الخميس، 30 يناير 2014

قصة التمثيل الضوئي تشهد بوجود رب العرش الكريم . . كيف تم نقل الطاقة من باطن الشمس عبر الفضاء ثم تخزينها في النبات وخلال ATP ثم يتم فكها في الخلايا والميتاكوندريا وبها يتم تصنيع كل أصناف الغذاء والروائح

 
 
 من مجلة ساينتيفيك أميريكان
مترجمة في مجلة: العلوم عدد سبتمبر /أكتوبر 2009 
لون النباتات في عوالم أخري
              غرباء خضر يجوبون الكون.
                         <Y.N.كيانگ>
 
 

 
 
في محاولة لاستنباط كيف يمكن أن يعمل البناء الضوئي على الكواكب الأخرى، تكمن الخطوة الأولى في شرح ذلك على كوكب الأرض. فطيف الطاقة الذي يخص ضوء الشمس على سطح كوكب الأرض يبدي قمته في منطقة الأخضر المائل إلى الأزرق. وهكذا فكَّر العلماء طويلا في سبب عكس النباتات اللون الأخضر، فأضاعت بذلك ما يبدو أنه الأفضل في الضوء المتاح. أما الإجابة عن ذلك فتكمن في أن البناء الضوئي لا يعتمد على الكمية الإجمالية لطاقة الضوء، بل على طاقة الفوتون الواحد وعدد الفوتونات التي تؤلف الضوء.

وفي حين تحمل الفوتونات الزرقاء طاقة تفوق ما تحمله الفوتونات الحمراء، تصدر الشمس مزيدا من الصنف الأحمر. والنباتات تستخدم الفوتونات الزرقاء لنوعيتها quality والفوتونات الحمراء لكمِّيتها quantity. أما الفوتونات الخضراء التي تقع بين هذه وتلك، فإنها لا تمتلك الطاقة ولا الأعداد، وبذلك تأقلمت النباتات لامتصاص ما هو قليل منها.

إن العملية الأساسية للبناء الضوئي، التي تثبِّت ذرة كربون واحدة (تحصل عليها من ثنائي أكسيد الكربون CO2) داخل جزيء سكّر بسيط، تتطلب حدّا أدنى من الفوتونات يبلغ ثمانية. إنها تأخذ فوتونا واحدا كي تفصم رابطة الأكسجين- الهيدروجين في الماء (H2O) من أجل الحصول على إلكترون لصالح التفاعلات الكيميائية الحيوية. ويجب فك ما مجموعه أربع من هذه الروابط لصنع جزيء أكسجين (O2) واحد. وتتم مؤاخاة كل واحد من هذه الفوتونات بما لا يقل عن فوتون إضافي واحد لصالح تفاعل من نمط ثانٍ لتشكيل السكر. وكل فوتون يجب أن يمتلك حدا أدنى من الطاقة لتسيير التفاعلات.

أما الطريقة التي تجني بها النباتات ضوء الشمس، فإنها تعد من معجزات الطبيعة. فأصباغ البناء الضوئي (مثل الكلوروفيل) ليست جزيئات منعزلة، إذ إنها تعمل كشبكة مثل مصفوفة من هوائيات antennas يتخصّص كل منها بالتقاط فوتونات ذات أطوال موجية معيَّنة. فالكلوروفيل يمتصّ على نحو مفضّل الضوء الأحمر والضوء الأزرق، في حين تلتقط الأصباغ الكاروتينويدية (التي تولِّد الألوان الحمراء والصفراء في أوراق الخريف) درجة مختلفة قليلا من اللون الأزرق. وتُمرر جميع هذه الطاقة إلى جزيء كلوروفيل خاص عند مركز للتفاعل الكيميائي يشطر الماء ويطلق الأكسجين.

وتعدُّ عملية التمرير التجميعي funneling هذه مفتاح انتقاء الأصباغ للّون. فمعقّد الجزيئات في مركز التفاعل لا يستطيع أداء التفاعلات الكيميائية إلاّ إذا تلقى فوتونا أحمر أو ما يعادل كمية طاقته في شكل آخر. وهكذا فمن أجل الاستفادة من الفوتونات الزرقاء يكون على أصباغ هذا الهوائي antenna pigments أن تعمل في تناغم ابتغاء تحويل الطاقة العالية (للفوتونات الزرقاء) إلى الطاقة الأدنى (فوتونات أكثر حُمْرَة) على شاكلة سلسلة محوّلات هابطة الخطوة تختزل ال000 100 فولط التي تتصّف بها خطوط القدرة الكهربائية إلى الـ 120ـ أو الـ 240 فولت التي تميِّز مَقْبِسَ الحائط.

 إن هذه العملية تبدأ حين يضرب فوتون أزرق صبغة ماصة للأزرق، ويُنشط energizes أحد الإلكترونات في الجزيء. وحينما يرجع ذلك الإلكترون عائدا إلى حالته الأصلية يطلق هذه الطاقة ـ ولكن بسبب فقدان الطاقة في صورة حرارة واهتزازات، فإنه يطلق من الطاقة أقل مما امتصه.

لا يُطلق جزيء الصبغ طاقته في صورة فوتون آخر، بل في شكل تآثر interaction كهربائي مع جزيء صبغ آخر يكون قادرا على امتصاص الطاقة عند ذلك المستوى الأخفض. ويطلق هذا الصبغ بدوره كمية طاقة أخفض من سابقتها وتستمر تلك العملية إلى أن تتدنى downgraded طاقة الفوتون الأزرق الأصلي إلى الأحمر. ويمكن لمصفوفة الأصباغ كذلك أن تحوِّل السيان cyan الأخضر أو الأصفر إلى الأحمر. إن مركز التفاعل، باعتباره النهاية المتلقّية لهذا الشلال، يتكيَّف لامتصاص أخفض الفوتونات المتاحة طاقة. والفوتونات الحمراء هي الأكثر وفرة على سطح كوكبنا والأخفض طاقة ضمن الطيف المرئي.

أما بالنسبة إلى البانيات الضوئية تحت الماء، فالفوتونات الحمراء ليست بالضرورة هي الأكثر وفرةً. وتتغيّر مشاكي ( جمع مشكاة) niches الضوء بتغيُّر العمق، وذلك بسبب ترشيح الضوء الذي يقوم به الماء والمواد الذائبة فيه وكذلك الكائنات الحية التي تعلو تلك المشاكي. وتكون النتيجة ترتيبا واضحا لأشكال الحياة في طبقات حسب مخاليط أصباغها. فالكائنات الحية في الطبقات المائية الأدنى تمتلك أصباغا متكيفة لامتصاص ألوان الضوء التي خلّفتها الطبقات الأعلى منها. ونذكر على ذلك مثلا أن الطحالب والبكتيرات السيانية (الزرقاء) تمتلك أصباغا تعرف باسم الفيكوبيلينات phycobilines، تلتقط الفوتونات الخضراء والصفراء؛ أما البكتيرات غير المولِّدة للأكسجين anoxygenic فتمتلك كلوروفيلات بكتيرية تمتص الضوء الأحمر الأقصى والضوء تحت الأحمر الأقرب اللذين يخترقان الماء وصولا إلى الأعماق الدامسة.


وتميل الأحياء المتكيِّفة للأحوال الضوئية المنخفضة لأن تكون أبطأ نموّا، لأن عليها أن تبذل جهدا أكبر في التقاط أي ضوء متاح لها. فعلى سطح كوكب الأرض حيث يتوافر الضوء بكثرة، سيكون من غير المفيد للنباتات صنع أصباغ إضافية، ومن ثم تكون انتقائية في استخدامها لِلَّونِ. وستصلح المبادئ التطورية ذاتها للعمل في العوالم الأخرى غير كوكبنا.

ومثلما تكيَّفت المخلوقات المائية للضوء الذي يرشِّحه الماء، فإن الأحياء قاطنات اليابسة تكيَّفت للضوء الذي ترشِّحه غازات الجوّ. ففي أعالي الغلاف الجوي لكوكب الأرض تكون الفوتونات الصفراء (عند الأطوال الموجية 590-560 نانومترًا) هي الصنف الأكثر وفرة. ويهبط عدد الفوتونات بشكل تدريجي كلما زاد الطول الموجي وبشكل شديد الانحدار في حالة الطول الموجي القصير. فعندما يمرّ ضوء الشمس عبر أعالي الغلاف الجوي يمتص بخارُ الماء الضوء تحت الأحمر في بضعة شرائط موجية تحت 700 نانومتر. والأكسجين يولِّد خطوط امتصاص (بمعنى نطاقات ضيقة من الأطوال الموجية يحجبها هذا الغاز) عند 687 و 761 نانومترًا. ولا يغرب عن البال أن الأوزون O3 في طبقة الستراتوسفير يمتص الأشعة فوق البنفسجية بقوة؛ أما الحقيقة الأقل شيوعا من ذلك، فهي أن الأوزون يجري امتصاصه كذلك عبر المجال المرئي من الضوء بشكل ضعيف.

فإذا أخذنا الأمر في مجمله، فثمَّة نوافذ يستطيع الإشعاع أن يفتحها في غلافنا الجوي وينفذ منها إلى سطح كوكب الأرض. وتتحدَّد نافذة الإشعاع المرئي عند حافتها الزرقاء بتهاوي شدة الفوتونات القصيرة الموجة التي تصدرها الشمس وبامتصاص الأوزون للأشعة فوق البنفسجية؛ أما الحافة الحمراء فتحدِّدها خطوط امتصاص الأكسجين. هذا وتنزاح ذروة الوفرة الفوتونية من الأصفر إلى الأحمر (حوالي 685 نانومترا) بواسطة الامتصاص الواسع للأوزون عبر الضوء المرئي.


لقد تكيَّفت النباتات لهذا الطيف الذي يحدِّده الأكسجين بشكل كبير، ومع ذلك، وقبل كل شيء، فالنباتات هي التي وضعت الأكسجين في الغلاف الجوي. فحينما ظهرت أحياء البناء الضوئي على كوكب الأرض لأول مرة كان الغلاف الجوي يفتقر إلى الأكسجين، بحيث إنها لابد قد استخدمت أصباغا تختلف عن الكلوروفيل. ومع مرور الزمن فقط حين غيّر البناء الضوئي تركيب الغلاف الجوي برز الكلوروفيل كخيار متاح.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق