتح طريق العلم ياملاحدة العالم. وهذا العلم الذي تلحدون به وتتفشخرون بشهادات رؤساء الإلحاد فيه مانهض إلا بتدبير الإله الواحد، وثمرة دفعه تعالى بهذا النبي من الكمون إلى الظهور، والوقوف في ساحة النطق والمنطق، لتحدث بعد وجوده موجة في بحر العلم الساكن الخامد، لتنتشر وتصل لعاملين نشطين بعد قرون في أوربا، رحمة منه تعالى كي يهيء طرقا للرقي. وصلى الله على محمد وسلم.

الخليفة الرابع تصدى لك من قبل في كتابه الوحي والعقلانية، وهو تحفة أدبية إنجليزية، كان عليك أن تواجهها، ولكن صار لك زبائن في بلاد العرب فسوف نرد عليك بالعربية. إن شاء الله سبحانه وبحمده.
 
لا تتصور ياعم دوكينز أن الله جاء بالعلم ليشجع الإلحاد، بل جاء به ليدحض الإلحاد وليثبت وجوده، وسوف ترى، وسينمو العلم ليري العالم كم أن محمدا على الحق، وأن مكذبي المسيح على باطل شأنهم شأن مكذبي وجود الله تعالى، وكما رجع العلم عن دعواه أن 90% من الجينوم هو سقط وقمامة التطور، فسيرجع غدا عن دعواه ضد وجود الله الواحد. عندما نترك المكابرة ونبحث صورة الدين الحق كما جاء بها نصير محمد : المسيح ابن مريم من المسلمين عليهم الصلاة والسلام .