الخميس، 3 أكتوبر 2013

هذا وقت الدعاء وتعظيم الله الأعلى بمحامده والتذلل والرجاء ووقت التوبة النصوح والطيران نحو الله والسمو والسماء


بسم الله الرحمن الرحيم

       الدعاء

الدعاء مخ العبادة.
والله دبر القضاء وجعله مقرونا بالدعاء، فمن دعا الله مخلصا اصطرع دعاؤه مع القضاء حتى يغلب الدعاء لو كان قويا مخلصا. 
المتسمون بالسلفية يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب.
يأمرون بالدعاء لله دون اعتداء، ثم يدعون الله بكل ماهو اعتداء، وبكل صفاقة يلعنون مسيحه تعالى أمامه ويدعونه أن يمحو جماعته وهم يبكون أشد البكاء، وتتقرح أعينهم من الدمع ويعجبون في أنفسهم لماذا كلما دعوا الله رد دعوتهم.
   
يقوم المتمسلفة بنهي الناس عن دعاء السيدة والحسين والسيد البدوي والتوجه بالدعاء إلى الله وحده، ثم لايقومون هم بدعاء الله وحده وطلب الهداية بتذلل، بل يدعون الله بالهداية وهم يسرون في أنفسهم أن لو كانت الهداية هي صدق المسيح الموعود لشكوا فيها ونسبوها للشيطان لالله. 


ولقد دعونا الله أن يهدينا إلى الحق والصدق في أمر المسيح المحمدي ابن مريم الذي أعلن أنه المسيح عام 1890 م  فهدانا الله تعالى إلى أن كل هذه المفاهيم الهادية عن الإسلام وتشريفه  لايمكن أن يهدي الله القوم الظالمين إليها، ومادام هذا هدى فمن جاء به فليس بظالم، وبالتالي هو صادق.

وهانحن ندعو الله تعالى مخلصين له الدين ولو كره الكارهون لهذا الدعاء: 
اللهم أنت الصادق الأحد الواحد الفرد المحسن، اللهم أنت الرحمن الأرحم والملك الأعلى والأكرم والهادي الخبير الأعلم والمدبر والمدير المريد الأحكم، أنت الأغنى والأقوى والأحنى والأحلى، أنت الأجمل الأجل رب الأسماء الحسنى، أسماؤك فتانة الجمال تسبي القلب وتسلب اللب. ذاتك حميد كامل جميل جليل عظيم عليّ كبير.

 آمنت بك وبرسلك وكتبك. صل على محمد عبدك ونبيك خاتم رسلك وأنبيائك، الأمي المحفوظ الشريعة الموعود بالنصر والظهور والرفع والتشريف في العالمين. صل وسلم وبارك كثيرا عليه وعلى صحبه وآله وتابعيه بإحسان إلي يوم الدين.

رب اجعلني مسلما لك، واجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي، واجعل القرآن العظيم ربيع صدري وشفاء نفسي، واجعل شريعته روح قلبي ونعيم حياتي، واجعل تلاوته راحة فمي ولساني وعقلي، واجعل سيرة رسولك محمد قبلة وجودي وصورة فطرتي. واجعلنا للمتقين إماما.

يا منبع الحسن ورب العرش والصمد ومصدر كل خير أتضرع إليك معترفا بذنبي وعجزي وجهلي وفقري وضعفي وجوعي وعريي وحاجتي وخوفي وهواني ومرضي وترددي وبخلي وجبني وظلمي وتحيزي وتعرضي للتهديدات.

محتاج إلى مغفرتك وعفوك وقدرتك وتعليمك وهداك وعطائك وإطعامك وعونك وشفائك وإصلاحي وتسليمي وحمايتي، وتجميلي وتشجيعي وتأميني وتطميني وإكرامي وتشديد عزمي وحزمي.


أعنّي على استدامة حفظ القرآن وأن تمسني أنواره، وأن أمسها بنعمتك. أنت الحي تراني وتسمعني وتبالي وتجيب وتضبط كل أمر.

هبني التوجّه الرجولي الحاسم الحازم، والعزم الصارم والهجوم على المكارم، والتركيز في إخلاص التوجه إلى وجهك الأكرم، والجدارة بقبلتك وبيتك المحرم وملة إبراهيم المسلم. هبنى حبا لذاتك تستحقه وعبادة لوجهك أنت جدير بها.

سبحان الله الذي علا وكبر وعظم عما يقوله الذين لا يعلمون مما يعيب ولا يليق، وعما يشوه  مما يقوله الذين لا يفقهون، وعما يدعي الذين يقولون ما لا يعقلون. سبحان الذي جعل في أعناق عدوه أغلالا فهي إلى الأذقان.

الحمد لله الذي غلبت رحمته لحى المغالبين وعمائم القساة المكذبين، الذي بعث عبده ابن مريم ولم يبال بتفاسير اليهود وما يفترون، ونجاه رغم أنف المتآمرين، وأبلغ دعوته لأقصى أنحاء الأرض دون أن يتمكن من صدها الكارهون. الحمد لله الذي جاء بالجنة مزلفة للمريدين ونادى الطلاب المتفرغين، ومهد السبل للسالكين وخصص لهم الحراسات والخفر الذين لا يغلبون ولا يغفلون ولا يفشلون، وأهان من يهينهم بكن فيكون. كشف الأسرار وكشط السماء وزوج النفوس وجعل العالم قرية، وجعل كشىء واحد عالما متبددا.

لك الحمد ما أجملك، لك الملك ما أجلك، لك النعمة والعرش ما أكملك. قلبي مشدود إليك فشد وثاقه فلا يرتخي عنه توتر الانشداد إليك. انتشلني من العالم الدّنيء والدّنيّ الدنيوي الضيق إلى عالمك المنير الفسيح الطاهر السامي الأخروي وفضائك الصافي العلوي.


خلقت الإنسان وأحسنت البنيان وتغضب على من يهدمه بأي شكل وذريعة من بني الإنسان، وتحب له الإكرام والتحرير والتعليم والإطعام والإحسان، فاجعلني ممن يكرمه ويسانده ويواسيه ويطعمه ويعلمه ويرقيه و يقدمه.


ربّ: في عالمٍ؛ الناس فيه في الميادين حيارى لا يعرفون حقيقة ما تغلي به آمالهم، وإنها آمالهم في حياة طيبة، آمال تنبع من فطرة أنت زرعتها فيها، وجعلت نفسك محطّها؛ رب فكن طمأنينتي في هذا الاضطراب الذي يرج الناس ويزلزل الأرض ويفقد العالم رشده، أنت ربي فكن أنت دليلي ونوري، وكن أنت سفينتي، واجعل ذكرك ترسي وكهفي، وهبني حبك وخشيتك معا.

طهرني واكشف حجب الذنوب عني، وأذب شحوم العمى عن روحي، إنني أستغفرك وأتوب إليك وأحمدك وأثني عليك، وأعتذر إليك وأفوض كل أمري إلى الله، إنه بصير بالعباد.


اجعل أنفاسي حمدا، واقبل التماسي رحمة منك واجعل إحساسي بنعمك حادا، واجعل نطقي بمحامدك وذكر إحساناتك مرهفا وجادا.. واحعلني من التائبين العابدين الحامدين، الراكعين الساجدين المتواصين بالحق والصبر، بالمعروف آمرين وعن المنكر ناهين، بالطريق الذي تحبه وبالأسلوب الذي ترضاه  وتفضله.


اجعل جنبي متجافيا عن المضجع لأدعوك خوفا وطمعا، واجعلني محافظا على الصلاة مؤديا للزكاة عشقا وطبْعا.


فهّمني فصل الخطاب وتأويل الكتاب، والحكم في الخلاف والرد على الشبه للشيب والشباب، وأرني كيف هو إيضاح الغامض وتيسير الصعب، واشرح صدري واحلل عقدة من لساني وقلمي يفقهوا قولي ومقالي.


اللهم أنزل أمانة في جذور قلوب المصريين ليعرفوا مسيحك، وهبهم هبة مخصوصة من نور التحرر والاجتهاد والاستقلال  ليعرفوك من كلامك، واهدهم لدعائك الخالص فيروا صدق مبعوثك، ومهد طرقا ليسلكوها إليك، وطهر منهم جمعا كثيرا واشرح نفوسا طاهرة كي تعبدك حقا. اللهم افتح في قلوب أهل مصر أبوابا لينفذ منها نورك، ويفقهوا رموز أقوال رسولك، ويتيسر لهم فهم آيات كتابك.

اللهم أنزل رحمة خاصة خاصة على هذا الشعب، رحمة بها يفكر ولايتبع الكذابين، وينكشف له بنورك الدجالون. رب ارحم هذا القوم  فقد عانى كثيرا، واشمله برعاية منك مخصوصة فلطالما خدعه المفتون بفتاواهم وهاجمه أعداء بكل قواهم. 

رب احكم بالحق. وأنزل قلة القيمة على من يفتي بالكذب ولا يتحرى في فتواه عن مسيحك الصدق كل الصدق. أنت ياخبير تسمع وترى الخطط والتهديدات، وتحصي الصور والأصوات والتصرفات والنيات والبيات. أنت الأكبر تصويرا وتحريرا، وإحصاء وتخويفا وتحذيرا. لك ركعت، لك قمت، لك صمت، لك شهدت لك سجدت. بك آمنت ووثقت وقاومت وصبرت وصُلْت وجُلْت وكتبت وتكلمت.


اللهم إن المفتي يتكبر ويستعلي، ومشايخ التكفير من أوليائه  يسبون ويلعنون ويتربصون ويسخرون ويتوعدون، ويحرضون على العدوان على المسكين لا على إطعام المساكين. لكنني راض عنك مقبل على دعوتك، محب لدينك غيور على شرف رسولك الخاتم، فاطبعني على صورته، واغرس في تربة فطرتي شجرة عشق قدوته، وألق على روحي ظل سنته وصبغته، وضعني تحت مكبس مطبعة خاتمه وصورة بنوته وميراث عترته وسمة وراثته.


فرح عدوك لمّا فعلت اللحى ما يلطخ دينك بالعار، ويظهر الإسلام كدين لا يجذب ولا يفتن ولا يبعث على الانبهار، فافعل بعظمتك ما يزيل اللطخات ويغسل الشوائب ويطيل الرقبة ويعيد الاعتبار والفخار وأكاليل الغار.


أبهِر وأبدِع وتألَّق وتجلَّ وأرسل كتائب لحماية عبيدك المخلصين، الذين يكفرهم الجاهل ويحسبهم ملحدين، وافعل الآيات لغلبة مبعوثك فيكون بآياتك هو ومن اتبعه من الغالبين.


كيف لي أن أرى جمالك بدون مصباحك، وبدون الوقوف في معرض تجليك ومقام لمعان بروق آياتك؟ ها هي روحي تراب ليدوسها عبادُك، مملوك دخل حقلك متذللا يريد أن يلوح له وجهك وَجودُك، يرجو أن ترحب به بلادك.


أصبحنا، وأصبح الملك لك وحدك يا مالك الملك ومالك الكمال ومالك الكلام، وملك الجلال والعلو والسمو والسماء، والعظمة والسناء والبقاء ورب الوفاء. أصبح لك أحسن الأسماء وتفردت بفيض النعم والعطاء والكرم. أعطني فورانا في الروح فتغلي بحمدك، واجعل يومي هذا متميزا باستيعاب طعم عظمتك، وشم عطر محاسنك، وشرب رحيق كلامك، وتحسس روائع لطفك وسترك وأشكال حمايتك، يا نعم الوكيل يا نعم المولى ونعم النصير، ونعم الهادي ونعم الرحمن الرحيم. ارزقني حياء منك وخشية لك وأدبا، معك ووقوفا عند حدودك وتشريفا لحضرتك. اجعل عقلي ووعيي مع جلالك وجنابك وسموك وفخامتك.


حيثما رحلت أحمل مصدر طاقتي من إبداع يديك، وأشاهد آيات عملك ونداء ذاتك، فاجعل كل كمّ من تلك الطاقة يتحرك في ذهني بتسابيحك، ويجري في القناة التي تحبها في عصبي، واجعل هرمونات مخي تفرز بالكيفية التي ترضاها. واجعل اتجاهات خواطري وانفعالي وهمتي وهمومي ولذتي وراحتي في مصارف طائعة، وفي دوائر وضفائر خاشعة. ادخل إلى مخي وعصبي وفصوص وعيي وأنسجة عقلي وارسمها كلوحة أنت تحبها، وأعد توصيلاتها على خريطة أنت تزكيها، فلن أتزكى إلا بيدك ولن أتجمل إلا بريشتك.


اللهم برحمة منك أيها الرحمن، وببركة صلاة منك على نبيك الخاتم (الذي هو سرك لتبرير خلق ورحمة بني الإنسان) اللهم هبني دعاءا مستحابا وقلبا مخلصا أوابا، حمادا بحرارة وتوابا، وشخصا حاضرا عندك لا تكتبه غيابا.  و قني شر الفتن والآثام، ما ظهر منها وما بطن وما ضرَّ وما هو سامّ، ومعاذ الله من السجود للآيات والانشغال بالخلق عن رب المخلوقات.


أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل والكذب والدجل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال. أستغفرك وأسترحمك أثني عليك كما يليق بك: عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك.. أنت أهل لكل ثناء ندركه ولكل ثناء لا ندركه. لا نحصي ثناء عليك.


أندم على كل لحظة لم أذكرك فيها، على كل ضعف أخذت به الكتاب والآيات، وعلى كل فشل في سياسة الأوقات والسنوات. تأخرت عنك رغم أن القرآن كان في يدي منذ الصغر، لم أدرك قيمته إلا مؤخرا وقد دخلت في سن الكبر. اتضح لي بنجدة منك جمال قرآنك وجدوي عرفانك. دعوتك وخفَّ إليّ جندك في نفحة من روحك وريحانك، فأنقذني مما كنت فيه من البعد وقلة تقدير شأنك وعظمة سلطانك. ظهرت لي اليوم مقادير إحسانك، واطلعت على عجائب من برهانك. والآن يفور من شوق إليك دم قلبي وقررت ألا أعبد إلا أنت أحدا، وألا أكون عبدا لغيرك أبدا أبدا.


ومنذ اليوم كل وقتي لك وكل عصبي، وعظمي ورغبي ورهبي، وكل وجودي وحياتي، وتألق طاقتي ونفادها ومماتي، وفكري وشعوري ويدي ولساني،  وضميري الأعمق وولائي المطلق. كل صلاتي ونسكي وتوجهي، ودفة فلكي موجهة لله ربي. تبارك وتعالى وتقدس وسبحانه.


أشهد أمام العالم كله: ما كان منهم عالم شهادة وما كان في الغيب: أنك أنت الله لا إله إلا هو، لا حول ولا قوة ولا جمال ولا نجدة إلا له هو. ولا شفاء ولا هداية ولا نصر إلا من يده هو. فيا أجمل جميل لم لا تتوله بك القلوب وتدهش محاسنك أهل الكتب وقراء الكون وخبراء البلاغة والأسلوب؟ لم لا تعكف على مباحث جمالك معامل الدول العظمى وكبار علماء الجامعات الكبرى؟ ولم لا تتفرغ أذكى العقول في بث إعلام عن الحي القيوم،  وعن جلالك الأسنى ونشر الإعلانات عن سموك الأعلى؟
تبارك من لا يتعب ولا يمل ولا يشرب ولا يأكل، ولا يصوم ولا ينام ولا يتزوج ولا يخطيء ولايجهل، ولا يمرض ولا يموت ولا تعتريه المصائب.. سبحانه سبحانه، حفظ قرآنه، وأتم على نبيه محمد نعمته، ووعده بزمن تعتذر إليه الخلائق عن أنها ظلمت سيرته.    
لقد طاشت العقول لمّا ظنوا خلاصهم بسواعدهم، وصار الذكاء من الغرور هباء، وخسروا. وصار المتوكلون هم أهل الذكاء، لما استمدوا منك واعتمدوا عليك، واهتدوا بك وافتقروا إليك. أعطني طريقة لإيقاظ هؤلاء الغافلين وتنبيههم: لعلهم يندمون على غرورعم وإدمان النظر إلى ذواتهم، ولعلهم يعدلون عن الفخر بالأنا ونسيان أنه هو الله الأحد.

لا منجي ولا ملجأ لي إلا بيتك وحقلك وكهفك. لا رب لي إلا أنت الذي تربيني وتنميني، وتعولني وتداويني، وتصونني وتحميني وتشفيني. اللهم إنك المجيد الفريد الوحيد الأقدر وجنابك هو الأكبر، وأنت الأجمل والأحسن والأطيب، والأعلى والأكبر والأقرب والأحكم والأرحم والأعلم والأولى بالحب والأعظم. والكافي والشافي والمعافي، والمكافئ والأعطف والأرأف. حسّن صورتي وشرّف سيرتي، وتولني بنصرك وفتحك يا مالك الملك ووهاب النعم، يا أيها الأغنى عن الخلق كلهم، يا خير الحاكمين وأحكمهم وأحسنهم، ياأيها العزيز المصور القدوس المتكبر.


تبت إليك نادما على ما سلف. وعقدت معك العقد، وقطعت العهد، وشهدت الشهادة بكل جد، رغم أنني الضعيف المتردد، الضعيف الصبر والجهد: لكني بتذلل أتضرع إليك  أن تجعل هذا العقد عقدا تم به الوفاء، وهذا العهد عهدا نافذا قد استجيب من أجل نفاذه الدعاء.
  
وصل على محمد صفوة الإنسان: صلاة  يكون من آثارها قضاء مبرم بقبول توبة عبدك المحب له، والذي لا يستبدل به أحدا إماما وقدوة وأسوة ورسولا لأهل الإيمان.
ظلمني المشايخ وكفرني المفتون وحرض عليّ الفتانون فكن لي منقذا من شرهم، فأنت القوي المتين وأنت الغفور الودوود ذو العرش المجيد والبطش الشديد. 

طهر ساحتي لهذه التوبة. نظف بيت قلبي وحرمك المصون فيه لهذا العهد، واطرد كل لغو واحتلال، واملك المكان والمكانة والقلب والعقل والبال،  والخاطر والفكرة والخيال، والحلم والآمال، وتولَّ بجندك العمل وأصلح لي الأعمال، وقُم يا رب العرش باحتلال الروح،  وامتلاك عرش الهم والانشغال.

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. اشف كل أمراضي الروحية ونقني من كل قرح .. والآن ضراعتي وأنا في ملتقم الحوت: وقد اجتمع أعداء من الداخل والخارج. أتوب إليك نصوحا، وأسألك دوامها وقبولها أبدا فلا أعود مجروحا.

ارتضيت رسولك الأمين رسولا، ومن يحبه ويشرفه وليّا مقبولا. وابن مريم مجددا مؤهلا معقولا، وخلفائه نورا ومحلا للكشف ورضوانا. ما أجملك إذ ترسل كل هذا الحمال مجانا. وتصقل لنا هذه المرايا عيانا بيانا، وتزيل عنا غشاوة كي نجتاز العقبات ونبلغ بلادهم مهما بعدوا مكانا.

اللهم أعد إلى روحي بكارتها ونضارتها، وابعثني حيا بكلمة منك وآية عظمة لك. غاض الماء من وجه الدنيا أمامي الآن، وتجمعت الذكريات في حزمة مكثفة، وعلمت أنه كان يليق بي منذ الصغر أن آخذ كتابك بقوة، وأن أكبّر في صلاتي بكل قوة. والآن فإن مشاعري مركزة في شعاع مندفع فياض فوار بالرضا عنك وعما قضيت، وبالإعجاب بكل ما عملت، والاقتناع برؤية روعة ما دبَّرت وما خطَّطت، وقُدْتَ الأحداث ونسجت الأقدار وأوصلت البشر لحالة حرية الاختيار، وعرضت شرعتك وجمالك بكل اقتدار على شبكة عامة أونت متاحة،  وشاشات رخيصة كتبت لها الشيوع والمشاهدة بلمسة مرتاحة، وبانت حقائق الرحمن في ضوء أشد من عدة شموس.

اليوم التهبت في فطرتي شعلة الإسلام لك، واحترق هوى يبعد عنك، فأنزل رحمة منك كي يثبت جناني، ويترسخ في تربة الحق حزمي وعزمي. لا يليق أقل من ذوبان القلب حبا بذاتك. وتعاليت عن تصور يجعل الروح تستهين بك، فتبخل أن تفنى فيك كل مشاعرنا، ونضن أن نحبس حياتنا على التطلع لجمالك، وكمالك وكلامك وجلال مقامك، بل أنت الأعلى الأعظم الأكبر الأجمل، وتستحق امتلاك كل هموم ومشاغل وثوائر العقول والقلوب والوجوه والضمائر.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق