الجمعة، 4 أكتوبر 2013

المقالة الثالثة من السلسلة : جماعة الحب والرحمة والتوحيد (الجماعة الإسلامية الأحمدية) وحدها معها سلاح الدفاع عن الإسلام: دين الرحمة والمنطق السليم



بسم الله الرحمن الرحيم

تشوه مفهوم الرحمن الرحيم عند غير الجماعة الإسلامية الأحمدية

المقالة الثالثة : 

خلق الله النار للإصلاح والتهذيب لا للعذاب لذات العذاب. ومن يدخل النار وقد أحاطت به خطيئته يخلد فيها أبدا.  ولكن معنى الأبد هو أحقاب طويلة، وطول اللبث لايعني الأبدية المطلقة أو المالانهاية.. فللنار نهاية، وقد نص الله على وجودها سبحانه : وأما الذين شقوا ففي النار خالدين فيها إلا ماشاء ربك.. هود. وقال تعالى: لابثين فيها أحقابا. النبأ .. والأحقاب الطويلة ليست أياما معدودة بالطبع، حتى لايظن أحد أننا نؤيد من يقول: لن تمسنا النار إلا أياما معدودة.

 إن ديننا هو دين بسم الله الرحمن الرحيم.
والمسيح الموعود عليه السلام كشف الله له معاني البسملة بتألق كامل في كتاب إعجاز المسيح وفي كتب أخرى. ومنه نفهم أن الصفتين ( الرحمن الرحيم ) هما خلاصة الصفات الإلهية جميعا. وهي صفات حب: فالرحمن هو المحسن مجانا فهو محبوب، والرحيم هو المحب للإنسان المجتهد الشغال بالخير، والمكافيء له بهدايا المحبة.  
وكل مايتعرض له الوجود البشري، وما ينتابه من آلام وعذابات أيضا، وفي الدنيا والآخرة: فهو رحمة في غايته، فهو ابتلاء وفرن تمحيص وتحميص للنضج لبلوغ غاية الخلق وهي سكن الإنسان في الرحمة.
والله هو الذي سبقت رحمته غضبه، ونزول الغضب الرباني هو عدم نزول الرحمة.

لكن المنابر يصعد عليها من يشوه هذا الفهم الإسلامي الجميل، ليسبغ على الإسلام صورة نفسه الغضبانة الناقمة الحاقدة المفترسة التي لايهدأ لكراهيتها أوار، والسامعون ضحايا المشايخ.

 اليوم تحتاج المنابر لمن يصعدها لينقذ الإسلام من مزاعم المشايخ عن رحمة الله سبحانه، وما يروونه للناس من حكاية الجنة والنار نفاجأ به أنه يكون سببا للعداء ضد الإسلام  والصرف عنه. لا يمكن للقساة  وأضرابهم ممن يقزّم رحمة الله ويحد منها أن يدافعوا عن الإسلام.

فهم بتصوير الله تعالى في صورة من يعذب للعذاب لاللإصلاح ينضمون لمن يهاجم دين الإسلام، ويقدمون المادة الرسمية لأعدائه ورافضيه أيضا، ولا يمكن للمشايخ أن يبرروا صعودهم للمنابر بوجود مهانة للرسول والقرآن سيدافعون هم عنه، فهم من يوجه الطعنات للدين ويجهلون أنهم يطعنونه، وهم من يهينه ولايشعرون أنهم يهينونه. وهانحن نشعرهم بشناعة مايفعلون.

يقولون أنهم يرون الرسول يهان والإسلام ينتقد والله يُشتم والقرآن يحرف والصحابة يشتمون والدولة لا تحرك ساكنا، ويزعمون أنهم هم الذين سيقومون بالدفاع على المنابر، وإذن لوجودهم ضرورة ولهم مهمة لدفاعهم عن قيم الإسلام والقرآن والنبوة.
إنهم على المنابر يكفرون المسلمين، ولا بأس عندهم بإدراج مسيح الله ابن مريم ضمن الخطر على الإسلام، متهمينه بالدجل والحج لقاديان، وأن له كتابا يتلوه غير القرآن،  فيروجون الدعاية المسمومة ضد دعاة الله الحق،  ليكون لهم هم مبرر لصعود المنابر لتخليص الناس من شر ابن مريم - عليه السلام- ودعاة صحيح الإسلام). 

ويعاني جمهور إندونيسيا وبانجلاديش والباكستان وغيرهم نفس المعاناة من مشايخ تصوير الإسلام كدين تنكيل للتنكيل. ويتجرعون دعاية جماعة ختم النبوة في باكستان، الذين يقدمون لهم نفس الصورة الخاطئة للأحداث والرواية التي تقول أن من يدخل النار فلن يخرج منها أبدا بالمعنى المطلق.
  
حدثني صديق عزيز أن صديقة ابنته وهي فتاة حديثة الإسلام قد ذهبت بسؤال لهم (وللأزهر نفسه) تسأل عن حكمة السر في خلقنا جميعا مع علم الله أن فينا من سيكفر وسيخلد في النار أبدا إلى ما لا نهاية؟ مما يجعل من الأصوب عدم خلق هذا الذي سيخلد في النار أبدا أبدا أبدا. فمن الرحمة اليقينية الكف عن خلق من سيكون مصيره هذا الخلود.

واشتكى الصديق أن الفتاة حديثة الإسلام توجهت بالسؤال حائرة بعد إعلانها الإسلام. فلما لم يجبها أحد ارتدت عائدة إلى ما كانت عليه، وسحبت الشهادتين. وسألني الرأي في الموضوع.

 جوابي أولا : أنها لو ابتدأت بسؤال الله  تعالى وانتظرت لهداها الله لشخص واع تسأله، أو أسقط في يدها كتابا تقرؤه، وربما دلها على كتاب الإمام ابن القيم: حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح. وفيه انحاز ابن القيم رحمه الله لرأي من يفسر الآيات بأن للنار نهاية، وأن مآل أهلها إلى الجنة.
لو سمحت لها فكرتها عن الإسلام بالدعاء لله الذي آمنت به: السميع المجيب الله تعالى، لأجابها السميع المجيب. أو لصادفت برحمة منه من يجيبها، أو لهداها للهدوء فمكثت في أناة حتى بحثت وقرأت أو سمعت ما يرد على التساؤل.

وجوابي ثانيا: أن الذين أسلمت على أيديهم هم قوم عاجزون عن الرد على الشبهة بطبيعة الحال، لأنهم هم صانعوا الشبهة، إذ أفهموها أن الكافر ومن اختار الشرك سبيلا فلا رحمة له مطلقا بل يخلد في النار معذبا وبشدة إلى ما لا نهاية: أي أن شركه غلب وسبق الرحمة الإلهية،  وبالتالي صار من المنطقي عندها أن يلغي الله  قرار خلق الكائن لو علم الله أنه سيختار سلوكا يؤدي به للنهاية المأسوية. إنهم لا يفهمون أن منطق الفتاة الحديثة الإسلام سيذهب إلى التنشط والتعمق إلى حد استنتاج : عدم منطقية خلق من سيخلد في النار هذا الخلود.

فاقد الشيء لايعطيه، وهم فاقدوا الرحمة، فكيف بالله سيجيبون على السؤال بما يريح سؤالها؟  إنهم يحترقون كرها لشخص الكافر، ومن شدة غضبهم الطبيعي فلا يشفي غليلهم ضد من يخالفهم في الرأي إلا أن يقوم الله على حسب هواهم بجعل عذاب الكافر مطلقا في المالانهاية. إنه تفسيرهم الإكراهي للإسلام حيثما توجهوا.
 إنهم ليسوا ممن يقتبسون لنفوسهم من نور صفتي الرحمن الرحيم. لقد سبق حقدهم وتشفيهم وانتقامهم وغلب على رحمتهم، وهم يروون رواية الخلق أصلا بطريقة خاطئة.

 الحق أنه منذ أن قرر الله خلق الإنسان على ما هو عليه فقد جعل كل ما يصيبه من عذاب ومن بلاء سبيلا إلى تربيته وترقيته من سقطته، وجعل للنار حدا لا تتعداه في الزمن، والله هو الآخِر وليست النار مشتركة مع الله في صفة الآخِر. والاستثناء في صورة هود: "وأما الذين شقوا ففي النار خالدين فيه إلا ما شاء ربك" هو استثناء مقصود حقيقي، وكما ذهب إليه علماء (وقبلهم صحابة) أن النار يأتي عليها يوم تصطفق أبوابها ليس فيها أحد، وإن فترة العذاب في النار هي فترة تعليم وتربية وتهذيب وإصلاح وإعداد لمن فيها، ليدركوا الخطأ ويتم الإيمان بالله ورسله وكتبه وملائكته وقدره.

ولكن منابر المشايخ ضد هذ الفهم. ولو تعلمت الفتاة من المشايخ وهم يشرحون لها الإسلام : (أن الله قد قرر خلق الروح المدركة ليرحمها، وأن العذاب للتربية، وأن من لم يستفد من كل عبرة الحياة الدنيا فالله يعطيه فرصة للعبرة قاهرة مفيدة في الآخرة) أقول: لو علموها ذلك لكان لها موقف مختلف.

ما كان للشبهة المميتة أن تتولد  لو تعلمت ممن يتخرجون من معاهد الدعاة أن الناس يعاد تكوين جسم جديد لهم قبل دخولهم في النار، جسم متين البنيان ولو أنه حساس،  كلما نضج العضو من العذاب تم استبداله بجديد، والروح حية كما هي، فيجعل الله تحملهم للعذاب قويا، بحيث يبقى الشخص حيا جدا رغم كل ما به من آلام الجسم الأخروي، كي يكون العذاب غير مميت، ولكي يرشح من العذاب إلى الروح عبرة ووعي لمعان روحية منيرة.

البلاء البدني  له أثر يرشح إلى الروح،  ويرشح من العمل الصالح نور روحي يسبب النجاة، ويرشح من العصيان والعدوان الجسمي مشاعر روحية تزيد الروح ظلمات أو اسودادا ورينا وقسوة وبعدا وغلظة.

في العذاب دروس منيرة،  وإن شدة العذاب في الآخرة لا تجعل الشخص ينهار نحو الموت أو الخلل العقلي، بل يكون الشخص مستجمعا لفكره وتركيزه في جو هذا العذاب، ويتقدم في الإيمان كل يوم، وتمر عليه السنوات حسب استيعابه: ليخرج من النار كل من نضج وعيه وحمد ربه وفهم خطأه حق الفهم، وصار مواطنا صالحا لبيئة الجنة،  ويتبدل فهم وروح المرء، ويتحول ذلك الجاهل (أو المشرك الشخص الوقح المستعد أن يقف أمام الله قائلا: والله ما كنت بك مشركا ولم يحدث ذلك الشرك الذي تتهمونني به، وهو ذلك الشخص الذي يرى النار فيقول لو عدت للدنيا لتحسنت وآمنت، ولكن الله يعلم أنه من نوع تعود على هذا الندم السطحي فلا يطهره إلا تذوق العمق الجهنمي الذي يطلع على الصدور فيصلح ما فيها). أقول: يتبدل ويصير مؤمنا بقدرة الله العليا ويدخل الجنة.

إن سؤال الفتاة كان حول بحث ثانوي نوعا: ولكن المشايخ بفكرهم الخاطئ عن رواية القرار الإلهي الأصلي للخلق لا يمكنهم أن يجيبوا الفتاة التي تأملت ما قدموه لها من عقائد وسوُّوا لها بين الوحدانية الإلهية وبين تفسيرهم للقرارات والآيات الإلهية. لقد اتخذتهم الفتاة مرجعا ونسيت الله حيا قيوما مرجعا، ورجعت إليهم عند الحيرة في أمر ثانوي فلم يجيبوا، فرجعت عن الأمر الأصلي وهو توحيد الله وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم.

لايعتذر المشايخ ولايحسون بوجود مشكلة.. لا يفهم المشايخ أنهم مشلولون عن الدفاع عن الإسلام. فالفتاة توجهت إليهم بشبهة عندها: شبهة مبنية على استنتاج منطقي لما تعلمته من المشايخ، والمشايخ توقفوا وشلّوا عن الإجابة تبعا، والفتاة أيضا شلت عن الرجوع إلى الله الحي القيوم ولم تفهم أنه المجيب، ولم تستوعب أن حقيقة وجود الله ذاته تكفيها لحل كل معضلة فكرية تصادفها. الكل يحكمه الشلل، والشلل يحكم الموقف رغم وجود العلاج من ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق